مواضيع اليوم

رنات الهاتف (قصة قصيرة )

 رنات الهاتف

 


القاص: علي عبد الكريم 


أخذت المقعد الوسط في احدى الباصات المتوجهة الى منطقتي بعد عناء يوم عمل مرهق .. فجابت عيناي على الطريق الذي أصبح غامقا ً من كثرة الأحداث.. فعندما ارى سوادا ً هذا يعني ان هناك انفجار أو حزام ناسف او شيء من هذا القبيل الذي لم نكن نعرف عنه شيئا ً في السابق ولم يكن موجود في قواميسنا .. صافرات تارة من عربات الشرطة وتارة من سيارات الاسعاف تضيف ضجيجاً قد أعتدنا عليه ..ذخيرة نارية تطير هنا وهناك تضيف صخب اخر .. ووسط كل هذا الضجيج رنت هواتف (النقالات) في داخل الباص في اوقات متفاوتة فقامت بعزف سيمفونية تطرب الاسماع ... كم هو جميل صوت الهاتف عندما يرن . لكن ؟؟؟ هل المنادي لديه خبرا جميلا أيضا ؟؟ .. فسمعت للذي امامي بصوت يصحبه لحن ضاحك "الحمد لله واخيرا ً اصبح لي ولد" .. فتمايلت اطراف شفتاي نحو الاعلى محاولة صنع ابتسامة... وآخر من جانبي يرد وهو مبتسم "هذا جيد انها صفقة العمر" ... فاخذني الشرود نحو العمل ... الا ان الذي كان خلفي اطلق صوتا جهوريا ًوهو يصرخ : "لا املك مثل هذا المال ارجوكم لا تقتلوا ولدي ارحموا أبا ً لا يملك سوى نفسه" .. فبدأت اسمع خفقات قلبي ... اما صاحب المقعد الامامي فلم يتمالك نفسه وبدأت الدموع تنهار على خديه وهو يقول :"لقد علمت انها اللحظات الاخيرة من حياتها تباً لهذا المرض اللعين" .. فرأيت الدمع يسيل من عيني و انا اتذكر اناسا اعزاء قد فقدتهم ... فكسر الذي كان يجلس على يساري صمتي و ذهولي بقهقهة عالية وبكلام متكسر "هذا افضل خبر ..اخيراً خرج من دهاليز المعتقلات" .. صدمت بشدة ... واصبح لدي جمود في مشاعري ... ما هذه التناقضات التي اسمعها ؟؟ هذا يفرح وآخر يتألم ... وذاك يبكي فرحا ً والثاني حزنا ً .. ما هذه الدوامة التي انا فيها ؟؟ ااواسي ام ابارك ؟؟ هل هذه سجية الحياة التي كنا نسمع عنها .. ام انها كابوس لا ينتهي .. وهنا ... رن جرس هاتفي ؟؟!! لم تكن رنات رقيقة بل كانت كأصوات الرعد النيسانية .. من هذا المجهول الذي يناديني ؟؟ وأي مصير أسود سوف يأتيني ؟؟. ماذا أفعل ؟ هل ارفع هاتفي الذي ما زال يرن في مسامعي .. ؟ ام اتركه يطلق رنات كما اسمع اطلاقات العيارات النارية ..؟ لا.. لا .. دعني اكون متفائلا , لابد ان هناك خبر سار .. ايقظني الرجل الجالس بقربي من الدوامة الفكرية التي ادور بها .. "هاتفك يرن .. الا تسمع ".. فرأيت العيون ترمقني فأحسست بالخجل .. فتحت الهاتف وانا كالسعفة في مهب الريح العاصف .. فاذا بصوت أبي يسألني .. "اين انت .. لقد تأخرت كثيرا" .. فقلت له .. "انا قريب من المنزل" .. اقفلت الهاتف الملعون .. مسكين ابي هو قلق على دائماً كعادته .. ولكني خائف؟؟!! ان يرن الهاتف ثانية .. فمن سيكون المتصل ... وما الخبر الذي ينتظرني ... و أي مصير اسود سيلاقيني ... ماذا سأفعل !؟سيكون الخبر الاخر مخيفا حيث الاوضاع مخيفة .... أنا خائف من رنات الهاتف ... أخذني التفكير الى عمق اظلم واخذتني الهواجس الى مكان بعيد حيث اللاجواب .... وانا اغوص وسط الدوامات في خيالي ... و أصارع أعاصير أفكاري ... فإذا بصوت غريب يناديني .... "أيها الشاب ان هاتفك يرن"...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !