وذات مساء هبت عاصفة كبيرة على المكان ,وذهب المصطفى وتلامذته التسعة,خلال هبوبها,وجلسوا حول النار هادئين,صامتين.
ثم تكلم احد التلامذة قائلا:
انا وحيد يامعلم, وحوافر الزمن تمر على صدري ثقيلة الوطء بطيئة الخطى.
وقف المصطفى ,وانتصب في وسطهم وقال بصوت يشبه عصف الريح الهائجة:
وحيدا!!!! وماذا في الامر؟
جئت الى هذا العالم وحيدا, وستمضي وحيدا في الضباب.
اشرب كأسك اذن وانت صامت وحيد .
لقد اعطت ايام الخريف شفاها اخرى ,اقداحا اخرى, وملأتها بخمرة مرة وعذبة كما سبق لها ان ملأت كاسك.
اشرب وحدك وان كان لها طعم دمك ودموعك ,
وأحمد الحياة على نعمة الظمإ ,
فان قلبك من غير ضمإ ليس الا شطا لبحرا قاحل,
لا نشيد فيه ,ولاجزر ولامدّ
اشرب كأسك وحدك, واشربها بفرح.
ارفعها فوق راسك وعبّ منها نخب اولئك الذين يشربون وحدهم .
لقد حدث لي مرة ان سعيت في عشرة الناس ,وجلست معهم الى الموائد ,وشربت معهم كثيرا, ولكن خمرهم لم تصعد الى رأسي ,ولاسرت في جوفي,وانما هوت فحسب الى اقدامي ,وتخلت عني حكمتي مغاضبة ,وختم على قلبي واصبحت مغلقا ,ولم يبقى سوى قدمي معهم في دخانهم.
ثم لم اسع من بعد قط في معاشرة الناس ,ولاشربت الخمر معهم على مائدتهم.
ولذلك اقول لك ماذا وان راحت حوافر الزمن تمر على صدرك ثقيلة الوطء؟؟؟؟
ان من الخير لك ان تشرب كأس اساك وحيدا,
فستشرب كأس نعيمك وانت وحيد ايضا......
التعليقات (0)