رقصهم يا زعيم ..!
قبل أيام كتبت في هذه المدونة مقالا يتحدث عن مؤشرات هامة من وجهة نظري تدل على التوجه الأمريكي والأوروبي نحو التخلي عن دعم الأنظمة الفردية " الشمولية " في المنطقة العربية وترك شعوبها تقرر سلميا بناء أنظمتها الحديثة بالرغم من المحاولات الإسرائيلية التي تبدو يائسة للإبقاء على الأنظمة القديمة لبعض الدول العربية ودعمها بكل الوسائل القمعية التي تمكنها من وأد أية محاولة من شعوبها للتحرر في مهدها.
وهاهو المتحدث الرسمي باسم الخارجية البريطانية يعلن يوم أمس الجمعة عن الاعتراف بخطأ الاعتقاد بأهمية الدعم الأمريكي والأوروبي للأنظمة العربية القائمة . وهناك من تحدث عن خطأ آخر هو تقسيم الدول المستعمرة مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا للوطن العربي على أساس ديموغرافي .
ومع انفلات زمام الأمور ، وفي إطار تهتك جدار " الستر " الذي تقيمه الأنظمة العربية كان من ضمن ما كشفته المنظمات الدولية والحقوقية الناشطة في مجال حقوق الإنسان والداعمة لمبادئ الحريات والعدالة الاجتماعية ثروة الزعيم القذافي حتى قبل سقوطه !
إذا هناك توجه حقيقي نحو بناء واقع مختلف في المنطقة يدعمه إدراك الحكومات الغربية بأن العزف على وتر " الأصولية " أو"القاعدة" لم يعد سببا مقنعا يحول دون تحول الأنظمة العربية نحو الديمقراطيات الحقيقية .
ومن زاوية أخرى ، استطيع القول أنه أن كان ما فعله الشعب في ليبيا التي تمثل أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة للغرب يعد تفوق ثورة شعب على كل التدابير الأمريكية والأوروبية التي كانت قائمة قبل السابع عشر من فبراير لمساندة قبضة الزعيم الليبي على السيطرة التامة لمدة 42 عاما فهو أمر أهم من مجرد تخلي الغرب عن التزاماته مع الأنظمة العربية ، وهنا ينبغي على الحكومات التي ما تزال تعوّل على عامل الوقت وتقديم بعض المهدئات لشعوبها أن تسرع بإصلاحات جذرية حقيقة .
وباعتقادي أن العقيد معمر القذافي الذي وصل به جنون الرغبة في التشبث بالسلطة إلى جعل ليبيا مهيأة أن تتحول إلى عراق آخر ، فقد يتحول احتمال التدخل الأجنبي عسكريا في ليبيا إلى واقع ، وعندئذ لن تكون نهاية " الزعيم " أسوأ من نهاية شعب بأكمله . وهو احتمال وارد أن لم يحسمه الليبيون أنفسهم .
واعتقد أن ظهور "الزعيم" الليبي وهو يخطب في مجموعة من أتباعه : " خذوا راحتكم وارقصوا على جثث الليبيين في الشوارع " هو شكلا من أشكال جنون السلطة والثراء وهو بالقطع ما لا يقره كل عربي مسلم سواء كان حاكما
أو محكوما ولن يزيد رقص فئة من الشعوب العربية عن مسايرة رغبة الإعلام الرسمي .
تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)