رحل بعد رسالة منتظرة
بقلم أمل جمال
مقدمة
أيها القدر : أقف متوسلة إليك ..
آلا تحطم قلبي .. فما عهدتك إلا لص
تسرق منا لحظات الهنا ..
ألم يحن الوقت كي تغير من طباعك
لتصبح أكثر عطاء ً
ألم يحن ..
الفرح يدق أبوابا القلب
نضحك ونمرح ولكن نقف خائفين
خائفين من قسوتك وتقلب وجهك
تارة تضحك معنا ..
وتارة تضحك علينا ..
وتارة أخري تقسو علينا
____________________________________
ج 1 : لا ترحل
لا أستطع مقاومة حبه ، كلامه وغرام عيونه ، دقات قلبه تخبرني بحب قوي ، حب يفوق الحدود ، حينما أكون معه أنسي العالم ، في عينه أسبح للأعماق .
الحياة معه لها شكل أخري ، التنزه في الحدائق ، الإبحار ضد التيار ، السهر تحت ضوء القمر ، التحدث وجها ً لوجه بالنافدة لوقت متأخر ، لم نعد نفترق سوي ساعات النوم ، حتى أثناءه لا أتوقف عن التفكير فيه .
برفقته أشعر بأنني أجمل امرأة ، يسلبني روحي وأنا مستسلمة ، في كل لحظة يوعدني بأنه لن يحب غيري .
أشتاق إليه وهو بجانبي ، لا تتوقف محاولاته لأسعدي بشتى الطرق ، رسالة حب واحدة تكفني ، لكنه يجدها غير كفاية ، يرسلي العشرات دون ممل .
نذوب في العشق بلا خوف ، عقولنا لا تصدق تواجدنا معاً ،
كل دقة بقلبي ذائبة في هواه ، نكتب معاً كل ليلة شهادة ميلاد لحبنا ، نسير معاً في طريق لا نرغب بنهاية له .
تغيرت حياتي برفقته لي ،
لم أعرف الحب إلا بصحبة قلبه الحنون ، كلما سألته هل سيأتي اليوم وتنساني ؟ ، يقول لي أبدا ً ولو للحظة ، ولو نسي عقلي سيشتاق إليك ذراعي ، وعلي الفور سأعود لحضنك ، يستحيل العيش من دونك ، سأموت لو ابتعدت برهة عنكي .
أحياناً أغضب منه لأي سبب ، لكن بمجرد النظر إليه أنسي كل ما حدث ، أحن فأعود علي الفور ، تعلمت كيف أتمسك بالحياة .
لم معني ذوبان الروح قبل رؤيته ، لا أتذكر حياتي قبله كأني فقدت الذاكرة ، وفي يوم نزلت أنا ووسام مسرعين ، تذكرنا اجتماع مهم ، لم نستطع حتى تناول الفطور .
ذهابنا للشركة في أخر لحظة ، جلسنا والتقطنا أنفاسنا ثم بدأنا الاجتماع ، مر علي خير .
فقال وسام :
ــ أظن إلي هنا انتهي الاجتماع .. المشروع تسير كما هو مخطط له .. الاجتماع المقابل الأسبوع القادم بإذن الله .
فقال صاحب المشروع :
ــ حسنا ً لا بأس إلي الآن .. مبارك مهندسة جنة .. عرفت أنك أصبحتي المهندسة الأولي منذ يومان .. مبارك علينا .
فقلت :
ــ شكراً .. أتمني تسير الأمور كما هو مخطط له .
انتهي الاجتماع ورحل الجميع ما عدا أنا ووسام فقال :
هيا بنا نتناول الفطور .. فأنا جائع نزلت دون تناول شيء .
ــ سأبعث الساعي يحضرنا فطور ونتناوله هنا .
ــ لا سنذهب لتناوله في الخارج .. لنغير جو .. أشعر بأني أختنق .
ــ ما بك ؟.
ــ لا شيء .. مشكلة المشروع عكرت بالي ..
ــ حسناً هيا بنا لنجمل عالمك .. ونجدد هواءك الملوث .
.. .. .. .. .. .. .. .. ..
ــ ما بك لم أراك بهذه الحالة من قبل .
لا أعرف .. أشعر بأني شيء خطأ في حياتي .
ــ ما الخطأ الذي تراه ؟ .
ــ ما سبب تأخير زواجنا إلي الآن ؟ .
ــ لا أعرف .. أجهل السبب .
ــ لما لا نتزوج الشهر القادم ؟ .
ــ ولما لا .. ..
ــ الآن عادت الابتسامة .
ــ تعرف أجهل الوقت الذي مر علينا معا ً .
ــ تقريبا تسعة أشهر .. منذ انتقلنا للعيش بالشقة المجاورة لكم .
ــ تعرف هناك سؤال يراودني منذ أمد .
ــ ما هو كلي أذان صاغية .
ــ هل أحببت قبلي ؟.
ــ قبلك لم أعرف الحب .. لم تكن لدي فرصة ولا وقت .. لم أعرفه سوي بأحلامي .. صدقيني الحب معك هو الحياة وما فيها .
ــ أما أنا .. ..
قطع كلامي :
ــ لا أريد معرفة الماضي .
ــ أتركني أروي لك .
قطع كلامي مرة ثانية :
ــ لا أريد معرفة شيء ..أرجوكي الأهم عندي .. أتحبني الآن أم لا ؟.
ــ الآن وقبل ذلك .. لم أعرف .. ..
ــ لا تخبريني إلا لو طلبت منكِ .
ــ لا أريد أخفاء أمر عنك .. لما لا تريد الاستماع إلي ِ .
لا أريد عاصفة تعكر صفو حبنا .
فجأة رن الهاتف ، يرن .. ويرن ، لا يريد النظر إليه حتى لا يبعد عينه عني ، ولكن بعد إصرار رد وسام .
ــ ألو .. مهندس وسام لدينا مشكلة في الموقع .
ــ ساعة وأكون عندك .
ــ لا نستطع الانتظار .. أمر هام .. ً أرجوك أحضر حالا لتفقد الموقع ..أخطأ العمال في عدد الأعمدة بالطابق الثالث .. وفي وضع حديد التخصير ..
ــ كيف سأحضر حالا ً
ــ ما الأمر ؟ .
ــ هيا بنا هناك مشكلة في عدد الأعمدة وحديد التخصير .
ذهبنا للموقع فصعد وسام لدور الثالث ، دائما ً العمل يسرق منا للحظات الحب ، وبالأخص لو كان مسئول عن شركة مملوءه بعمال ، ومسئولين عن أسرهم .
صعد ليباشر العمل ، كان يسير علي لوح خشبي ، نظر لي والشوق يهزه ، ينظر دون أن تتحرك عينه برهة .
يسير ويسير ، وضع قدمه في الهواء ، بحث عن عمود كي تمسك به ، لكنه لم يجد هذه القشة ،فقد توازنه ، فقده .. ..
يا إلهي .. أصعب مشهد أراه في حياتي ، بدأ رحلة السقوط ، البداية عند اللوح ، صرخت بأعلى صوت لأتذكر الحلم الذي رأيته بالأمس .
رأيته يسير وسط الظلام وهو مبتسم ، وفجأة سقط وسط الظلام وهو يقول بحبك جنة .. بحب..ك .
عدت للواقع :
ــ وسام .. وسام .
نظرة حب ممزوجة بحزن لا ينسي ، مشهد عينه وهو يودعني يخبرني بالفراق ، إلي اللقاء .. الخطأ كان في لذا لم يرد الله أخباري بأي شيء ، كان يشعر بالفراق ، لم يكن يرد التشاجر معي .
ــ وسام .. وسام .. ربي .. وسام .
قلبي يسقط معه ، أنفاسي ألتقطها بصعوبة ،قلبي يسقط مني ، وها هو يسقط ويسقط ، كل ذكري جميلة تنكسر مع سقوطه ، ليصل للنهاية الأخيرة .
وصل للأرض .. أرض الموت ، لقد سقط جسد هامد لا يتحرك ، لا يبتسم ولا يضحك ، ولا يتألم كيف يسقط ؟؟ ..كيف ؟.
هل سيبقي هكذا لا يتحرك ، لما لا يناديني ؟ ، لما لا ينظر إلي ِ ؟ ، أحببته .. نعم أحببته ، وها أنا أصرخ وأصرخ علي الإسعاف ، دقائق لا يتحرك خلالها ، لم أملك سوي الدموع .
جاءت الإسعاف وحملوه ، كان الأمل يخبرني بأنه سيعود ، ستعود ابتسامته ويكلمني كالسابق ، صعدت معه سيارة الإسعاف وأمسكت بيده .
أبكي وأنظر له ربما ينظر إلي ِ ، لكنه لم يفعل شيء ، لم يفعل سوي السكون ، منذ دقائق كنا نضحك ونقرر موعد زفافنا ، هكذا وبدون أي مقدمات يتركني ، لا مستحيل .. مستحيل .
أرجع إلي لا تتركني ، معقول الحلم انتهي وجاء وقت لاستيقاظ، وصلنا للمشفي وأدخلوه لغرفة العمليات ، ساعتان لا أملك سوي البكاء والدعاء ، قلبي يخفق بشدة ، خائفة عليه إلهي لا تخذلني .
رسمنا لوحة جميلة ولكنها سقطت ، سقطت اللوحة وتحطم زجاجها ، السهر والفرح والأحلام ، ستصبح مجرد ماضي ، ماضي مثل الماضي الذي لم يسمعه .
وسام هو .. الحياة .. الأمل .. الحب .. الحنان .. الأمان ،لا شيء يساوي دون وسام ،جفت الدموع ، وانفطر القلب ، ليكمل الدكتور الضربات علي قلب مجروح .
أخبرني بالكارثة الكبرى ، حينما سمعتها سقطت فاقدة لوعي ثلاث أيام ،إصابة بانهيار عصبي ، حالتي تسوء ، مدمرة لست في وعي ، حينما أسترديت وعي ، هرولت كي اطمئن عليه .
ــ آسفة جنة .. يرفض مع أي مخلوق حتى أنا .. بمجرد دخولي صاح وحطم ما وجده أمامه .
لم أستمع لكلام والدته ، دخلت إليه كي أحاول التحدث معه ، لكنه رفض عنده حق ، ليس من السهل أن يتقبل المرء فقدانه لبصره ، وكسر قدمه وذراعه ، آلا يكون عنده أي اعتراض .
كنت أتمزق وأنا بعيدة عنه ، لم أحتمل النظر له ، هربت خارجه من غرفته ، هرولت أبكي علي حبيبي بمفردي .
ــ وسام .. جنة لا تستحق منك هذه القسوة .. هي مريضة منذ الحادثة .. لماذا ؟.
ــ أمي لقد أخبرني الدكتور .. بأن فرصتي في استرجاع بصري ضعيفة .. لا أرضي أن تكمل حياتها معي هكذا .. رجل فاقد بصره .. أعمي .. سأعطيها ماذا ؟ .. من الصعب علي الابتعاد عنها .. أنا بعشقها بجنون .
بحبها ولا أستطع فعل شيء لها .. سامحني جنة ..اسألي عليها دائماً أمي
ــ بني أنت تقضي عليها وعليك ..كفاك قسوة علي نفسك .
ــ أمي أرجوكي أنسي الأمر .. النهاية كتبها الله .
.. .. .. .. . .. .. .. .. ..
ج 2:فتي الأحلام
أذكر كلامه يتردد في أذني باستمرار ، وريقات لم تسقط بعد علي الرغم من سقوط الكثير ، لحظات لا تنسي ولا تفقدها الذاكرة .
كأنغام العصافير المغردة ، خفيف أشجار مشتاقة للقاء أحبابه ، كسحاب متناثر يستجمع نفسه ، عصفور في قفص الحب يغرد ، طليق علي الرغم من تواجد بداخله ، يغرد بأعذب الألحان .
اسمي جنة فؤاد، أقتن في عمارة تتوسط منطقة راقية، يتكون من خمس طوابق ، سكانه أصدقائي ماعدا المقابلة فارغة، لذا أترك نافذة غرفتي مفتوحة علي مصراعيه، لأرمق السماء بعين لا تعرف الحدود.
أعشق البقاء داخل جدران غرفتي ، أناس العالم الخارجي وحوش تنهش جسدي بوحشية ، فأفضل التواجد بداخلها ،أتذكر لحيظات الهنا ،أتعبني تشيد قصور لا تعرف سبيل لتحقيقها في الحاضر .
شجرة أسرتها فروعها قليلة ، تساقطوا جميعا ً لم يتبقي سوي عمي آدم ، يعمل صفحي لديه أفكار وأراء ذات معني ، دائما ً أشعر بأنه أعز عندي من أبي .
أما الجذع يعتلي عرشه أبي ، رجل أعمال مدير مصنع فؤادكم لأغذية ، قلبه عداد يرصد الصادر والوارد بدقة ، عقله كمبيوتر لا يتهاون في حقه برهة ،يحب اقتناء التحف أحبها لديه الأسلحة .
أحد فروعها أختي يارا المقهورة كما أسميتها ، هربت من الريح لبر الأمان بباريس ، تزوجت من زميلها شاب نال ما يكفي من قوة العاصفة ، يعمل مرشد سياحي .
الروح التي تمنحنا الحياة هي أمي، تملك بوتيك للملابس الجاهزة، عمرها لم يتجاوز اليوم سعادة منذ عرفت أبي.
أنا الفرع الأصغر علي الهامش، مجرد طيف في البيت، أبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عام، أعمل مهندس معمارية في شركة وسام للمعمار.
بالنسبة لنصف المبتعد عني الآن وسام ، قلبي النابض بالحياة ، فرع لشجرة زرعها والده ، وحيد ويتيم بعدما تركه برفقة والدته ، عمره خمس وعشرين عام .
معرفتي بوسام تعتبر من أغرب الطرق ، طريقة فتاة مراهقة ، طالما سمعت عن ما يسمي بالالتقاء الروح بالعالم الآخر ، ربما كلامي صحيح ولست الوحيدة .
بأحدي الليالي كنت نائمة ، مستغرقة في نوم عميق ، أهرب به من مخاوفي ، رأيت نفس أفتح النافذة لأجده المقابل مفتوح ، فإذا بي أري شاب يمر أمامي يمين ويسار.
وجهه الساحر جذبني لأقف متصلبة بمكاني ، أحملق به لأسبح في عالمه الواسع ، عالم يخلو من الخوف والألم ، فإذا بصوت يوقظني من أروع أحلامي .
يا لك من منبه غبي ، لما دقت معلن فرار حلمي مني ، حان وقت الذهاب للعمل ، بدلت ملابسي وحاولت نسيان ما رأيت .
استعديت للركض كالعادة ، أشعر بالراحة ونحن نجتمع معاً ، جميع سكان العمارة أجدهم عائلة تحتوني ، وبالمقابل أبي يبتعد عني بشتي الطرق .
أليس من الغريب أن تتبدد مشاعرنا، بدلا ً من كون القلب مركز الإحساس أصبح عداد يحسب الوارد لجيبه ، بدلها بمشاعر تهز قلبه ، ولما العجب ونحن في زمن المال هو الأهم و الأغلى من العائلة .
انتهي الركض بهدها صعدت لأستحم وأغير ملابسي ، فتحت شباك غرفتي كالعادة ، لأجد فارس الحلم يمر أمامي حامل كوب ماء ليروي وردته الحمراء .
نظرت إليه وتذكرت الحلم لأرفرف لعالم الخيال ، حديقة من الورود البيضاء ، طيور ترفرف حولي ، أرجوحة بيضاء ، ويدفعني لأطير وأرفرف لأمسك النجوم ، ضحكاته تعلو كلما ارتفعت .
لحظات سرقتها من الزمن ، لكني عدت لرشدي حينما لمحته يرفع رأسه بهدوء ، نظر إلي بعينه الرمادية ، رأيته يمعن النظر بملامحي.
هرولت مسرعة من الخجل الذي تملكني حينما رآني ، لأجد والداي في انتظاري لتناول الفطور .
ــ بابا .. متى سكنت الشقة المجاورة ؟ ! .
ــ منذ يومان .. لما تسألِ ؟ ! .
ــ لا شيء وجدت النافذة مفتوحة وبها شاب .
ــ أجل يسكن هو ووالدته بمفردهم .
ــ حسناً تأخرت .. إلي اللقاء .
ــ أستأتي علي الغذاء ؟.
ــ لا أعرف .. أمي سأخبرك لا تقلقي .
