مواضيع اليوم

رسالة من فتاة لعمها نعيم الغول مسئول امن حماس في رفح.............!!

فلسطين أولاً

2010-05-04 16:38:01

0

رسالة من فتاة لعمها نعيم الغول مسئول امن حماس في رفح.............!!


رفح - أسماء الغول - أَتَذَكَر حين كنت صغيرة ..لم أتجاوز السادسة وأنت كنتَ ذاك الشاب الذي يملأ الأمل قلبه، ترتاد الجامعة ملتحقاً بقسم اللغة الانجليزية حيث كنت متميزاً كما أنت دائماً حين تحب شيئاً ..أَتَذّكُر ذاك اليوم الماطر حين أغلق الاحتلال الطرق وأخذتُ أنتظرك طويلاً عند باب منزلنا في بلوك ان في رفح..بدأت جدتي بالدعاء خفنا عليك كثيراً



كان وقتها العدو واضحاً يا عمي ..جلياً ..نخافه كله..ونقاومه كلنا .

بدأتَ في ذاك العام1988 نشاطاتك في المقاومة الاسلامية والتي عرفت فيما بعد أنها كانت بدايات حركة حماس ..أحياناً حين أتذكر تلك الايام أشعر أننا وحماس كبرنا معاً. لم أكرهها يوماً ..ربما لاني أحبك ..حتى عندما تنافرت ميولنا كثيراً فيما بعد ...كنتُ حين أفكر بها، أتذكرك أنت فقط،عمي الذي كان دائماً مثل أي شاب تتراوح ميوله بين الدين والدنيا..

أتذكر كل أيامنا تلك حتى عندما حطمتُ عرائسي الصغيرة كي أرضيك ..فقد اقتنعت أنها حرام...لم تطلب مني ذلك لكني كنت أريد أن أكسب ودك، والذي غدا يرضيه فقط السلوك المتدين..وأنت وأنا نعرف أنك قسوت علي في تلك الطفولة البعيدة حين كان والدي مسافراً...لكني يا عمي في سفري هذا وأنا الآن في الخامسة والعشرين من عمري وبعد أن سمعت الأخبار الفاجعة في غزة لا أستطيع أن أكرهك ..ولا أتذكر سوى حب تلك الطفلة لعمها الأصغر سناً بين أعمامها الثمانية في بيت العائلة الكبير..

عمي العزيز لو ترى جمال البلاد هنا في كوريا الجنوبية، كنت أريد أن تكون معي..لترى كيف يمكن لشعب أن يجعل وطنه فردوساً: الجبال الخضراء والهدوء والسلام والتقدم التكنلوجي رغم أعداء كوريا الكثيريين الا أن لا أحد من أهلها يختلف على أنها الوطن..الوطن الذي يجب صونه.



ماذا عنا يا عمي؟ هل حفظنا نحن الوطن؟

أنت وأنا ووالدي واخوتي، كلنا لاجئون من قرية صرفند العمار، كنا دائماً نعتبر بيت العائلة الذي بناه والدي مع بقية اخوته الأكبر منك سناً، وطناً مؤقتاً أو الجزء الآخر منه..حتى نعود الى أراضينا...لذلك كنا دوماً نحرص -لأننا هؤلاء اللاجئون- على أن نحافظ عليه ونجتهد بالحاح مبين، كي نثبت أننا نضاهي الكبار،.فتمسكت أنت بطموحك حتى بعد أن سجنك الاحتلال وقصصت علي كيف خرج الدود من جرح رصاصة في ساقك لأن أحداً لم يعالجها...خرجت منه أكثر تفاؤلاً..وكنتُ وقتها قد انتقلتُ مع عائلتي الى الامارات، رغم ذلك كان صوتك دائماً يرن في مخيلتي وأنتظر صورتك على التلفاز في مرج الزهور بعد ابعادك ..أنتظر صورة ذاك الشاب الوسيم وسط تلك الثلوج ..لم أرك يوماً ..بيد أنك أطلعتني على صورك في المرج بعد ذلك بسنوات، وصور فرسك الذي اضطررت الى اطلاقه في النهاية حين رجعتَ الى القطاع، كان ذلك في عام1997 حين رجعنا من الامارات على اعتبار أن السلام عم القطاع ..وكنتَ تزوجت لتوكً بعد أن تخرجت من الجامعة وتنتظر الوظيفة مثل معظم الشباب.

وكانت حماس حينها في أوج ثباتها في مواجهة السلطة وأوسلو...في حين بدأتُ –أنا- أعرف طريق القراءة والكتب وربما التمرد على ما كنت أعتقد أنه مسلماً به..توترت علاقتنا كثيراً رغم أنك حاولت دوماً ألا تفقد أعصابك معي كما كنت تعاملني في طفولتي، وبدأت تناقشني بشكل راق ومتحضر حول جدوى ارتدائي للبنطال ونشر قصائد الحب..كنت صبوراً ولكن حجتك كانت دائماً أضعف من حجج الكتب التي كنت أقرأها وأوهى من اقتناعي أن الحب لم ولن يكون عدواً للوطن.

...ولكني يا عمي أنا مذبوحة هنا ..في هذه البلاد البعيدة..في حيرة..كيف مات كل هذا فيك ؟ هل أصبحنا أعداءً لوطننا؟ أين ذاك الشاب المسالم الذي لم يعتد العنف داخلك؟ هل أمَتّه أم أنه في غفوة قليلاً؟ كيف أصبحت لغة السلاح تعلوعلى كل شيء؟ أكاد أكرهك...أكاد أكرهك وأنت الوحيد الذي بارك زواجي رغم عدم موافقتك عليه ورغم معارضة العائلة ..الوحيد الذي كاد يبكي وهو يقول لي مبروك يا عمي ..والوحيد الذي ااستقبلني وحمل ابني حين رجعت أجر أذيال الخيبة بعد طلاقي...لا أحد يستطيع أن يسرق حنيتك ولا أن يأمرني بنسيان هذه الذكريات معك الا الوطن يا عمي ..ما فعلته التنفيذية وحماس في غزة لم يفعله العدو....من تقتلهم اسرائيل في أشهر قتلتموهم أنتم في ثلاثة أيام، من يعتبرهم العدو رجال مقاومة ويبحث عنهم..أنتم قتلتوهم ومثلتم بجثتهم وقدمتموهم قرباناً له.

أشعر بالخيبة والاحباط ..هل سألت نفسك ماذا ستقدمون لنا نحن الشباب والشابات؟ بعدما فعلتموه يا عمي؟ أثمال وطن ربما..أم دولة اسلامية على أنقاض أرواح من هم منا..سمعت عن فرحتكم بفتحكم هذا وعائلاتكم كذلك سعيدة وستنسون بسرعة الجرائم ولكن هل سينسى الشعب والتاريخ ونحن طبعاً ؟ لا أبداً..أعدك بذلك..

كيف أنسى أنكم تبيدون وتحرقون كل ما ليس ومن ليس منكم حتى الشاليهات التي أتذكر أننا أكلنا البطيخ قبالة شاطئها أحرقتموها، لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟، ليس هناك خمراً ولا مايوهات..كان شاطئاً للعائلات فيه خصوصية أكثر من غيره..

أحاول أن أبحث لك عن مبررات ومسوغات لأني أحبك..لا أجد...كان كل شيء يسير بشكل حسن: حكومة وحدة وطنية، والناس خرجت لتحتفل وظهرت بوادر انهاء ازمة الحصار ..ولكنكم أنتم في حماس خاصة ذراعها العسكري لم تكونوا راضيين. أمرت رجالك بالانتقام والاستيلاء على كل شيء ؟ كأننا كفار وتلك غنائم..



عمي العزيز:

أتدري أكثر ما يقتلني أن منزل والدي في حي تل السلطان الذي تركناه منذ خمسة أعوام واستأجرنا آخراً في غزة، أصبحت تضع فيه ما تسموه أنتم غنائماً: بضعة كراسي وأجهزة كمبيوتر...لماذا؟ فتحنا منزلنا لجدي وجدتي وليس لكم..لمن يعتقد نفسه أنه أحق بالأرض.



عمي العزيز:

أعرف أن كلامي لن يعجبك ربما ولكن هذه حقيقة، أننا كلنا أحق بالأرض، غزة وطن الحمساوي والفتحاوي والجبهاوي والمتدين والملحد ومن ترتدي الحجاب ومن لا تؤمن به ..وطن الملتزم والفاسق...ان ما تفعلونه لا يعني شيئاً في عمرالشعب..انها مرحلة جنون وسيغلب المنطق وسيعلو الحق.

أشعر هنا في الغربة كما قال الشاعر:ألف شمس في ألف سماء ولا ضوء. لكني مؤمنة أنك ليس هذا القاسي الذي لا يشعر بالشفقة على الضحايا..ليس أنت هذا الرجل الدموي مسؤول ما يسمى التنفيذية الذي تحاول أن تكونه..بل أنت عمي الحبيب الذي كنتُ أتمنى أن أودعه قبل أن أسافر سفرتي الطويلة هذه..لكني خفت من رؤية حجم التغيير الذي أصابك ..خفت من أن وجودي معك بحد ذاته يحولني لجزء من تنفيذية الاجرام التي تترأسها.

أسافر يا عمي من مصر لأمريكا الى كوريا الجنوبية..هرباً من كل تلك المفارقات الجارحة في حياتي وأحمل في قلبي الشوق لبيت العائلة الكبير في بلوك ان وتلك الأيام النقية.

أريد أن أتفكك من جذوري هذه..لكن ذلك لا يحدث خاصة حين أحدث والدتي بالهاتف وتصف لي لهفة ابني ناصر الذي سبيلغ الثلاثة أعوام بعد شهرين لهفته ورغبته بالذهاب الى رفح نهاية كل أسبوع..انه يبني جذوره معك ومع المكان ويتعرف على حنيتك في كل مرة يأخذه والديَّ اليكم وأنا أهرب من كل ذلك..أليست مفارقة مضحكة مبكية...أرحل عن كل شيء وهو يستوطن في كل شيء.

عمي العزيز

أنتظر ردك لتقول لي هل الأصل داخلك: عمي الحنون أم مسؤول التنفيذية؟.



كل من يشارك في هذا البرنامج المخصص للمبدعيين هنا في كوريا يتحدث عن بلده بسهولة ويفاخر بها ويعرفها كما يعرف اسمه وعمره ..الا أنا عدت لا أجد ما أقوله رغم أني أعرف الكثير، خاصة حين يباغتني سؤال: سمعنا أن فلسطين غدت بلدين؟

غدت بلدين وغدوت معها متآكلة بين حزنيين حزن على الوطن وحزن عليك.


   




















التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !