علي جبار عطية
يدور سجال ذي شجون بين العراقيين حين يضمهم مجلس او تجمعهم سيارة بشأن زمن الخير الذي عاشوه فبعضهم يقول انه مطلع السبعينيات من القرن الماضي بوصفه يتميز بهدوء نسبي عكرته بعض الخزعبلات البوليسية والفبركات الاعلامية كحوادث ابي طبر ونزالات المصارع العالمي عدنان القيسي والحنطة المسمومة التي اضطرت الحكومة الى اعدام الاف القطط والكلاب المسكينة مع اعطاء مبلغ نصف وربع دينار لمن يأتي بكلب وقطة فضلاً عن ازمة فقدان الطماطم والبصل حتى اضطر اصحاب المطاعم ان يقدموا التفاح الاحمر كزلاطة بدلاً من زلاطة البصل !
وهكذا لو استعرضنا سنوات السبعينيات قبل ان يهيمن (الضرورة) على مفاصل الحياة العراقية نجد انها اشبه بمدة هدوء تسبق عاصفة من الحروب والحصارات والفظاعات البشرية !
ومن الناس من يرى ان سنوات الستينيات هي زمن الخير وخاصة بعد سنة 1965 ومنهم من يردها الى مطلع الخمسينيات اذ تبلورت حياة فيها نوع من الاستقرار والنظام قبل ان تنقلب الطاولة في نهايتها لتبدأ سلسلة من التحولات الصادمة للتدرج الطبيعي والقافزة على الواقع العراقي..
وفي اغلب هذه النقاشات كنت ارى حماسة المتحدث وانه كان يتمتع بشباب في المدة التي يتحدث عنها وكان كما يقول الشاعر
كنت اسقى واغنى صرت اسقي واغني ! ومن الغريب اني وجدت ندرة في المتحدثين عن سنوات الثمانينيات والتسعينيات كأزمنة خير حتى لمن كان فيها يُسقى ويغنى وتثنى له الوسادة ولعل سبب ذلك يعود الى هيمنة العسكرة على المجتمع وكثرة الحروب والنزف المستمر للدماء ..
ومن المؤسف انه لا احد يذكر سنوات ما بعد التغيير النيساني في 2003 مع حصول تطورات كبيرة في دخول العاملين والانفتاح على العالم والثورة التكنولوجية الهائلة ولا ادري هل ان القتل الطائفي والتهجير القسري والموت المجاني سرقت اكبر منجز تاريخي عراقي هو الحرية التي لا تقدر بثمن!
التعليقات (0)