توطئة المدوّن :
من قال بأن الموت لايأتي إلاّ في أواخر الأعمار وأراذلها ؟ .. ومن قال بأن الإنسان لايشعر بدنو أجله ، وبوقوفه على عتبات الحياة الأخرى ؟ .. وفيما يلي تدوينة رائعة حقا ، ولها طعم خاص ، ربما لأن كاتبتها (رحمها الله) كانت تشعر باقتراب رحيلها ، وهي في تلك المرحلة كانت أكثر ماتكون عليه من صدق الإحساس ، ونقاء الروح ، وصفاء السريرة ... هي رسالة كتبتها إلى الله وهي تعرف بأنها على مشارف لقياه ، بواسع رحمته ، وجزيل عطائه ، وعفوه ، ومغفرته .. رحلت المدونة إذن وهي في ريعان شبابها ، وتركت رسالتها إلى الله شاهدة على حسن ظنها به .. رحم الله [هديل] وجميع موتى المسلمين .. ونسأل الله الهداية والموت على كلمة الحق : لاإله إلا الله محمد رسول الله .. آمين يارب العالمين .
ـــــــــــــــــ
هذه رسالة إليك يا الله ..
لن يحملها سعاة بريد، ولن يوصلها إليك الرسل المنتشرين بين السماء والأرض..
هذه رسالة إليك مباشرة.. بلا وسطاء ..
يا الله..
لم تكن المرة الأولى التي أشعربك قريبا إلى حد أن تحيط بي، وأن أكون في عينك، وما استغربتُ أن تفتح الأبواب لصلواتي التي ما فتئتُ أرفعها إليك منذ أن تشعبت بي الطرق، وغدا اختيار أحدها موتا لا مهرب منه.
كلما حذفتَ من أمامي خيارا، وقلصتَ مساحات الحيرة المترامية، آمنتُ بك أكثر، وآمنتُ بأن دربي الذي أسير فيه صحيح، لأن ما من أحد غيرك يستطيع أن يتدخل في اللحظات الأخيرة، ليحول بيني وبين ملك الموت.
اليوم كنت أبكي، وكانت عشرات الوجوه في المرايا الصغيرة الموزعة على جدار السلّم المهجور.. تبكي معي، ساكبة دمعها في قلبي، وبينما أنا أحاول صنع دعوات تليق لأرفعها إليك، مضت تلك الوجوه الكثيرة تتوسل إليك يا الله أن تلهمني نورا أسترشد به قبل أن يحيق بي الظلام.
كنتُ أعرف يا الله أنك لن تتركني، وأنك ستكون معي كما تفعل دائما، لكن أن تقف بعتبة بابي، وتغمر روحي بالماء دون سابق إلهام، فهذا ما لم أخطط له، ولم تكن سجداتي المكرسة للدعاء تطلبه، أو تطمح إليه..
أنا هنا يا الله، مجردة من كل شيء، إلا من مطر ينهمر من سمائك، ومن شكر لا يليق إلا بك، ولا أفيك حقك رغم كل ذلك.
شكرا لك يا الله، لأني في كل مرة أحاول الصعود إليك، تنزل إليّ، وتهمس في أذني: “لستِ وحدكِ” .. وما كنتُ يوما وحدي يا الله.. وأنت معي..
ــــــــــــــــــ
هديـــل : باب الجنــة .. http://www.hdeel.org/blog/?p=15
التعليقات (0)