فتحت الباب ونزلت مسرعة لأجده ينزل ورائي ، أسرعت في خطواتي كي لا تلتقي عينه بعيني ، كنت أشعر بالخجل ، نزلت متوجه نحو سيارتي هرباً منه.
لم أشعر بهذا الخجل من قبل ، بديري المحرك فسمعت صوت كاسيت منبعث من سيارته ، لا أعرف أهو القدر ،.
نظر لي مبتسم ، بحث عن الأغنية في الراديو لأجدها ، لم تكن اختياره ، أنا مش بعيد يا حبيبتي عنك .. دا إلا بينا خطوتين ..
أستمع وقلبي يدق بشدة ، منذ يومان لا أسمع سوي أغنية ولسه الليالي بدور عليك .. وعينه يا غالي مشتاقة لعينك .. والآن عرفت مصدرها .
ــ أنتي من أمتلكتي كياني . . خفق قلبي حينما رأكيِ .. رأيتك بأحلامي .. بحثت عنكي
في كل مكان .. وها أنا أجدك بجواري .. يا لا هذا القدر الذي يجمع القلوب من غير موعد .. أقدارنا تبحث عن سبيلها .
كانت هذه الكلمات التي قالها لنفسه بينما كنا نستمع للأغنية ، لم يعي أن صوته عالي إلا حينما نظر لعيني ، تحرك بسيارته هرباً مني .
شعرت بشيء يجذبني نحوه ، قلبي يدق بشدة ، شعرت بالراحة ، راحة نفسية لم أشعر بها من قبل اتجاه شاب .
انطلقت لعملي كالعادة ، كنت قد أتممت مشروع مهم ، هذا هو مشروعي الأول ، توظفت بشركة منذ شهر .
ــ مرحبا ً مهندسة جنة .
ــ مرحبا تولاي .. المدير طلبني .
ــ أجل أعرف .. تفضلي ينتظرك .
ــ شكراً
طرقت الباب ودخلت ، كان يدير كرسيه ، لا أستطع التحمل كاد صبري ينفذ من الخوف ، يتحدث في الهاتف وأنا منتظره ، انتظر وانتظر ، امتحاني الأول أما النجاح أو الإخفاق .
انتهت المكالمة واستدار ، لأجد الشاب الوسيم ، فارس الحلم هو مديري ، وقفت مكاني لا يتحرك لي ساكن ، فأبتسم ضحكاً .
ــ أنتي هنا أيضا .
ألتقط عيني بعينه ، شعرت بشيء يهتز بداخلي ، لا أعرف لماذا ؟! ، لما وقفت مكاني .
ــ أتعملي هنا منذ زمن .
ــ نعم ولا .
ـ هذه فزوره .
ــ لا أعمل منذ شهر .. لكني أحببت العمل فأشعر أنني أعمل منذ أمد .
ــ ما اسمك ؟.
ــ المهندسة جنة .
ــ تشرفنا .. وأنا المهندس وسام .
هذه رسوم المشروع التي طلبتها .
ــ سأطلع عليها ونتناقش فيها غدا ً .
ــ حسنا ً تأمرني بشيء.
ــ لا تفضلي .
خرجت من مكتبه وأنا أفكر في الحلم وهذا اللقاء الغريب ، لطالما سمعت جملة الدنيا صغيرة ولكني لم أصدق لهذا الحد ، انتهي عملي وعدت للمنزل .
ــــــــــــ ـــــــــــــ ـــــــــــ ــــــــــــــــــــ
مر أسبوع ولا شيء جديد ، وذات صباح سمعت صوت موسيقي ، يا تري ماذا ستكون الأغنية هذه المرة ، يا إلهي لكم أعشقها " يا سلام يا سلام أد ايه حلو الغرام .. بالعين ولا الإيدين بدنا بالسلام .. مش فاكره يومها أنا مين اللي ابتدى بالكلام " .
وقفت استمع للأغنية وأنا أرقص من السعادة، لا أعرف لما ؟ ، يمكن بسبب اقتحمه حياتي في فترة قصيرة ، حاولت جمع شتات أفكاري .
فتحت الشباك لأجده يروي وردته ،نظرة فإبتسمه ، فقطف الوردة وقذفها نحوي بعدما قبلها ، أخذتها وانطلقت للركض كي أهرب من خجلي .
بعدما انتهينا أوقفتني سمر جارتنا في الطابق الخامس وصديقتي وقالت :
ــأشعر بشيء غريب بعينك .. أيغازلك الحب ولا نعرف يا ماكرة .
ــ ليس لهذا .. الأمر وما فيه أنني رأيت شاب بالحلم .. وفي اليوم التالي رأيته بالنافذة المقابلة .. والأكثر غرابة هو رب عملي .
فقالت منال جارتنا بالطابق الثاني :
وما اسمه فتي أحلامك ؟ .
ــ اسمه وسام .. ليتكم رأيتم وجهه الباسم .. مثل الملائكة .. وقفنا ننظر لبعضنا دقيقة لا تتحرك أعيننا .. قطف الوردة وألقها لي .. أمسكتها ونظرت له ثم للساعة .. فهز رأسه فخرجت من غرفتي وقابلتكم .
فقالت سمر:
ــ أ هو وسيم ؟ .. قوي البنية .. جذاب .
ــ لا يهم .. الأهم هو مشاعره الرقيقة .. وابتسامته البريئة .
فقالت سمر :
ــ أريد رأيته .
ــ سينزل بعد نصف ساعة .. انتظري بالشرفة واحكمي عليه .
فقالت روجينا أخت سمر :
ــ هربتي من الجواب بسهولة ومكر .. كما هربتي منه لتأتي إلينا .
فإذا بجارتنا الكابتن رغدة تظهر فجأة وتقول :
ــ ألم تنتهي أحاديثكم .
ــ حسناً ألي اللقاء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم أرغب في الذهاب للشركة ، خائف من نظرات عيونه حينما يراني ، لكني لم أستطع المقاومة ، بمجرد وصولي وجدته ينتظرني بمكتبه .
ــ حضرتك طلبتني .
ــ أجل .. لقد أطلعت علي مشروع فيلا الفارس المجنح كما أسميتها .
ــ ألم يعجبك تصميمي.
ــ أولا ً أريد سبب تصميم الفيلا علي هذا النحو .
ــ حسناً فالبداية اتصلت بالسيد جواد .. طلبت منه معرفة أي الألوان والأذواق في الأثاث تفضل عائلته كلا ً علي حد .. وأي الهوايات يمارسوها ، وبالفعل كان متعاون معي .. وفي اليوم التالي أرسل لي التقرير .
السيد جواد يهتم بالمظهر مع لمحة فريد .. يرغب في الشعور بالخصوصية في التصميم .. لذا قمت بتصميم الوجهة علي شكل حصان يقف علي عارضيه الخلفية .. وعلي ظهره فارس بملابس عربية مجنح .
ستسألني لما هكذا ؟ .. سأخبرك السيد جواد متطلع للأفاق .. لديه طموح وهذا واضح من خلال أعماله في القناة الفضائية خاصته .
الحصان يقف علي صخرة يتخللها الباب الرئيسي .. والشبابيك علي الجانبان بنفس لون الحجر .. سيكون الشكل من جحر البارز .. وأما الحديقة ستكون بسيطة مملوءة بزهور نادرة طلب زوجته .
ــ التصميم الخارجي رائع .. ولكن أسيوافق السيد جواد .
ــ حينما ننتهي سأعرضه عليه .
ــ هذا أحسن حتى نتجنب المشاكل .. ولكن لما وضعتي حمام السباحة بغرفة متحركة الحوائط بالحديقة الخلفية .
ــ السيد جواد محافظ ولا يريد نساءه عرضه للأنظار .. وهذا ما أخبرني به .. ورأيت أن هذا أسلم حل .. ولكني حرصت علي جعل الحوائط والسقف متحرك .. إذا أراد إقامة حفل مفتوح .
ــ فكرة ذكية ورائعة .
ــ أما بالنسبة للتصميم الداخلي .. الغرف يتم تصميم ديكورها وفق لكل فرد .. وأذوقهم ليست غربية .. عادية ..الطابق الأول سيكون للسيد وزوجته وغرفة معيشة كاملة .. كذلك الطابق لابنتيه .
أما ابنيه بالطابق الثالث .. وهكذا الطابق الرابع سيكون خالي للضيوف .. وبالنسبة للطبقة السفلي.. هناك غرفة معيشة كبيرة .. وسفرة .. وغرفة مطبخ وحمام و غرفة مكتب .. وغرفة لألعاب الرياضية أظن التصميم متكامل .
ــ التصميم رائع .. ستطلبي السيد جواد كي يري التصميم .
ــ أهناك أمرا محتاجا ً لتغير ؟.
ــ لا مجرد سؤال.
ــ حسنا ً سأنصرف .. ..
__________________
3 ـ من أجل طفل سأتزوج
لم أتخيل أنني بين ليلة وضحاها أتحول لفتاة لا يهمها الحب والعشق ، لفتاة تستهوها أفلام الحب والغرام .
صعدت للروف لنتحدث كعادتنا كل يوم فقالت سمر :
ــ جنة ما رأيك سنقوم برحلة للإسكندرية يوم الجمعة .
ــ صعدت ِ من سكونك لتخبرني بالرحلة .
فقالت منال :
ــ ولما لا .. منذ ساكن وسام بجوارك وأنتي مضطربة .. ربما فرصة جيدة لتعيد التخطيط لحياتك من جديد.
ــ في أخطط لحياتي من جديد .. مستحيل .
فقالت منال :
ــ الوقت ليس المهم .. المهم الذهن الخالي والحالة النفسية المستقرة .
فقالت روجينا :
ــ ما رأيك إذاً .. هيا أخبرينا .. ستكن رحلة شبابية .. ساكن العمارة وأصدقاءنا .
ــ حسنا موافقة .. ياليت أبي يوافق .
فقالت ليلي أخت منال :
ــ أظنه سيوافق .
ــ ولما أنتي متأكدة ؟! .
فقالت ليلي :
ــ والدك لا يضيع فرصة كهذه .. ربما يراك رجل أعمال ثري ويطلبك للزواج .
ــ برحلة يراني ويطلبني للزواج !!.
فقالت ليلي :
ــ والدك كسائر رجال الأعمال .. الحب عندهم ليس له أهمية .. المهم المال والطبقة الراقية المنتمي لها .
ــ أحيانا ً أتمني لو أبي حنون كعمي آدم .
فقالت سمر :
ــ أصنعي حياتك بنفسك ولا تنتظري والدك يخططك هو.
فقالت منال :
ــ ألم أخبركم ؟.
ــ بماذا ؟.
فقالت منال :
ــ لقد تقدم إلي رجل متدين ليتزوجني .
فقالت روجينا :
ــ ماذا ؟ .. أهو وسيم .. محترم .. هيا أخبرنا عنه .
فقالت منال :
ــ عمره خمس وأربعون عام .. محترم .. لن ينتظر كثير سنتزوج بعد شهر .. ويريدني أرتدي النقاب .
فقالت سمر :
ــ خمس وأربعون .. وترتدي النقاب .. مستحيل توافقي .
فقالت منال :
ــ لا مستحيل .. الفرق في العمر عشرة أعوام .. أم عن النقاب .. سترة من عند الله .. المشكلة أنه متزوج .
ــ ماذا !!.. متزوج .
فقالت روجينا :
ــ ولما جاء إذا ًليتزوجك ؟! .
فقالت منال :
ــ يريد أن يصبح أب .. وزوجته لم تنجب له .
ــ منذ متى متزوج ؟ .
فقالت منال :
ــ من خمسة وعشرين عاما.
فقالت ليلي :
ــ زوجته كانت تمنعه .
ــ ولما وافقت الآن ؟ .
فقالت منال :
ــ كان يبحث من ورائها .. وعندما رآني ووجدني مناسبة أخبرها .
ــ أرأيتها ؟.
فقالت منال :
ــ أجل .. امرأة عادية جدا ً وبسيطة .
فقالت روجينا :
ــ أهي متقبله زواجه ؟ .
فقالت منال :
ــ تحاول التظاهر .. لكن عيونها تكشف غيرتها .
فقالت روجينا :
ــ رأيك في هذا الزواج .. أهناك احتمال للنجاح .. أم الفشل مصيره من البداية ؟.
فقالت منال :
ــ أعجز عن التفكير في الأمر .. زواجي الأول ألحق بي عقدة لا تنسي أبدا ً .. بالنسبة لي الرجال كلها واحد .. أخافهم كثيرا ً .. لم أنسي إلي الآن ضربه لي المستمر والمعاملة السيئة .
ــ منال الوقت مازال باكر علي الوحدة .. لم تتجاوزي الخمسة وعشرين .. تريدي الجلوس هكذا .. تنظري لكل يبني حياته وأنت ِ مكانك .. لن يتركك والدك أبدا ً .
فقالت منال :
ــ اعتدت علي العيش هكذا .. عملي يتقدم كل مدي .. أتقابل معكم باستمرار .. أسفر .. فلما أضحي بهذا كله وأعود للتفكير في الزواج .. وأكون مسئولة عن رجل وبيت .
يا تري هذه المرة سيكون حنون ونعم الزوج .. أم سيكون كرجب .. نفرت من الرجال والزواج بسببه .
فقالت سمر :
ــ حاولي آلا تفكري في رجب .. ليس كل الرجال مثله .. هناك رجال رائعين .. حنونين .. دافئين يشعروا المرأة بالأمان .. يقدسون الحياة الزوجية .. تري النيران تتدفق من عيونهم .. نيران الحب طبعاً كوسام .. أليس كذلك جنة .
ــ صحيح .. عيونه يتدفق منها نار العشق والدفء .. قلبه مفعم بالحيوية والحنان .. الأمان هو التواجد بجانبه .. ولكني لا أعرف سبب انجذابي نحوه .. ربما لإعجابي بشخصيته القوية ورومانسيته .
أتعرفوا لقد وافق علي تصميمي دون أن يغيره ..أخيرا ً وجدت من يقدر مواهبي وأفكاري .
فقالت ليلي :
ــ أليس من النادر بأيامنا أن نجد شاب رومانسي وقوي الشخصية ؟!
فقالت منال :
ــ آلا تعرفي أن كان معجب بك ِ أم لا ؟ .
ــ لا أعرف .. ربما هناك إعجاب بيننا .. لكني أخاف الحب .
فقالت سمر :
ــ ولما تخافي منه .. الحب نبع الحياة .
ــ عندما أراه أشعر بجميع جسدي يهتز .. وضربات قلبي تزداد .. فالحب الذي حلمت به يفوق واقعنا .. أمن الممكن أن نقابل إنسان في عالم الخيال .. نحبه ونعشقه ثم نراه في عالمنا حقيقة .
أبعد سنوات الهروب أجده أمامي .. لا أعرف شعور الحب .. أهو فرح .. أم رغبة في رؤيته باستمرار .. أم الاستمتاع بنظر لعيناه .
كلما نظرت في عينه .. أشعر بأني طفلة ضعيفة تحتاجه بجانبها .. أحببت كلام عيونه .. عشقت رؤية المبتسم والضحكة تداعبه ..الأحزان لا أتصور وجودها وأنا برفقته .
فقالت روجينا :
ــ حينما يخفق القلب بالحب .. لا يري أمامه سوي السعادة .. ينسي أحزانه ويحلق في الأفق .
فقالت منال :
ــ الساعة الواحدة صباحا ً .. هيا يا فتيات للنوم .
في صباح يوم جديد ، فتحت الباب ونزلت لأجد وسام يتحدث مع أستاذ مهاب جارنا في الطابق الخامس فقلت :
ــ صباح الخير مهندس وسام .. صباح الخير أستاذ مهاب .
فقال أستاذ مهاب :
ــ ليس هناك أجمل من رؤيتك كل صباح .. أأنت ِِ بخير .. لما لم أراك هذا الصباح .
ــ لقد سهرنا بالأمس للواحدة فاستيقظت متأخرة .
فقال مهاب وهو يضحك :
ــ لهذه الدرجة النميمة كانت كثيرة .. أتستحق السهر .. الفتيات هم الفتيات .
فقال وسام :
ــ أسهروا في الخارج لهذا الوقت؟.
فقال مهاب :
ــ أي خارج .. هم سهروا في الروف .. قامت جنة بتصميمه .. جعلته رائع لمن يحب السهر والسمر بدلا ً من الخروج والبحث عن مكان كل مرة .. يصعد كل فرد حامل مشروبه أو طعامه .. وأحياناً نشاهد الأفلام أو نلعب .
فقال وسام :
ــ هذا رائع .. كل يوم اكتشف شيء جديد .
ــ أعتذر لدي موعد .
فقال وسام :
ــ مازال الوقت باكر علي العمل .. لما الاستعجال ؟ .
ــ لدي موعد مع السيد جواد .
فقال وسام :
ــ موعدك باكر جدا ً.. من وضع هذا الموعد ؟.
ــ جدول مواعيده مزدحم .. لم أجد سوي هذا الموعد .. أريد الانتهاء كي نبدأ في البناء بأسرع وقت .
فقال وسام :
ــ حسنا ً انهي الموعد علي راحتك .. وبمجرد وصوله لقرار أخبريني حين تصلي للشركة .
ــ حسنا ً إلي اللقاء .
فقال مهاب :
ــ حضري أغراضك الرحلة ستنطلق في السادسة صباحا ً .. ليس ضروري جلسة النميمة هذا المساء .. غدا ً لديكم المتسع لكل شيء .
ــ حسنا ً .
ذهبت للسيد جواد وعرضت عليه التصميم وبعدما انتهيت ذهبت للشركة :
ــ تولاي مهندس وسام ينتظرني .
ــ عندي علم .. تفضلي .
طرقت الباب ودخلت فقال وسام حينما رآني :
ــ أرجو يكون التصميم نال القبول .
ــ أجل .. الحمد لله وافق عليه بشرط السرية التامة .
ــ لما ؟ .
ــ يريد أن تكون هدية عيد زواجه لزوجته .
ــ أروع أن يحب الرجل زوجته .
ــ أصبح الأمر نادر .
ــ أوراءك مشوار بفترة الغذاء؟ .
ــ لا .. لما ؟ .
ــ ممكن نذهب معا ً لتناول الغذاء بأي مطعم .. وإذا رفضتي عرضي لن أغضب أو أفصلك .
ــ لما أرفض أنت جاري ومديري .
ــ لهذا السبب وافقتي ؟ .
ــ لا .. لم أجد سبب للرفض .. أنت إنسان مهذب وبالتأكيد لن يصدر منك تصرف غير لائق .
خرج كلاً منا بسيارته ، سبقني ولحقت به ، وأمام المطعم سألني :
ــ في البداية لم تروقني الفكرة .. ولكن عندك حق .. لا يعرف من بالشركة أنك جارتي .. وحتى لا تذهب عقولهم لبعيد .
ــ الألسنة تتكلم بلا توقف .. بالخير أو الشر .. كل ما في الأمر لدي موعد مهم بعد الغداء .
ــ إلي أين ؟ .
ــ لقد طلبت بعض البرامج من شركة الكمبيوتر وموعد استلامها اليوم .
ــ أكل وقتك عمل .. لا راحة غير النميمة ؟.
ــ هذه البرامج فيها للترفية وأخري للعمل .. أهوي الجرافيك .. لذا قررت تعلمه بإتقان .. وسأستخدمه لتوضيح تصميمي .
ــ طريقة مثالية لقضاء الوقت .. ماذا تطلبي ؟.
ــ سآخذ رستو فلتو .. وأرز .. وخضار سوتيه .. وعصير برتقال .. وأنت ؟
ــ كستليتة فرنسية .. وأرز .. وسلطة فرنسية وعصير برتقال .
ــ لم أتخيل أنك تحب الأكلات الفرنسية .. معظم الرجال تحب الأكلات الشرقية .
ــ الأكلات الشرقية لا يعلي عليها .. ولكن التغير مطلوب .. متى ستحضرين أغراضك للرحلة ؟.
ــ بمجرد عودتي للمنزل .. ألم يخبرك أحد عنها ؟.
ــ أخبرني مهاب .. لم أقرر بعد .. مهاب معتاد التكلم معك بهذه الطريقة ؟.
ــ أستاذ مهاب اعتبره أخي الأكبر .. أو بمعني أخر جزء من العمارة .
ــ أ يعيش بمفرده ؟ .
ــ أجل .
ــ أليس له أقارب ؟.
ــ بلا .. عائلته وزوجته بباريس .
ــ مهاب متزوج ! .. ولما يعيش بمفرده ؟ .
ــ منذ خمسة عشر عام سافرت عائلته لباريس.. لقد نقل عمله والده لهناك .. أكمل مهاب دراسته لفن التشكيلي .. تعرف علي زميلته نيكي وتزوجها . . شعر بالحنين وأراد الرجوع لكنها رفضت المجئ معه .. أصر علي قراره وعاد بمفرده .
ــ ولما لم يتزوج ويكمل حياته ؟.
ــ يحبها بجنون .. طيفها لا يفارقه .. يأمل رجوعها في أي لحظة .
ــ ما أغرب عالمنا ! .
ــ عفوا ً الوقت سرقنا .. اتسمحلي بالانصراف .. وشكراً الغذاء معك ممتع .
ــ الكلام معك لم يشعرني بالوقت .. لا داعي للرجوع للشركة .. انتهي مشروع السيد جواد .. وأنت ِ تحتاجي للراحة ولو لساعات قليلة .
ــ هذا كرم منك .
ــ ليس بيننا هذا .. إلي اللقاء .
ــ إلي اللقاء .
____________________
4 ـ إلي متى ستظل حياتي فارغة ؟.
ـ صباح الخير .
فقالت روجينا :
ـ أين حقيبتك ؟ .. الأتوبيس سيتحرك بعد دقائق .
ـ أنا آسفة لن أسافر .
فقالت سمر :
ـ لما ؟. .. والدك لم يوافق .
ـ لا أمي مريضة فجأة .. لن أستطع الذهاب .
فقالت روجينا :
ـ حسناً لكم تمنيت وجدك معنا .. الرحلة لن تكن ممتعة من دونك .
ـ مرة أخر .
صعدت تركتهم وعيوني حزينة ، تحبس الدمعات ، لكن أمي أهم ، فجأة رأيت وسام أمامي حمل حقيبة ظهر :
ـ إلي أين ألم تأتي معنا ؟.
ـ لا كنت أتمني .. لكن أمي مريضة وسأجلس معها .
ـ فكرت .. وجدتها فرصة مناسبة للترفية .. لم أخذ أجازة منذ أمد بعيد .
ـ حسنا ً استمتع قدر الإمكان .. الأيام القادمة ستكون شاقة .. لدينا عمل كثير .. أتمني لك وقت مرح وسعيد .
ـ أتمني أن تشفي والدتك في أقرب وقت .. إلي اللقاء في أقرب وقت ..
صعدت وعيني مركزه عليه ، لم أستطع إبعاد نظري عنه وهو إلي أن اختفي عن نظري .
ـ لو لم تمرض لكنت برفقته الآن .. لأول مرة أشعر بانجذاب نحو شاب .. أظن الوقت حان لأفكر في حلمي المستحيل .. ربما وقعت تحت سحر عيناه ولم أشعر .. ولكن مهما كان السحر فهو رائع.
أظن أن الوقت غير ملائم .. فمن يعرف ربما لا يشعر بما أشعر به .
دخلت لغرفتي وأنا شاردة ، كم ستكون الرحلة ممتعة معه ، حاولت آلا أفكر في الأمر حتى لا يزداد الوضع سوء ، أخذت أبحث بين الأشرطة عن أغنية مميزة ، ربما تأخذني لأبعد عن حدود غرفتي .
وسط السكون استمعت إلي أنغام الموسيقي ، " علي بالي ولا أنت داري بإليِ جراري .. حبته بيني وبين نفسي .. و مقلتلوش إلا في نفسي " .
ـ معقول يكون هو ..ألم يسافر ؟! .
أسرعت نحو النافذة وفتحتها لأجده أمامي ينتظرني :
ـ ألم تسافر ؟ ! .
ـ لم أستطع لأنك لستي معي .
ـ ألم تخبرك الأغنية بما بداخلي .
ليست كل حياتنا أغاني .. الواقع شيء أخر.
ـ لكن الأغاني أحيانا ً تتحدث بالنيابة عنا .
ـ لما نهرب وراء ستار .. لما لا نقف ونتحدث بدون حاجز نختبئ وراءه .. من يهرب مرة .. يهرب لباقي عمره .. هروب بدون توقف .
ـ أحيانا ً يصعب علينا التحلي بالمخاطرة في الحب .
ـ الحب ليس فيه مخاطرة .. أما لو كنت تسير عكس التيار هذه هي المخاطرة دون أمل .
ـ لم أفكر في الرحلة إلا لأظل معك أطول وقت .
ـ لما ؟.
ـ فكري في الأمر وأخبريني ماذا استنتجت ؟.
ـ سأفكر .. ربما أصل لإجابة .
ـ كيف حال والدتك الآن ؟.
ـ الحمد لله .. الدكتور أعطاها مهدئ وهي نائمة الآن .
ــ ماذا ستفعل ِالآن ؟.
سأذهب وأجلس في الشرفة وأقرأ رواية .
ـ أي رواية ستقرأِ ؟.
ـ رواية حديث الصباح والمساء .
ـ أليست هذه الرواية تحولت لمسلسل ؟.
ـ أجل .
ـ ولما تقرأها إذا ً .. شاهديها علي التليفزيون أو من النت .
ـ لقد شاهدتها عدة مرات .. أريد قرأتها لأتعرف كيف قام المخرج بتحويل كلام علي الورق إلي هذه المشاهد .
ـ عندك حق .. حينما تنتهي منها أعطيها لي .
ـ وأنت ماذا ستفعل ؟ .
ـ سأذهب وأتصفح النت قليلاً .
ـ حسناً أراك غداً في العمل .
ـ حسنا لو احتاجت شيء أخبريني .. علي فكرة لقد أخذت رقمك من ملفك .. أرجو آلا تكوني تضايقتِ .
ـ لا كنت سأعطيه لك في أي وقت .ز ورقمك .
ـ سأرن عليكِ وأنتي احفظيه .
ـ حسنا .. أتريد شيء آخر .. سأذهب لأتفقد أمي .
ـ لا شكرا ً .
ــ صباح الخير جميعا .. لم أتخيل أن تستيقظوا للتمرين بعدما هلكتوا في الرحلة!ً.
ـ فقالت روجينا :
ـ الرحلة كانت تنقصك .. أخبار والدتك الآن .
ـ الحمد لله أحسن .
فقالت سمر :
ـ وافق وسام ليذهب للرحلة وبعدما تحركنا أوقف الأتوبيس ونزل .. مؤكد مجنون .
فقالت ليلي :
ـ مجنون بحب جنة .. لم يستطع الابتعاد عنها .
ـ يحبني بهذه السرعة .. لم يمر علي وجدوه هنا الكثير .. ليس معقول .
فقالت منال :
ـ ألم تسمعي عن الحب من أول نظرة .. هذا هو فلا تكوني غبية وتغلقي عينك .. افتحيها علي مصراعيها .. لا تدعيه يرحل عنكي ستندمين عمرك بأكمله .
فقالت الكابتن رغدة :
ـ الحب يعطي القوة لكي تتحملي أي شيء .
ـ أليس الحب هو العذاب .
فقالت الكابتن :
ـ أليس من الأجمل أن نتعذب من أجل من نحب .. نظل بجانبهم حتى لو تألمنا .. لا نستطع الابتعاد عنهم .. وهذا يسعدنا .
ـ عندك حق .. إلي متى ستظل حياتي فارغة مثل البالون .. وفي أي لحطة تنفجر .
فقالت منال :
ـ وأنا اتخذت قرار .. سأفرغ هواء البالون .. سأتركها تطير في الهواء .. تستسلم للرياح تقذفها لبعيد .. ربما أجد السعادة التي لم أحظي بها .. ربما أكون أم وزوجة سعيدة .
ـ مبارك منال .. لقد تأخرت سأصعد كي لا أتأخر عن العمل .
فقالت سمر :
ـ لا .. صححي كلامك .. حتى لا تتأخري علي وسام .
ـ يا لكي من ماكرة .
صعدت وبدلت ملابسي ، ذهبت لأفتح النافذة فوجدته ينتظرني :
ـ نميمة علي الصبح .. الرحلة أليس كذلك .
ـ أجل .. صباح الخير .
ـ صباح الأنوار .. ها هي وردتك .. أقف منذ زمن كي أعطيها لك .
ـ ولما لا تنضم إلينا في تمارين الصباح .
ـ فكرة جيدة .. وأكون معك وقت إضافي .
ـ أراك في العمل .. سأتأخر ومديري سيحاسبني .
ـ سأتوصت لك .
ـ لكني أرفض .
ـ حسنا ً لكي هذا .
______________
وهكذا اللقاءات توالت في النافذة ، نتمرن معا ً ثم نذهب للعمل ، ننهي عملنا ونذهب لتناول غذاءنا ، عملنا بجد إلي أن ارتفعت أسهم الشركة .
هكذا مرت الأيام من الإعجاب ونظرات العيون ، أحاسيس غزيرة لا تعرف الحدود، منبع متجدد دون توقف .
وفي يوم كنت غائبة عن العمل لمدة ثلاث أيام ، سمعت الموسيقي فعرفت أنه عاد باكر ، الكلمات تناديني بتوحشني وأنا وياك ، وبعده ثلاث سلامات يا وحشني .
الشوق يناديني ، هرولت صوب النافذة كي أراه ، يقف في انتظاري ، نظرت إلي بخجل وابتسمت ، عزف قلبي لحن اشتياقي ، ظللنا هكذا ربع ساعة ، فإذا بأمي تنادي علي فتركته ، تركته وقلبي معه .
وفي المساء وقفت أشاهد القمر ، أتحدث معه وأخبره بما يكمن بداخلي ، نظراته ليست نظرات جار لجارته ، أنما نظرات عاشق ، نظرات مفعمة بالعشق والشوق والحنين .
فيا لا وجهه الصبوح في ابتسامته الخفيفة ، ويا لا ابتسامة عيناها عند رؤيتي ، أقلبي هو الراقص علي أوتار حبك ، أم هناك امرأة أخري 0
لم أستطع البقاء في المنزل ، ضغط علي نفسي وذهبت للعمل ، انتهي الدوام ولم يأتي وسام ، هاتفه مغلق ، قلقت عليه فعدت للمنزل لعلي أره واطمئن .
دخلت باب العمارة لأجده يسند والدته ، لا يستطع بمفرده ، اقتربت كي أساعده ، أمسكت ذراع والدته وصعدت معه الدرج .
كان ينظر لي بشغف لم أراه سوي منه ، وبينما كنا نصعد اصطدمت يدي بيده ، بمجرد التلامس اهتز قلبي وشعرت بقشعريرة .
صعدنا للشقة وعند الباب تركتها ، ادخلها لأقرب كرسي :
ـ شكراً جنة .
ـ لا شكر علي واجب .. المهم سلامتها .. لو احتجت شيء أخبرني .
ـ حسنا ً .. كنت أتمني رؤيتك اليوم .. لكن ليس باليد حيلة .. مرة عليك .. ومرة علي .
ـ مع السلامة .
تركته ودخلت شقتنا وأنا في قمة سعادتي ، سعادة لم أشعر بها من قبل ، هرولت لغرفتي وأنا أطير من السعادة ، اندفعت نحو السرير وألقيت بجسدي لأحضانه ، أنظر للسقف وأرسم وجهه المبتسم أمامي .
صوت الحب يناديني ، " علمني حبك لكاظم " ، شعرت بروح تجذبني لأستمع لنبضات الحب ، لم يكن لدي الجرأة كي أفتح النافذة ، نافذة الحب هذه المرة مغلقة ، فضلت الوقوف علي أن يراني والشوق يتملكني .
ظل وسام منتظر رؤيتي ، فالحب الذي ملأ قلبه جعله يهوي النظر إلي ، فالحب ليس كلمات ، الحب مشاعر لا تخبأها العيون .
أدور في الغرفة مثل العصفور ، لا أري حدود أمامي ، توجهت نحو السرير فموجات النوم أصابتني ، فغرقت في نوم عميق ، لأسبح في عالم الأحلام .
___________________________
ج 5ـ عينه تحتضن عيني
في صباح يوم من أيام العشق ، أصر وسام علي ِالتقابل في كوفي شوب المجاورة للشركة :
ــ لما إصريت علي المجيء إلي هنا ؟.. نحن نتقابل كل يوم .
ـ جنة أنا بحبك .. بحبك من أول مرة رأيتك في الشباك ..علي رغم رؤيتي لكي من قبل في خيالي .. مر ثلاث أشهر ونحن معا ً .. جنة توافقي تكوني زوجتي ؟.
