أما الثالثة وهي سديم الحريملي فقد بدأت خطاها التي كُتبت عليها مع دخولها مجلس أبيها حيث كان وليد الشاري ينتظرها هناك على أحر من الجمر «صـ 36» ليراها الرؤية الشرعية قبل الزواج بمحضر والدها،، سبحان الله يأسره جمالها ويأخذ بمجمع قلبه سحرها فتسرق منه التفاتة وهو يتلصص النظرات ليتفحص قوامها الفارع وقدها الضامر فيشاغبها كعادته «على فكرة سديم ترى وظيفتي فيها سفرات كثيرة للخارج.. صـ 37» فترد عليه وهي تمازح حاجبيها بغنج فاتن..: «ما هي مشكلة. أنا أحب السفر..».
«بدا لها وليد وسيما.. صـ 38» وشعرت أنه الرجل الذي ستكمل معه حياتها بكل أحلامها الوردية «والبنفسجية»،، وبجرأة مستحبة طلب وليد من أبيها رقم جوالها فأعطاه إياه، ليبدأ من هنا مشوار المكالمات المنهمر والذي سيحيل ليلهما نهارا ليفسح المجال أمام هذه العواطف المتدفقة.. لم يكن وليد مشاغبا، كل أمانيه قبلة على جبينها عند وداعها في الثانية صباحا بعدما تعود أن يزورها من بعد صلاة العشاء حتى هذا الوقت المتأخر، خصوصا أنها صارت «حليلته» الآن بعد عقد قرانهما..
في إحدى الليالي وفي أثناء انهماكهما بأحلامهما الوردية أرادت سديم أن تُزيل عن وليد ذلك الغضب الحارق الذي شعر به وهي تطلب منه تأجيل موعد الزواج،، فتسامحت معه قليلا - وهنا أقول إن الرواية لم تتجاوز الخطوط الحمراء، فقد اكتفت رجاء الصانع بتدوين هذه اللحظة بقولها صـ 40 «وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها» فقط ليس إلا وعلى القارئ أن يفهم، وقد فهمنا أنه بعد أن نال منها قرر هجرانها مجسدا كل ما حفلت به القواميس العربية من عبارات الدناءة والوضاعة والصفاقة.. إذن هنا منحنى صعب في حياة سديم يطل برأسه..