سأعيش مع السبايا ( قصيدة ) . للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
أيتها اللبؤةُ المذبوحةُ
تَنْزِفين ذَهَباً على أسلاكِ المعتقَلِ النحاسيةِ
فاسْكُبي البنادقَ في فَراغي العاطفيِّ
سَتُثْمِرُ الأشجارُ في شِتاءِ الرَّصاصِ جماجمَ نساء
وترتدي البغايا ملابسَ عسكريةً
في أعياد الاحتضار
ويَشُدُّ جيشُ الزبدِ البحيرةَ مِن شَعْرها
ويَمضي إلى تاج الهاوية
نحنُ المهرِّجين الذين يُسعِدون الجارياتِ
في أسواق النِّخاسة
والصَّبايا المتَّشحاتُ بالسَّوادِ
يَغتسلنَ في النهر
الذي يَرْفعُ الرَّايةَ البيضاءَ
عَرِيسَ المشانقِ عَروسَ المقاصلِ
إن المشنوقين يَتشمَّسون على أعمدة الكهرباء
وتَقْطِفُ السنابلُ حَناجرَهم
والرِّمالُ تُمارِسَ الجنسَ في ضَوْءِ القَمَر
وهذه عِظامي دُسْتورُ قَطيعِ الغَنم
سَآتي مِن كَهْرمان الجرح
ويَتقمَّصُ جُثمانُ الضَّحيةِ قِناعَ القاتِلِ
إننا رُومانسيُّون مُذ ضَاعت الأندلسُ
لا وطنَ في الوطن
فكيف أبتسمُ أمامَ المذنَّبات ؟!
تَدَهْوَرَتْ صِحَّةُ الأمواج
ودَخل الغَسقُ في غَيْبوبةٍ
وأَطْلَقْنا على البُحيرةِ الرَّصاصَ الحيَّ
وبَكَيْنا عليها في إِجازة الصَّيْفِ
أيها الْمَلِكُ المخلوعُ
عَلِّمْني لَحْنَ النهايةِ
إِمبراطورَ الزَّبدِ
دَرِّبْني على رَقْصةِ الوَداع
أنتَ تَرْقصُ على الجماجم
وأنا سَأَرْقُصُ على دُموع آبائي
إنني الذِّراعُ اليُمْنى للفراشةِ العَمْياءِ
أنا الثائرُ الصحراويُّ
لكنِّي وُلدتُ في الشَّفقِ
وَرَضعتُ من الغيوم
وُلدتُ قَبْلَ مَوْتي
أُولَد بَعْدَ مَوْتي
البحرُ ذاكرتي
وأجنحةُ النسورِ ضَريحي
وَقَعَ سَقْفُ المعْبَدِ على الكَهَنةِ
وانتهت الخرافاتُ المقدَّسةُ
والجِرذانُ النحيلةُ تَعودُ
إلى ثَكناتِ الجيشِ المهزومِ
ونَحْنُ نَرْمي رُفاتَ الجنودِ في المجاري
التَّوابيتُ الأُرْجوانيةُ
وجِباهُ الحزانى
والقِططُ العَمْياءُ التي تَسْكنُ
في مِعْطفِ الفراشاتِ المنبوذةِ
أنا المسافِرُ في نزيفي
المقتولُ في كُوبِ الدموع
دِمائي أرشيفُ الزَّنابقِ
وشَهِيقي زَمانُ الغاباتِ المحروقةِ
إنني العاري الأبديُّ
على شواطئ المِقصلة
لأن زَفيري يَحْرقُ ملابسي
أنتِ الدَّمعةُ التي تُطْفِئُ شَمْعتي
فاتركيني أَسْأل الفجرَ :
(( لماذا تتدخلُ في الحياة الشخصية للسرابِ ؟ ))
لا تَفْضحوا أسرارَ الليمون
لا تقلقي عَليَّ يا نافذتي
سَيَكونُ ضَريحي بُوصلةً لطيورِ السماء
جَارِيةٌ تَبْكي أمامَ نَعْشِ سَيِّدِها
والبحرُ يَخرجُ من الجِنازة العسكرية للعصافير
وكان الغروبُ البلاستيكيُّ
يُطلِّق السنابلَ ويتزوجُ الأمطارَ
وتفرَّقت أشلاءُ القمر في عُروقي
والهياكلُ العَظْميةُ تَعْزفُ على الكَمَان
يا سَيِّدةَ المشانق
لم يَعُدْ في أوردةِ الغيوم مَكانٌ للأفيون
قُتل الأطفالُ
وبَقِيَت الأراجيحُ فارغةً
نَقْضي العُطْلةَ الصَّيْفيةَ
نُفَتِّشُ عَن جُثمانِ الرياحِ المفقودِ
والشمسُ تراقب الحياةَ السِّريةَ للضباب
رَايتي مَكْسورةٌ
ولا بُوصلةَ لمعركتي
وهذه الذاكرةُ كابوسُ الضحايا
والذكرياتُ قَاموسُ الزوجاتِ الخائناتِ
فاضحكي يا جارتي
لأن القُمَّلَ يَكتبُ دُستورَ سَلَّةِ القُمامةِ
ولا تَخَفْ مِنِّي أيها البحرُ
لن أفضحَ الحياةَ الجنسيةَ لرملِ الشاطئِ
فانظري يا خَناجرَ الغسقِ
إلى سَقْفِ غُرْفتي
الذي وَقَعَ على القِطَطِ العَمْياء
ماتت الشلالاتُ تحتَ الأنقاض
والجيوشُ تَصْعدُ إلى تاج الهزيمة
والقمحُ يَطْلعُ مِن جثة أبي
وما زِلْنا نجرحُ مَشاعرَ الأنهار بالسكاكين
أيتها القصيدةُ التي تتحرشُ بي وتَغْتصبني
لو أنِّي أَهْرُبُ مِن أجفاني
لو أنِّي أُهرِّب سُعالي
مِن حِجارةِ قَرْيتي
حَشَراتٌ أُرجوانيةٌ على طاولة القِمار
للعوانسِ فساتينُ الزرنيخ
والحطبُ هُوَ الابْنُ الأصغرُ للغيوم
وأنا نَجْلُ الأعاصيرِ
أيها المساءُ الزَّهْريُّ
لا تغتصبْ بَناتِ أفكاري
سَتَخْرجُ البحيراتُ مِن لَيْلةِ الدُّخلة
فَلتكنْ أهدابُ الزيتونِ
أرشيفاً للحُبِّ الضائعِ
طُفولتي صَخْرةُ الوداع
وجبيني دِماءٌ تصبُّ في بِئر الذاكرة
إن خَشَبةَ الصَّليبِ هِيَ خَشَبةُ المسْرَح
لكنِّي لَم أَعْرِف الممثِّلين ولا المصلوبين
أضحكُ وأَسْبحُ ضِدَّ التَّيارِ
لأن أنهاري قَد جَفَّتْ
سَأبذرُ رُموشي في تُرْبةِ المجرَّاتِ
ولا أَدْري مَن سَيَحْصُدني
قَد هُزِمْتُ يا جَارتي في المعركةِ
لأن حِصاني قَضَى وَقْتَه
في اصْطيادِ الفِئران .
https://www.facebook.com/abuawwad1982
التعليقات (0)