رسالة مفتوحة الى القارئ العربي
رسالتنا هذه هي في اصلها رد على التعليق الخاتم للسيد المدون نجم الدين ظافر على مقالتنا (الا حكاية بني امية والمسجد الاقصى) وددنا ان ننشرها هنا لتعميم الخطاب ..
لا أسميه حوار الطرشان بل هو اثراء عظيم وهائل لهذا الحوار الذي يراوح مكانه منذ فترة بعيدة.. الآن ادركت حضرتك ان الحوار والمفاوضات ليست بالامر السهل.. والاصل يا سيدي العزيز ان يحترم كل طرف وجهة نظر ومواقف ومعتقدات نظيره للحوار لا ان يقبل بمواقفه بشكل مطلق، فالمسألة ليست مفاضلة كما نكرر كل يوم وليست فرض آراء وليس هذا سباقا او ليّ اعناق او حتى مبارزة شعرية بقدر ما هو اثراء متبادل وتعريف متبادل وتقريب لوجهات النظر بصراحة وشفافية، كفانا مجاملات وكلام معسول كفانا حوارات يُظهر فيها احد الاطراف او كلاهما ما لا يبطن.. كما لا يخلو اي حوار من مكاشفات ومفاتشات ومعاتبات وتراشق بالتهم احيانا وتشتد لهجة الحوار تارة وتخف حدته تارة اخرى.. هذا هو حالنا على صفحة مدونات ايلاف منذ بدأنا التدوين ليس هذا اول حوار ولن يكون الاخير فالتعليقات والردود على موضوعاتنا لم تتوقف يوما احيانا ينقطع الحوار مع بعض المعلقين بعد ساعات واحيانا يستمر لايام وتارة يستمر لشهور، كانت لنا حوارات ساخنة مع مفكرين عرب ومع مدونين وقراء، ليس الهدف من كل هذا ان يعتنق احدنا عقيدة الآخر او يتبنى مواقفه بل احترام شخصه ورأيه ودينه وفكره ومشاعره وعدم امتهان كرامته، ليس هذا خطابا حماسيا او موعظة او انشاء بل تشهد على هذا كل طروحاتنا وحواراتنا السابقة واللاحقة.. كما أشيد بانحيازكم لقضاياكم وتمسككم بعقيدتكم ودفاعكم عن كل ما تؤمنون به.. هذا هو الأصل عندنا اساسه الاحترام المتبادل..
اما بعد .. ليس تعنتا يا سيدي بل خلاف في وجهات النظر لا يفسد للحل وللسلام وللتعايش وحسن الجوار قضية.. ما كانت المفاوضات يوما بين طرفين متفقين تماما في وجهات النظر والا لما كانت ثمة حاجة لهكذا مفاوضات اصلا.. ولك عبرة في هذا من السيرورة البشرية من اولها الى آخرها.. نحن لا نشارك بالمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية لكننا نوافق على اعتبار هذا الحوار بمثابة مفاوضات مجازا او صراحة كما نقبل بوجود شهود والا ما كنا نبادر الى مثل هذا التدوين فكل القراء والمعلقين هنا شهود علينا وعلى موضوعاتنا وحواراتنا منهم من يرمينا بالتهم ويعارضنا ومنهم من يؤيدنا ويتضامن معنا ويشجعنا وهناك من ينكر علينا حتى المشاركة في منتديات عربية اما نحن فنقبل بهذا وذاك برحابة صدر وكثير من التفهم..
سيدي الكريم.. حينما بادر الاستاذ الجامعي اوري روبين الى ترجمة القرآن للغة العبرية كان يعكف قبلها على مطالعة كل التفاسير الاسلامية للقرآن الكريم لم ينقل كلمة واحدة الى العبرية قبل ان يطّلع على كافة ألاراء ووجهات النظر الاسلامية ومواضع الخلاف والاتفاق، كذلك الامر بالنسبة للعرب والمسلمين الذين يخوضون في المراجع اليهودية الدينية والدنيوية ندعوهم الى مطالعة ما يقوله اهلها ومفسروها الى جانب ما يقوله الآخرون لا اعتقد ان هذا طلبا جائرا او متعسفا فنحن ايضا نحذو حذو اساتذتنا ولا نأخذ القرآن والانجيل الا من اهله ومنابعه ومراجعه.. نعم هناك قصور في فهم النصوص التوراتية والتلمودية لدى العرب والمسلمين قلنا إننا لا نتبع هنا نهج المجاملة والتملق بل ننحاز الى الصراحة حتى لو كانت جارحة احيانا.. لا نحوّر اقوال المؤرخين لا اقوال روبنسون ولا خلافه بل لكل منا طريقته ونهجه في الاستقراء والاستبيان والاستنباط والاجتهاد وهذا ما حثت عليه كل العقائد والنواميس فان أصبنا فرأينا صواب يحتمل الخطأ وان أخطأنا فخطأنا يحتمل الصواب ليس هناك حق وباطل في الحوار بل خلاف واختلاف في وجهات النظر لا اكثر..
