مواضيع اليوم

رهان جودة التعليم العالي بالمغرب؟!!

شريف هزاع

2010-02-26 17:13:42

0


   إن مرور ثلاث سنوات على تطبيق الإصلاح الجامعي وتخرج طلبة الإجازة الأولى كافية بأن نضعه موضع المساءلة وتقييم مخرجاته على ضوء المنتظرات والحاجيات الوطنية والمتطلبات الدولية عبر تحيين النقاش بخصوص رهانات التعليم العالي نحو مسعى ربط الجامعة بمحيطها السوسيواقتصادي، وكذا المساءلة بخصوص أين وصلت طروحات انفتاح المؤسسات الجامعية على محيطها المحلي ثم الجهوي والدولي.
   وإذا كان كل المغاربة وبما فيهم الطلبة قد علقوا أمالا عريضة على الإصلاح الجامعي كآلية ناجعة لتجاوز معضلات البطالة وغيرها من الإشكاليات المجتمعية، فإنه صار لزاما على الجهات الوصية أن تقدم تقييمات موضوعية حول جدوى الإصلاح الجامعي ومردوديته، وتقديم دراسات وقراءات مستفيضة عن مستقبل الإصلاح الجامعي في ظل ما تحقق وما لم ينجز ومقاربة مخرجاته على ضوء الشعارات التي رفعت بالموازاة مع تطبيقه.
    فإذا كانت جودة التعليم العالي هي أسلوب في الممارسة الإدارية والتكوينية بهدف الوصول إلى التحسين المستمر لمخرجات التكوين عبر تطوير عمليات المنظومة التكوينية على أساس العمل الجماعي بما تتحقق معه انتظارات الأساتذة والطلبة وأولياء أمورهم وكذا سوق الشغل، فإن جودة التكوين بالجامعة المغربية يعني التزامها بإشباع حاجيات وانتظارات المستفيدين وهم الطلبة بناء على نوعية التكوينات وطرق تقديم وتدبير التخصصات والمواد والوحدات ونظام التقويم بما يحقق إشباعا لحاجياتهم وحاجيات آبائهم وحاجيات المحيط السوسيواقتصادي، أي تحقيق الخصائص الكلية للمتخرج الذي تبرز فيه كفايات تؤهله للاندماج الايجابي في الحياة العملية والمهنية للمجتمع.
   لقد كان من المفروض أن يحدث الإصلاح الجامعي ثورة بيداغوجيا بامتياز وثورة حقيقية على الأنماط التكوينية البالية وطلاقها دون رجعة غير أن القطيعة لم تتم، ولذلك لا يمكننا الإقرار بوجود إصلاح هيكلي وجدري في رحاب الجامعة المغربية، وإنما هو تعديل وترقيع يزيح عنه الشوائب التي تراها الجهات المعنية لا تتماشى ورؤاها وفلسفتها، لكون الإصلاح الجامعي كنصوص ومنهاج تكويني انبنى على نفس بنية النظام التكويني المتجاوز دون دعم على مستوى التجهيزات والتحديث الإداري والبيداغوجي مما أفقد عملية الإصلاح توهجها.
   وحري بنا كذلك أن نقدم رؤانا ومقترحاتنا نحن الطلبة ومواطنين لتصحيح الاختلالات التي باتت مكشوفة حتى لغير المتخصصين، لأن الجامعة أمانة في أعناقنا ونحن ملزمون بالدفاع عن جودة منتوجاتها والدفاع عن إجراء عملية التكوين في شروط ملائمة تحقق مبتغى الأفراد والمجتمع، فإذا كان الخطاب السياسي ينطلق من ضرورة بلورة التعليم النوعي وجودة التكوين من خلال العمل على أجرأته داخل المؤسسات الجامعية نحو جعل منظومة التكوين تواكب وتشارك بفعالية في تلبية متطلبات السوق العالمية التنافسية المفتوحة انتاجا وجودة وتطبيقا، فإن واقع مخرجات التعليم العالي وبعد مرور ثلاث سنوات لم يصل إلى هذا المبتغى، مما يجعل مجموعة من الشعارات التي صاحبت عملية الإصلاح الجامعي موضع مساءلة كشعار مجانية التعليم وتكافؤ الفرص وديموقراطية التعليم والتكوين....
    ومن خلال ما سبق يبدو أن جودة التكوين بالجامعة المغربية يبقى مرهونا بتكامل كل مكونات المنظومة التكوينية وفق نسق بنيوي متشابك انطلاقا من المدخلات ومرورا بالعمليات التكوينية التي يتفاعل فيها اللوجستيكي بالتدبير الإداري بالجانب البيداغوجي وصولا لمخرجات التكوين، وأن حصول خلل في أحد عناصر المنظومة التربوية قد يعرقل طموحنا نحو جودة التكوينات الجامعية، وأكيد أن الإصلاح الجامعي تعيقه مجموعة من المعيقات البنيوية والتي نجملها في الأتي:
1. اختلالات تدبيرية نقصد بها سوء التسيير والتنظيم الإداري لتسجيل وتوزيع أفواج الطلبة وتقويمهم.
2. اختلالات لوجستيكية ونقصد بها نقص في البنية التحتية والتجهيزات.
3. اختلالات بيداغوجية ونقصد بها انعدام الدورات التكوينية لتطوير أداء هيئة التكوين واستمرار التكوين عبر الطرق التدريسية التقليدية ودون اعتماد التقنيات التكنولوجية الحديثة كوسائل ديداكتيكية في عملية التكوين، بالإضافة إلى الارتجالية في خلق المسالك التي لا تتلاءم ومحيط الجامعة، وفي غياب تناغم واضح بين التخصصات وحاجيات المناخ المحلي والجهوي الذي تدور الجامعة في فلكه.
مما يجعلنا نتساءل أكثر من أي وقت مضى عن أي مستقبل للإصلاح الجامعي في ظل هذه الاختلالات، فإذا كان الميثاق الوطني قد طرح تصورات استراتيجية في مجال التعليم من حيث المنطلقات والتوجهات والمرجعيات فإن هذا التخطيط لم يستطع أن يتخطى أسوار الجامعة التي لا تزال تكرر ما كانت تنتجه في سابق عهدها.

عبد الفتاح الفاتحي
عضو مكتب الاتحاد العام لطلبة المغرب بالرباط

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات