زمن الثورة العربية أو صدام الثورات
نحن جيل السبعينات ، جيل "المسيرة الخضراء" بالمغرب و ليس جيل الثورات . الثورات فقط قرأنا عليها و حولها ( الثورة الفرنسية 1789 ، و الثورة البلشفية 1917 و الثورة الثقافية لماوتسي تونغ 1966 ...). في مدرجات الجامعة المغربية و في الحلقيات كنا نسمع عن الثورة كمفهوم من طرف مناضلين " يساريين" حتى في كلامهم يترنحون بسحر الكتب الصفراء ككتاب " رأس المال " لكارل ماركس ، و الإشتراكية العلمية و قوانين الديالكتيك ...المترجمة إلى اللغة العربية.... لكن رغم قرائتنا لتلك الكتب لم نستوعبها كثيرا و قرأناها فقط من أجل مجابهة الطلبة الذين يتباهون بقراءة مئات الكتب ...هذه الكتب تبدو بعيدة عن ثقافتنا العربية ، الإسلامية رغم نفاذية بعض المفاهيم المستمدة من نظرية "التطور الطبيعي" لتشارلز داروين من قبيل"الإنتخاب الطبيعي" و "البقاء للإصلح" و " الإنقراض الطبيعي " و " التطور " و...لكن تظل هذه المفاهيم فقط من أجل خلق نوع من التباين في المستوى الثقافي . من بين الطلبة منهم من غير توجهه الفكري بزاوية مستقيمية نحو اليمين و منهم من لا زال يؤمن بالثورة و إراقة الدماء على غرار و منوال باقي الثورات العالمية...
عشنا حتى شاهدنا عبر بؤبؤ أعيننا الثورة و ثورات كمفهوم كيف يتبلور و كيف تطبق على أرض الواقع و ماهي نتائجها؟ ثورة بإخراج عربي بعيدا عن الخيال و قريبا من الشعوب العالمية كالثورة التونسية و الثورة المصرية.
من قبل عبر الكتابات و الأقوال حاولوا توهيمنا بأن الشعوب العربية هي شعوب ميتة منقادة و شعوب بعيدة كل البعد عن إبراز ذاتها و إثبات تواجدها الكوني ، شعوب لا تحسن سوى التقليد و العربي لا يفكر سوى في موضوع واحد و موحد " الجنس" ، بعيدا عن ممارسة السياسة و تبعاتها.
اليوم الأمة العربية تعطي الدروس في الديموقراطية و العدل كباقي الأمم( راجعوا من فضلكم مقالنا " لهم ديموقراطيتهم و لنا ديموقراطيتنا" ) في كيفية تغيير كل نظام فاسد و مفسد و بالطرقة التي يراها الشعب العربي ، كثورة ضد العولمة ، ثورة تضامن من أجل فلسطين وضد التطبيع مع اسرائيل و ثورة ضد الإستعباد و ضد ثقافة العشيرة و ثقافة الإحتقار و ضد ثقافة الريع و تحقير الثقافة و العلم و التجويع و توسيع الفارق بين البورجوازية المتعفنة و الطبقة الكادحة التي تعيش في الخيام و السراديب.
زلزال الثورة العربية غيِِِِر وسيغير القيم المستوردة و العادات الخاطئة و التصحيح في المفاهيم الديماغوجية القائمة و حدف قوانين الطوارئ التي تضمن الراحة للحاكمين و سن قوانين جديدة تضمن الحق في الحياة الكريمة بكرامة للمواطنين و عيش المواطنة كما أراد لها الشعب و إلغاء ترشح الرؤساء لولايات جديدة و الوقوف سدا منيعا ضد توريث الرئاسة في الجمهوريات العربية للأبناء و تغيير الدساتير التي تضمن السلطة المطلقة للحاكم بعيدا عن الإشراك و التشارك و اقتسام الثروات و بعيدا عن خلق أرضية لتكافؤ الفرص و بعيدا عن المحسوبية و الزبونية و منطق القوة...والغابة.
أمام رياح العولمة الغربية والإسرائيلية ، الرؤساء العرب انحنوا طمعا في البقاء في السلطة و نزلوا بثقلهم على ظهور رعاياهم إلى أن فقد التوازن أمام النهب و ثقافة الإحتقارو زاد الفرق إلى أن أصبح شاسعا بين الحاكم و المحكوم و أصبح الطرف لا يسمع و لايفقه ما يقوله الطرف الآخر ، رغم أن سرعة الصوت في الهواء تبقى شبه ثابتة.
الدرس الذي نستخلصه من هذه الثورات هو أن الحاكم يكون قوي بمدى قوة الرابطة و العلاقة بمحكوميه ، و أن الغرب لايهمهم لا رئيس و لا ملك بقدر ما يهمهم الحفاظ على مصالحهم و على قوة ديموقراطيتهم التي تبنى على ظهور العالم العربي والإسلامي . دائما ينتصرون لمقولة " البقاء للأصلح لهم" .
و أخيرا و ليس آخرا على الحاكم العربي أن يكافح الفساد و المفسدون إذا كانت أياديه بيضاء ، أما إذا كانت بلون آخر فلينتظر الثورة ، ثورة القاعدة طال الزمن أو قصر.
cdouah@gmail.com
التعليقات (0)