المشرط لكمال الرياحي من الأعمال الروائية المغاربية اللافتة. فالرواية لا تمنح نفسها بسهولة للقارئ، بل إن السير في دروبها يستلزم صداقة ووعي من القارئ بالراوي وبأحداث الرواية. كما أن الرواية تنطوي على حضور آسر للتراث العربي من خلال شخصية أبن خلدون، ومن خلال إعادة استنطاق بعض مواد التراث برؤية عصرية. وهي قبل هذا وذاك توفرت على فنية عالية في تحريك تمثال "ابن خلدون" ليكون حاضرا وفاعلاً كعنصر روائي مؤثر في العمل. وبما يوحي بتأثير ومعاصرة المفكرين الأفذاذ لأيامنا الراهنة وقدرتهم على التأثير في وعي الإنسان العربي، خصوصاً وما تنطوي عليه شخصية ابن خلدون من بعدِ إنساني
إن رواية المشرط، تقدم نماذج بشرية كثيرة، وعلى رأسهم: النيقرو، وأبو لحية، والسلطان/شورّب، والثابتة، وهندة، وغيرهم كثير، وهذه الشخصيات تتميز بفرادتها عن بعضها البعض، وبقدرتها الآسرة على التعري في تقديم عوالمها.
وإذا كانت رواية "المشرط" تتخذ من تونس مكاناً لأحداثها، عبر حكاية رجل يلاحق مؤخرات النساء بمشرطه، فإنها في سبيل تقديم حكايتها استخدمت أنواعا كثيرة من أنواع السرد والتداعي والاستعارات، كما استخدمت التوثيق الصحفي بشكل أو بآخر. وأخيرا، فإن رواية "المشرط" تنطوي على متعتها بوصفها عملاً روائياً يجمع بين السير والتوثيق والحكاية والفن.
روائي من الكويت
التعليقات (0)