مصعب الهلالي:
ريـح نتنياهو العقيم
تهب على أمّـنا مصر خلال الساعات المقبلة ريح نتنياهو العقيم في جولة مفاوضات من اجل المفاوضات ليس إلا ... فنتنياهو ووفقا لتركيبة حكومته الحالية لا يمكنها تقديم أية أوراق واعدة أو مثمرة فيما يتعلق بالسلام وقضية الاحتلال وبناء المستوطنات والحصار . ومن ثم وعلى ما عهدناه من اساليب الصهاينة واليهود فإن الاستراتيجية التي يعتمدها نتنياهو هي عدم (التنازل) من وجهة نظر اليمين المتطرف عن أية عظمة اختطفتها كلابهم المسعورة من الغير .... وأن التكتيك المتبع سيكون التلكؤ ومفاوضات عقيمة ليس إلاّ الغرض النهائي منها هو تفويت الفرصة على الاعتدال العربي وحكومة أوباما التي من المتوقع أن تضغط في إتجاه إيجاد حل سلمي عبر ما بات يعرف بمشروع أوباما الذي أماط اللثام عنه مؤخرا جلالة الملك عبد الله بن الحسين الهاشمي حفظه الله .... وهو مشروع سلام تعرف إسرائيل جيدا ان ثمنه سيكون بالنسبة لها دائما هو الأغلى كلفة من بين كافة الحلول العسكرية والأمنية الأخرى لسببين:
أولهما أن التفوق العسكري الإسرائيلي على ما سواه في المنطقة هو أمر لا جدال فيه ولا يحتاج إلى كثير بيان ..
والسبب الثاني أن الرفض الإسرائيلي السافر للحل السلمي سيجعل من العسير على الحكومات الغربية الداعمة لها (عادة) إقناع المواطن ودافع الضرائب والناخب لديها بمشروعية منح الدولة العبرية الكثير من المعونات والاعانات والامتيازات والاستثناءات عن طيب خاطر.
نتنياهو الريح العقيم إذن تحل على شرم الشيخ في صحراء سيناء هذه المرة وهي تراوغ وتراوح مكانها ولا جديد فيها غير عقمها سوى رائحتها الأكثر نتانة من رائحة سلفه ليس إلاّ.
يحسب نتياهو نفسه ذكيا حين يتلاعب على حبل التناقضات العربية الفارسية ويستغل محاولات نظام نجاد المتهورة العقيم هي الأخرى للمساس بأمن واستقرار مصر وبعض دول الخليج العربي ليأكل هو ويشرب ويشبع كعادة الصهاينة في استغلالهم لكل نزاع بين طرفين يجيرونه في النهاية لمصلحتهم في دهاء وخبث منقطع النظير.
وعلى الرغم من أن نظام نجاد لم يوفر سانحة ولا شاردة أو واردة للتحرش ببعض الدول العربية المركزية ومحاولة المساس والعبث بأمنها وإستقرارها إلا أننا لا نتوقع أن عاصمة من عواصم تلك الدول ستقدم على التحالف مع نتنياهو جهارا نهارا وعلى نحو جدي ضد دولة إسلامية في نهاية المطاف كان ولا يزال تهديدها الأمني محدود الفاعلية قصير المدى والنفس مقارنة مع شذاذ آفاق صهاينة ويهود غرسهم الاستعمار العالمي في وسط المجال الحيوي العربي وصاروا يشكلون اخطر مجهض ومهدد لأمن وسلامة أي مشروع سياسي وتنموي عربي أكان وطني أو إقليمي أو قومي.