لا يا سيدي لا نكره احدا لا الفلسطينيين ولا العرب ولا المسلمين ولا سواهم واعيدك مرة اخرى الى الاستاذ الاسرائيلي اوري روبين صاحب الترجمة الاخيرة للقرآن الى اللغة العبرية راجع ما قاله في هذا الصدد للقراء الاسرائيليين تراه يشيد بالقرآن وباللغة العربية ويشجع القراء الاسرائيليين وطلبة الجامعات على الاقبال على كلاهما واحيطكم علما ان اللغة العربية تدرس في المدارس والجامعات الاسرائيلية وينقل يوميا الشعر والأدب العربي والروايات الى اللغة العبرية بينما بالمقابل نرى انه قامت الدنيا ولم تقعد في مصر لمجرد الحديث عن مبادرة لترجمة اعمال الأديب الاسرائيلي عاموس عوز الى اللغة العربية.. فهل تُـقبلون على دراسة التوراة واللغة العبرية والأدب العبري في المدارس والمعاهد العلمية العربية كما نُـقبل على دراسة القرآن واللغة العربية... اذا كانت الاجابة بالنفي يحق لنا وقتها ان نسأل من هو إذن الطرف الذي يلغي الآخر ويرفضه ويعمل على إقصاء مراجعه ومرجعياته هل نحن من يفعل هذا ام انتم .. ومن مآخذك علينا ايضا والتي تتجلى من خلال ردك اننا نستند " لمؤرخين لم يجتمعوا على بلد قدم منه الفلست . منهم من قال قبرص ومنهم من قال جزيرة كريت ومنهم من قال اواسط اسيا ومنهم من قال اوروبا ومنهم من قال بحر ايجه.فكيف يؤخذ باراء مؤرخين اختلفوا في تحديد المكان ".. تماما يا سيدي فالآراء تتباين في مسألة اصل الفلست القدامى والكنعانيين والعبرانيين هذا هو حال المحافل البحثية وايا كان اصل الفلست او الفلسطينيين القدامى مصدر الاسم الحالي فلسطين فثمة اجماع انهم غرباء جاءوا من وراء البحار فهي موجات هجرة او سميها حملات فلستية، وثمة قاعدة بحثية تقول إن الحاضر مفتاح الماضي فهناك المئات من المفردات اليونانية والاجنبية ما زالت اللغات الدارجة في ارض اسرائيل (فلسطين) تزخر بها وما زالت تتداولها السنة الفلاحين في القرى والريف.. القاعدة في البحث ان كل رأي يحتمل الخطأ والصواب ليس هناك غالب ومغلوب بل إغناء متبادل كما قلنا..
ليس تسخيفا لاقوال المؤرخين الذين يتحدثون بحيادية او تحوير كلامهم والغاء بعضه كروبنسون وغوستاف وجارودي وغيرهم بل هي اجتهادات وقراءات مختلفة لاقوالهم ، لا نلغي احدا من المؤرخين ولا نخشى ايا من النظريات العلمية والبحثية بل نأخذها جميعا على محمل الجد نناقشها ونختلف مع بعضها ونتفق مع بعضها الآخر ونلتقط ضالتنا من خصومنا قبل مريدينا.. واذا كان هناك ثمة مثال من تدويناتنا الاخيرة على صفحة ايلاف فهو ادراجنا الاخير (وشهد شاهد من غير اهلها) فبينما تناول المدون اوس العربي مقالا نشر مؤخرا لاحد الكتاب الغربيين وجد فيه المدون تفنيدا للمزاعم الصهيونية بحسب قوله نشرنا في المقابل تحليلا للمقال المذكور من وجهة نظرنا ما يدل ان دل ان اختلاف الآراء والقراءات والاجتهادات حول ذات المقال احيانا هو امر بديهي وطبيعي ومكفول للجميع ولا يصب هذا ابدا في خانة التحوير والتأويل والتزوير... وينسحب هذا على نصوص التوراة كما على غيرها حيث نرى اننا نختلف على الدوام مع المسلمين حول تفسير النصوص التوراتية والتلمودية وهو امر ننظر اليه ايضا بعين التسامح والتفهم بل هو احد الدوافع وراء انشاء هذه المدونة، وما كانت تدويناتنا الا لعرض وجهة نظر اضافية، مغايرة احيانا، امام القارئ العربي..