ــ ماذا ؟.. ماذا تقول ؟؟ .. بتكلم بجدية .
ـ أجل هل تقبلي ؟.
ـ أجل أقبلك زوج لي .. ولكن توعدني تظل تعشقني بنفس القوة .. ولا تفكر في امرأة آخري .
ـ أوعدك سأظل أحبك للأبد .. ولن أتزوج غيرك في دنياي ومماتي .. لم أتوقع توافقي بهذه السرعة .
ـ أتري أنني تسرعت .
ـ لا قلبك تحدث قبل عقلك وهذا يسعدني .. قلبك أقوي بحبي .. أليس كذلك .
ـ أظن أن الأوان للعودة .
ـ حسنا ً تهربي وأنا لن أرفض .. لكن بعد الارتباط لن تفري مني أبداً .. سأكون كظلك .
ـ متى ستذهب لأبي ؟.
ـ علي الفور .
ـ بهذه السرعة .
ـ أريدك تكوني معي دائما ً .. بجانب قلبي .
ـ حسنا .. هيا كي أعود للمنزل .
أنصرف كلا منا ، نظراته جعلتني أغوص في أعماقها لأعرف لغتها ، أخبرتني بأعمق وأصدق الكلمات .
ـ ألو سمر اتصلي بالجميع وقابلوني في الروف .
ـ لما ؟ .. أهناك خبر جديد عن وسام .
ـ أجل خبر وانتظر نتيجة .
ـ حسنا متى ستصلي ؟.
ـ خمس دقائق وأكون عندكم .
بمجرد وصولي صعدت إليهم :
ـ أين هي منال ؟.
ـ مع زوجها إنسيتي .
ـ أجل لقد تعودت علي وجودها .
فقالت سمر :
ـ ما الأمر ؟ .. أي خبر ستخبرنا به .
ـ لقد طلب وسام مني الزواج .
فقالت روجينا :
ـ ماذا؟! .. بهذه السرعة ..
ـ أجل .
فقالت ليلي :
ـ وماذا قلتي له ؟.
ـ أجل موافقة .
فقالت روجينا :
ـ ألم تقولي سأفكر .. أتركي بعض الوقت .. أجل بهذه السرعة .. مجنونة .
ـ لم أفكر قلبي هو من تكلم .
فقالت سمر :
ـ أري أنك عاشقة لوسام .. عاشقة بدون تردد .
ـ لم أعي ذلك إلا حينما طلبني للزواج .
فقالت سمر :
ـ ومتى سيخبر والدك ؟.
ـ الآن ونحن نتكلم .
فقالت ليلي :
ـ مجنون .. بهذه السرعة .
ـ أ<ل ويا رب بابا يوافق .
فقالت روجينا :
ـ هيا قولوا يا رب والد جنة يوافق .
ـ يا رب .. يا رب .
ـ ما أخبار منال مع زوجها .
فقالت ليلي :
ـ زوجها يعاملها جيدا ً .. بلطف وحنان .. ولكنه قلق بسبب مرور الوقت ولم تحمل بطفل .. وزوجته بتغار عليه بجنون .. تقلق منال كثيرا ً .
ـ لا يستطع المرء العيش في سلام وراحة ولو لفترة قصيرة .. دائما ً ما تظهر غيمة سوداء تمعنا من التمتع بالسعادة .
فقال ليلي : ـ ذهبت لدكتور وأعطاها بعض منشطات للحمل ..أتنمي من الله أن يرزقها بالذرية الصالحة .
فإذا بالهاتف يرن :
ـ ألو وسام .. ما رد فعل بابا ؟.. هل أخبرته أم لا ..
ـ نعم ويبدو عليه الرضا .. سيخبرك حينما تعودي .. أرجوكي أخبرني بميوله اتجاهي .
ـ حسنا ً أراك غدا .ً
فقالت سمر :
ـ ما رد فعل والدك ؟.
ـ يبدو عليه الرضا .
فقالت روجينا :
ـ هذه بشري سارة .. الرضا أول علامات القبول .
ـ يا رب يوافق ولا يرفض .
فقالت ليلي :
ـ سيوافق بدون شك .. والدك لن يرفضه بسبب أمواله .. آلا تذكري رفضه لزميلك بسبب فقره .. رغم شدة ذكاءه وأخلاقه العالية .. المال ثم المال .. لا الحب والإعجاب .
ـ لا أعرف ما أقول .. كلامك صحيح .. الحب عنده ليس مهم .. المهم كم يكسب في الدقيقة .. لا ينظر للغد .. ينظر تحت قدمه فقط .. الوقت حان كي ننزل وسأخبركم بالجديد .
ـ تصبحي علي حب .
هكذا نزل كلاً منا لشقته ، دخلت لأجد أبي بانتظاري في الصالة ، وجهه مشرق مبتسم ، يحمل بين يده ساعة ذهبية جديدة .
ـ لمن هذه أبي ؟ .. مؤكد لأمي .
ـ لا لك ِ .
ـ بأي مناسبة .
لدي مناسبة رائعة .. بمناسبة خطوبتك .
ـ خطوبتي .. علي من ؟.
ـ علي المهندس وسام .. مديرك وصاحب الشركة .
ـ متى تقدم لخطبتي ؟ .. وكيف وافقت دون أخذ رأي ؟ .. أليس هذا زواج .. ليس لعبة تشترها من المتجر ونرميها بمجرد الانتهاء منها .
ـ عندك حق ولكني وجدته مناسب .. شاب وسيم .. ثري .. متعلم .. حاصل علي الدكتوراه في الهندسة .. وأري بينكم مودة .. فما المانع إذا ؟.
ـ حسنا ً أبي لك ما تريد .
ـ سأخبره بموافقتك غدا ً .
لا أعرف لما وافقته بهذه السهولة ، ولكني أحببته لذا وافقته دون جدلا ً ، اتصل أبي وأخبره بموافقتي ، وصف لي أبي صيحة وضحكاته ، كان كالمجنون ، حبه جمل عالمي ، ملأه شوق وحنان وأمل في المستقبل .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
مر أسبوع بسرعة فائقة ، خلاله قمنا بجميع التحضيرات اللازمة لخطوبتنا ، الجميع من حولنا سعداء ، بدأت الموسيقي تعزف ، وقفنا وتشابكت أصابعنا ، عيناه تحتضن عيني ، تمتزج دقات الموسيقي بدقات قلبنا ، لتتلألأ أعيننا كالنجوم .
نرقص وآه من عيون الحساد ، ترقبنا في ضجة وسكوني ، عبرت أعيننا بما كمن في قلوبنا ، وها هي الأنغام تنتهي ، فتشابكت يدي بيديه ، نسيت الجميع وعبرت عما بداخلي علي مسمع الجميع . صحت وقلت بصوت عالي :
ـ بحبك .
لا أعرف كيف استطعت فعل ذلك !! ، والأغرب رد فعل وسام ، قال بصوت أعلي :
ـ بحبك .. بحبك يا ملكة قلبي .. ملاكي الجميل بين يدي لا أصدق .
بعدها ضمني بشدة ، رفعني عن الأرض وأخذ يدور بي ، خفق قلبي من الفرح ، نسينا العالم من حولنا ، رقصنا مرات أخري دون توقف ، نرقص ونغنى بشغف .
الحضور لا يصدقوا ما نفعله ، لم تكتفي بذلك ، هربنا منهم وركبنا يخت لنبتعد عن الأعين ، ذهابنا برحلة بمياه النيل علي أنغام موسيقي الحب ، رقصنا وأخبرنا بعضنا بحبنا علي ضوء القمر ، كان شاهد علي حب لن ينفذ أبدا ً .
ـ بحبك كلمة لا تصف حبي لكي .
ـ بحبك ليست كفاية .. بموت في هواك .. لا تكفي أيضا ً .. الحب .. ..
ـ من اليوم سأنتظر يوم زفافنا .. لأطمئن بأنك أصبحتي ملكتي .. ملكة قلبي .
ـ أنا أيضا ً انتظر اليوم لأكون ملكة بيتك .. التواجد بالقرب منك هو الأمان .
ـ تمر الدقائق والساعات أفكر فيك ِ.. كل ما مر علينا سيناريو من خيال مبدع .ز ليس خيال عادي .. هو القدر لذا لا مجال لتلاعب .. لا أتخيل لحظة تغيبي عن عيني .
ـ أليس كلام العيون أصدق .. لنتركهم يتحدثوا ونستمتع بالمنظر الطبيعي والجو الرومانسي .. حلمت به منذ أمد .
هكذا انتهي كلام الشفايف ، ليبدأ كلام العيون ، تركنا العنان لأنفسنا لنستمتع بكل لحظة .
ـ وسام حان وقت العودة .
ـ سأتصل بصديقي علاء ليلتقي بنا عند المرفأ .
خمس دقائق والتقينا به ، صعدنا للسيارة وخلال الطريق أعيننا مركزه علي بعضنا ، أيدينا متشابكة ، نتمنى الطريق يطول كي لا نفترق .
صعدنا معاً والسعادة سكنت قلبنا وعقولنا وأجسادنا ، لم تكن السعادة عابرة ، كانت حقيقة تمسك بتلابيبنا بقيود من فولاذ ، حمل ذيل فستاني ، وعند الباب قبل يدي ، طرقت الباب ودخلت لنفترق .
بدلت فستاني لأجد رسالة حب تأتني ، قرأتها ليخفق قلبي بشدة ، هرولت نحو النافذة أراه .
ـ أستنامي الآن ؟.. الوقت مازال باكر .
ـ الحفل أتعبني .. جسدي يحتاج للراحة كي أستطع الذهاب للعمل إذا ً .
ـ لما لا تأخذي إذا أجازة .. ترتاحي بالمنزل قليلا ً .
ـ آلا تريد رؤيتي غدا ً .. التواجد معك بمكان واحد يشعرني بالأمان .. واطمئن عليك .
ـ حسناً لكني لا أستطع النوم .. خائف يكون حلم وأستيقظ منه ولا أجدك بجواري .. علي الرغم من الجدران التي تفصلنا .. لكني أشعر بالأمان بعد خطوبتنا .
ـ مستحيل يكون كل هذا حلم .. هيا اذهب للفراش .. أرتاح قليلا ً .. بمجرد ما تغمض عينك ستراني أمامك .. تصبح علي خير .
ـ تصبح ِ علي أحلام سعيدة .
_ _ _ _ _ _ __ __ _ _ _ _ _ _ _ _ _
ج 6 ـ رسائل في الأركان
أشرقت الشمس بنورها الساطع ، استيقظنا دون منبه ، انتابتني الحيرة فنظرة ليدي أتأكد من وجود الدبلة ، اطمئن قلبي لم يكن حلم أنها حقيقة ، أصبحت مرتبطة به .
وقفت أسأ فتح النافذة أم انتظره ، اشتقت إليه ، سمعت الأنغام من تكون هذه المرة ، " بين أيديك لأصالة ".
أسرعت نحو النافذة ، فتحتها لم أجده ، فجأة ظهر بوجهها الطفولي وعينه الساحرة ، ليس هناك أجمل من رؤيته بالصباح .
ـ صباح الخير .
ـ صباح الحب علي وجهه .. وحشتني .
ـ أنت أيضا ً .
ـ بدل ملابسك بسرعة .
ـ لما ؟.
ـ أنا جائع لنتناول الفطور هيا .
ـ حسنا ً .
الفرحة لا يمكن وصفها ، الحب لا يقدر بثمن ، الحب هو من أعطي لحياتي طعم ، فالحب هو الحب ساطع كالشمس .
تبدلت الأحوال لم نعد بعضنا ، في الصباح نذهب معا ً للعمل ، وفي الثانية نتناول غذاءنا ، كل يوم حبنا يزداد ، لم أعد أستطع الابتعاد عنه ولو للحظة ، هو كل ما لدي بالدنيا بعد أمي وأبي .
حبه ملك كياني ، فعندما أنظر للسماء أري وجهه يبتسم لي ، وعندما أستمع لكلمات أغنية تهتز قلبي ، نتغنى بالحب وأتخيله يتغني بها لي .
يوم عيد ميلادي ذهبنا كي نحتفل معا ً ، بدأ الرقص علي أغنية " أنا قلبي ليه حاسيس كده لكارول سماحة " ، وقف فجأة ود يده يطلبني للرقص .
وقفت وسيرت معه ، قابض علي يدي بحب ، وضع يده علي خصري ، ووضعت يداي حول عنقه ، عيني ألتقط ، وبدأنا نتمايل مع الموسيقي .
ياله من يوم ملأ قلبنا بالسعادة والحب ، أحسست بالحنان بأحضانه ، عزفت قلوبنا لحن الحب الأبدي ، لم أصدق ما نحن عليه إلا حينما انتهينا من الرقص .
نظرنا حولنا فلم نجد أحد غيرنا ، الجميع واقفين ينظروا لنا ، أعينهم تخبرني بأن الحب ظهر علينا ، أصبح ظاهر لم يعد هناك مجال لأخفاءه.
_________________
ـ أخبار منال ؟.. لم نعد نراها كالسابق ، .. لقد أخذها منا .. أعمل لها حظر تجول .
فقالت ليلي :
ـ أجل .. فبعدما فشلت المنشطات .. فكرت بالتلقيح الصناعي .. أخبرها الدكتور الأسبوع الماضي بذلك .. لم يعد أما مها سواها .. أليس الزواج أمر شاق .
ـ ولكن زوجها ليس صبور .. لم يمر الكثير .. ستة أشهر وكل هؤلاء الأطباء والتحاليل .. مهووس بفكرة يصبح أب .
فقالت ليلي :
ـ أتركنا من منال لها الله .. ما أخبارك أنتي ووسام .. الأمور علي ما يرام أليس كذلك .
ـ الحمد لله .. بدأنا نشاهد الأثاث .. تختاره معاً .. غاية من الجمال .. كل يوم معه مفاجأة .. حياته لا تعرف الحدود .
فقالت روجينا:
ـ ألم تحددوا موعد زفافكم .. الوقت يمر ألحقي استمتعي بحياتك .. فالعمر ينفذ كالنهار .. لابد أن ينقضي .
ـ حينما ننتهي من أجاد الشقة سنحدد زفافنا .. لا نريد الانتظار أكثر .. لم نعد نستطع الابتعاد عن بعضنا .. الوقت حان فلدي موعد .
ـ موعد مع وسام .. أليس كذلك .
ـ أجل .. سنذهب لنتنزه بين الحدائق .. إلي اللقاء .
هكذا صعدت وبدلت ملابسي ، التقينا بالرواق ونزلنا معا ً ، بمجرد ركوبنا السيارة بدأنا في الكلام دون توقف ، تكلمنا عن منزلنا ، ما شكله الذي نفضله ، وسألني عن عدد الأولاد .
ـ ما رأيك في واحد ؟.
ـ واحد ولما لا يكونوا اثنان .
ـ موافقة .. ويارب يكون واحد يشبهني والآخر يشبهك .
ـ وهذا هو العدل .. يا رب يحقق لنا أمانينا .
ـ الأجمل هو أن أكون معك .. من هذا قليل الذوق الذي يبعث لكي رسالة الآن .. سآخذه ولن تراها قلبي .. ما رأيك إذا ً
ـ وسام .. لا أرجوك .. ربما كان أحد أصدقائي .. وسام .. وسام أرجوك .
بدأ في الجري وأنا وراءه ، يجري وهو يضحك دون توقف ، ولكن لم يكتفي بذلك ، جلسنا تحت شجرة لنسترح ، فنظر لعيني وهو مبتسم وضحك بصوت عالي وقال وهو يمسك يدي :
ـ لعيناك العسلية سحرا ً يأخذني لبعيد .. أسبح في بحر ليس له شاطيء .. ولرمش عيناك أسهم تخطفني .
وآه من ابتسامتك أعشقها .. تهمس لي بأحلى الكلمات .. و بالأخص عندما تنطق اسمي .
رشيقة تسيري في خفة .. تأخذي قلبي برفقتك .. آه من الغيرة .. أغار عليكي حينما أري شعرك المسدول علي ظهرك .. يداعبه الهواء ويتمايل معه .
وجهك آه منه مثل القمر في نوره وجماله .. صورتك ستظل محفورة مهما مر الزمان .
ـ كلماتك مملوءة بالحب .
ـ أيامنا ستكون إن شاء الله كلها حب .
ـ ألم نذهب كي نري الشقة .
