مواضيع اليوم

زعموا أن... !!!

نزار يوسف

2011-07-28 16:00:37

0

زعموا أن ... !!!

 

 

زعموا أن تاجراً كانت له قافلة من جِمال ثلاثة و حمار . و كان هذا الرجل يقوم بتجارته من بلد إلى آخر ، يجوب الصحراء و يقطع الفيافي و الدروب .. يشتري و يبيع . و ظل الرجل على هذه الحال مدة طويلة إلى أن مرض مرضاً شديداً ألزمه الفراش . و عندما اشتد عليه المرض و أدرك أنه لن يقوم من وعكته هذه و أنه مشرف على الهلاك . استدعى جماله الثلاثة و بدأ معهم جردة حساب عن الماضي .. كان يريد أن يبري ذمته قبل الرحيل . نظر إلى الجمل الأول و قال له : سامحني أرجوك فأنا كنت أحياناً أنسى أن أقدم لك عشاؤك و كنت أنت تبيت جائعاً و هذه غلطة غير مقصودة مني .. أنت تعرف .. جلّ من لا ينسى و أرجو أن تغفر لي خطيئتي تلك . ثم نظر إلى الجمل الثاني و قال له : أيها الجمل العزيز سامحني .. فأنا أحياناً كنت أضربك بقسوة و أعرف أن ذلك كان مؤلماً بالنسبة لك و أنا الآن نادم أشد الندم على ذلك .. أنت تعرف .. أحياناً يمر المرء بنوبات غضب قد يفقد معها اتزانه و تقديره للأمور . و لذلك أرجو منك أن تغفر لي هذه الخطيئة الشنيعة . ثم التفت إلى الجمل الثالث و قال مخاطباً إياه : صديقي الجمل .. أنت أيضاً سامحني .. أنا كنت أحياناً أحمّلك بضاعة أكثر من غيرك من بقية الجمال و أنا أعرف أن هذا كان مجهداً بالنسبة لك . و لذلك أرجو أن تغفر لي هذه الزلة .
نظرت الجِمال الثلاثة إلى الرجل و هزت برؤوسها متفهمة القضية ثم قالت : نحن قد غفرنا لك يا سيدي كل زلاتك و أخطاؤك بحقنا ، فهما يكن .. أنت تبقى مالكنا و صاحبنا ، و نحن قد عشنا معاً في السراء و الضراء كما أنك أيضاً كنت معنا رجلاً طيباً و على كل حال ، ليس هذا الوقت وقت حساب . صمتت الجِمال قليلاً ثم نظرت إلى الرجل بحدة و قالت جميعها بصوت واحد : لكن هنالك غلطة واحدة شنيعة ارتكبتها أنت بحقنا و نحن لن نغفرها لك أبداً مهما فعلت .
بهت الرجل المسجى على الفراش و سأل بدهشة و ذهول و قد بلغ منه الإعياء مبلغاً : غلطة ؟؟!! ما هي هذه الغلظة ؟؟؟؟؟؟!!!!!!! .
أجابت الجمال بصوت واحد : كنت دائماً أثناء السفر ، تضع الحمار في مقدمة القافلة .

 

 

XXXXXXXXXXXXXXXXXXX

 

 

زعموا أنه في العصر العثماني كان يوجد فلاح فقير له ولد يساعده في عمل الأرض . و كثيراً ما كان الفلاح الفقير يغضب من عمل ولده و أخطاءه الكثيرة و بلادته المستديمة ، فكان دائماً يعنفه قائلاً له : و الله يا ولدي ، بحياتك كلها لن تصبح رجلاً و لن تكون رجلاً في يوم من الأيام . دائماً مع الزمن كان الفلاح يعنّف ولده الوسيم البليد بهذه العبارة . و عندما كبر الولد و أصبح يافعاً ، كان يشتاط غضباً من عبارة والده تلك .
في يوم من الأيام ، تم استدعاء الولد إلى الجندية ، فسافر لأداء الواجب ، و هنالك ترقت به السبل و تعرف إلى إحدى محظيات السلطان . فتوسطت له هذه بعد فترة عند السلطان فعينه وزيراً . و عندما استلم الشاب منصبه الجديد ، كان أول عمل قام به ، استدعاء والده الفلاح المسكين الذي قد أصبح عجوزاً ، و بعث في أثره الجنود طالباً إحضاره موجوداً .

تم إحضار الوالد ، و كان الولد قد جهز نفسه لاستقباله في قصر فخم و قد لبس أفخر الثياب و جلس على أريكة مرتفعة تزينها الطنافس محاطاً بأبهة العز و الجاه .

