رمضان شهر التقريب بين المذاهب الإسلامية
بقلم العلامة السيد محمد علي الحسيني
يقول الله تعالى في الآية 185 من سورة البقرة (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منکم الشهر فليصمه ومن کان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)
ونحن نتشرف بقدوم شهر رمضان المبارك الذي تتفجر في ثنايا أيامه ولياليه الرحمانية العبقة کل معاني العطف والرحمة والإحسان ويغدو الإنسان خلالها أقرب مايکون من ربه، ويسعى لتجسيد صالح الأعمال وأفضلها، لم نجد مناصا من مخاطبة الأمة الإسلامية بكل مذاهبها وحثها على الإستفادة من هذا الشهر الفضيل بما يخدم أهدافها وغاياتها ومستقبل أجيالها.
*رغم كورونا..رمضان يقبل بنسائم رحمته وفيض عطائه*
يطل علينا رمضان هذا العام، في خضم جائحة كورونا التي تتربص المنون بالعالم، وليس بإمکاننا أبدا التغاضي عن تلك الأخطار ونحن نتصدى للأوضاع العامة ونسعى لطرح ما يمکن أن يکون بلسما شافيا بعون الله تعالى لما تواجهه أمتنا من مشاکل وأزمات، فهذا الشهر سيكون رحمة للعالمين، كيف لا ورسولنا محمد صلى الله عليه واله وصحبه وسلم يقول:"إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يفتح منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، وياباغي الشر أقصر..".
فرغم هذه الظروف فهذا لن يغير من روحانية هذا الشهر وقيمته وأهميته ومكانته في قلب المسلمين، بل هو فرصة من كل عام، يتزود فيها الإنسان بالتقوى ويشحن إيمانه وينطلق للقيام بأعمال الخير.
*رمضان فرصة للتقريب بين المذاهب الإسلامية لرص الصف الإسلامي*
إن الأوضاع الصعبة والمعقدة في العديد من الدول العربية والإسلامية، نجد من واجبنا الإسلامي، أن نحث إخواننا وأخواتنا من مختلف المذاهب الإسلامية على أن يغتنموا فرصة هذا الشهر الفضيل، وهو شهر القرآن الذي يدعو في آياته إلى الكثير من مفاهيم الأخوة والوحدة والإصلاح والاعتصام بحبل الله ونبذ مظاهر التفرقة والشقاق؛ قال أرحم الرحمين في القرآن الكريم : "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون" وقال عز من قائل: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".
وبناء على هذه الآيات الكريمات ينبغي أن يراجع علماء هذه الامة أنفسهم ويسلکوا الدرب الأصح وهو درب مصالح شعوبهم وأوطانهم، كما نجد في نفس الوقت، ونحن نتحمل على أکتافنا المسؤولية التاريخية أمام أمتنا الاسلامية، أن ندعو ومن باب حرصنا وإيماننا بأهمية التعاضد ووحدة الکلمة والموقف، کافة الأخوة في مختلف مجتمعات بلداننا الإسلامية ومختلف التنظيمات والأحزاب والمؤسسات والشخصيات الإسلامية، سنية کانت أم شيعية، إلى العمل البناء من أجل المزيد من التكاتف والألفة ورص الصفوف، كما نحثهم ببرکة هذا الشهر الفضيل أن يجعلوا المصلحة العامة فوق أي اعتبار آخر ويساهموا بمقدورهم لردم الهوات وتضييق فجوات الاخلافات والتمسك بالأوامر والوصايا السامية والنبيلة التي قالها الله سبحانه تعالى في محکم کتابه المبين ونطقها الرسول العربي الکريم صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في أحاديثه الشريفة بقوله:"عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة".
وإننا بعون الله وخفي ألطافه في هذا الشهر المبارك، سنجد الکثير من القلوب والصدور التي ستتفتح لهذا النداء المخلص
نحو وحدة الصف والترابط والوفاق والتكاتف والتعاون بين أبناء الأمة الإسلامية، والله ولي التوفيق.
التعليقات (0)