تمرّ هذه الأيام الذكرى السنوية لانتخاب الرئيس الإيراني المعتدل “حسن روحاني” في حين أنّ بوادر التغيير في الداخل والخارج بارزة للعيان.فلم يكن روحاني مجرد صاحب البسمة أو مفتاح التغيير فحسب بل أنه أعطى النشطاء في الداخل الأمل في مواصلة نشاطهم السياسي والثقافي.فقد فتحت المؤسسات الإيرانية أبوابها بعد انتخاب روحاني أمام النشطاء المبعدين في عهد الرئيس السابق فرغم العقبات التي يضعها المتشددون في إيران إلا أنّ هنالك تحرك ملحوظ في الجامعات و الصحف و وسائل الإعلام غير الحكومي في إيران.كما هو الحال بالنسبة للسياسة الإقليمية والدولية المتبعة من قبل الحكومة التي تتسم بالحكمة والمنطق وبناء جسور الثقة والتعاون بين إيران والمجتمع الدولي.
الخطاب الإيراني قد تغير فعلاً بعد مجئ روحاني بحيث أصبحت النظرة للعالم مختلفة تماماً فلا نرى في لحن خطاب روحاني أي ذكر لأعداء كانت الحكومة السابقة تطرحها على أنهم أعداء الشعب الإيراني . فلا تصلّب في المواقف حتى بالنسبة للموضوع النووي. بل إنّ كل ما هنالك هو الأمل وهذا الأمر قد تسبب في اتساع دائرة الهوة بين مدافعين شرسين عن نهج الإعتدال في الملفات الحساسة و متشددين متقوقعين على أنفسهم وفي كنف المؤسسة العسكرية و جنرالات سابقين منتفعين من العقوبات وقضية إطالة أمدها.
في هذه الفترة الوجيزة من حكم روحاني تحققت انجازات خارجية وداخلية جمّة حيث تمّ رفع جزئي للعقوبات الإقتصادية و جلست إيران لأول مرة منذ ثورتها وبشكل علني مع الولايات المتحدة على نفس الطاولة لمناقشة الحلول والسعي لحلحلة المشاكل التي تعتري المرحلة القادمة بليس بين البلدين فحسب بل مساعدة هذا البلد كي يكون مسؤولاً عن تصرفاته.أضف الى ذلك قفزت العلاقات الإيرانية مع بعض دول الخليج في الفترة القصيرة التي تولاها روحاني الى مرحلة متقدمة فقد وصلت العلاقات الإيرانية الكويتية والقطرية والعمانية وحتى الإماراتية الى أعلى مستوياتها فقد دشنت حكومة روحاني مرحلة جديدة مبنية على قواعد الثقة والإحترام المتبادل مع دول الخليج العربي على أمل أن تتطور العقلانية الإيرانية مع بقية الدول الخليجية مثل السعودية والبحرين لتكتمل دائرة تلك العلاقاات لبناء محور متكامل بعيد عن الإنفعالات السياسية التي كانت حكومة نجاد تمارسها في العهد السابق.
تبقى أمام الرئيس الإيراني الإصلاحي فرصة ثمينة يجب عليه أن يستثمرها لخلق ولادة جديدة لهذا البلد في محيطه الإقليمي والدولي وهو المضي في منظومة الدول الأكثر إعتدالاً مثل تركيا وحتى مصر والسعودية لمواجهة التحديات المستقبلية في منطقة الشرق الأوسط. فعلى رئيس الحكومة انتهاج التسامح الداخلي والخارجي الذي وعد به ناخبيه وتجاوز عقبة المعارضين ليخلق من هذا البلد حليفاً للإعتدال والمضي قدماً في نهجه المصلح فما عليه إلا تجاوزعقبة الحرس الثوري والقوى المتطرفة الأخرى التي لا تريد لإيران العيش في محيطه الإقليمي طبقاً لقواعد الدول المتحضرة فما يقوم به روحاني و تياره الإصلاحي هو عملية قيصرية لولادة قد تكون عسيرة لإيران
التعليقات (0)