علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــــ
ينسى الناس ايامهم الجميلة ولكن الذكريات الاليمة تمد جذورها في اعماقهم وتظل تنغص عليهم حياتهم حين يستعرضونها بالتفصيل !
ومن امثال ذلك انهم وهم يعيشون اجواء شهر رمضان وسط موجات حر قاسية كما حدث السنة الماضية والسنة الحالية يغلب على ضعفاء الايمان التذمر والتشكي من الظمأ وشدة الحر مع انهم عاشوا شهوراً رمضانية كثيرة في سنوات خلت كان الجو فيها اما بارداً واما معتدلاً ! رجعت الى دفتر مذكراتي فوجدت ان شهر رمضان اطل علينا يوم 5-3-1992 ونحن في اواخر الشتاء ثم اخذ يزحف (11) يوماً ليصل بعد ثلاث سنوات الى شهر شباط وتمضي ست سنوات ليصل شهر رمضان الى شهر كانون الاول وهكذا تصل الدورة بعد نحو تسع سنوات الى شهر ايلول الذي عايشناه السنة الماضية! اي اننا عشنا نحو (17) عاماً اجواء رمضانية مثالية ولو اضفنا سنوات شهر نيسان ومنتصف شهر اذار تكون النسبة في غير صالحنا لان معنى هذا اننا قضينا نحو عشرين سنة في صيام ساعات معقولة من النهار حتى اذا انسحب الصوم الى شهور الحر ظهرت معادننا الحقيقية تجاه الصبر على مشقة الظمأ والحر !
ان هذا يلقي ظلالاً من الشك بشأن دور العقل البشري في ضبط ايقاع الاختبارات على حياته بوصف الصوم اختباراً لتحمل الانسان وتقوية ارادته فعلى مايبدو ان الانسان ضعيف امام رغباته ، كثير الحيل تجاه تحقيقها ، كثير النسيان يضيع الفرص التي تعطى له لمراجعة نفسه واصلاحها وبدلاً من ذلك يجري التركيزعلى الجوانب الترفيهية وتحويل شهر الصوم من شهر طاعة ومغفرة ورحمة الى شهر ترفيه ! . وهذه قمة الخسارة والخيبة والحسرة والندامة .
ان المرء ليشعر بحزن عميق وهو يطالع في الاخبار والتقارير التي تتحدث عن انفتاح شهية فئة خارجة من نفايات التاريخ ومجاري الاوبئة تفكر وتخطط وتنفذ لقتل وحرق اكبر عدد ممكن من البشر ليقولوا للناس : نحن موجودون لكن اين؟ في جهنم احلامهم المريضة .
انثالت هذه السطور حين مرت قربي نسمة باردة ذكرتني بحلول شهر ايلول ربما لتقول ان حركة الحياة اقوى من عبث الجرذان!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)