رقص المطر

اطلتُ النظرَ إلى تلكَ السحابةِ وَكيفَ كانَ تكوينها
فتارةً تطولُ وتارةً تكون بعرض السماء...!
أتتخاصم قطرات المطر وهي بجوف الغيمات أم إنها تكون أجنة وادعة
تنتظر ولادة الهطول ..؟
وتبدأ ساعات المخاض ..
وتتساقط رويدا ... رويدا
حتى باتت ككتيبة عسكرية تغزو رحى الميادين
دفعة واحدة ، و تفرقوا
حتى ما كادت تعرف القطرة أختها
سيل ، امتداد ذلك المطر ...
لا يعرف وجهة المسير ...
ولم تخطط الأقدار وقعها
كانت لوقعتها الواقعة ....
وتغتسل الأرض بالطهور
ويسكن الحراك اجلالا للبرق والرعد
كل شيء يغتسل
أغصان الشجر
أسطح المنازل
وأسوار الحديقة
والقطط الشاردة
و أرصفة الشوارع وواجهات المحال والاعلانات الملصقة بشحوب الشمس ..
حتى الطفل الرضيع في مهده ينصت لتسابيح قطرات المطر
ويفسد الارسال لهذه الليلة ... وينقطع الوصال ...
وتهدر لحظات من التسكع خلف أبوابٍ موصدة ...
يستمر الهطول لليلة
ويكاد يمسك بخيوط الفجر المطر
لكن أذرعات الشمس تنهب الغمام سطوتها ، وتجبرها بقرار الترحال
فترفع السحائب أذيال أثوابها بشزر تعطيه لهالة الذهب وترحل ...
و يبدأ سفر النهار الطويل
بعلو أصوات العصافير ...
وجولات من الجوعى التي تتهالك على الطريق مسرعة لكسب قوتها
لا الأرض تصمت
ولا السماء تخرس
كلٌ في حراك
وتضمهم الأرض التي هي الأخرى تدور وتدور في فلك يسبح في لجة الفضاء