لقد اثبتت التجارب الماضية ان الاختراق الفارسي لأمن واستقرار الدول العربية يمكن بسهولة صده وتحييده وإحتوائه وفصله عن النسيج العام للدولة بغض النظر عن اشكاله ووجوهه التي يأتي بها أو عبرها .... ولكن الإختراق الإسرائيلي يبقى دائما هو الخطر وهو الأكثر تاثيرا لسبب أنه يأتي مدعوما بإمكانيات أوروبا الغربية والولايات المتحدة وصمت عالمي نتيجة الإرهاب السياسي والاقتصادي والأمني الذي تمارسه إسرائيل ومن ورائها الغرب الاستعماري والولايات المتحدة ضد أي دولة من دول العالم الثاني او الثالث او الرابع عشر يحدث نظامها الرسمي نفسه بالنطق بكلمة الحق او الوقوف إلى جانب الحق العربي والشعب الفلسطيني.
ومن ناحية أخرى يرغب نتنياهو ايضا في الحصول من مصر على وعد بإلغاء بند (حق العودة) الفلسطيني من صلب المبادرة العربية التي اعتمدتها الدول العربية رسميا عبر جهازها المتمثل في الجامعة العربية ..... وربما كانت للقيادة المصرية وجهة نظر سابقة خلال مباحثات السلام التي قادها الراحل ياسر عرفات في مواجهة رئيس الوزراء آنذاك (إيهود باراك) برعاية بيل كيلنتون الرئيس الأمريكي وقتها . والتي فشلت بسبب تمسك أبو عمّار بحق العودة ورفض باراك لإقرار هذا الحق رسميا من جانب إسرائيل ولو كان محض حبر على ورق .
وتتمثل وجهة مصر الغير مكرسة رسميا حتى الآن كمشروع وإنما تطرق إليها الرئيس حسني مبارك وقتها كوجهة نظر لا يرقى لمستوى الموقف الرسمي للدولة وتبنتها الصحافة المصرية المحسوبة على النظام الحاكم المصري ... تتمثل وجهة النظر هذه في ان حق العودة بات مجرد تحصيل حاصل بعد ان استقر فلسطينيوا الشتات في الدول المضيفة لهم وحصل معظمهم على جنسياتها ونشأت أجيال جديدة من فلسطيني الشتات بلغ عمر بعضهم الآن الستين عام او يزيد دون أن ترى اعينهم أرض آبائهم واجدادهم ....... وأنه ربما فضل بعضهم الحصول على تعويضات (ستدفعها في النهاية الدول العربية الغنية) مالية سخية نظير التخلي نهائيا عن المطالبة بحق العودة وأراضيهم المغتصبة في فلسطين المحتلة .
قد يبدو مثل هذا الطرح عقلانيا وفق حسابات الربح والخسارة في دفاتر البقالة والسوبر ماركت .... ولكن يصعب استطعامه وابتلاعه بالنسبة لإنسان فلسطيني من لحم ودم أو أي إنسان آخر كان ولا يزال منذ أن ترك أرض بلاده يحلم بيوم يعود فيه إلى موطنه .... لقـد رضع الأبناء من ثدي هذا الحلم والأمل وتوارثه الأحفاد ولا يزالون حتى ابد الدهر........
سيكون من الظلم الفادح وامتداد القهر ان يحرم العرب اخيهم الفلسطيني من حقه في العودة إلى أرضه وأرض آبائه واجداده وبغض النظر عن رغبته في ممارسة هذا الحق من عدمه ..
لا يحق عربي أو غير عربي حرمان الفلسطيني من ان يحلم بهذا اليوم ..... اليوم الذي ينتظره كل فلسطيني وإلى أن تقوم الساعة بأن تسعد قدماه عند وطء أرضه أو السعي حراً طليقا بين جنباتها وفي رحابها وان يغرس فيها المزيد من أشجار البرتقال والزيتون ويخاطب منها ارواح آبائه واجداده يحمل إليهم البشارة بالتحرير والعودة التي ماتوا وهم يحلمون بها .... ومنهم من مات وهو يوصي أن يعيد أحفاده رفاته إلى حضن ارض فلسطين بعد التحرير ولو تم ذلك بعد 1000 عام.
التعليقات (0)