"أؤمن بأن التعليم جزء لا يتجزأ من الصمود الفلسطيني في القدس الذي يجب تمكينه، فالأخبار اختزلت الفلسطينيين بالمعاناة، فنرى ما يؤثر على الطفل الفلسطيني في صورة القصف، الاجتياح، الاغلاق والحصار.. لكن يجب ان نرى ما ينقصه، فحقه الأساسي في التعليم يجب ألا يرهن بمستقبل العملية السلمية أو حقه بقيام دولته، فالمدرسة للطفل هي فسحة الأمل والمستقبل ".. منطق بمستوى ملكة.
أصابت الملكة رانيا وأخطأ ملوك وامراء وجنرالات الحرب وتجار السلاح والدماء الانسانية، فالتعليم منهج الحياة والسلام، أما التجهيل فإنه سلاح الدمار الشامل " فالجاهل يكره الحياة لأنه لا يعرف قيم الحرية وقيمتها فيعبث بأركانها يزرع قنابله البشرية الموقوته يفجرها بكل اتجاه وقتما شاء فالحياة بالنسبة للجاهل شر مطلق، أما طالب العلم فانه حر يحب الحياة فالخير المطلق كامن في حقائقها، فيعشقها ليمضي متعة عمره باكتشاف أسرارها.
تخوف المستشار القانوني لبلدية القدس من " عنصرية وتفرقة من شأنها المس بروح المساواة " فاعترف برسالته لرئيس البلدية بالفرق الواضح والملموس في مستوى الخدمات التعليمية بين شطري المدينة الشرقي والغربي، فالتلاميذ في المدارس العربية يتلقون 50% تقريبا من الميزانية التي يتلقاها نظراءهم في المدارس اليهودية غرب المدينة. فحصة الطالب اليهودي في غرب القدس 408 شواقل فيما حصة الطالب العربي في شرقها 214 شيقلا.
تحسم علوم الجنرالات الحروب، لكن الصراعات بين الأمم والشعوب تبقى كالجمر تحت الرماد، أما التعليم فانه يحسم قضية انتماء ابن آدم لأمة الانسان وقيمها النبيلة وأخلاقها، فينتصر منحازا للعلم المعمر رافضا الانصياع لشيطانه المدمر.
تركت الملكة رانيا متعة التاج خلفها، تقدمت نحو مملكة المدرسة، فاطلقت الملكة شبكة المرأة العربية لدعم " مدرستي فلسطين"، لتأهيل وتوسيع وتطوير وصيانة المدارس العربية في مدينة القدس الشرقية المحتلة فالمدارس درر التاج. والمع المنارات.
رأت الملكة ببصيرة ملكية أن " الاحتلال الاسرائيلي لا يبني المستوطنات في القدس وحسب، بل يحاول استيطان التاريخ الفلسطيني، الذاكرة الفلسطينية والهوية الفلسطينية " فرسمت مشروع " مدرستي فلسطين " توأما لـ "مدرستي الأردن " وقالت:" لن نقف متفرجين وسنعمل لتمكين أطفال القدس بتعليم نوعي عربي لتبقى الهوية الفلسطينية مغروسة بداخلهم.. فالقدس مستقبلنا. وستبقى عربية بمواطنيها ". فهلا يبصر قادتنا وصناع القرار الفلسطينيين أولا، والعرب المتبرعون المعطاءون الكرماء والمانحون وكذلك القابضون للمال السبيل كما أبصرته الملكة رانيا؟! فبعضنا يشتري بالمال سبطانات وفولاذ وبارود، لكنها سرعان ما تصدأ، يغفلون أن للانسان عقلا لا يتأكسد ابدا ما دامت دور العلم (المدارس ) والجامعات مخزنا لذخيرته.
أكثر من عشرة آلاف طفل فلسطيني دون مدارس في القدس العربية، وفي احسن الأحوال ينحشر كل 60 تلميذا في صف واحد من المحظوظين بمدرسة تكاد تنهار جدرانها على رؤوسهم، 108 آلاف تسربوا من المدارس، وربما ضرب الطمع نفوس ذويهم ففضلوا جني المال وجمعه في جيوبهم على تحصيل العلم لأبنائهم!!
"مدرستي فلسطين " ثورة من الطراز الملكي، فالمدرسة مملكة العلماء، ملوك الدنيا، فالساسة والقادة المحاربون يصنعون انتصارات في ميادين حروب وقتال تراق وتسفك باسلحتها الدماء، أما المدرسة فإنها الميدان حيث ينتصر الخير على الشر بمعارك لا يهدر فيها الا الحبر. وشتان بين الحبر والدماء.. فبوركت وشكرا يا سيدتي يا ملكة مدرسة فلسطين.
موفق مطر
|
التعليقات (0)