أدخل الجنود الوالد العجوز واقفاً أمام ولده الذي نظر إليه و قال له : مرحباً بك يا أبي .. ألم تعرفني ؟؟ نظر العجوز إلى ولده و قال له : نعم يا ولدي لقد عرفتك . سأل الوزير أباه : ما رأيك الآن يا أبي ؟؟ سأل العجوز : بماذا يا بني ؟؟ قال الولد بما أنا عليه الآن ؟؟ أجاب الفلاح العجوز باقتضاب شديد : خيراً إن شاء الله ( و لم يزد ) .

أعاد الولد السوآل : و لكنك لم تجبني عن سوآلي يا أبي ؟؟ قال العجوز : أي سوآل يا بني ؟؟!! قال الولد : أنا أسألك عن كلامك الذي كنت دائماً تقوله لي .. ألا تتذكر ؟؟ كنت دائماً تعيّرني و تقول أنني لن أصبح رجلاً ، و ها أنا الآن قد أصبحت وزيراً ، فما رأيك .
نظر العجوز الذي كان لا يزال واقفاً ، إلى ابنه و قال له بهدوء : و الله يا ولدي أنا لم أكن أقول لك أنك لن تصبح وزيراً .. أنا كنت أقول لك أنك بحياتك كلها لن تصبح رجلاً ، و مازلت إلى الآن عند كلامي و مصرّ عليه .. السلام عليكم . قال العجوز ذلك ثم قفل عائداً إلى بيته .

 

 

XXXXXXXXXXXXXXXXXXX

 

 

زعموا أنه في الحرب العالمية الثانية ، كانت ترد التقارير من عملاء الـ ( إم آي 5 ) في الجستابو إلى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ، بأن مسؤولاً رفيعاً بالدولة .. فلان الفلاني هو عميلاً للمخابرات الألمانية لكن دون معرفة الدور الذي يقوم به . أعطى تشرشل أوامره بمراقبة الرجل ، و لكن لم يتم إثبات أي أمر مريب عليه أو ما يدل على نشاط مشبوه له . و تم إهمال الأمر .

لكن ما لبثت التقارير أن عادت مرة أخرى لتؤكد وجود اسم الرجل في قوائم العملاء لدى الألمان و لم يستطع عملاء الـ ( إم آي 5 ) أن يعرفوا نوع العمالة و ما هي . فأعاد تشرشل إصدار الأوامر ، لكن هذه المرة بمراقبة مشددة للرجل . و مرة أخرى لم يتم إثبات أي أمر مريب على الرجل .

مرة ثالثة عادت التقارير بعد مدة من الزمن لتؤكد ورود اسم الرجل في قائمة العملاء الانكليز للألمان مع أوراق لتحويلات مالية سنوية من قبل الألمان لحساب الرجل في جنيف ، و أيضاً لم يستطع عملاء الـ ( إم آي 5 ) تحديد طبيعة علاقة الرجل بالاستخبارات الألمانية .


هنا .. لم يستطع تشرشل التحمل ، فطلب إحضار الرجل للمثول أمامه . و عندما حضر الرجل ، اجتمع تشرشل و إياه على انفراد و قال له : باختصار شديد نحن نعرف بعلاقتك مع ألألمان ، و هذه هي تحويلاتهم المالية لحسابك في جنيف و لكن لا نعرف ما هي طبيعة علاقتك معهم .

أنكر الرجل الأمر بداية . لكن تشرشل ضغط عليه غاضباً مهدداً  متوعداً ، ثم قال له بحزم : اسمعني جيداً .. لا أريد منك شيئاً .. عليك الأمان و أتعهد لك بشرفي بعدم محاسبتك ، و هذه ورقة موقعة و مختومة مني باستقالتك و براءة ذمتك من أي شيء و لا يتعرض لك أحد .. بشرط واحد ، فقط أن تخبرني ما هو دورك بالضبط .. لا أريد منك غير ذلك .


نظر الرجل إلى تشرشل و قال : في الواقع لقد قال الألمان  لي .. لا نريد منك أية معلومات و لا تجسس .. و لا تجنيد .. حتى و لا أن تتصل معنا .. كل ما نريده منك هو أمر واحد بسيط جداً و لا يكلفك شيء .. فقط أن تضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب . ( قيل أن هذه الحادثة قد تكررت فيما بعد في الاتحاد السوفييتي سابقاً ) .

 

قال الإمام علي بن أبي طالب : إياك و معاشرة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك .

سُئل السيد المسيح : أنت تحيي الموتى ؟؟ قال نعم بإذن الله .. قيل : و أنت تشفي المرضى ؟؟ قال نعم بإذن الله .. قيل : و تداوي الأحمق ؟؟؟؟؟ قال : هاااااااااااااذا الذي أعياني .

كلمة أخيرة  : لا محاربة أصعب من محاربة الغباء .


نزار يوسف




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !