تنشر وسائل الاعلام الصحف منها ومواقع الشبكة الدولية العديد من الاخبار التي تتناول حوادث الانتحار في عالمنا العربي.
فهذا الشخص دفعته غيرته على حبيبته الى شنق نفسه وذاك اطلق النار على نفسه لفقدانه الوظيفة وتلك احرقت نفسها بعد ان علمت من احد الواشين ان زوجها يخونها مع امراة اخرى ، وهكذا تتوالى اخبار الانتحار تباعاً .
الكثير من بني البشر يعتقد ان الانتحار طريق الخلاص من الالام والعذابات التي يحملها الواقع معه احياناً ، فكل شخص يقع في مصيبة ما يلجأ الى قتل نفسه وذلك ظناً منه ان الموت هو سفينة النجاة من الواقع الاليم ، وهذا خطأ كبير فلو سار بني البشر على هذا الاعتقاد لفني بني البشر على وجه الارض ولنشغلت وسائل الاعلام بنقل حوادث الانتحار في جميع دول العالم تاركتاً ورائها اخبار السياسية والاقتصاد والمجتمع.
يرى البعض الانتحار على انه خلاص ابدي من واقع الحياة الاليم وذلك من خلال تصرف متعمد من قبل شخص ما لانهاء حياته .
تقدس بعض الشعوب الانتحار وتضع له رمزية خاصة كما هو الحال عند اليابانيين اما الاديان السماوية فهي تنظر الى الانتحار كجرم عظيم لايغتفر ، وديننا الاسلامي الحنيف حرم فعل الانتحار ووضعه في مصاف الافعال القبيحة التي يقدم الانسان على فعلها ، فقد قال الله تعالى في كتابه الحنيف :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً" (
للانتحار اسباب جمة لايمكن عدها في موضوع واحد ، فالخسائر البشرية والمادية تدفع الشخص الى قتل نفسه بشتى الوسائل والطرق والامراض النفسية لها دوراً مهم في فعل الانتحار فهي تصور للمريض صعوبة الحياة وكثرة الحواجز المادية والمعنوية فيها وضيق مجال النجاح ، وعلى رأس هذه الامراض هو الاكتئاب.
وكما قال الشيخ عائض القرني في كتابه القيم (لاتحزن) ان "الاكتئاب هو بوابة الانتحار فقد نقلت لنا الاخبار ان مرض الاكتئاب يدفع الناس الى الانتحار".
نحن نلقي اللوم على الشخص الذي يقدم على الانتحار ونصفه بشتى النعوت ولكن يجب ان لانلقي كل اللوم عليه فالمقدم على الانتحار دفعته الظروف دفعاً ولو كانت الظروف عكس ذلك لما فعل او فكر بفعل ذلك.
يقول الاديب مصطفى لطفي المنفلوطي "لو ان الاستاذ او المربي قد ملاء قلب المتلقي بنور الايمان ولقنه القيم والاحكام الدينية والاخلاقية وعلمه ان جناية المرء على نفسه اكبر اثماً عند الله واعظم جرماً من جنايته على غيره لما خاطر بدينة وحياته في اخر ساعة من ساعات حياته".
فلو يمرن مربينا ومعلمينا ابنائنا وشبابنا على مواجهة المصائب بتعقل وروية لما اقدموا على التفكير في قتل انفسهم لاسباب هم يرونها عظيمة ولكنها عند العاقل تافهة ومن الممكن تجاوزها .
لو علموهم ان حياة الانسان اغلى واعظم من اي شيء على الارض لما اندفع شبابنا على شنق وحرق انفسهم خوفاً من مواجهة الواقع والناس .
ان الحياة على الرغم من مصاعبها وعقباتها تبقى جميلة ويبقى الامل الذي هو دم الحياة يجري في عروقها فقد قيل قديما "ماضيق العيش لو فسحة الأمل" وقيل ايضاً "ليس هناك اجمل من العيش بتفائل وامل غير محدود" فالحياة رائعة بكل صورها ، يقول الاديب الروسي انطوان تشيخوف "ان الحياة امر مقيت جداً لكن ليس من الصعب ابداً من جعلها رائعة".
ليس من المعقول ان ننهي حياتنا لمجرد لحظة ضعف او يأس او رغبة منا للهروب من الواقع حتى وان كان مريراً .
ان الحياة رائعة وجميلة وخلابة اذا ماعشناها بصورة صحيحة دون تحريف ، فلحظة واحدة من التمعن الصادق في كل ماهو جميل في الحياة تنسينا الانتحار والتفكير بالانتحار.
راميار فارس
ramiarfars@hotmail.com
التعليقات (0)