صديقي الأعز عبدالعزيز الأزمي: عندما علمت أنك ستهجر البيضاء منتقلا في اطار الحركة الانتقالية التي شاركت فيها،اشتعلت في دمائي البحار،وهاجت في قلبي الغيوم بشساعة فضيعة لا حدود لنهاياتها قد تواصل الجثوم على ما تبقى من العمر.اللحظة لا شيء أضحى واضحا امامي في هذه الطريق المزروعة بالهدير واللغط والجلبة والموت المعفن والصفرة الحائمة في مرآة ضباب عائم.الآن التفت بدون رأس يوصلني الى البوصلة; الجهات سحيقة في لوثة آدمية،بلون رماد داكن في ذاكرة مقلوبة على شريط العمر. اليدان منسوختان على أرشيف المداد الباهت والورق المسجى ، العين مصلوبة النظرات،كما لو كان يسحقها الرماد،القلب بئر الأيام الذي لم يعد له أساور، ولا أشطان.
حقا، بعض الناس لا يعوضون، اذ تظل ظلالهم ترزخ بثقلها على الأمكنة، ترشح بالنبل والخير والجمال، صامدة لا تبهت ولا تغور كأنها الضوء الذي ينير النفق ، والشمعة التي تراقص العتمات، وتأنس الروح في وحشتها ووحدتها..
كم صعب أن تلتفت لحظة فلا تجد إلا بعض أطياف في سديم متكدس في طبقات الروح! كم شاق أن تتوارى الغيوم من سماء بعيدة! وكم حزين أن تسرقك النهارات الى الليل الموحش والظلمة القاتلة!...
صديقي أتمنى لك من صميم القلب مقاما محمودا هناك ، وحياة سعيدة، لكن لا تنسى أن المسافات مهما نأت ، فلن تمحو السحر الذي أخذنا بعيدا في الأطياف ...
عبد العزيز أمزيان
التعليقات (0)