زوبعة صورة الكلب العربي
خلال محاضرة جرت في جامعة الطائف بالسعودية عن تأثير التغير المناخي على الحيوانات الصحراوية في السعودية عرض مقدمها البروفيسور الأمريكي الزائر "جوزيف ويليامز" .. عرض صورة كلب يرتدي الشماغ والعقال العراقي الذي جرى التعارف عليه "بعد طفرة النفط" بأنه جزء من الزي الوطني الشعبي في شبه الجزيرة العربية .... وبالطبع فقد أثارت هذه الصورة الغير مبررة غضب وإستياء وتساؤلات الحضور من السعوديين الذين رأوا فيها إساءة ومساسا بهم ... وهو الأمر الذي أدى إلى إيقاف المحاضرة والطلب من البروفيسور الأمريكي "جوزيف ويليامز" الإعتذار بعد تبرير ما دفعه لعرض مثل هذه الصورة التي فسرت على أنها تهدف للإساءة إلى الإنسان العربي .
وقد برر البروفيسور "جوزيف" ما أقدم عليه من عرض لصورة هذا الكلب على البروجكتر بأنها مجرد مزحة . وأنه قد حصل عليها من صديق سعودي وأنها موجودة على الإنترنت ....
وبالطبع ما كان لمثل هذه التبريرات أن تقنع أحدا من الحضور . خاصة وأنها لا تخدم سياق المحاضرة سواء من قريب أو من بعيد . بل وتعتبرهيافة ومزاحا من النوع الثقيل ؛ هذا إذا فرضنا جدلا أنها عرضت على سبيل المزاح ...
وقد عقب الأستاذ بجامعة الطائف الدكتور إبراهيم عارف .. عقب على ما جرى بأنها مجرد "إختلاف ثقافات" ... وهو تبرير يجانبه الصواب هو الآخر ...
ومن جهة أخرى فإن مقولة الدكتور إبراهيم عارف المشرف على هذه المحاضرة لربما تلقي باللوم على إدارات البحث العلمي في جامعاتنا العربية التي تستعين بأساتذة وباحثين لا يفقهون شيئا إذن عن الثقافة العربية الإسلامية والشعور الوطني لدينا . وكذلك يدعو للسخرية من إستقدام أستاذ زائر من جامعة ولاية أوكلاهوما الأمريكية ليعلمنا بيئتنا ومناخاتنا الصحراوية في عقر دارنا ؛ رغم أن هناك العديد من العلماء والباحثين السعوديين و عامة العرب والمسلمين الذين يعلمون أكثر منه ... ولكننا للأسف نهمل أنفسنا ونلهث وراء الأجنبي من كل حدب وصوب وفق قاعدة "مغني الحي لا يطرب" ... بل وتمتد هذه الظاهرة الإنبهارية لدينا من غفيرنا وحتى أستاذنا الجامعي وكبار المسئولين وحكامنا للأسف .
المؤسف من جانب آخر أن المتحدث الرسمي بإسم الجامعة قد سارع لتطمين الخواطر بالقول ؛ أنه قد تم إخطار البروفيسور الأمريكي "جوزيف ويليامز" بأنه غير مرغوب فيه ، وطلب منه مغادرة المملكة في نفس اليوم .. وهو في رأيي قرار غير صائب هو الآخر وإمتداد لسلسلة ردود الأفعال الخاطئة . فليس من الحكمة التعامل مع مثل هؤلاء النخبة ومع أصحاب المواهب الأخرى وكأنهم عمالة آسيوية سائبة .. بل على العكس من ذلك كان ينبغي محاولة كسب ود هذا البروفيسور والتعامل معه بشكل حضاري لائق يليق بمكانته العلمية في بلاده والغرب على أقل تقدير ؛ لاسيما وأن مثله وكما يقول الشاعر : "قد يضــر وينفــع" .... ولا ندري كيف ستكون ردود أفعاله وأقواله وكتاباته بعد أن يعود لبلاده ؛ وما قد يثيره زملاءه وتلاميذه من عواصف وإنتقادات لاذعة حتما ستجد أكثر من أذن صاغية .
نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب دائما
التعليقات (0)