ـ شقة لا تليق بجمالك .. أعد لكي فيلا مثل الجنة .. كي نعيش أجمل اللحظات فيها .. سأطلق عليها جنة وسام .
ـ فيلا .. يا إلهي .
فجأة إذ بالهاتف يرن ليقطع الأوقات الجميلة فالعمل لا يترك أحد يتمتع بجمال الطبيعة والحياة ، أليس كذلك الحياة لا تترك لنا مجال للراحة .
أسرعنا نحو الشركة ، بمجرد دخولنا وجدت احتفال رائع ، عيد الحب لم أتذكره ، سلبني عقلي فأنساني الأيام .
قرر العاملين بالشركة مفاجأتنا بهذا الاحتفال ، البالونات والورود في كل مكان ، وعند كل تكمن رسالة رائعة وخلابة ، أركان الحب والعشق سأقرأها لكم ولتحكموا أنتم .
ـ ليس الحب أن تبقي مع من تحب .. ولكن أن تثق أنك في قلب من تحب .
ـ في لحظات مختلفة من عمر الزمن .. وعندما تتحدث مشاعر المحبة ويحن وقت اللقاء .. نتذكر أحباب لهم في قلوبنا : كل عيد حب وأنتم طيبين .
ـ زرعت الحب في قلبي .. وبدمع العين بسقيها .. ومحصولي طلع وردة لأعز الناس بهديها .
ــ بكل عطر الزهور .. بكل صوت الطيور .. بكل إحساس العالم أقولكم " كل سنة وأنتم طيبين .
ـ سألت البحر تقدر توصل سلامي وما تتأخر .. قال : سلامك حار وأخاف أتبخر .. كل سنة وأنتم طيبين .
أما علاء : الحياة محطات .. أحلاها العطاء .. أجملها الوفاء .. أعذبها الحب .. أملها الانتظار في محطة السعادة .
هكذا انتهي حفل الرسائل ، ليبدأ الاحتفال بالرقص بعدها وتناول الطعام ، رقص وضحك ليس له نهاية .
مر الوقت بسرعة فائقة ، تركنا الشركة وحملنا الهدايا ، أما عن هدية وسام لا تقدر بثمن ، شهران مكافأة هدية لجميع العاملين .
عدنا والقلوب ترقص من السعادة ، بمجرد دخولي غرفتي وجدتها مملوءة بالورود ، يتوسط السرير علبة صغيرة ، فتحتها لأجد بدخلها خاتم رقيق وجميل .
فاتصلت به :
ـ كيف أعدت كل ذلك وأنت برفقتي .
ـ هذا هو السر .. كل عيد وأنت طيب .. أسف لأنني لم أتذكر .. سلبتني عقلي .
ـ وهذه أجمل هدية عندي .. لا تفكري إلا في ِ .. أليس هذا رائع نظرتي لعبدك بعين الحب .
ـ عبد ذو رقة .. أما هي ممزوجة بالجنون .
ـ الرقة والجنون تنتج حب يفوق الآمال .. متى سيأتي اليوم وتكن في مملكتنا ؟.. لنكن بمفردنا .
ـ لا تتعجل الأمور .. سيأتي الوقت .
ـ كل هذا وأتعجل الأمور .. سأموت من قوتك .
ـ لست بهذه القوة .. ولكني أنتظر الشوق يحركك أكثر فأكثر .. حتى يزداد حبك .
ـ حبي يزداد كل لحظة ..
ـ آه منك مجنون .
_________________
7 ـ رسالة منتظرة
وها أنا أجلس مكاني أنتظره ، لقد طال غيابه عني :
ـ جنة ما أخبارك مع وسام .
ـ سمر لا أعرف ماذا أقول .. لم أراه سوي مرتان .. عام كامل مشحون بالحزن والبكاء .. عام أعيش مع الذكريات .. ذكريات اللحظات التي جمعتنا
فقالت روجينا :
هذا لا ينفع .. التعب وقلة النوم يظهروا عليكي .. بهذه الحالة سيصيبك مكروه .
ـ لا أستطع منع نفسي من التفكير فيه .. أسعد أيامي كانت معه .. لم أري الأحلام تتحقق إلا معه .. كلما سمعت أغنية أحس بأنه يغينها لي .
لطالما سمعت صوته يناديني .. أهرول نحو النافذة فلا أجده .. فأعود والحزن يفترسني .
فقالت سمر
ـ بهذه الحالة سيصيبك الجنون .. لما لا تذهبي وتريه .
ـ حاولت مئات المرات الذهاب كي أراها .. ولكن والدته تخبرني بأنه ليس موجود .. لكن قلبي يخبرني بأنه يسمعني .
أتحدث باستمرار بصوت عالي كي يسمعني .. ربما يشعر بي وبعذابي ويحدثني .. لكنه لم يفعل .
هل يستطع المرء أن يفقد حياته بهذه السهولة .. لا حياتنا شيدناها معا ً لن أتركه يهدمها هكذا مهما كان العذاب .
فقالت ليلي :
ـ أمازالت نغمات الشوق تنتظر من يغني علي أوتارها .. أمازالتي تقضي طوال اليوم أمام النافذة .. تنتظري مروره أمامك .
ـ أجل .. لو لا والدته لما رأيته .. كانت تشعر بالحزن والعذاب اللذان بداخلي .. لذا كانت تترك النافذة علي مصراعيه كي أراه .
وبالفعل بعد انقطاع .. وجدته ذات يوم مار أمامي .. وفجأة توقف .. وقفت أنظر إليه في لهفة وشوق .
كنت أتنفس بسرعة من الفرحة .. كانت أنفاسي تعزف لحن عذابي .. فسمعها .. لكم كنت أتمني حينها أضمه بين ذراعي وأحمل عنه العذاب والألم .
ردت عينه بنظرة غير مقصودة .. نظرة مملوءه بحب وحنان وعذاب .. عينه اشتاقت إلي .. وعيني اشتاقت له كثيرا ً .
لحظات تركت فيها عيني تحتضن عينه .. فإذا به يشعر بالضعف .. هرول هربا ًمني .. هرولت مثل المجنونة نحو الشرائط ابحث عن أغنية تعبر عن عذابي وحبي .
" ما في أعيش إلا معك " .. وضعت الشريط في الكاسيت .. أسرعت نحو النافذة فرأيت خياله .. يقف بجانبه .
كان حديث أصعب من أي حديث .. فلما يهرب مني ؟.. لما ؟.. واثقة من حبه فلما إذا ً ؟.
فقالت روجينا :
ـ من كثرة حبك يبتعد عنكي .. يرفض يعذبك معه .. حبه طاهر وقوي لذا يمنحه القوة علي بعدك .. امنحيه الوقت من يعرف ربما يعود إليكي في لحظة .
ـ يارب .. أتعذب في بعده عني .. نسيت اسأل ما أخبار منال ؟.
فقالت ليلي :
ـ بسبب عدم نجاح عملية التلقيح يرغب في الزواج للمرة الثالثة .. أرأيتم أكثر من هذا ظلم .. يرغب في طفل منه علي طبق من ذهب .. هذا الرجل يثير جنوني .
ـ الله وحده يعلم ماذا يحدث له ؟.
فقالت روجينا :
ـ أظن الوقت حان كي نخلد للنوم .
نزلت والحزن والآسي يعتصر قلبي ، لما لا يجيب علي ويريح قلبي المجروح ، أحبه ولا أتحمل فراقي عنه ، أحبه وأتمنى يعود لحضني .
____________________
استيقظت وأنا أتخيل أأسمع صوت كاسيت ، نظرت لخاصتي مغلق ، الصوت من عند وسام ، أول رسالة منذ زمن .
" اطمني هيجي يوم ونعيش سوي .. اطمني ، رسالة مملوءة بالأمل ، مازال يحبني .. مازال ، الفرحة وأنا اسمع رده علي لا يحتمل .
هرولت وغيرت ملابسي ، اتجهت صوب الباب كي أراه :
ـ جنة إلي أين ؟.
ـ إلي وسام .. ماما مازال يحبني .. لم يكرهني كما يقول أبي .. لم يكرهني .
ـ جنة انتظري .. وزياد ماذا ستفعلي معه ؟.
ـ اتركيه يصدم رأسه في أي حائط يريد .
ـ جنة لا أستطيع قولي ذلك لوالدك .
ـ سأخبره حينما يعود .
هرولت غير مصدقه ، فتحت الباب وطرقت باب شقته ، فتحت والدته الباب ، قبلتها وأنا أضحك وأقفز .
ـ جنة.. هل رد علي رسائلك ؟.
ـ أجل ..اطمني هيجي يوم ونعيش سوي .. بحبه ..
ـ وأنا أيضا ً بحبك وبحبه .
هرولت نحو غرفته ، فتحت الباب ببطء ، وجدته ممسك بصورتي وهو يبكي ، وقفت أمامه وجلست علي الأرض ، مسحت دموعه فلم يعد للدموع والأحزان مكان ، قلبه خفق بالحب من جديد ، قشعريرة الحب تملكتني أنا ووسام .
ـ كنت أعرف أنك ستأتي .
ـ أتيت كثيرا ً ولكنك رفضت لقائي .
ـ لم أحتمل أن تراني هكذا .
ـ لكن عذابي كان أكثر من بعدك .. قاسي وجاف .
ـ لم هناك فراق بعد الآن .
ـ ماذا حدث ؟.. أخبرني كل ما حدث من البداية إلي هذه اللحظة .
ـ في البداية وقبل أي كلام .. بحبك .. بحبك يا أجمل ملاك رأته عيني .. كيف كنت سأحتمل وقوفك أمامي ولا أراكي ..
ـ بحبك يا حبي العائد إلي أحضان قلبي .. بحبك يا روحي وقلبي وعمري .. بحبك .
ـ بعدما استيقظت وغرفت أنني فقدت بصري .. لم أستطع تحمل الأمر .. لم أستطع تخيل حياتي من دونك .. قلبي ليس له غيرك .
كيف ستكوني معي ولا أستطع رؤية ابتسامتك ؟.. كيف ستتحملي حياتك مع أعمي .. ألم يصعب تحمله .. أكبر ألم هو الاعتماد علي شخص .. أصبحت عاجز .
في لحظتها لم أملك سوي الابتعاد عنكي .. وبداخلي كنت علي يقين أنك ستنتظرني .. كنت انتظر عودتي لك .. ولكن بنظري كي أري وجهك .
استمريت علي العلاج كي أعود .. وبالأمس أخبرني الدكتور أنني سأخضع لعملية غدا ً إن شاء الله .. سيكون نجاحه بنسبة كبيرة .
لم أكن أريد أخبارك إلا عندما تراني أمامك .. لكن شوقك وعذابك أجبروني .. لم أستطع تحمل بعدك .
كنت اسمع بكاءك المستمر وأنينك بغرفتك .. أسمع نداءك .. ورسائلك .. وإذا لم أسمعها تخبرني أمي .
كل لحظة مرت علي في بعدك .. كانت بمثابة الموت .. لكن من الآن سأصبح إن شاء الله بجانبك .. بمجرد نجاح العملية سأتمم الزفاف .
أكملت الفيلا .. تذكري الأثاث .. مصحوبة بشرائط مسجل عليها عذابي .. سأعطيها لكي بعد الزواج .. لتحرقيها بنفسك .. حتي لا نتذكر لحظات الألم والعذاب .
ـ لقد أخبرتني أن العملية ستتم غدا ً .
ـ أجل صحيح .
ـ حسناً سآتي معك .. ولا تقول لا .. لن أسمعها بعد اليوم .
ـ حسنا ً وأنا طوع أمرك سيدتي .
ـ بحبك .
ـ ألن تخبرني ما حدث معك.. لقد سمعت أن والدك أجبرك علي فسخ خطوبتنا .. وتمت خطوبتك برجل أعمال كبير يدعي زياد .
ـ أجل لقد تم ذلك .. ولكي أخبرك ما حدث .. يجب فتح قبو الماضي .. مازالت لا تريد.
ـ افتحي القبو وأخبرني بما يحتوي .. أريد معرفة لما يحتمل نفورك وعدم مقابلتك له .
ـ حسنا ً سأخبرك .
ـ وأنا مستمع .
__________________
ج 8 ـ الرحيل الأخير
ـ يوم النتيجة .. كان أسعد أيامي .. أصبحت المهندسة جنة وبدرجة جيد جدا ً .. أي فتاة تفرح لهذه النتيجة .. حصدت تعبي وسهر الليالي .
هرولت كي أخبر أبي بنجاحي .. فرحته لا تقاوم .. كان عنده شريكه مهندس يملك شركة زيادكو لإسكان .
سمع حواري مع أبي .. عرف أني مهندسة .. عرض علي العمل معه .. بالطبع هذه الفرحة تسعد أي فتاة مازالت متخرجة حالا ً .
عدت للبيت وأنا لا أصدق .. وفي الصباح ذهبت إليه كي أبدأ العمل .. عمل لمدة شهرين .. خلالها يطلب رؤيتي بحجة الرسومات التي أعمل عليها باستمرار .
وفجأة وجدت نفسي أصبحت نائبة مدير الشركة .. كانت نظراته من نوع خاص .. ولكني لم أكن أضع هذا في اعتباري .
كنت أريد تحقيق مكانة بمجهودي .. بدأت النظرات وكلام الغزل تظهر ما في جعبة الثعبان .. ليتطور الأمر لمحاولته ذات يوم يضع يده علي خدي .. بلحظتها لطمته بقوة وتركت العمل .
بنفس اليوم جاء وطلب يدي من والي .. وافق بدون تردد حتى قبل أن يأخذ رأيي .. فلم يكن أمامي خيار سوي العودة للعمل .
كنت أشعر بشيء ما وراء طلبه ليدي .. سيظهر السبب فيما بعد .. أعرف الثعبان لا يظل مختبئ .
مر ثلاث أشهر علي خطوبتنا .. خلال كنت أرفض مقابلته بمفردنا .. نتقابل بالأماكن العامة أو مقابلات في العمل أو مقابلات عائلية .
وفي يوم كان لدينا صفقة مهمة بالإسكندرية .. ذهبت معه لإتمام الصفقة .. تأخر الوقت والغريب أنه لم يطلب مني النوم بفندق للغد بل أصر علي عودتنا في نفس اليوم .. كي لا أتضايق .
ركبنا السيارة وبينما كنا في وسط الطريق .. أوقف السيارة وبدأ ينظر لي نظرات وقحة .. أقترب مني وحاول لمس وجهي .. فضربته فضربني بقوي .. لم يهتم لمحاولتي إبعاده عني .
بحثت عن أي شيء أضربه .. كل لحظة يقترب أكثر .. وجدت زجاجة المعطر .. ضربته بقوة ثم أخذت حقيبتي وخرجت مسرعة من السيارة .
وقفت انتظر أي سيارة تقف لي .. إلي حين وجدت رجل ومعه عائلته .. وقفوا لي وحاولوا تهدئتي إلي أن أوصلوني لأسفل منزلنا وتركوني .
كنت منهارة مما حدث .. تركت العمل معه بينما أبي لم يستطع .. العمل لا مجال بداخله للعواطف .. أخبره زياد أنني فهمته خطأ .. ظللت جالسة بالبيت إلي أن رأيت إعلان الوظيفة لشركتك .
عملت عندك في الشركة إلي أن التقينا وأحببنا بعضنا .. أما عن عودتي له مرة ثانية .. بعدما فقدت بصرك .. طلب يدي مرة ثانية .. أخبرني أبي لكني رفضته .. لكنه أصر علي طلبه .
كان يري أبي أنه أنسب رجل لي .. سينساني ما حدث في الماضي .. وأيضا ً ما حدث معك .. أخبرني ولكني رفضت .. لكن أبي لم يستمع لي .. رفضت لبس دبلته وأي شيء يحضره .
أرفض مقابلته .. أضربه لو أقترب مني .. عرفت أنه الانتقام لما حدث في الماضي .
ـ لو لم أحدثك كنتِ ستستمري معه ؟.
ـ سبق وقلت لك .. لن أكون لغيرك .
ـ كنت ستظلي تنتظرني .
ـ سأنتظرك العمر كله .. كفاية كلمة بحبك .. تساوي الدنيا وما فيها عندي .. يكفيني حضنك .
ـ أنتي أوفي حبيبة .. بحبك .
ـ الوقت مر بسرعة .. اذهبي الآن كي ترتاحي .. يحب أن أنام الآن لأجل العملية .. حتى أراك ِ وأتطلع لعينك .. نتقابل عند العاشرة .. العملية ستكون الساعة الثانية ظهرا ً .
