جاء الشهر الكريم ليشهد تغيرات بالغة الخطورة في العالم العربي حيث اشتعل ربيع العرب كأسخن صيف مر عليه ...لم يكن العالم العربي مقلوبا رأسا على عقب كما يحدث اليوم فقد وقع الجبل واهتزت الحكومات وتداعت الهضاب وانسحقت تحت ضربات الشعوب السلمية هنا والحربية هناك ولكن النتيجة هي انقلاب الصور وارتفاع صوت الشعب المطحون وانبطاح الجبابرة ...أي أن الشهر الكريم أرسل كرمه قبل وصوله... وأكرم الله شعوب العرب بسقوط الجاثمين على صدره الناهبين لثروته الذين سحقوه عشرات السنين ... نعم اندثرت حكومات الفاسدين اللصوص... والآن تحاول الشعوب بناء الأوطان على أساس احترام المواطن الذي خضع كثيرا وطويلا ...انتهى عصر وجاء عصر آخر يحمل في ثناياه كرامة كانت مفقودة للمواطن المسحوق الفقير المهمش ساكن العشوائيات والقبور والموظف في بلاط الحاكم يحصل على قروش يكملها بالرشوة ليعالج أسرته أو يقدم لها لقيمات إذا أراد الشرف والأمانة...يستحق هذا الشهر التكريم بالتحول إلى استلام الشعب زمام أمره ورفض المهانة مرة أخرى ...كما يجب الحمد والشكر لله خالق الكون مدبر الأمر على نعمته في التحرر وخفض رؤوس الظالمين ورفع رؤوس المظلومين ..وهكذا يبدل الله من حال إلى حال يرفع أقواما أصابتها حكومات الهوان بالهوان ...ويذل أقواما تكبرت وتجبرت ولم تراع الله ولم تتقه في الرعية ..وسوف يحاسبهم الله على ما فرطوا في حقوق الناس وعلى ما أفرطوا في التعذيب والتنكيل بالأحرار والشرفاء...ويكون حمد الله أولا بتقواه والخوف من حسابه ويكون الشكر بأداء الفروض وتحقيق الصيام المقبول بالبعد عن الظلم والاختلاس وأكل الحقوق وغمط الأجراء ويكون بالإحسان إلى الفقير والعطف على اليتيم وبر الوالدين وبالبعد عن الغيبة والنميمة وقذف الناس بما فيهم وما ليس فيهم...وبكل خير دعت إليه الشريعة وخاصة بين المسلمين من ضيافة وتزاور ومعونة على البرو التقوي وبعد عن الظلم والعدوان وبإمساك اللسان وبأداء الأعمال على خير وجه وإعطاء كل ذي حق حقه وبرد المظالم وبالتصالح بين المتخاصمين وخيرهم من يبدأ بالمصالحة ...وتكون المعاملة الحسنة هي الفارق بين مسلم مقبول صيامه ومسلم يجوع ويعطش وهذا حظه من رمضان...
التعليقات (0)