اما قولك اننا نعمد الى تحوير المعاني او كما هو قولك : (تحوير المعاني وكاننا جهلاء بلغتنا العربية حتى نقتنع بوجهة نظر شاذة).. نقول ليس جهلا منكم باللغة العربية بل على الغالب غياب قراءة متعمقة للنصوص التوراتية من مراجعها واهلها فهذه الصيغة التوراتية المتاحة على الشبكة ما هي الا نقلا للتوراة الى اللغة العربية تقوم عليها جهات مسيحية كون التوراة جزء من كتاب النصارى وهي لا تغني عن الرجوع الى الأصل التوراتي العبري كما نفعل لدى تناولنا للنصوص الاسلامية فلا نقول يقول برنارد او موسى في تفسير الآية القرآنية هذه او تلك بل نقول قال ابن كثير والطبري والقرطبي بيد انه لا مانع من الاستدلال بمفسرين ليسوا من اهل القرآن لكن ليس بدون مقارنتهم مع التفاسير الاسلامية المعروفة والمتفق عليها..
ولفت انظارنا ايضا قولك : (عرفت كيف عندما يحشر المرء في زاوية يقفز لينجو).. لا يا سيدي ليست هذه حلبة مصارعة وليست مسابقة معلوماتية فيها الغالب والخاسر ، لا اذكر اننا لجأنا مرة الى الحيلة او الهرب او التهرب او التغاضي او الهروب من المواجهة او القفز او البحث عن النجاة والخلاص ، نحن نرد على كل التعليقات الا اذا كانت مكررة عندها نكتفي بالرد على بعضها ، واذا كنا نتأخر احيانا بالرد فلأننا بشر لعائلاتنا وشواغلنا ودراستنا حق علينا لكننا في نهاية المطاف لا نهمل اي تعليق ولا نتفاعل مع ردود القراء الا بشكل مباشر وصريح ندلي بدلونا ونقول رأينا غير مكرهين احدا على القبول به ..
ولافت ايضا ردك الخاتم : (انكار اصول القبائل العربية حتى لايكون للعرب وجود. النقاط السابقة قد تزيد لكنني كما قلت ساتوقف وهذا اخر ردودي لان الحوار لن يفيد على الاطلاق . نصوص صريحة ومراجع ثابتة وحفريات اثرية ومسمي اوطان تنكر في وضح النهار. فما قلته ساعيد تكراره والردود سيعاد تكرارها اذن النتيجة واحده . ساتوقف كما توقفت المفاوضات المباشرة العبثية).. سيدي نحن لا نكره احدا على الحوار ولا نستجدي التعليقات ولا نحصي الردود فان كنا قد استنفذنا الحوار حول هذه الجزئية فهذا شأن كل حوار ونقاش ويظل الحكم النهائي للقارئ.. ولا اسمي هذا مفاوضات عبثية فالعملية التفاوضية هي ايضا عملية تراكمية ما كان لها ان تحسم من خلال بضعة جولات من الحوارات والنقاشات.. لم نتنكر يوما للوجود العربي فهو وجود ساطع وطاغي في المنطقة برمتها لكن نكرر لا حرج في اعادة قراءة التاريخ واستجلاءه وسبر اغواره كلّ يدلي بدلوه من منظوره وموقعه، والتاريخ اليهودي العربي هو تاريخ متداخل ومشترك في الكثير من محطاته وعليه فلا حرج علينا ان نخوض غماره خصوصا أنه ترك بصماته واثره الواضح على التاريخ اليهودي كما ينعكس من مقالاتنا.. نعم كلما غصنا اكثر في التاريخ العربي نلاحظ ان التاريخ المكتوب والمدون يتوقف احيانا مفسحا المجال امام الدارس للاستنباط والتحقيق والقياس والاجتهاد.. لم نعثر على دلائل بينة وجلية تقطع الشك باليقين في مسألة اصل القبائل العربية واصول الاقوام السحيقة التي سكنت ارض اسرائيل او ارض فلسطين وارض الشام والرافدين ومصر وسواها.. من السهولة بمكان ان نقول ان هذه الشعوب اصولها عربية او عبرانية او اجنبية لكن الاصعب هو استحضار الدلائل التي تثبت صحة أقوالنا وهنا تكمن اهمية البحث والدراسة والحوار وتبادل المعلومات والمنفعة ..
تحياتنا الخالصة للجميع
التعليقات (0)