ـ حسنا ً .. تصبح علي خير .. يا حبيب قلبي .
ـ تصبحي علي خير ملاكي .
عدت لشقتنا ورفضت الاستماع لأي شيء يعكر صفو سعادتي ، بالصباح استيقظت كالسابق علي " صباحك سكر " .
غيرت ملابسي وهرولت نحو الباب ، فتحته لأجد أمامي الشبح ، جاء كي يأخذني للخروج معه ، عندما فتحت الباب ووجدته أمامي ، ينظر لي بعيونه التي تشعرني بأنها طلقات نارية تصوب نحوي .
ـ إلي أين أنتي ذاهبة ؟.
ـ إلي خطيبي وحبيب قلبي .
حاول أمساك يدي بقوة ، ولكني رفضت فأخذ يصيح بوجهي ، لطمني بالقلم بقوي دوي في السكوت ، خلالها كان وسام يخرج من شقته ، سمع صوت الطمه ، وبكائي ، تغير لون وجهه .
ـ ها هو الأعمى الذي تحبيه .. ترفضيني بسببه .. هو لا شيء .. لا يقدر علي الدفاع عنكي أمامي .. لا يستطع .. لا يستطع .
توالي علي بالضرب وأنا أصرخ ، خرج الجيران من شقاقهم ، لم يستطع وسام تركه يضربني ويقف بلا حركة .
أسرع نحو صوت الضرب ، أسرع وأمسك بيده ليبدأ الشجار ، لم أستطع تركه هكذا ، تواليت عليه بالضرب ليتركه ، لكنه لم يأبي بأي شيء .
ـ وسام .. أتركه زياد .. ليساعده أحد .. تحركوا .. وسام .
حاول مهاب وأستاذ أشرف فض الشجار ، لكنهم لم يستطيعوا ، وفجأة وبينما كانوا يتبادلوا الضرب ، يضرب بلا رحمة ، يصدمه في الجداران تارة ، وفي سور السلم تارة أخري .
ضربه ضربة قوية دفعته لسقوط علي السلالم ، يسقط دون توقف ، يسقط ويسقط إلي أن وصل للنهاية ، البداية الدور الثالث لتكن النهاية بالدور الأرضي .
ـ وسام .. وسام .. لا .. لا ليس ثانيا ً .. لما فعلت ذلك ؟.. لما لم يفعل شيء سوي أنه أحبني ؟ ..لما ؟.
ثواني واندفعت الدماء من رأسه وأنفه وفمه ، هرولت مسرعه نحوه بعدما تركت زياد ، كنت أضربه بقوة لم أعرف مصدرها ، ضميته بين ذراعي كما تمنيت منذ زمن ، لكن هذه المرة هو .. لا .. أنا لا أستحق كل هذا .. لما ؟.
ـ وسام .. أرجوك أنظر إلي .. أرجوك لا تتركني .. وسام .
فتح عينه بصعوبة ، جسدي يرتعش ويرتعش ، لا أستطع التمسك بوسام ، جسده يتثلج ، تندفع الدماء دون توقف ، أصابعي تلامس وجهه لأول مرة ، أحاول إزالة الدماء .
ـ وجهك جميل .. لم أخبرك من قبل أليس كذلك .
ـ أجل .. لطالما تمنيت أخذك بين ذراعي .. لكنك فعلها أنتي .. آخر أمنية أتمناها الآن رؤية وجهك ولو لأخر مرة قبل موتي .
ـ لا تقول ذلك .. ستظل معي .. سنذهب الآن لنجري العملية وتراني .. لا تقلق ستراني .. آه .. آه .. ليتصل أحد بالإسعاف .. لا تقفوا هكذا .. سأفقده مرة ثانية .. لا مستحيل .. مستحيل .. لا .. لا .
أبكي بدون توقف ، لا أستطع تملك أعصابي ، جسده هامد أمامي ، لا يتحرك بارد .
ـ لماذا ؟.. هل ضاقت الدنيا ولم يتبقي سوي وسام أمامك ؟!.. لماذا ؟.. لا ترحل أرجوك .. أرجوك .. أنا أحتاجك .. أحتاج بشدة .
.
انهمرت الدموع ، فأسرعت يدي كي تمسحها نظر إلي وهو مبتسم ، مسك يدي وجذبها صوب شفتاها وقبلها ، ابتسم لي ابتسامة لا تنسي أبدا ً .
لم أتحمل فانهمرت دموعي أكثر ، رفع يده نحو عيني ومسح دموعي ، يا إلهي آه ....
ـ وسام .. أتراني .
ـ أحمد الله حقق أمنيتي .. أرجوكي لا تبكي .. لا تنسي هدية زواجنا جنة وسام .. اعتدتها بنفسي .. كتبتها باسمك .. بحبك .. تمنيت أظل معك .
ـ بحبك .. بحبك بجنون لا يتوقف .
ـ بحبك يا جنة أيامي الحلوة .. بحبك .. منتظرك .
نظرت له غير مصدقة :
ـ لماذا سكت ؟.. لماذا توقفت ؟.. أرجوك أستيقظ .. كلمني .. أخبرني بأنك تحبني .. استيقظ .. كلمني .. وسام .. أرجوك لا تتركني .. لا .. .. .. ..
أهزه وأهزه دون أي رد فعل ، لم أعرف ماذا أفعل له ؟ ، لماذا لم يعد يرد علي ؟، لما لم يعد يكلمني ؟ ، لما يا زم كل ما القلب يحب ويفكر أن الدنيا ضحكت له ، تخدعنا وتسلب منا أجمل ما نملكه في حياتنا ، لما أيتها الدنيا ؟ .. لما ؟ .
ـ مستحيل .. لا آه .. وسام .. وسام .. يا ضي عيني .. وروحي .. وعمري .. لا أبقي معي .. حياتي بدونك لا تساوي .. لما تركتني .. لما .
جذبوني بشدة ، أذرعي لا تريد تركه ، سلبوه مني ، أخذوا مني حبيب عمري ونور عيني ، رأيته أمامي جسد هامد بلا روح ولا قلب ينبض .
كان يوم صعب وبالأخص لحظة أخذه مني ، لم أحتمل فراقه ، لم أستطع فسقطت فاقدة للوعي ، أصيبت بغيبوبة لشهرين ، لا أدري خلالها أي شيء يدور حولي .
ج 9 ـ مواجهة تسلطته
استرديت وعي وسألت عنه ، تأكدت أنني لم أكن أري كابوس حينما وجدت نفسي بالمشفي ، صرخت بأعلى صوت وسام ، لم تمنيت يكون مجرد حلم ، لا أستطع العيش بدونه ، حينما كان بعيد عني كنت أأمل أن يعود إلي ، لكن الآن لم يعد لدي أي أمل ، رحل لمكان لن يعود أبدا ً منه .
مرت الأيام بدون ضحكة تلاعب الشفاه ، تسع أشهر وأنا علي هذا الحال ، لا أترك غرفتي ولا أرتدي سوي الأسود ، صورته أمامي أصلي وأدعو له بالمغفرة والرحمة من العذاب .
الحزن لم يترك قلبي ، في كل دقيقة أتذكر كلمة قالها لي ، وأبدأ في البكاء بدون توقف .
في صباح يوم حزين كسائر الأيام ، جاءت والدته وأعطتني ورقة ثم خرجت ، خرجت ولم تتكلم كلمة .
الحزن يتملكها بشدة ، ذبل وجهها ، رحلت ابتسامتها لبلاد بعيدة ، فتحت الورقة لأجد عقد بيع فيلا في الشارع المجاور ،أنها باسمي آه تذكرت كلام وسام عن جنة وسام التي أعدها لي .
هرولت صوب الشباك ، انتظره يظهر ولن ما الفائدة ، الشباك مغلق والوردة ذبلت ، انتهي كل شيء رحل وأخذ معه البهجة .
جلست أفكر فيما سأفعل ، وفجأة وقفت وقررت الذهاب لرؤيتها ، غيرت ملابسي ونزلت ، ركبت سيارتي وتوجهت نحوها ، أوقفت السيارة ونزلت ، وقفت أمام لافتة مكتوب عليها " فيلا جنة وسام " .
أعدها لي كي نعيش معا ً ، لم ينساها حتى بمرضه ، لم يتوقف عن أكملها ، يا إلهي ساعدني علي تخطي هذه المحنة .
جسدي يرتعش بدون توقف ، ترددت في الدخول ولكني وجدت طيفه ، يشير بيده أدخلي هيا ، أدخلي لا تتوقفي ، دفعت البوابة ودخلت .
فقال بصوت حنون :
"ـ الورود مزهرة مثل قلبك .. كل ليلة سأقطف لك وردة تزين شعرك .. وبعطرك ستفوح السعادة .. لتمتزج بعبير الورود لتجمل عالمنا .
انظري هناك .. الأشجار عالية .. ترسم منظر رائع .. هنا سأجري وراءك .. ألاعبك كطفلة في الخامسة .. وزوجة وحبيبة تداعب حبيبها .
بالوسط وضعت أرجوحة بيضاء .. تتسلقا الورود .. كي تكوني ملكة علي عرشها .. أدفعها وأستمع لضحكاتك تعلو الآفاق .
أما المفاجأة .. نافورة ملاك الحب .. يرقد علي زهرة متفتحة .. ويسيل من بين يداي الملاك مياه .. سأرشك بالمياه .. لترطب وجهك الملائكي .. هذا الوجه الذي سحرني .
ابتسمت له ثم توجهت نحو الباب، فتحته لأجد صورة لي ولوسام فقال لي:
" ـ وضعتها هنا كي تسامحني بمجرد رؤيتها ..لو أغضبتك .. لو .. وبالمثل أنا .. لنتذكر الابتسامة دائما ً . . ووضعت الزهور بكل مكان .. وهذا الأثاث إلي اخترناه معا ً.
الطابق السفلي فيه الصالون وأنتريه .. وفي الوسط سلم بالصالة .. هيا لتصعدي لأعلي .. أعدت لكي غرفة نوم رائعة الجمال .. أثاثها بني غامق .. وضعت لكي السرير بالوسط كما طلبتي .
علي الجانبان كمدنية .. علي أحدهم صورة لي والأخرى لكي .. هنا سأضع ملابسك .. أما علي هذه التسريحة ستقفي وتتزيني لي .ز وضعت العطور التي تحبها .
هيا لغرفة الأطفال .. سريرين مرسوم عليهم حصان مجنح .. وفي الحائط مرسوم نفس الرسوم وعلي الدولاب .
ـ آه ه .. حلمنا يكون لدنيا طفلان .. نلعب معهم ونمرح .. نعيش أجمل لحظات العمر .. طفل يشبهني .. وطفل يشبهك .. آه .. هيا بنا من هنا للغرفة الأخيرة .
ـ غرفة المكتب مكتبتها مملوءة بالكتب .. والمكتب عليه صورة لكي .. وبجانب الشرفة وضعن طاولة الرسم .. لم أنسي الرسوم الهندسية لمشروعاتك المستقبلية .. وبجانبها وضعت طاولة عليها كاسيت .. ووضعت الأشرطة التي سجلتها خلال البعاد .
وضعت الشريط بالكاسيت :
"حبيبتي جنة .. حينما وقعت وفقدت نظري .. كان عذابي رهيب .. لم أتخيل أنني لم أعد أستطع رؤيتك مرة ثانية .
عذابي كان يتولد كل لحظة .. لم يتوقف قلبي عن الشعور بالألم والحسرة .. لكني لم أستطع جعلك تراني .. فضلت اقتصر العذاب لي وحدي .
فالحب الذي شعرت به وأنا معك .. حرمني من جعلك تتعذبي لرؤيتي علي هذه الحالة .. اجز لا أستطع الحركة بدون من يرشدني .. لم أعد وسام الحبيب ولا الصديق .. ولا المهندس البارع .
لم أعد أجري وراءك بالحدائق .. لم أعد أستطع رؤية عيناك وبريق السعادة يطل منها .. لم أعد أري شفتاك وهي تنطق باسمي .
معك ابتداء عمري من جديد .. كتبنا معا ً مسيرة حياتنا .. ولكننا لم نضع خطط للمجهول .. القدر فرقنا عن بعضنا .. هذه هي الحياة .. كلما شعرنا بالسعادة وتمسك بتلابيبنا .. يأتي الألم والعذاب والحزن بإعصار قوي .
استمعت شريط تلو الأخرى إلي أن وصلت لشريط الأخير :
" لم أتخيل يوما ً أنك ستكونيِ لواحد غيري .. وعدتني بأنك ستكوني لي وحدي .. وهذا ما دفعني للعلاج .. أبعدما أقطع شوط كبير بالعلاج تتركني وتصبحي لغيري .. مستحيل أتخيلك بأحضان أحد غيري .
لما لم تنتظرني ؟ ..لما ؟.. لم يعد هناك الكثير .. شرفت علي الشفاء .. قريبا ً سأجري عملية لأراكي مرة ثانية يا ملاكي الصغير .
سأستمر في العلاج .. وسأكتفي برؤيتك من بعيد .. فحبي لكي لن يتوقف أبدا ً مهما بعدتي عني .
ولكن كيف أتخيلها وهو يلامس وجهها .. يجلس بجانبها ويتحدث معها .. ويتزوجها ونكون له .. لا مستحيل .. مستحيل .
ولما لقد رحلت عنها ورفضت حتى التحدث معها .. ولكنها لم تتوقف عن طلب رؤيتي قط .. كما أن أمي أخبرتني أن والدها أجبرها علي الخطوبة .
من يعرف ربما مازالت تحبني .. ولو كانت بالفعل بتحبني سأكون أسعد مخلوق .. جنة أوفي حبيبة وصديقة . "
عدت للمنزل ودخلت غرفتي بدون كلام ، دخلت ورائي أمي لتجدني أخرج ملابسي من الدولاب .
ـ ماذا تفعلِ ِ ؟.
ـ سأرحل من هنا .
ـ ماذا ؟ ! .. سترحلي إلي أين ؟.
ـ إلي منزل ومنزل وسام .
فدخل والدي مقطب الجبين وقال بصوت عالي :
ـ وسام مرة ثانية .. وسام مات أتسمعني .. مات .. مات .
نظرت إليه في غضب وقلت :
ـ مات بالنسبة لك .. سيظل حي في نظري .
أمسك يداي وبدأ يهز جسدي بقوة :
ـ استيقظي .. لن أدعك تفعلي ذلك .
ـ لا يهمني .. أجبرتني علي ترك وسام في أصعب أوقاته .. أنت السبب .. فقدته حي وتريدني أفقده بعد مماته .. لن أسمح لك .
صاحت بصوت عالي وقالت :
ـ لن ترحلي .. كن نعيش في سلام وهذه الشقة خاوية .. منذ سكن بجانبنا وأنتي تغيرتي .. لن ترحلي .
ـ الآن استيقظي من نومك .. طول عمري أراكي مستسلمة لأبي .. لما ؟.. أنتي لستي عبدته .. أنتي إنسانة يحق لك الاعتراض .. لا يهمك أن كنت أحب وسام أو زياد .. لما ؟ .. فقدت كل شيء بسبب تسلط أبي وخضوعك .
مسكت يدي وهي تبكي وقالت :
أرجوكي أبقي معي .. الموت هو بعدك .. ظلي معي أرجوكي .
ـ آسفة بقائي معكم يعني الموت الحقيقي لي .. سأذهب لأبحث عن ما فقدته هنا .. وقفتوا جميعا ً تشاهدوا زياد يقتل وسام .. لم تفعلوا شيء .. وقفتوا كتماثيل.. تركتوه يفر بجريمته .. آسفة لم يعد لكم مكان بقلبي .
حملت حقيبة ملابسي وتوجهت نحو الباب ، مسك يدي وعينه محمرة :
ـ لن تخرجي من هنا .. وإذا خرجتي لن تصبحي ابنتي .. لن تدخلي هذه الشقة مرة ثانية .
ـ وأنا موافقة .
خرجت مهرولة وورائي أمي تنادي علي بحزن ولهفة لفراقي :
ـ جنة .. جنة أرجعي .. جنة .
وبينما كنت خارجة مسرعة قابلت روجينا :
ـ إلي أين أنتي ذاهبة ؟.. لما كل هذه الحقائب ؟ ! .
ـ سأرحل من هنا .. وسأنتقل للعيش بجنة وسام .. فيلا بالشارع المجاور .. سأنتظركم .. ستأتوا أليس كذلك .
ـ أجل جنة .. سنأتي غدا ً .. سنترك اليوم كي ترتبي أغراضك وترتاحي قليلا ً من ضجة والدك .
ـ حسنا ً إلي اللقاء .
هرولت مسرعة هربا ً منه ، كل ما فعله لن ترجعني عن قرري ، وسام هو من تبقي لي ، لم أفز به حي لكني سأفوز به إن شاء الله في الحياة الآخر .. الموت هو الابتعاد عنه .
هكذا حملت حقيبتي وخرجت من منزل أبي لمنزل حبيبي وزوجي بالحياة الآخر ، لتبدأ حياتي برفقته لا غيره .
جلست بغرفة المكتب استمع للأشرطة إلي أن سمعت صوت جرس الباب :
ـ مرحبا جنة .. حينما أخبرتهم لم يستطيعوا الانتظار للغد .
فقالت سمر :
ـ يا إلهي أنها جنة .. ذوق وسام رائع .. لكي الحق بأن تتركينا وتأتي للعيش هنا .
ـ ليس هذا فقط ما دفعني .. ولكن تسلط أبي يقتلني .
فقالت ليلي :
ـ والدك لا يحب سوي المال .. راحتك في البعد عنه .. ليتك تركتيه منذ زمن .
ـ ليتني كنت أمضيت الوقت الماضي مع وسام .
فقالت منال :
ـ ليتنا نستطع معرفة المجهول .. كنا ارتحنا من العذاب .
فقالت روجينا :
ـ المجهول مغيب عنا لسبب .. لو عرفنا لتعذبنا أكثر .
فقالت سمر :
ـ المهم نعش حياتنا ونتمتع بها .. الآن أنتي براحة لا مثيل لها .. حبك لوسام سينمو هنا ولن يتوقف .. بحب وسام لن يتوقف قلبك عن السعادة .
فقالت منال :
ـ ماذا ستفعلي الآن ؟.. يا رب تكوني قررتي ؟ .
ـ قررت أتمسك بالحياة لأخر لحظة .. سأترك نفسي لدوامة العمل تأخذني لبعيد .. لعلها تخفف الألم .. وأنتي أخبارك مع زوجك .
فقالت منال :
ـ الحياة كما هي دون جديد .. ليس فذ ذهنه سوي الأطفال .. يتمني يرزقه الله بأولاد .. لا أعرف ماذا سيحدث معي غدا ً .. أتعذب كل لحظة ولكن ليس بيدي شيء .
ـ الله وحده هو العالم بالخير لنا .. من يعرف أيهما خير لكي .. ربما هذا أفضل لكي .
فقالت ليلي :
ـ الحب هو أن تبقي بجانب من تحبي .. هنا بذل وسام مجهود ليبني قصر الأحلام .. قصر تعيشوا معا ً به .
فقالت سمر :
ـ سنتركك الآن لترتاحي .. وبعد يومان سنأتي لكي .. سننقل الاجتماع عندك .. ما رأيك ؟.
ـ هذا أجمل خبر .. لنحى فيلا وسام بدل من كونها صامتة .. لنبث الحياة فيها من جديد .. وسام معنا بكل جانب منها .. روحه المرحة ستظل متعلقة بنا .. طالما أحب صحبتنا .
فقالت روجينا :
ـ لطالما شعرنا أنه أخ وصديق لنا .. كان مثل النسمة .. دخل حياتنا فجأة وخطف قلبك .
ـ خطفه وأنا سعيدة .. خفق قلبي بحبه .. حب يفوق الحدود والأحلام .
فقالت منال :
ـ إلي اللقاء الآن زوجي ينتظرني .. إلي اللقاء .
_________________________
ج 10_طيف الماضي ..
مر شهرين علي فراقه ، أعيش مع ذاكره ، توفيت والدته بعده بشهر ، لم تتوقف زيارتي هي وأمي ، لكن أبي لم يحضر إلي ولو مرة ، لأحصل علي مفاجأة كبري ، كتبت لي أملاكها وأملاك وسام رحمة الله .
وجدت المنقذ من الألم ، العمل المستمر لساعات متواصلة ، حرام تغلق الشركة ، ماذا سيفعل العاملين ؟ ، لكن العمل كان مخدري من العذاب .
ـ مهندسة جنة الأستاذ سامر يريد مقابلتك .
ـ من أستاذ سامر ؟.
ـ صاحب مشروع فيلا سامر .
ـ حسنا تذكريه .. ادخليه حالا ً .
ـ حسنا ً تفضل أستاذ سامر .
ـ السلام عليكم .
ـ وعليكم السلام ورحمة الله .. تفضل أستاذ سامر .. آسفة لانتظارك بالخارج .
ـ لا عليك ِ .. أخبار الرسومات ؟.
ـ آسفة تفضل بالجلوس أولا ً .. ماذا تشرب ؟.
ـ لا شكراً .. ليس أمامي وقت .
ـ حسنا ً لقد أعددنا لك عدة رسومات .. أختار منها ما يناسبك ونحن سنحقق أحلامك .
ـ مهندسة جنة .. أنا صاحب شركة لإنتاج الملابس الجاهزة .. أجهل أمور العمارة .. اختاري ما يناسب الموقع .
ـ ما الطراز المناسب لك ؟.
ـ الطراز العربي القديم الممزوج بالحديث .
أنارت الابتسامة وجهي الحزين فقال :
ـ أعرف ذوقي غريب .. مؤكد أول مرة يطلب منك هذا التصميم .
ـ أجل ولكن ليس هذا هو السبب فقط .
ـ ما السبب إذا ؟ .. ممكنا أعرف ؟.
ـ هذا مشروع تخرج وسام .. يري أن مصر القديمة جزء من مصر المعاصرة .. عرفت الآن .
ـ رأيه يتوافق معي .. مهندس وسام رحمة الله .. صاحب الشركة أليس كذلك ؟.
ـ أجل .. رحمة الله .
ـ متى سيبدأ العمل ؟.
ـ إن شاء الله سنبدأ من الغد علي الرسومات الجديدة .. أما التنفيذ بعد يومان .
ـ حسنا ً سأضع نصف المبلغ في البنك باسمك .. لتسهيل العمل والباقي قريبا ًُ .
ـ أراك قريبا ً .
انصرف الأستاذ سامر لأعود للعمل ، وبجرد انتهاء العمل بدأت أشعر بالتعب ، خلال عملي أكون بعالم آخر ، ليس عندي وقت للراحة ، لكني لا أنساه ولو لحظة ، ركبت سيارتي وعدت للجنة .
في الصباح استيقظت وتناولت فطوري ، دخلت غرفة المكتب وبحثت وسط الرسوم إلي أن وجدتها ، فتحتها لأجد بداخلها ورقة صغيرة مكتوب فيها :
" جنة هذا التصميم لا تنسي الشبابيك أربيسك .. وفي الحديقة أضفي كشك من الأربيسك تتسلقه الورود .. ولا تنسي بمدخل الباب ضعي نافورة .. اجعلها علي الطراز العثماني الممزوج بالحديث .
تذكري القديم مع المعاصر يحتاج مجهود .. كان الله في عونك يا حبيبتي .. كتبت هذه الورقة لتساعدك في تنفيذ التصميم .. تسألي لما كتبتها ؟ .. كتبتها لأن قدرك تصميمه بنفسك لو رحلت .. وأن لم لن تريها .. بحبك ."
ـ كنت حساس بأنك ستتركني .. لذا كنت دائما ً تشعر بوجود خطأ ما .. لا نتشاجر .. حياتنا معا ً في سعادة .. الحزن والألم اختزن نفسه .. حتى يكون قنبلة تنفجر في وجهي .
أحذت الرسومات وذهبت للشركة ، بمجرد دخولي :
ـ صباح الخير مهندسة جنة .
ـ صباح الخير تولاي .. أعطي هذه الرسوم للمهندس المسئول عن فيلا سامر .. اجعليه يكتب لافتة تصميم المهندس وسام .. وليبدأ العمل فيها بسرعة .
ـ حسنا ً ماذا بكِ ؟.
ـ لا أعرف .. أشعر يتسلل لجسدي .. الصداع رهيب .. احضري لي قرص أسبرين .
ـ لما لا تعودي للبيت وترتاحي .. لا يوجد عمل متأخر ولا مهم .
ـ حسنا ً أحتاج للراحة .. لن أغلق هاتفي .. وحين حدوث أي تغيرات اتصلي بي علي الفور .. مفهوم .
ـ حسنا ً .. تفضلي .
كنت أشعر بتعب رهيب يتخلل جسدي ، حرارتي ترتفع شيء فشيء ، ركبت سيارتي وأدرت المحرك ، بدأت في السير نحو المنزل .
بدأت رأسي تؤلمني أكثر ، وعيني تنغلق وتنغلق ، رأسي تدور إلي أن فقدت الرؤية ، لم أعد أستطع السيطرة علي عجلة القيادة ، آه جسدي يرتعش و أتصبب عرق ، آه .. لا أستطع تحمل الألم .. آه .
ـ كيف حالك الآن ؟.
ـ أشعر بألم رهيب في رأسي .. ألم رهيب .
ـ لا تقلقي .. سأعطيك منوم .. تحتاجي للراحة .
ـ ماذا حدث لي ؟.. أرجوك أخبرني .
ـ لا تتكلمي الآن .. اهدئي .
غبت عن الوعي مرة ثانية ، لا أعرف ما حدث لي ؟، كل ما أعرفه أنني في المشفي ، غبت كم من الوقت ؟ ، أجهل الوقت والسبب ، أجهل ما يدور حولي ، استيقظت مرة ثانية .
ـ صباح الخير .
ـ كم من الوقت وأنا هكذا ؟..
ـ اثنان عشر ساعة .. ستكونِ بخير .
ـ ماذا حدث لي .
ـ جاء بكِ شاب يجلس بالخارج .
ـ لو سمحتي أريد رؤيته .
ـ حسنا ً سأنادي عليه .
خرجت الممرضة وأخبرته أنني أريد رؤيته فقال لي وهو مبتسم :
ـ كيف حالك الآن ؟
ـ أستاذ سامر .. ماذا حدث لي ؟.
ـ كنت عائد للشركة .. ووجدت سيارة مصطدمة بالعمود .. أوقفت سيارتي وذهبت لمعرفة الوضع .. وجدتك فاقدة الوعي ورأسك علي عجلة القيادة .. حملتك وأحضرتك إلي هنا .. وأرسلت سيارتك لمركز الصيانة .
ـ شكرا ً لك .. هذا كثير .
ـ لا شيء هذا واجبي .. سأتركك لترتاحي .
انصرف وتركني بمفردي ، وسط جو الأنابيب والأدوية ، جو يخنقني ويذكرني بمرض وسام ، ظللت هكذا أربعة أيام ، كل يوم يأتي لزيارتي ويحضر الورود ذات بهاء خالد ، غيرت ملابسي واستعديت للخروج ، وجدت من يطرق الباب .
ـ أتفضل ..
ـ أراكِ بصحة جيدة .
ـ شكراً .. كيف حال العمل في الموقع ؟.
ـ أتركي العمل لوقت العمل .. هذه سياستي في حياتي .. هيا بنا نخرج من هنا .. أكره جو المشفي .
ـ أنا أيضا ً أحمل ذكريات أسوء أيام عمري .
ـ هذا كثير .. شكرا ً لك علي ذوقك .
خرجت من المشفي ، أصر علي حمل حقيبتي ، والأكثر ذوق أنه فتح باب السيارة لي :
ـ " الآن أشعر بالراحة .. الهواء العليل يكسب الحياة روعة وجمال .
ـ من الواضح حبك للطبيعة .
ـ أحبها بقدر لا يوصف .. السبب وسام .. أستاذ سامر أليس غريب علي شاب في مقتبل العمر يملك مصنع ملابس ملكه .. اسمح لي .. اتبعت طرق غير مشروعه .
ـ أعرف هذا رد فعل طبيعي .. لشاب عمره خمس ة وعشرين عام .. لكنه ليس صعب .. الأمر وما فيه أنني أجلت دراستي مع أني حصلت علي مجموع عالي في الثانوية .. إلا أنني فضلت تأجيل الشهادة لأبني نفسي .. وها أنا أدرس الآن بكلية آداب قسم تاريخ .
ـ قسم تاريخ !! .. آلا تجد هذا غريب .
ـ أجل .. ولكني منذ صغيري وأنا أهوي مطالعة التاريخ .. لا فرق بين الثقافة والعمل أليس كذلك .
ــ أجل ها هو منزلي .. تفضل لتناول فنجان قهوة .
ـ شكرا ً مرة ثانية .
ـ أرجوك علي الأقل فنجان شاي .
وبعد إصرار دخل معي ، ذهبت لأعد الشاي بينما سامر يتجول في الطابق الأرضي :
ـ الديكور رائع ومنسق .. هذا وسام ..أليس كذلك ؟ .
ـ أجل حبيب قلبي .. الديكور والمنزل من ذوقه .
ـ إذا ً الكلام صحيح .
ـ أي كلام ؟..ماذا تقصد ؟.
ـ لقد سمعت عن قصة حبكم .. لكني لم أصدق .
ـ لما ؟.. هل الوفاء أصبح نادرا ؟.. الوفاء موجود لمن يريد رؤيته .
ـ عندك حق .. تسمح لي تكوني المسئولة عن الفيلا من البداية للنهاية .. ليس أمامي وقت .. ولا أتحلي بالذوق الرفيع مثلك .. ممكن أرجوك ِ وافقي .
ـ حسنا ً .. سأفعل اللازم .
____________________
مر يوم آخر كأي يوم ، لا أملك سوي الانشغال بالعمل ، وفجأة وبينما كنت أمسك صورة وسام دخلت تولاي .
ـ مهندسة جنة لقد جاءت الآنسة روجينا :
ـ ادخليها علي الفور .. واطلبي اثنان شاي .
ـ أهلا ً روجينا .
ـ أهلا ً جنة .ز كنت قريبة ففكرت في المرور عليك ِ .
ـ تفضلي في أي وقت .. الشركة شركتك .
ـ ما أخبارك ؟.
ـ الحمد لله .. ما أخبارك مع يحيي ؟.
ـ لقد تركنا بعضنا منذ أسبوع .. هذا الحب لم يكن مقدر له النجاح من البداية .. كنت أعرف أن ظل لمي سيظل أمامه .. كان حاجز بيننا .. لذا لم يكن أمامي سوي الابتعاد لأفتح لها المجال لتعود إليه .. لذا ذهبت إليها وأخبرتها بأنه مازال يحبها .
ـ ما السبب الذي فرق بين يحيي ولمي في الماضي ؟.
ـ حبه وهوسه بها .. لم تحتمل حبه الكبير .. فتركته وارتبطت بصديقها .. وبعدما تعرفت عليه شعرت بالغيرة .. اكتشفت الحقيقة .. وجدت صديقها لا يحبها كيحيي .
تركته وحاولت الرجوع إليه .. رفض لأنني كنت برفقته .. خاف علي شعوري .. لكني وجدته مازال يحبها وهي أيضا ً .. لذا فضلت الانسحاب .
ـ لا أعرف ماذا أقول .. لكنك فعلتي الصواب .. من الصعب الارتباط بشخص قلبه معلق بأخر .
ـ عندك حق .. فالحب لا يكون له معني أن كان من طرف واحد .. في هذه الحالة يكون حبنا عبء علي قلبنا .
فقطعنا تولاي :
ـ مهندسة جنة ..الأستاذ سامر بالخارج يريد مقابلتك .. آسفة لمقاطعتكم .
ـ أهلا ً مهندسة جنة .. آسف علي حضوري بدون موعد .. كنت عند المهندس المسئول عن الفيلا .. ففكرت في طلب.. طلب صغير منك ِ .. أرجو أن توافقي .
ـ أولا ً أريد معرفة الطلب .
ـ آسف لم ألاحظ وجود أحد معك.. آسف .
ـ أنا آسفة لم أعرفك .. دكتورة روجينا طلبة بكلية صيدلية .
ـ آهلا ً وسهلا ً .. آسف مرة ثانية .. أنا سامر .
فقالت روجينا :
ـ لا عليك .. تشرفت بمعرفتك .
ـ وأنا أيضا ً .. إذا ً الدعوة مشتركة بينكم .. ما رأيكم بتناول العشاء ؟.. عشاء علي الطراز العربي القديم .
ـ أين ؟ ! .. لم أري عشاء مثله من قبل !! .
