صرح جو بايدن خلال زيارته الأخيرة الى العراق وقال (( أن العراقيين "مدركون وعلى نحو مؤلم" لمشاكلهم السياسية غير المحلولة، بدءاً من "مجالس الصحوات إلى قانون النفط مروراً بقانون توزيع الثروات" مشيراً إلى أن دور الولايات المتحدة في هذا الأمر لا يتعدى تقديم المساعدة على العودة إلى الطريق الصحيح )) . ((إن العراقيين قلقون للغاية ويسعون حثيثاً للحصول على المساعدة في المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية ويريدون المشورة في هذه المجالات من أجل معرفة كيفية التعامل مع المجتمع الاقتصادي الدولي )) . مما يدل بوضوح بأن بايدن يزور العراق وفي جعبته رؤية امريكية خاصة لحل المشاكل اللتي وردت في تصريحه السابق وعلى رأسها مسيرة المصالحة الوطنية . وان الأدارة الأمريكية تعتقد ان هناك انحرافا وخروجا عن هذه المسيرة من قبل الحكومة العراقية . اعتقاد وضح من استخدام بايدن عبارة العودة إلى الطريق الصحيح بدلا من عبارات اخرى مثل اكمال طريق المصالحة او تعزيز المصالحة .
من خلال التصريحات الصادرة عن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن وبعض المسؤولين العراقيين واللتي وصلت الى حد التشنج في بعض الأحيان نستطيع ان نرى اختلافا واضحا في وجهات النظر بين الحكومتين العراقية والأمريكية حول متطلبات المرحلة القادمة في العراق بعد اعادة انتشار القوات الأمريكية خارج المدن وخاصة فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية .
حيث يطلب العراقيون من الأمريكان دعما اقتصاديا وتكنلوجيا وعسكريا وسياسيا وكل انواع الدعم تقريبا ولكن دون تدخل امريكي في الشأن العراقي الداخلي , ويتضح من كلام بايدن ان الولايات المتحدة مستعدة لتقديم كل ذلك الدعم ولكن ليس بدون شروط . وهذا الأستعداد المشروط وضح في تحذير بايدن اللذي كشف عنه مسؤول امريكي كبير كان مرافقا لبايدن قائلا (( لقد كان (بايدن) صريحا جدا بهذا الصدد . في حال ادت اعمال مختلف الاطراف في العراق الى غرق البلاد مجددا في العنف الطائفي او السقوط في العنف الاتني، فان ذلك امر لن يتيح لنا الابقاء على التزامنا لانه لن يكون في مصلحة الشعب الاميركي وشدد المسؤول الاميركي على ان "كميات هائلة من الدم قد سالت، وانفقت اموال لمساعدة العراق على النهوض. وكنا نريد ان يحصل ذلك لكننا لا نرغب البتة في اعادة ترميم ما ينكسر مرة اخرى اذا ما انهار العراق جراء تصرفات البعض )) .
. الا ان الرفض العراقي للرؤية الأمريكية لحل المشاكل الداخلية العراقية جاء على عدة اشكال . منها تصريح الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، اللذي قال (( إن العراق سيتعاون مع بايدن بوصفه حلقة الوصل بين بغداد وواشنطن ، وأضاف إن العراقيين يريدون حل مشكلاتهم بأنفسهم )) . رافضاً تدخل الولايات المتحدة في المصالحة الوطنية .
اما النائب عن القائمة العراقية عزت الشابندر فقد دعا الحكومة الى" عدم السماح لنائب الرئيس الاميركي بالتدخل بمشروع المصالحة الوطنية".وقال الشابندر: "على الحكومة العراقية ان لا تسمح لبايدن او غيره ان يتدخل بالشأن العراقي لا في مجال المصالحة ولا في اي مجال اخر"، موضحا ان "التدخل الاميركي في مشروع المصالحة الوطنية ليس عاملا مساعدا بل قد يفرز نتائج عكسية"،
ويبدوا ان الحكومة العراقية تعتبر الرؤية الأمريكية دفعا غير مقبولا لها للمصالحة مع البعثيين وهو ما وضح من ، كشف بعض المصادر الخاصة للصحف العراقية من ان بغداد وعلى لسان المالكي ابلغت نائب الرئيس الاميركي بانه لا مصالحة مع حزب البعث او مع قتلة العراقيين . في اشارة واضحة الى تعثر جهود ادماج الصحوات في الجيش والشرطة . حيث تعتقد جهات كثيرة من الحكومة والأحزاب المؤلفة للأكثرية في البرلمان ان الكثير من اعضاء الصحوات هم من البعثيين .
هنالك خبر اخر قد يبدوا انه لا علاقة له بالموضوع للوهلة الأولى يقول ملخصه .
((أدرجت الولايات المتحدة الخميس «كتائب حزب الله» العراقية ومستشارا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني على قائمتها للإرهاب وفرضت عليهما عقوبات مالية. وقللت الكتائب من أهمية القرار، معتبرة أنه لن يثنيها عن متابعة نشاطها.واعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان تجميد اصول «كتائب حزب الله» العراقية، وأبو مهدي المهندس، المستشار لدى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني لاعتبارهما يشكلان خطرا امنيا في العراق.وأفاد البيان ان المهندس معروف بـ19 اسما حركيا. واتهم «الحرس الثوري» بتقديم دعم مادي لجماعات مثل «كتائب حزب الله» العراقية و «حزب الله» اللبناني وحركة «حماس» و «الجهاد الاسلامي و «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة». وقال ستيوارت ليفي، مساعد وزير الخزانة في قضايا الارهاب والاستخبارات ان «هذه التصنيفات تلعب دورا حاسما في جهودنا لحماية قوات التحالف والقوات العراقية والمدنيين من الذين يستخدمون العنف ضد ابرياء لترهيبهم» )) . وما جاء في هذا الخبر من حيث التوقيت اعتقد انه رسالة الى احزاب الحكومة . خاصة وان موضوع كتائب حزب الله وابو مهدي المهندس قديم . فما اللذي احياه الآن ؟ .
وابو مهدي المهندس هذا لمن لا يعرفه هو احد اعضاء البرلمان العراقي عن الائتلاف العراقي الموحد , اسمه الكامل (جمال جعفر محمد البصري (الابراهيمي)) ، احد قياديي فيلق بدر ، من أهل البصرة .. هو احد السبعة عشر الذين اتهموا بالتفجيرات التي حدثت في الكويت وتم الحكم عليهم بالسجن المؤبد واستطاع الفرار من سجنه مع رفاقه عند غزو الكويت من قبل صدام .. انتقل الى ايران هو ورفاقه ، وحصلوا على رعاية كاملة من قبل الايرانيين . عمل في صفوف فيلق بدر وعندما بدأ الخلاف بين السيد باقر الحكيم والحاج ابو علي البصري استطاع الحكيم من عزل ابو علي واصبح ابو مهدي الرجل الاول في الفيلق . وقد طالب به الامريكان قبل سنتين بعدما وصلتهم معلومات من الكويت تفيد بان احد الذين قادوا الهجوم على مقر السفارتين الامريكية والفرنسية في الكويت هو احد اعضاء البرلمان العراقي .
وفي تقرير اخباري لقناة الحرة العراق رفض مسؤولون في حزب الدعوة والمجلس الأعلى اللذي ينتمي له ابو مهدي من الناحية العملية واحزاب اخرى مشاركة في الأتلاف العراقي الموحد الحاكم فصل المهندس من عضويته في البرلمان بالرغم من ان المهندس لم يشارك في جلسات البرلمان منذ ان هرب الى ايران قبل سنتين نتيجة المطالبة الأمريكية برأسه , ورفضوا الكلام او التعليق على الموضوع الى هذه القناة التابعة للحكومة الأمريكية .
يتضح من كل ذلك ان الأمريكان يرون وجود علاقة قوية واضحة بين المالكي وحزبه والأحزاب الدينية الشيعية الأخرى مع ايران . وانهم جميعا يترددون في المصالحة مع ابناء المحافظات الوسطى ذات الأغلبية غير الشيعية ويعتبرونهم من البعثيين السابقين ومن المتورطين في الأرهاب حتى بعد تشكيل عشائر هذه المحافظات لمجالس الأسناد والصحوات . وهم يعزون ذلك الى التأثير الأيراني على الحكومة والأئتلاف المكون لها .
كما يبدو ان الأمريكان يحملون القادة الكرد بعض المسؤولية عن عدم الوصول الى المصالحة الوطنية الشاملة في العراق وهذا ما اتضح من تصريحات النائب عن الائتلاف العراقي الموحد سامي العسكري اللذي اوضح "ان زيارة بايدن، تعبر عن قلق الادارة الاميركية من تصاعد الخلافات بين الحكومة الاتحادية والقيادات الكردية، خصوصا بعد صدور دستور كردستان".
وتابع العسكري: ان "صدور هذا الدستور وما اثاره من ردود افعال لدى الاوساط السياسية العراقية، جعل الولايات المتحدة تحاول الاسهام بحل هذه المسألة واتمام المصالحة الوطنية"، مشددا هو الآخر على ان "موضوع المصالحة الوطنية مهمة عراقية، واذا لم يتفق العراقيون على حل مشاكلهم وخلافاتهم، فلا تستطيع اية اطراف خارجية او اقليمية او دولية تحقيق ذلك.
لأول مرة يعبر الأمريكان بوضوح عن مخاوف كبيرة من عودة العنف الى الساحة العراقية نتيجة هذا الأبطاء في المصالحة الوطنية لكل الأسباب السابقة . هذه المخاوف دفعتهم الى الضغط على الحكومة وحلفائها لتحقيق المصالحة وتقديم التنازلات في سبيل ذلك . بل وحثها على اعادة العلاقات العراقية العربية بأعطاء الضمانات الكافية لهذه الدول بالتخلي عن علاقاتها المتميزة مع ايران . والتهديد بسحب القوات الأمريكية من العراق فورا دون اللأتزام ببنود الأتفاق العراقي الأمريكي .الأمر اللذي انعكس على التصريحات العراقية وجعلها تخرج انفعالية وعصبية , بل وتهديدية في بعض الأحيان .
فهل مجيء بايدن (صاحب مقترح تقسيم العراق قبل سنتين ) الى العراق يعتبر ايذانا لبدء مرحلة كسر العظم بين الأكثرية البرلمانية العراقية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية ؟؟؟ .
www.elaph.com/Web/Politics/2009/7/457315.htm
www.elaph.com/Web/http://Politics/2009/7/457767.htm
www.newsabah.com/look/article.tpl
التعليقات (0)