ريجيم حضاري!

علي جبار عطية
الأربعاء 09-05-2012

فجأة ينتبه المرء الى نفسه فيجدها محاصرة ومقيدة بالكثير من وسائل الترفيه والاتصال التي اصبحت جزءاً من حياته!
يتلفت يميناً وشمالا فيجد الاجهزة تحيط به ، يصوب نظره الى الامام فتصدم عينيه شاشة البلازما بكل عالمها السحري بما يغني عن الذهاب الى السينما فالشاشة الصغيرة لم تعد صغيرة بل وصلت الى حجم ستين عقدة وبثلاثة ابعاد .
يختفي الماوس في انتقالة حضارية ليحل محله اللمس فتتغير لوحة العرض في اللابتوب باسرع مما نتوقع يصبح الكومبيوتر بحجم الكتاب وتتسارع الشركات بتقديم خدمات الاسرع في نقل المعلومة .
يهتز الجيب جراء اهتزاز الهاتف النقال وفي الاذن سماعة تتصل بالهاتف ليتواصل الحصار على العين والاذن والجسد.
يظل المرء مسمرا في مكانه ويفقد شيئا فشيئا قدرته على الحركة الانسانية ويصبح وضعه شبيهاً بالشجرة في انتقالة مرعبة من عالم الانسان الى عالم النبات!
ويظل المرء يتساءل : اهذه هي منجزات الحضارة ان يفقد الانسان حريته ويصبح كالآلة بين مجموعة من الماكنات؟
وحين تنقطع نعمة الكهرباء تشرق شمس نعمة اخرى هي الخلاص من هذه القيود الحضارية التي صارت ضرورية بحكم الاعتياد والدليل ان ساكني القرى والصحاري اكثر حرية وسعادة من سكان المدن مع افتقارهم بل غناهم عن وسائل الحضارة الحديثة الا يدعو هذا المرء جدياً الى التفكير بعمل ريجيم حضاري على غرار الريجيم الغذائي فيتخلص من بعض ما يمكنه الاستغناء عنه من منجزات الحضارة سعياً الى تحقيق سلامه النفسي؟
ماالثمن الذي يمكن ان يدفعه للخلاص ؟
انه ليس سوى عزم ارادة ثم يوجد البديل في هواية يجدها اقرب الى نفسه فاذا نجح في ذلك ولو جزئيا فان الثمرة تكون العافية وهي اجمل تاج على رؤوس الاصحاء.