رمضان بمقاييس الزمن أياما معدودة من تلك الأيام التي يتشكل منها نسيج السنة القمرية ..شهر يختلف عن باقي الأشهر رغم توافقه معها في البدء والانتهاء المرتبطان ببزوغ الهلال على سطح الرؤية مرتين .
هل اختلاف هذا الشهر العظيم يكمن في التغير الذي يطرأ على نظامنا الحياتي فيه أم في التغير الذي يحدث في دواخلنا نتيجة اغتسال الأنفس على ضفافه من أدران الذنوب ..
إن التغير الذي نشعر به خلال هذا الشهر ماهو إلا انتصار لنوازع الخير في نفوسنا على زحف الأهواء والشهوات وما كان لهذا الانتصار أن يكون لولا الاذعان لنداءات هذا الشهر المتمثلة في ( يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر )
هو رمضان انتصار وانكسار
انتصار لأولئك الذين تلمسوا بواعثه ومكامن الخير فيه وانساقت جوارحهم وجوانحهم في تناغم مع سيرورته نحو غاياته النبيلة
وهو انكسار لأولئك الذين أطلوا على مواكبه من شرفاتهم المظلمة دون أن يقتبسوا من نوره شيئا , أنفضت ذات أفول ملذاتهم ولم يجدوا سوى الحسرة تملأ أياديهم ...
هو انتصار في واقعنا المعاش حين الانضواء تحت رايته والانضمام إلى ركب الأرواح المحلقة في سماوات طهره , المتعلية بعيدا عن كل ما يعكر صفو التلذذ بصيام نهاره وقيام ليله
وهو في ذاكرة التاريخ انتصار لراية الاسلام في مواقع عدة ..بدر , فتح مكة , القادسية , حطين , عين جالوت ................
هاهو رمضان أقبل ..فما الذي يمنعنا أن نكون في عداد المنتصرين ؟
يوسف الحربي
التعليقات (0)