مواضيع اليوم

رهان الموت المجيد ..

صادق البصري

2013-10-15 17:15:26

0


 

رهان الموت المجيد ..
قبل زمن طويل وكأنه البارحة ، حين كنت في السادسة من عمري كنت العب لعبة الموت الخالد ، كنا أربعة أولاد بنفس العمر وفي نفس المرحلة الابتدائية ومن نفس الحي ، وبيوتنا متلاصقة ، نجتمع فوق سياج المدرسة التي تقع  قريبة إلى بيوتنا ، تبدأ اللعبة بعد أن يعلق كل منا الوشاح الأسود فوق كتفه ، ونرتدي القمصان السود وربطات الرأس السوداء والرايات في أيدينا ، وكنا نجلب ذلك القماش الأسود من بيوتنا وكان عبارة عن عباءات أمهاتنا التي تهرأت و استحال لونها إلى الاصفرار وما عاد مرغوب فيها ، فتقع بأيدينا  فنعمد إلى تقطيعها ونعمل منها القمصان والأوشحة والربطات تحضيرا للعبة، تبدأ اللعبة ، بان يقوم الذي اختير راميا  بأخذ موقعه مضطجعا على بطنه كأي محارب متدرب على السلاح أسفل تل الرمل بجانب السياج، واحدا  بعد واحد كنا نسقط نحوه ليلتقي كل منا موته الخالد على يديه ، سقوط بعده دحرجة على كثيب الرمل ، كان بعضنا يواجهه بمسدس خشبي أو  سيف أوبندقية خشبية ذات مقابض طويلة ، كنا نسقط وبعناية كنا نختار جزء من أجسامنا سيستهدفه الرامي المختبئ أسفل تل الرمل ، والراية ثابتة بيده ، كنا نمسك ذلك الموضع ونسقط متدحرجين من الاطلاقة المفترضة ، هكذا كنا نموت مرات ومرات ميتاتنا الخالدة تلك ونحن نبتسم ،  كنا نسقط وكنا عالمون بأننا سننهض ثانية ، ومن يمت موتته الخالدة يأخذ دور الرامي ليميت غيره ميتة خالدة ، وهكذا تستمر اللعبة ببراءة وبفرح طاغ وعفوية .. ولكن الموت اليوم في العراق ليس لعبة نلعبها ولا خلود لمن يتناثر أشلاء أويحترق أو يقتل غيلة في شارع أو سوق ، كما إن راع الموت في هذي البلاد جاد ولا يتهاون أو يعذر أو يتسامح ولا يبتسم وغير مستبعد تغيير مكانه والبحث عن وسيلة أخرى أو الكف عنه أو إعطاءه لسواه  ، كونه ينجز فعله على أساس أن الآخر لن يقوم ثانية!؟ ......................................
 

صادق البصري / بغداد




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !