الحمد للذي أكرمني بالذكر في قرآنه ..
وبارك حولي بآيات فرقانه ..
والصلاة على الذي أُسري به وصلى بالأنبياء مستقبلاً قبلتي..
والسلام على من عرج به إلى السماوات العلا من باحتي ..
أما بعــــد
قرون عديدة .. مئات السنين مرت على صفحتي ..
تركت بصماتها على جدراني.. عبق التاريخ يضمخ أجوائي..
لازلت أستشعر وقع أقدام النبي محمد وهو يخطو خطواته الأولى مستلماً قبلتي ..
ليصطف خلفه النبيون والمرسلون فيؤمهم في مسجدي..
لازالت أرضي الطهور تتضوع بمسك مسراه ..
ولا زالت أكنافي معلقة بالنظر إلى البراق معراجه إلى السماوات العلى.. إلى سدرة المنتهى ..
لازالت أنواري تضوي بتسبيحات وتهليلات وتكبيرات مئات الملايين من المصلين الذين توافدوا على ساحتي ..
ومصلاي ..ومسجدي وزواياي.. وأركاني منذ فجر الإسلام حتى نزلت النازلة..
شهدت أعمدتي ..وأحجاري .. وقبابي .. ومنابري ..ومآذني أيام مجد المسلمين وفتوحاتهم وانتصاراتهم ..
أيام اعتصموا بحبل الله جميعاً ولم يتفرقوا .. أيام دخل الناس في دين الله أفواجا .. وسبحوا بحمد ربهم .. واستغفروه ..
أيام ذلت جباههم .. وعنت وجوههم لله الواحد القهار ..
أيام استنوا بسنة نبيهم واقتدوا برسولهم وتشددوا في حرصهم على شد رحالهم إلى المسجد الحرام .. ومسجد نبيهم ..ومسجدي هذا ..
لازالت جدراني تتحسس ملامس راحاتهم.. وأياديهم..
ولا زالت أرضي تستشعر وطأة أقدامهم ..
خلفاء بعد الأنبياء.. وصحابة .. وتابعون.. ومؤمنون.. ومسلمون ..
يتدلهون عشقاً بسماع تراتيل الذكر الحكيم آناء الليل وأطراف النهار..
تصدح بها حناجر سفراء دولة القرآن الذين يجيئون من كل حدب وصوب ليعمروا مسجدي الذي بارك الله حوله ..
وكان آخر من علق بذاكرتي من ذلك السلسال الماجد اسم " صلاح الدين" ...
أذكره جيداً .. فهو الذي ذاد عن حياضي.. ودافع عن حرماتي.. ودفع عني شر الصليبيين..
ورفع عني رجس المستعمرين.. وحررني من ربقة المشركين..
ثم خلف من بعده خلف واستحلوا دماء هم وأعراضهم وأموالهم ..
هل هؤلاء هم حكام المسلمين وولاة أمرهم؟
هل هؤلاء يصلحوا أن يكونوا حتى أشباه رجال ؟
هل هؤلاء الذين نزعت منهم النخوة وسلخت منهم الكرامة وبرأ منهم الشرف واستبرأ منهم الإيمان ..
فمكنوا أعداء الله مني وأسلموا قيادي للصهاينة الأنجاس..
كل ذلك وحكام المسلمين الذين تخاطبهم شعوبهم بالرؤساء والملوك والسلاطين والأمراء أهون على شرذمة الصهاينة ومن والاهم من البعوض ..
ذهبت ريحهم.. وتعفنت وجوههم.. وتكلست مؤخراتهم على كراسيهم ..
واستطابت شعوبهم الخنوع لهم والخضوع لعربدتهم ..
واستنامت في مخادع خيبتهم.. واستكانت تحت وطأة ظلمهم ..
فأضاعوا دينهم وأضاعوا دنياهم مثلما أضاعوا آخرتهم ..
فماذا بقي لي هنا ؟!! لم يعد شيء..
ومن أجل من أبقى؟!! لا شيئ
لذا .. ما عاد بد من الرحيل..
وليضع الصهاينة ما شاءوا .. وليبنوا هيكلهم كما يشاءوا..
فما يستحق الذين يقولون أنهم مسلمون بقائي..
وما يستحق الذين يقولون أنهم حكام المسلمين أن تطأ أقدام أي منهم ساحتي ..
فهذا الشرف منهم بعيد..
وإني منتظر يوم الرحيل ..
ويوم رحيلي وزوالي ..
لن تملكوا مسلمين وحكاماً شرف البكاء كالنساء..
على مسجدكم الأقصى الذي لم تحافظوا عليه كالرجال..
وسلام على من اتبع الهدى ..
والحمد لله رب العالمين..
( المسجد الأقصى)
"أولى القبلتين وثالث الحرمين"
"ومسرى النبي ومعراجه"
" وثالث من تشد الرحال إليه"
" والمبارك من حوله"
إن كنتم تذكرون وتعقلون !!..
التعليقات (0)