عام 1996, كانت أفغانستان تنتج 2250 طن من الأفيون, وفي عام 1997 أصبح 2800 طنا. ثم قفز إلى 4580 عام 1999, وكانت طالبان آنذاك تسيطر على معظم أفغانستان.
حتى عندما منع طالبان تحت ضغط الأمم المتحدة زراعة الحشيش في 2001، لم يعن ذلك أنهم توقفوا عن تحقيق الأرباح من تجارة المخدرات. وتشير الدراسات والمقابلات التي أجراها الكاتب في الرابط أدناه , إن أسعار الأفيون قفزت بعد الحظر من 26$ للكيلو إلى 746$ عام 2001 وقد حقق قياديو طالبان أرباحا طائلة من خلال شراء الأفيون بأسعار منخفضة ومن ثم بيعها بأسعار مرتفعة.
عندما كانوا يسيطرون على البلاد فرضوا ضرائب على المزارعين والمهربين والناقلين ومعامل التكرير, وكانوا يطلقون اسم "العشر" 10% على هذه الضريبة.
عاد متمردو طالبان بعد 2001 لفرض هذه الضريبة بالإضافة لسياسة الابتزاز التي يمارسونها في جميع المناطق التي يسيطرون عليها, كما إنهم يفرضون رسوما مقابل توفير الحماية لمحاصيل الأفيون, من خلال بناء المواقع الدفاعية وزراعة الألغام حول الحقول.
www.usip.org/files/resources/taliban_opium_1.pdf
الأهم من ذلك هو أن زراعة الخشخاش تركزت تدريجيا في الجنوب والجنوب الشرقي, حيث تمركز طالبان, وأصبحت تمثل 98% من إنتاج الأفيون في كل أفغانستان. بالمقابل تراجعت هذه الزراعة بشكل ملحوظ في مناطق سيطرة الدولة.
http://en.wikipedia.org/wiki/File:Afghan_Opium_Production_2005_2007.JPG
يمكن الاطلاع على تاريخ إنتاج الأفيون في أفغانستان في التقرير الجاد التالي الصادر عن الأمم المتحدة وفيه تحليل لهذا الإنتاج من 1994 حتى 2009.
www.unodc.org/documents/crop-monitoring/Afghanistan/Afghanistan_opium_survey_2009_summary.pdf
التقرير المذكور يبين بوضوح كمية هذا الإنتاج وأين تتمركز زراعته ولا يترك مجالا للشك عن الطرف الذي يستفيد منه.
حتى العام 2009" كانت هلمند في الجنوب الأفغاني المضطرب تزرع الأفيون أكثر من أي منطقة أخرى. وعلى الرغم من تراجع هذه الزراعة بنسبة 33% هذا العام ، لا يزال 57 % من أفيون البلاد يزرع في هلمند، ما يغطي 69833 هكتارا مقارنة ب103590 عام 2008. كانت هلمند تزرع أفيونا أكثر ثلاث مرات من قندهار ، الولاية التي تحتل المرتبة الثانية في هذا الإنتاج".
http://www.reuters.com/article/2009/09/02/us-afghanistan-drugs-factbox-sb-idUSTRE58144M20090902
الأهم من ذلك أن العالم كله كان منشغلا بمخاطر هذه المادة غير الشرعية. وهذا ما قاد الأمم المتحدة إلى التعبير عن قلقها من هذه الأخطار.
" الأكثر عرضة للخطر هم الأضعف: إن مشكلة تعاطي المخدرات في أفغانستان تتفاقم, خاصة بين المهجرين. كما إن الإدمان ومرض نقص المناعة ينشران الموت والفقر على امتداد طرق التهريب, وخاصة في آسيا وروسيا وحول العالم ولكن على الأخص في أوروبا عشرات الآلاف سيموتون مجددا هذا العام بسبب جرعات الهيروين الزائدة".
إن الحكومة الأفغانية تقوم, بمساعدة قوات التحالف ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بتنفيذ برامج بديلة , من ضمن جهود تسعى لمواجهة وتقليص زراعة الأفيون. نحن نتفهم غضب المزارعين, من هنا أهمية الزراعات البديلة كالقمح وغيره من المواد الضرورية.
كان الفلاحون الذين كانوا يزرعون هذه المادة لا يملكون أية بدائل ، فعمدت الأمم المتحدة ، بالتعاون مع الحكومة الأفغانية وبمساعدة قوات التحالف ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إلى إدخال برامج بديلة في جهودهم لمواجهة وتقليص زراعة الأفيون. لقد فهمت هذه الأطراف أن الفلاحين كانوا محبطين ، لذلك كانت الزراعات البديلة خاصة القمح وغيره من المواد الحيوية ذات أهمية قصوى.
والآن أدخلت زراعة بديلة مربحة جدا ،ووجد بعض المزارعين أن استبدال محصول الأفيون بالزعفران خيار حكيم وأقل إحباطا بكثير. والخبر المفرح أن العديد منهم في هرات الآن يختارون إنتاج الزعفران .
إن نوعية الزعفران ممتازة ويجني منها نقود وفيرة ، إذ يدر هكتار واحد من الخشخاش 10 أو 20 ألف دينار أفغاني بينما يمكن جني 200 ألف دينار أفغاني من هكتار الزعفران
زراعة الأفيون مضر بالصحة أيضا، وفي الفيديو المرفق نسمع المزارعين يتكلمون عن هذه المشكلة بالقول:"كنت على الدوام أذهب إلى الطبيب وأذهب للمسجد لأتبارك وكذلك الحال مع المزارعين الآخرين ،كان الوضع سيء للغاية عندما كنا نزرع الخشخاش ولذلك بدأنا بزراعة الزعفران".
http://www.youtube.com/watch?v=v8ZuOblSMls
كما أن زراعة الزعفران توفر فرص عمل للنساء الأفغانيات أيضا. إذ إن تعليب الزعفران تقوم به بشكل رئيسي النساء. إن الكمية المصدرة من ولاية هرات منذ بداية هذا العام تفوق الكمية المصدرة في العام الماضي، فالطلب في ازدياد وخاصة من قبل دول مثل الولايات المتحدة. ويقول المنتجون إنهم يستطيعون زيادة التصدير إذا ما ساعدتهم الحكومة.
وتقول الحكومة أن لديها خططا للمساعدة في تطوير السوق، حيث تمول في هذا العام ستة معامل للتصنيع وتقوم بإرسال فرق لخارج البلاد لتسويق الزعفران الأفغاني لجذب المزيد من المشتريين. وبالنسبة لهؤلاء المزارعين يأتي هذا الدعم في أوانه، فالمزيد من الطلب يعني ارتفاعا في سعر محاصيلهم وبالتالي يقلل من احتمال زراعتهم للخشخاش من جديد.
هذا الجانب المضيء يظلله أحيانا بطبيعة الحال هجمات المتمردين . ولكن كلما تحسن الأمن في أفغانستان، سوف تتحسن الزراعة والصناعة وربما، لما لا ،السياحة مما يجلب الثروة للبلاد.
صفاء العشري
القيادة المركزية المريكية
التعليقات (0)