بما يليق بك كرئيس لأكبر دولة عربية .. وكرئيس لمصر..
كنانة الله في أرضه .. وصاحبة فجر الحضارة .. وأم التاريخ ..
نتحدث إليك مهما كان وجه الاختلاف معك أو عليك ..
ومهما كانت ميزاتك أو مثالبك .. ومهما كانت انجازاتك أو خطاياك ..
فأنت مصري .. ورئيس لمصر .. وما يمسك في كرامتك الآن يمس مصر جميعها ..
ولقد كنا " وما زلنا " من المهاجمين والمنتقدين بضراوة وعنف لنظام حكمكم باعتباره امتداداً لأنظمة الحكم العسكرية الشمولية.. المضيقة للحريات .. والماسة .. والمنتقصة لحقوق المواطن المصري اجتماعياً.. واقتصادياً .. وسياسياً ..
وإذ كان الحزب الوطني الحاكم الذي ترأسونه قد تسلط عليه زمرة من الفاسدين والمتسلقين والماصين لدماء الشعب والسارقين لخيراته والمتحكمين في مقدراته ومنهم ابنك "الصغير" وشلته الفاسدة ..
وإذ كانت قوى المعارضة "الشرعية" قد يبست وتكلست تحت وطأة الكبت والقمع سواء التشريعي أو الأمني بما أفقد الأمل لدى جموع الشعب في التغيير على يد المعارضة قاطبة .
وإذ كانت انتفاضة شباب مصر الطاهر المفاجئة لكم وللشعب ولقوى المعارضة بل ولجميع أجهزة الاستشعار والاستخبارات حتى الأمريكية .. حيث لم ينظر الجميع لأبعد من قدميه في توقع وتصور ردة الفعل الشعبية على ممارسات الزمرة الفاسدة في نظامكم الحاكم ..
فقد جاءت وقفة الشباب في ميدان التحرير انتفاضة كانت أو ثورة أو اجتياح أو بركان أو زلزال هز أركان العالم مثلما هز أركان النظام حيث اختفت على إثرها جموع الزمرة الفاسدة من على صفحات المشهد المصري وهربت هروب الجرذان أمام أضواء النهار الساطعة ..
وإذ تفاعلنا كما تفاعل الشعب المصري جميعه وشعوب الأمة العربية بأسرها والشعوب الحرة في جميع أنحاء العالم مع صرخة الشباب الطاهر في 25/1/2011 في ميدان التحرير مطالبة برفع الضيم والظلم عنها وبالتغيير وبالحرية وبالحق في حياة كريمة ..
وإذ تدافعت الأحداث.. وتغايرت الوقائع .. وتبدلت المواقع .. وتداخلت الأجندات.. وتباينت المواقف.. وتلمظ الخصوم .. وتربص الأعداء .. وصارت مصر على مشارف جرف هار وضع المصريون أيديهم على قلوبهم حين تبدلت فرحتهم إلى خوف على مصر البلد والوطن والعمر والمصير ..
وإذ تابعنا يا سيادة الرئيس موقفك (أياً كان وجه الرأي فيك) من عدم ترك (البلد) عرضة للغرق ونهباً لأجندات الطامعين والمهاويس و أعداء الشعب سواء في الداخل أو في الخارج..
وإذ تابعنا سيادة الرئيس حرصك .. ليس وحدك .. ولكن تدعمك كتائب من رجال مصر المخلصين في الجهات السيادية كالأمن القومي والمخابرات العامة والعسكرية والجيش المصري البطل الباسل
رجال لا علاقة لهم بشخص (رئيس مصر) بل وظيفتهم ومهمتهم المقدسة بذل الروح في سبيل الحفاظ على الوطن واقفاً على قدميه .. ومنعه من الانهيار.. والصمود في جوف العاصفة وقطع كل يد تمتد بالشر لجسد الوطن وترابه وأرضه وكيانه ..
هؤلاء الرجال الشرفاء الذين يعملون لمصر ولا يعنيهم كون الرئيس اسمه "مبارك" أو "البرادعي" أو كائناً من كان بقدر ما يعنيهم حماية كيان "مصر" الدولة والوطن من الانهيار أو الدمار أو الضياع أو الخراب ...
لذا كان القرار هو البقاء حتى نهاية مدة رئاستك للمحافظة على مصر راسخة وواقفة وتسليمها لمن يليك .. ثم بعد ذلك يكون لكل حادث حديث ..
وإذ كان إعلانك يا سيادة الرئيس الاستجابة لمطالب الشباب (العادلة) والتي تأخرت سنين طويلة وقصرك البقاء حتى نهاية مدة رئاستك باعتبارك أنت الوحيد الذي تملك جميع مفاتيح التغيير والتعديل الدستوري والتشريعي .. وذلك بحكم مواد الدستور ..
وباعتبار أن تخليك عن "المسئولية " في هذا الظرف الراهن سيغرق البلاد في ظلام الفوضى والضياع والخراب .. ويجعلها عرضة ونهباً للأطماع والنهب والسلب .. فضلاً عن التدخل الأجنبي سواء الإرهابي أو التنظيمي العصابي أو الدولي ..
فإننا ومن واقع المسئولية لا المجاملة ..
ونحن الذين هاجمناك وهاجمنا نظامك المستبد الديكتاتوري بضراوة وشراسة على مدى شهور طويلة وقبل أن تحبل مصر بثورة شبابها الغض البض النضير ..
فإننا ومن هذا المنطلق ..وباعتبارك رجل عسكري .. تربيت في مؤسسة الجيش المصري العظيم الذي لا يعرف معنى الهروب أو الفرار.. ذلك الجيش الذي انهزم شر هزيمة في يونيو 1967 وظن العالم أن لن تقوم له قائمة فإذا به يصنع من جراحه سلاحاً ومن دمائه ذخيرة ومن آلامه طاقات هادرة ليفاجئ العالم كله بإعجاز عسكري هندسي بشري في أكتوبر 1973 عبر به هزيمته فاستحق انحناء العالم أجمعه له ..
وإذ كنت أنت أحد أفراد هذا الجيش العظيم.. حملت اسم مصر .. وحاربت باسمها.. فإننا نتفهم اليوم أن انكسارك المروع في 25 يناير يمكنك أن تترجمه إلى إصلاح شامخ وعزيز وترميم وتطبيب لجراح مصر في الأشهر الباقيات لكم في السلطة ..
وعندها سيادة الرئيس .. ووقتها سيادة الرئيس ..
وكما قلت لكم من قبل أنني من معارضيك الألداء..
إلا أنني – إن أحيانا الله - سألقي لك التحية العسكرية ..
سألقيها لك احتراماً ليس لحسني مبارك الطاغية المستبد ..
ولكن سألقيها لحسني مبارك القائد العسكري المصري المنهزم في ثلاثين عاماً ..
فأبلي أحسن البلاء في ستة أشهر ..
ليستحق منا كل التحية .. وليستحق منا كل الاحترام ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
محمد شحاتة
مواطن مصري
التعليقات (0)