ـ أنها مفاجأة .. سآتي لكم في السابعة لأخذكم .. ما رأيكم ؟.
ـ موافقة .. منذ زمن أتمني رؤية جو مماثل .
ـ حسنا سأحقق لكي أمنيتك .. وأنتي آنسة روجينا ؟.
ـ متأسفة لقد رأيته من قبل .. كما أنني منشغلة اليوم .. آسفة لا أستطع .
ـ مستحيل روجينا .. الجو سيكون رائع .
ـ آسفة جنة .. بجد أنا منشغلة لدي أعمال كثيرة .. أريكِ بعد غد .
خرجت مسرعة وتركتني مع سامر فقال :
ـ صديقتك جميلة أنا آسف .. لما رحلت مسرعة .. أأرتكبت خطأ ما ؟.
ـ لا ..هي خجولة.. كما أنها مشغلة كثيرا ً كما قالت .
ـ حسنا ً أراكِ في السابعة .
_____________________
مع دقات السابعة طرق الباب ، بمجرد رؤيته لي قال :
ـ يا إلهي لم أراكِ بهذا الجمال من قبل .. أين كان مختبئ ؟.
ـ بالطبع مختفي وراء مكتب المدير .. كيف سأذهب للعمل بهذا الشكل ؟.
ـ حسنا ً هيا للحفل .
بدأت السيارة في الانطلاق ، أدرت الكاسيت لأجد المفاجأة فقال :
ـ أتحبي سماع كاظم الساهر ؟.
ـ أجل بالطبع .. يذكرني بالأحلام البسيطة التي تمنيت تحقيقها .. أحب الشعر كثير أ وبالأخص نزار قباني .. أسطورة الحب .
ـ لم أكن أعرف أنك مطلعة علي الشعر .
ـ تقصد ليس لدي وقت .. بينما كنت في الكلية أحببت قرأته .. وعندما تعرفت علي وسام وجدته يحبه أكثر مني .
ـ جنة أنتي باستمرار تذكري وسام أمامي .. آلا تنسيه ولو لحظة .. أريد الاستمتاع بالحفل دون ذكر الموت .
ـ وسام دائما ً في حياتي .. أراه في كل لحظة .
ـ الجو رائع وممتع .. أليس كذلك .
ـ أجل لم أري مثله سوي في الأفلام .. التنورة نوع من الفن الشعبي الجميل .. جو إتقرض .
ـ أجل متعة ما بعدها متعة .
ـ هل تأتي هنا كثيرا ً ؟.
ـ أجل باستمرار .. جنة.. تتزوجني ؟.
ماذا تقول مستحيل ؟..
ـ لن أسمع ردك الآن .. اتركي العنان لعقلك وبصحبته قلبك .. أرجوك ِ فكري .
ـ أرجوك ممكن نمشي من هنا .. أريد العودة لمنزلي الآن .
ـ جنة أرجوك ِ اسمعيني .
ـ أرجوك أنت .
ـ حسنا ً .. حسنا ً .
___________________
ج11 _ عودة من الموت
عدت للمنزل غير مدركه لما يحدث حولي ، لم أتكلم طوال الطريق ، وبمجرد وصولي تركته ودخلت منزلي ، لم أنظر خلفي ، لم أشعر بالراحة إلا عندما رأيت صورة وسام أمامي .
ـ ماذا أفعل ؟.. أأتزوج سامر ؟؟.. فالحياة لا تقف عند الموت كما تقول أمي .. لكني لا أتخيل حياتي دونك .. حتى ولو ذكري.. لا أتخيل غيرك يلمسني .. كيف ؟؟؟.
لم أقبل بزياد .. والآن أقبل بسامر .. لكن زياد متغير بمائة وثمانين درجة عن سامر .. كالأسود والأبيض .
ظللت علي هذه الحالة ، أفكر دون توقف فاتصلت بروجينا :
ـ مساء الخير .. آسفة لاتصالي في هذا الوقت .. سامر طلب يدي للزواج .
ـ ماذا ؟.. مستحيل .
ـ أليس كذلك .. مستحيل .. مستحيل .
ـ ولكن لما مستحيل يبدو عليه إنسان مهذب .. فالحياة لن تقف بموت وسام.. مستحيل تظلي هكذا .
ـ ولو مستحيل .. مجرد تذكر الأمر ينقبض قلبي .
ـ أهدئ .. وإن شاء الله سيرشدك الله لما فيه الصواب .
ـ يا رب .. آسفة لاتصالي .. اخلدي للنوم .. تصبحي علي خير .
ـ تصبحي علي خير .
خلدت للنوم وعقلي متضخم من الأفكار ، وفي الصباح استيقظت ونزلت مسرعة نحو مسرعة نحو العمل كي أهرب من التفكير المستمر ، ذهبت للعمل وفي حوالي العاشرة وجدته أمامي .
ـ أهلا ً سامر كنت أفكر في هذا اللقاء .
ـ خيراً إن شاء الله .
ـ أنا آسفة لا أستطع قبولك زوج لي .
ـ لما استعجلتي في الرد .. مازال الوقت باكر .. هل يعبني شيء .
ـ لا أنت شاب تقبله أي فتاة دون تردد . . عندما أخبرتني بطلبك شعرت بالموت يتملكني .. بمجرد التفكير أموت .. كيف سأكون لغيره .
لا أستطع وسام لم يكن حبيبي وخطيبي فقط .. أنما هو حياتي وروحي .. ونور عيني .. عشت معه أجمل أيام .. لا أستطع نسيانها أبدا ً .
ـ مع الوقت ستنسي .. سأساعدك صدقيني .
ـ لا أستطع نسيانه .. ليس عندي ما أعطيه لك .. قلبي وعقلي ومشاعري ملك وسام بمفرده .. ليس عندي سوي الشيء الوحيد الذي لم يمتلكه .. جسدي.. هل تريدني جسد بلا روح ولا قلب .
ـ لا أريدك بقلبك الذي ينبض بالحب .
ـ لكن قلبي ملك وسام .. أعرف أنك لا تصدقني أنني وفية لذكري ميت .. وبالأخص أننا لم نتزوج ..كلها مشاعر بريئة ليس أكثر .. لحظات قضيناها معا ً .. ولكن صدقني المشاعر الطاهرة أسمي .
ـ حاولي أرجوكي .ز أنا بحبك .. أنتي حبي الأول .
ـ وأنا أيضا ً وسام حبي الأول .. سأظل وفية له .. وفية لأعز قلب .. لن يكون حبك أغلي من حب أبي وأمي .. ومع ذلك ضحية بكل شيء من أجله .. لأني أعشقه بجنون .
ـ لا أمل في العودة عن قرارك .
ـ لا أمل صدقني .
ـ حسنا ً أنا أتعس مخلوق لأني فقدتك .. لكني مسرورا لمقابلتك..
مازال هناك حب صادق لا يعكر صفوه .. يكفي عرفت أن قلبي يستطع أن يعشق .
ـ لما لا نصبح أصدقاء مع أني أعرف أنه صعب .
ـ كل شيء في بدايته صعب .. ستكوني نعْم الصديقة .
ـ وأنت نعْم الأخ .
ـ أجل لو احتجت مساعدة .. ستجديني بجانبك .
ـ أجل المهم ابحث عن فتاة تحبك وتحبها .. صدقني مازال الحب موجود .. لا يقصر علي فقط .
ـ لكني لم أجد .. ممكن تبحثي لي عن فتاة .. فتاة قادرة علي أن تحبني بصدق دون خداع .. تهوي التقرب لي .. تغار علي .. تتمني تسعدني .. نكون معا ً باستمرار .
ـ ماذا لو كانت موجودة .. لكن هناك أمرين .. الأول كانت تحب شاب .. ولكنه مازال يحب حبيبته الأولي .. ففضلت الانسحاب وأعادتهم لبعض .. والثاني تحتاج للوقت كي تنسي .
ـ هذه روجينا .. أليس كذلك ؟.
ـ كيف عرفت ؟!.
ـ رأيت في عيونها حزن وحنان .. تشعر المرء بالأمان بالعيش بالقرب منها .
ـ حسنا ً أري أنها أعجبتك .
ـ لما لا تعطيني الوقت .. أولا ً كي لا أظلمها معي .. لا أريد أن أكون كحبيبها السابق .. وإذا شعرت بها سأتودد لها وأشعرها بالحب والأمان .
ـ رائع .ز حسنا ً أتمني أكون أول من يعرف .
ـ حسنا ً إلي اللقاء .
ـ إلي اللقاء ..
انتهي الحوار وعدت للعمل ، عادت المركب لمجراها بالمياه الهادئة ، الأمواج الخفيفة حتى لم تعد تداعبني .
__________________
ـ مرحبا سامر وروجينا معا ً .. لا أصدق !!.
فقال سامر مبتسم :
ـ مرحبا حنة .. كيف حالك ؟.
ـ بخير وأنتم ؟.
فقالت روجينا :
ـ الأمور تسير ببطء .. بشكل طبيعي .
ـ أحمد الله .
فقال سامر :
ـ هذا أول لقاء .. تحدثنا في البداية علي الشات والهاتف .
فأكملت روجينا :
ـ تحدثنا عن كل شيء يخص حياتنا .. وأنتي .. أخبرني بأنك من اخترتني له .. شكرا ً جنة .. أشعر بالطمأنينة لأول مرة تقتحم حياتي .. بحثت كثيرا ً ولم أتخيل أعثر عليها .
فقال سامر :
ـ بفضلك شعرت بأن الحب مازال موجود .. لكني وعدتك آلا أتودد لروجينا إلا لو استطعت تجاوز حبك .. وهذا ما حدث معي .
أخذت وقتي لأري محاسنها .. خمسة أشهر أعرف كثير .. لكن الأهم أنني وصلت لهدفي في النهاية .
فقال روجينا :
ـ مؤكد أنك هنا في عشاء عمل .. أليس كذلك ؟.
ـ أجل .. أتي إلي هنا بمفردي .
فقالت روجينا :
ـ لقد عادت روجينا من باريس بالأمس .. عادت ومستعدة لإكمال حياتها معه .. لن تتركه مرة ثانية .. أليس هذا رائعا.
ـ أجل .. هذا أسعد خبر سمعته .. علي الرغم من أنها أخذت وقت كثير لتعود .
فقالت روجينا :
ـ أجل .. ثلاث سنوات .. المهم هو عودتها في النهاية .
ـ عندك حق .. أعتذر ر لابد من عودتي لاجتماع .. أراكم في أحسن حال .
عدت للاجتماع ، أصبحت مركب تسير مع التيار ، الرياح تتحكم فيها ، وكلما جاءت رياح قوية حاربت.
تمر الأيام دون توقف ، لم يمنعها الابتعاد لأميال من استمرار الاجتماعات .
ـ مرحبا بالأشقياء .. ما الخبر المستعجل ؟.
فقالت ليلي :
ـ مرحبا جنة .. الأخبار أكثر من رائعة .
ـ هيا خبروني .
فقالت سمر :
ـ لقد جاءني العرض المنتظر .. سأسافر لأمريكا للتدريس بمدرسة لرقص البالية .
ـ رائع أخيرا ً تحقق حلمك .. ولكنك ستتركيننا .
فقالت سمر :
ـ الفراق أحيانا ً صعب .. لكن النجاح أجمل .
ـ وما الخبر الثاني ؟.
فقالت ليلي :
ـ لقد جاءني جواب مكتب التنسيق .. سألتحق بكلية الإعلام ..
ـ رائع .. ما أجمل الأخبار السعيدة .. لما لم تأتي منال معكم ؟.
فقالت ليلي :
ـ حققت مراد زوجها .. هي معه الآن بتخطب له .. أليس هذا الجنون بعينه ؟!! .
ـ لقد أخبرتني من سابق بذلك .. لكني لم أتخيلها بتكلم بجدية .. معقول .. معقول تفعل ذلك حتى لا يطلقها .
فقالت ليلي :
ـ والأكثر جنون أنها ستسكن معها في الشقة .. ومعها ولد عنده ثلاث سنوات .. وبنت سنة ونصف .
فقالت روجينا :
ـ مجنونة حقا ً .. لكن من يعرف ربما تسير الزيجة علي ما يرام .
ـ روجينا ما أخبارك مع سامر ؟.
فقالت روجينا :
ـ الحمد لله .. بدأت أحبه وهو كذلك .
ـ رائع .. هكذا اكتملت فرحتي .
فقالت روجينا :
ـ أي فيلم هذه المرة ؟.. سنحضر المقبلات وأنتي أحضريه ..
ـحسنا ً هيا .. فيلم هندي ورومانسي .. DEVDAللمخرج سانجي ليلا بهساناتي .
____________
كانت حياتي عادية إلي أن تغيرت فجأة ، كنت أنزل علي السلم الداخلي ، بخطو أول خطوة علي الدرج ، فإذا بي أري وسام أمامي .
يلبس ملابس بيضاء وحوله ضوء أبيض ، مبتسم وجه صافي ، فكرت أنني أحلم أو أتخيل كالعادة ، شعرت بأن العالم يدور .
جلست علي السلم ، وضعت يداي علي ركبتي وبينهم وجهي ، ظللت هكذا لمدة دقيقة ثم رفعتها عندما سمعته يحدثني .
ـ جنة أهلا ً بك في جنتنا .. لكم أتعذب لأني لست معك .. لقد ظلمتك ..فكرت حينما بعدت عني بأنك ستنسيني ..ولكنك لم تفعلي .
سأظل معك بروحي .. وفي العالم الآخر سنجتمع إن شاء الله .. سأظل دائما ً في كل لحظة .. سأحدثك وتحدثني .. ولكنك ستتركني وتأخذي غيري .
ـ لا أستطيع .. رفضت سابقا ً وقلت لك لن أكون لغيرك .
ـ صحيح .. لم تنساني ؟.
ـ لا أستطع نسيانك أبدا ً.
ـ حسنا ً سأتركك الآن وسأعود مرة ثانية .
ـ بجد وسام .
ـ بجد يا قلبي .
حينما رأيته أمامي لم أصدق نفسي ،فكرت أنني حننت أو أتخيل ، لو أتخيل فهذا جعلني في أسعد لحظات حياتي ، الحقيقة والسراب وجهان ، السراب أحياناً يكون نعمة .
استطعت تحقيق أحلامه ، نفذت رسوماته للمشروعات الإسكانية ، كتبتها باسمه ، أصبحت شركتنا واسمه علي جميع الألسنة .
مشروعاته تحقق الجمال والراحة ، المتعة في البقاء خالدة ، هذا ما أسعدني لم يختفي اسمه ، مازال يتردد علي الألسنة ، رغم موته .
لم يفارقني أبدأً ، يجلس أمامي بينما أتناول طعام وفي العمل يجلس أمامي علي الكرسي المقابل للمكتب .
وقت النوم ينام بجانبي علي السرير ، يظل ينظر لي ويحدثني إلي أن أخلد للنوم ، وفي الصباح يوقظني علي أنغام تغريد العصافير .
لم يلحظ أحد وجوده ، لم يفعل ما يجعل الناس يفكروا بأنني مجنونة ، حبي الأول حي لم يمت ،لم أستطع أن أخبر أمي ولا أصدقائي . شعرت ببعض الألم حينما رأيت سامر وروجينا ببذلة العرس ، لكني عدت لرشدي حينما رأيت وسام بجانبي .
ليس لأنني لم أتزوجه ، الغيرة تأتي أحياناً وتختفي ، المهم هو بقاءه معي ، صديقتي نالت من يستحقها وها أنا نلت من استحق ، حب أحي من أجله كل يوم وكل لحظة .
أحي من أجل أمل الاجتماع في الآخرة معا ُ ، أحي من أجل رأيت وجهه كل صباح ، أحي من أجل كلمة حب تخرج من شفته ، طيف يمر أمامي ليشعرني بالأمان .
وها أنا أبلغ الثلاثين ، أحي داخل جنة وسام ، أتكلم معه وأضحك وألعب .
سأظل هكذا معه لأخر يوم بعمري ، قصة حبي مستمرة رغم موت حبيبي ، الحب لا يتوقف ، سأظل مخلصة له دون أن يقتحم أحد سواه حياتي .
فالحب الحقيقي لا يأتي إلا مرة واحدة في العمر ، الحب الحقيقي يسكن القلب ولا يرحل عنه مهما حدث ، ومهما مر الزمان ، الحب هو الحياة حتى بعد الممات .
تمت بحمد الله
التعليقات (0)