مواضيع اليوم

سأظل ادون

زين الدين الكعبي

2009-04-19 15:56:23

0

 

قال لي احد اصدقائي اللذين كنت قد دعوتهم لقرائة مدونتي يوما بأن ما اقوم به من تدوين هو مضيعة للوقت والجهد . فسألته مستغربا عن سبب قوله هذا , فاجابني قائلا .

 - لقد تابعت المدونة منذ شهرين تقريبا , ومنذ اليوم الأول وجدت في الردود اللتي تنتقد مقالاتك وفي مقالات المدونين الآخرين ان هناك من المدونين والقراء من يوافقك الرأي ومنهم من لايوافقك , والآن وبعد مرور اكثر من شهرين لا اجد ان احدا منهم قد غير رأيه . مما يعني ان كل ما تكتبه لم يأثر في احد من القراء او المدونين .

 

 ولقد تذكرت بالمناسبة جملة كتبها احد المدونين الاعزاء وهو الأخ ( مجدي المصري ) في معرض رده على احد المواضيع للمدون الاخ ( السيد بدر الدين عيسى )  يصف فيها حال المدونين الاعزاء بالقول . ولا اشبه المساجلات المطروحة على صفحاتها ( يعني مدونة ايلاف ) الا بالدوران في حلقة مفرغة كل يجري وراء الاخر ليلحق به فاذا كلاهما (كلهم) عند نقطة الابتداء والنتيجة صفر .

ان اليأس اللذي اصاب السيد مجدي ناتج عن عدم رؤيته لتحول السادة المدونين عن ارائهم في جميع المواضيع مع كل ماقيل ويقال وسيقال على صفحات المدونة . وهذا امر بديهي .

 قد ينسى البعض ان معتقدات الأنسان اللتي يعتبرها احيانا من الثوابت انما تتكون وتتشكل تدريجيا من الاراء والتصورات اللتي يستقبلها الانسان في بداية حياته واللتي تتحول فيما بعد الى قناعات ومن ثم ومع تقدم العمر الى معتقدات ثابتة يصعب تغييرها . وان هذه المعتقدات يدخل في تكوينها وتشكيلها العديد من العوامل المعقدة اهمها .

1 –  مستوى التربية المنزلية اللتي يتلقاها الأنسان في بداية حياته ونوعية القيم اللتي يزرعها

     الوالدين او اولياء الامور وافراد العائلة الأكبر سنا في نفس هذا الأنسان .

2 –  مستوى التعليم المدرسي اللذي يتلقاه في المدرسة والأفكار اللتي يغرسها المعلم في عقل

      الطالب ووجدانه .

3 –  نوعية وثقافة وتربية الأصدقاء اللذين يصادفهم الأنسان في طفولته ومراهقته وحتى في

      ما بعد هاتين الفترتين .

4 –  طبيعة وثقافة ودين المجتمع اللذي يعيش فيه الأنسان بالأضافة الى العادات والتقاليد

      او ما يسمى بالأرث الأجتماعي للمجتمع .

5 –  وحتى طبيعة المرء الجسمانية والفسيولوجية والسايكولوجية او بمعنى اخر العوامل

      الوراثية ومستوى الذكاء لدى الأنسان .

6 –  عوامل ثقافية مثل قرآت الانسان وافكار الكتاب اللذين يقرأ لهم . وكذلك عوامل ثقافية

      جديدة تمثلها القنوات التلفزيونية والانترنت وغيرها من ادوات الثقافة الألكترونية واللتي اصبحت تشكل عاملا مؤثرا لا يستهان به .

هذا على الأقل مايقوله علماء الأجتماع بالأضافة الى عوامل كثيرة اخرى يذكرونها .

ولاحظ الحكماء قديما وحديثا ان الأنسان كلما كان اقل علما بموضوع معين كلما كان اكثر تطرفا في افكاره وافعاله ازاء  هذا الموضوع  , وكلما قل تقبله لافكار الآخرين ازائه , حتى تصبح افكارا سطحية عند هذا الجاهل قوانين لا يحق لأحد ان يشكك بها على الأطلاق . وقد قال فيلسوف العرب الأول علي بن ابي طالب عليه السلام في هذا الموضوع ( والله ما حاججت عالما الا غلبته بعلمي , وما حاججت جاهلا الا غلبني بجهله ) , وقد يتحول الجاهل دون ان يدري الى اله له الحق في تصنيف البشر ما بين كافر و مؤمن . عالم وجاهل . وربما يصل الأمر الى درجة تقريره من من البشر يستحق ان يعيش ومن منهم يجب ان يموت وتبدأ يده بالتلوث بالدماء .

ولا يقتصر وجود هؤلاء التكفيريين المتطرفين على عصر او مجتمع او دين بعينه , فنحن نرى ان اصحاب الاديان القديمة قد كفروا انبيائهم وقتلوهم وكفر الخوارج علي بن ابي طالب وهو من هو وقتلوه , وكفر اليهود من بني اسرائيل النبي يحيى وهو منهم وقتلوه , وكفرت الكنيسة الكاثوليكية العلماء المسحيين امثال غاليلو وغيره واتهمتهم بالهرطقة واحرقت الكثير منهم احياء . وما كل ذلك الا لجهل هؤلاء المتطرفين لعلة وحتمية الأختلاف بين البشر .

ولم يخلو وقتنا الحاضر من المتطرفين , وكلنا نرى اليوم الوهابيين ( الخوارج الجدد ) اللذين كفروا المسلمين سنة وشيعة وكفروا الدنيا كلها حتى اصبحوا يقتلون انفسهم والناس فتطابق وصفهم مع الاية اللتي تقول ( اللَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) الكهف 104 .

كما لم يمنع التطور العلمي والثقافي اللذي توصلت اليه بعض دول الغرب واللتي توصف بقلاع الحرية من ان تمنع ظهور المتطرفين في هذه المجتمعات فنرى الكثير من المتطرفين العلمانين وقد وصلوا الى سدة الحكم وشكلوا حكومات متتالية بفضل الديمقراطية  يتطرفون في علمانيتهم اللتي يدعون انها علاج التطرف فاذا بهم يساندون الصهيوني في قتله واحتلاله لأرض وشعب فلسطين , بل وتشن هذه الحكومات المتطرفة الحروب على كل من يساند الفلسطيني لالشيء الا لأن هؤلاء المتطرفين يعتبرون الصهيوني علماني مثلهم يستحق الحياة , اما من لايؤمن بالعلمانية فهو متخلف ويستحق الموت حتى لو كان صاحب حق .  

ليس من الخطأ ان اعبر عما يجول في خاطري بأي وسيلة ولكن من الخطأ ان اعتبر نفسي الممثل الوحيد للحقيقة المطلقة فلا شيء مطلق في الوجود الا الله . واللذي جل جلاله اعطى الحق للبشر ان ينكروا وجوده , وسمح لهم ان يعبدوا غيره وان يخالفوه جل جلاله في الرأي الى وقت معلوم عنده . بينما نحن البشر الجهلة الى الله الحكيم الخبير لا نقبل ان ينتقدنا احد .

بالنسبة لي سأستمر في تدوين افكاري حتى يناقشني فيها الآخرون فقد اقتنع يوما بافكارهم وقد يقتنعون هم بافكاري يوما , او على الأقل لأستريح وازيح عن قلبي هما كبيرا تمثله هذه الأفكار اذا ما كتمتها  .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات