مواضيع اليوم

رسالة من النمر إلى اللبؤة ( قصيدة للشاعر إبراهيم أبو عواد )

إبراهيم أبو عواد

2014-04-21 07:27:16

0

 رسالة من النمر إلى اللبؤة / قصيدة

 

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .

 

...............

 

     أتمنَّى لَكِ حَياةً خَارِجَ الحياةِ/ أَنْتِ مَغْرورةٌ / لا أَعتبرُ رَفْضَكِ هَزيمةً لي/ فالذهبُ لا يبكي عَادةً إلا عِندَ وَفاةِ النارِ/ أَرْحَلُ بِصَمْتٍ عَالي الصَّوْتِ قليلاً / أَعُودُ لأُكْمِلَ الانقلاباتِ على قَلْبي الوَحيدِ / لَكِ قِلادةٌ مِن العَاجِ / كَم فِيلاً قَتَلَتْهُ أُسْرَتُكِ لِئلا تتضايقي / وَأنتِ تنامين في بُكاءِ الغاباتِ ؟ / لَكِ خَدَمٌ مِن الثعالبِ الخائنةِ / هَل فَكَّرْتِ بالليلِ يَغْسلُ دَمْعَ البَلَحِ ؟/ احتضاراتُ الصَّقيعِ أقامت مَصْنعاً لتكرير الملحِ على ضِفَّةِ دُموعي / إِنْ أَخُنْ قلبي أَخسرْ وَجْهي/ إِنْ أَعْشَق الرَّصاصاتِ أفقدْ مَمالكَ المجاعةِ / فَعُودِي إِلى أسنانكِ / ونظِّفيها بِسَعَفِ النَّخْلِ / فالأرضُ شَمْعةُ الغُرباءِ / إذا انطفأتْ أشعلتُها بذكرياتي في المدنِ المنسيةِ / لَحْنٌ خَافِتٌ يَطْلُعُ مِن الشَّوْكِ / وَالشَّوْكُ لم تَلْمَسْه أُنثى مُنذ مَصْرعِ أُمِّهِ / ولا أَذْكرُ أن أُنثى لَمَسَتْني إلا البحيرة / كُنْ يا غُبَارِي عِندَ حُسْنِ ظَنِّ الميناءِ المحطَّمِ بِكَ / بَحَّارٌ صُداعُ التَلِّ الحافي / والطاعونُ يحتلُّ ذَاكرةَ القَشِّ / يَسِيلُ دَمُ الوِلادةِ / وأنا سَأموتُ / وَقَدْ يَأْتي عُمَّالُ مَناجمِ الفَحْمِ إلى مَغارتي / ويتناولونَ خُبْزِي / وَيَسْخرون مِن تَاريخِ عائلتي في الأدغالِ / وَرُبَّما يَنْظرون إلى قَبري باستهزاء / فهل سَتَبْكين عَليَّ ؟/ هَل سَتَقُولين إِنَّ نَمِراً أَحَبَّني يَوْماً ما / إِنَّ نَمِراً مَرَّ مِن هُنا ذَاتَ مَساء/ وَكَانت عَيْناه تَدْمعان حَنيناً ؟/ أَيَّتها اللبؤةُ / عُيونُكِ تَنْقُشُ فِيَّ رِحْلةَ اللاعَوْدةِ / أُريدُ مِنكِ حِينَ تَصْطادين السَّوسنَ المجروحَ / أن تتذكَّري أحاسيسَ جُذوره / لكي تتذكَّري مَلامحي / أنا المنسِيُّ في قائمةِ عُشَّاقكِ الكثيرين/ صِرْتِ مَرَضاً في عِظامي/ ونَزيفاً في أعصابي / أَنتِ هَوَسِي / صَارت الفِئرانُ تَضْحكُ عَليَّ / أنا الأبُ الرُّوحِيُّ لأوراقِ الخريفِ / صَارَ الجميعُ يَسْخرون مِنِّي / صِرْتُ نَبَاتِيَّاً / ماذا سَأَقول لأبي وأنا أرجعُ كُلَّ لَيْلةٍ بِدُون فَريسةٍ ؟/ وَمَا زَادَ لحمي ظِلالاً أنِّي استقلتُ مِن السِّيركِ / واعتزلتُ الحياةَ السياسيةَ / مَا كُنتُ أظنُّ أن أُنثى سَتَفْعلُ بِي هذا/ ولكني سأقفُ ضِدَّ حُبِّكِ ما دَامَ حُبُّكِ رُمْحاً يُشرِّحني/ مَا زَالَ في تفاصيلي ضَوْءُ تمردٍ / وَرَفْضٌ لسَيَّافي الأرضِ / رِياحاً تأتي أعضائي المسعورةُ / أتذكرين لقاءنا الأولَ في المقبرةِ / والعناكبُ تَقْفزُ سَعيدةً بوجودنا ؟ / شَعَرْتُ أنهُ حُبٌّ مِن الرَّصاصةِ الأُولى / فَكَّرْتُ يَوْمَها أن أُقَبِّلَ تاريخاً حافلاً بالمرايا المشروخةِ في الرماد / كِدْتُ أقولُ لَكِ خَبِّئيني في يَدَيْكِ / مِن الصَّيادين وَعُلماءِ الأحياء / لكني أدركتُ أنني حيوانٌ / وأن الحيواناتِ أُلعوبةٌ تستمتع بها بَناتُ الأغنياء / أغارُ مِن شَوْكةٍ تَلْمَسُكِ  / أصبحت الحيواناتُ تفاحةً بائسةً تُؤَجِّرُ رَحِمَها للرِّيحِ / مَا عَساكِ أن تفعلي في هذا العَالَمِ المتوحِّشِ ؟ / تعالَيْ أتزوَّجْكِ فتنجبي أنصافَ نمورٍ وأنصافَ أُسودٍ / ثم نُشعلُ الانقلاباتِ على أناشيد الغابة / نحن خَاسِرون إِنْ لم نُرسِلْ قاتلينا/ إلى أرشيفِ الهياكلِ العظميةِ / فَلْنَبْدَأْ مِن دَمِكِ وَدَمِي / مِن مَوْتي وَمَوْتِكِ/ يَغْمرني المكانُ فأصحو ذَبيحاً/ يَنتحرُ الطُّغاةُ على بَوَّاباتِ اكتئابي / أَلْفُ مُسْتنقعٍ يَغْفو في أعمدةِ انهياري / ناسفةَ حُطامي / عَشيقةَ ذُبولي/ مَن الخاسرُ فِينا ؟!/ لا أُصَدِّقُ أنَّا جَرَحْنا أحزانَ الغُصونِ / وَتَبَادَلْنا الدُّموعَ بَدَلَ الهدايا / ولم ننتبه إلى أننا قَتَلْنا الفَرَحَ في معاطفنا/ وَبَذَرْنا الكَراهيةَ في طُرودٍٍ مَلْغومةٍ تتأرجحُ فِينا/ وفَجْأةً / أصبحت قِصَّتُنا فُكاهةً على ألسنةِ القُرودِ وَدِبَبةِ الباندا / إنها الأمطارُ فيذهبُ الجميعُ إلى مَخْبئه/ وأظلُّ هائماً مُبَلَّلاً بلا مأوى/ أنالُ عَطْفاً مُؤَقَّتاً مِن مُخرجِ أفلامٍ وثائقيةٍ / يَجْني الملايين والتصفيقَ / ثُمَّ يَرْميني في الشَّارعِ / رُجولةُ الزَّوْرقِ / وامرأةٌ تُذبَحُ في الستائرِ الرماديةِ كُلَّ لَيْلةٍ / تُذبَحُ في أحضانِ زَوْجٍ تَكْرهه / أنا حيوانٌ / لكنْ لَدَيَّ شُعورٌ يَصْهرُ أعصابي في وَهْجِ الزنابق / أحتاجُ إلى أُنثى تُشارِكني مَسيرةَ التَّوَحُّشِ / وشَهْوَةَ الاكتشافِ / وَجُنونَ الانطلاقِ الشَّرسِ/ لِيَكُن الحبُّ بَيْنَنَا حَرْبَاً تتعانقُ فيها بَقايانا / لن أَخْرجَ مِن جِلْدي / لكني سَأُجَهِّزُ على شُطآنه مَقعداً يَتَّسعُ لجثةٍ نتقاسمها وتتقاسمنا/ ونضمُّ أجسادَ مَوْتانا ونموتُ / أَعْطَيْتِني دَمَ الفَريسةِ تِذكاراً / تَذَوَّقْتُه فَوَجَدْتُه مُرَّ المذاقِ / كمساميرِ نَعْشي المهترئةِ / أنا وأنتِ قاتلان / كِلانا سَرَقَ بَراءةَ الغِزْلان / فلا تَلْبسي الأُنوثةَ.

 

[مَلِكُ الغابةِ غير المنتخَب / النَّمر ]

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !