مواضيع اليوم

سأظل أحب الإخوان ولكن!

سامح عسكر

2012-06-27 17:28:00

0

سأظل أحب الإخوان ولكن!..بقلم/ سامح عسكر


لماذا وقعت مصر في هذا المأزق؟!..لقد تعلمت بأن لكل حادثٍ مُحدث وأن الصانع للشئ هو القادر على ترجمته وإيصاله لشتى الأفهام، وأن الفكرة لن تخرج من سياق إلى سياق إلا بمؤثرات..هكذا أتصور المشهد المصري الحالي..لعله عنوانٌ قد لا يُعجب الكثيرين من الإخوان فقد يقرأه بوجود أسباب مانعة للحب..وبما أن نقيض الحب هو الكُره فسيتهمني بكراهية الإخوان، وهذا ما أبرأ منه إلى الله وما أتعفف عنه لنفسي وليس لغيري، فمن الصعب أن ينشأ المرء وسط تيار معين ويُحب أفكاره ثم ينقلب عليه بدون أنصاف، هذا لا يحدث إلا عند من انتصر لنفسه أكثر من انتصاره للحق..من حابى بعلاقاتٍ شخصية وليس بمعيار اختيار الأكفأ.

ولكنها كلمات تخرج في وقتٍ صعب ليس على المصريين فحسب ولكن على المشروع الإسلامي برمته، هذا المشروع الذي يتهدده الغضب والتهور كثمن قد يدفعه الإسلاميون كنتيجة لعدم تطوير أفكارهم كي تساوق العصر وتتسق مع مفاهيمه وتنخرط في جلباب الإصلاح بشتى فروعه….صورة عامة للمشهد السياسي المصري ولم أرَ من الإخوان تلك الحكمة التي تعلمتها وسط الجماعة..سنواتٍ طوال وقد نشأت على الحكمة التي كانت قرينة الكادر أينما ذهب وارتحل..ولكن ما إن بدأت السياسة بألاعيبها إلا وقد رأيت أناساً آخرون..لا يهمهم الشعب ممن خالفهم أكثر من الشعب الذي أيدهم..

سأظل أحب الإخوان لأنني أعلم علم اليقين بأن هذه المرحلة ستنتهي يوماً ما، وأن الكادر الإخواني سيتطور بأفكاره إما بإرادته أو رغماً عنه..وأن الإخوانكجماعة فكرية هي أقوى وأصلب ممن يُديرها..أختلف مع بعض القيادات وقد أنتقدتهم أو سلوكهم أو كلامهم ولكن حبهم جميعاً في قلبي نافذ، من ذا الذي لا يحب هذا الرجل الخلوق والمهذب محمد بديع، من ذا الذي لا يحب محمود عزت وغيرهم من القيادات..أحبهم نعم ولكن أختلف معهم سياسياً، وما أدراكم ياسادة بالخلاف السياسي، فالمجتمعات العربية لا زالت في معزلٍ عن وضع حواجز بين الخلاف السياسي كرؤية وتحليل وبين الرأي والعاطفة، فيظنون أن من يرى ويُحلل هو يميل ويتعاطف، فيخلطون بين من أراد استخدام حقه في التعبير وبين من أراد طعنهم والإنتقاص منهم سواءا بعلم أو بدون.

حقيقة لقد أحزنني هذا الوضع الذي تمر به مصر ولم يتكرر منذ عقود..ففي العالم المشهود غضب مني أخي الأكبر فقط بمجرد أن انتقدت عمل الإخوانالسياسي وتناقضهم الفج وأخطائهم الشنيعة في هذا الوقت الدقيق من تاريخ مصر..أخي الأكبر وهو قد يقرأ مقالي هذا يعلم أنه قد انتظم في الإخوان بعد أن خُضت تجربة الإخوان قبل منه وأطول منه زمنا..وألتمس منه العُذر، وما انتقادي للإخوان إلا حُبّاً لهم..كذلك ومن يقرأ أفكاري من الإخوان الذين عرفوني وشاهدوني سواءاً على أرض الواقع أو على الإنترنت، في محافظة الغربية وقُرى مركز سمنود أو في مدينة 6 أكتوبر بعد أن هاجرت إليها..جميعهم ألتمس منهم العُذر..فعهدي مع الإخوان أوثق وأصلب من أن يؤثر عليه أي حدث مهما كان جللاً..

سواءاً نجح مرسي أو نجح شفيق فعلى الإخوان قبول حُكم اللجنة الرئاسية، فحُكم هذه اللجنة هو كالنص القضائي الذي لا يجوز فيه إعمال الرأي إلا بدراسة الرد عليه قانونياً..هكذا يكون الإخوان ممن يُجلّون الدولة ويُحافظون عليها، أما لا قدّر الله لو حدث ما أتخوف منه وهو انخراط الإخوان في مواجهة مباشرة مع السلطة فهو إيذانٌ لبدء مرحلة صعبة من تاريخ مصر سيكون فيها التيار الإسلامي هو الخاسر الأكبر، فما من مواجهة بدنية بين القوي وصاحب القلم إلا وكان النصر حليف القوي، ولا يغرنكم التفاف الناس حولكم، فلو وضعتم الشعب المصري بين خيارين إما أنتم أو السلطة تلك السلطة التي يُمثلها الجيش والشرطة وأنصار المرشح المنافس فلن يكون لديه خيار إلا أن يُقصيكم، فالعقل الجمعي المصري لا زال يُدين بالفضل للجيش ويرى فيه صورة المؤسسة العظيمة التي تحمي مصر.

انتقدت الإخوان كثيراً سواءاً قبل ابتعادي عن العمل التنظيمي داخل الجماعة وبعد الابتعاد، كان نقدي يقرأه المنصف الواعي حُبّاً وغيره بأن هذه الجماعة باقية وإسمها أخّاذ أياً كان من تسلط على قرارها أو تسبب في إعلاء النزعوية وما رافقها من الحِزبية والعصبية على حساب الرصانة والإنصاف، ولكن في غمرة هذا السلوك وفي هذا الوقت الدقيق أرى أن المنتج الثقافي لدى الإخوانمعدوم، وأن المُنتج السياسي صاحب الكلمة العليا، ولكنني مع ذلك أؤمن بأنه لو انفصل المنتج الثقافي عن السياسي فسيُصيب الكادر حالة من الفوبيا ترى في الآخر متمرد ومتآمر، هذا شرٌ مستطير لا خير فيه ولا رجا ولا قبول، وأحسب أن هذا لم يكن بعيداً عن من سلك سلوك العنف السياسي من قبل.

قد يغضب الكثيرين مني سواءاً ممن وافقوني الرأي في الإخوان أو ممن اختلفوا في قضايا أخرى، ولكن في النهاية يشهد الله وهو العالِم بأنني لم أقول ذلك للهدم ولكن للبناء، حتى أنني رأيت يوماً مسئولي السابق في التنظيم وقد اعترته مُصطلحاتا لا تخلو من السب والشتم في حق المخالفين، وهو من تعلمت على يديه الإنصاف والتروّي وطهارة اللسان لسنواتٍ عِدّة، إنها ظواهر تستحق الدراسة ، وأنا مع ذلك أرى أنها حالة وستزول فحتى مع السلوك الأخلاقي والسياسي الذي لا أرتضيه أتوقع بأن يخوض الإخوان غُمار معركة إصلاحية فور توفّر الشروط اللازمة لذلك، وأسأل الله أن تتوفر أو أن يعمل على توفيرها الإخوان، فتجربة العام ونصف في المشهد المصري هي تجربة تستحق الدراسة.


أخيراً أعتقد بأن الدكتور محمد مرسي هو الأحق برئاسة مصر ليس لأنني انتخبته في الصندوق ولكن ليقيني بأن مصر بحاجة لأناسٍ يعملون على تطهير مصر من الفساد الأمني والمالي والأخلاقي، وثقتي في الإخوان كبيرة في هذا الشأن، أما مشكلتي مع الفكر الإخواني سواءاً كان سياسياً داخلياً وخارجياً أو سواءاً كان فكرياً في تصور الدين والدولة أو تصور الآخر فكل هذا مقدورٌ عليه بإذن الله، وأتعهد باتخاذ موقع المعارضة فيما لو فاز الدكتور مرسي رسمياً، فحقي على الإخوان أن أعارضهم كما أنصفتهم، وحقي عليهم أن يقبلوني كناقٍد بنّاء يعلم بأن مدح الحاكم هو سلوك قد يخلق منه فرعوناً آخر، أيضا فكي لا يفهمني إنسان بطريقة خاطئة، أن هذا ليس تقييماً، فلا أمتلك حق تقييم إنسان فبما بالنا بجماعة عريقة ومنظمة وواعية كالإخوان المسلمين.  




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !