رسالة من ميدان التحرير

       رسالة من ميدان التحرير........

        إلى الكريمة الغالية المتربعة على فضاء القلب المتحكمة في نبضاته .. كتبت لك هذه الرسالة منذ أمد ليس بالقصير . وحالت الأحداث دون إرسالها . أحداث ميدان التحرير وحمص وحماه وكل الميادين التي تشهد ثورة شعب متطلع للحرية متعطش للكرامة. غير أن حكاما متجبرين كانوا أكثر تعطشا لإراقة الدماء فسقطت أنفس طاهرة صريعة رصاص غادر اشترته حكومات بأموال الشعب ليقتلوا به الشعب دون غيره.
       وما لي أسمي هذه الكلمات رسالة وليس فيها من مميزات الرسائل شيء . فالرسائل عادة ما تحوي رجاء أو طلبا أو رغبة . وليست كلماتي كذلك ما دمت لا أريد من خلالها شيئا آخر سوى التركيز على معاناة جعلتني أهجر مواعيدنا ولقاءاتنا لأعتكف بميدان التحرير مع شباب عشقهم الوطن وعقيدتهم أن الموت في سبيل الكرامة حياة.
       ولا أريد منك يا غاليتي ردا .. أرقب فقط أن تعلمي بمعاناتنا في ميادين التحرير الممتدة على طول عالمنا العربي حيث لا صوت غير أنين الجراح . ولا نداء غير نداء ارحل يحلق من القاهرة إلى دمشق إلى صنعاء والبحرين. فهل ترحل أنظمة الجور والاستبداد؟
       لقد بح صوتي من كثرة الهتاف. لذلك ربما يصلك صوتي واهنا ضعيفا . ولكن هذا الصوت الواهن الضعيف بات يقلق طغاة ويعري فسادا ظل لعقود جاثما على الصدور
       لقد مرت علي سنوات عجاف بكثير من الأحلام وبعديد من المحن .وتعرضنا للنخاسة من موسم إلى آخر. وتفنن حكامنا في قبض ثمن البيع تارة من أمريكا وتارة من شركات عملاقة لا ترحم شعبا ولا تلهيها مصائب القوم وجوعهم وعطشهم عن التلذذ بالدولار. ولا شيء يسرني أكثر من أن أحدثك عما عاشه العرب منذ بيعت فلسطين بتواطؤ عربي مخز . غير أن معاناتنا في ميدان التحرير ستحكي لك كل شيء.
       لا تظني ياغاليتي أني هجرت حبك أو تنكرت لعهود. إن حبي لك جزء من حبي لهذا الوطن الكبير. وماأعظم حب الوطن حين يشغلنا عن كل النفس وعن كل هموم الذات.
       لقد آن الأوان لنتخذ من ميدان التحرير وطنا وحبا وأملا .. فهل يمكن أن تشرق شمس الغد فأراك تهتفين مع كل رفيقاتك في ميادين التحرير والنصر والحرية أن تسقط أنظمة فاسدة ويرحل المفسدون؟