في رسالة تهنئة بعيد الفطر المبارك ، تكلم الملا عمر عن الوضع في أفغانستان.
يطلق الرجل بين الفينة والأخرى رسائل تلفت انتباه جميع الأطراف المعنيين بالصراع الأفغاني. لذا فإن مقارنة قديمه بالأكثر حداثة يشكل بحثا ممتعا يقودنا في كل عيد لمعرفة ما إذا كان لديه جديدا يقدمه فيما يتعلق بالإنجازات والأفكار والوعود.
إن النظرة الأولية لا تكشف في الواقع أي اختلافات هامة عن بياناته في العام 2010، لأن الملا عمر على ما يبدو يكرر نفسه مع تغييرات طفيفة بين الحين والآخر.
ولكن المقارنة تحتم طرح السؤال التالي أيضا: هل تمكن طالبان من تحقيق هذه الوعود التي يطلقها قائدهم في كل مناسبة؟ دعونا ننظر في بعض المواضيع التي تعرض لها.
في عام 2010 قال :" سوف يحتضن النظام الكوادر الجيدة في المجتمع الأفغاني بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والوطنية واللغوية . وسوف توكل المسؤوليات بحسب الأمانة والكفاءة والورع ".
عام 2011 فال الملا عمر أن طالبان ليس لديها سياسة استفراد بالسلطة ". وأضاف أن لجميع الأفغان " الحق وواجب حماية وإعادة بناء البلاد."
مثير للإعجاب ...
لقد حكم الملا عمر أفغانستان لمدة خمس سنوات تقريبا. لماذا لم يطبق هذه القوانين الإنسانية وغير المسببة للشقاق ؟ لقد أمضى المدة بطولها يقاتل مناوئيه من المجموعات الإثنية الأخرى من طاجيك وهزارة وأوزبك . بل إن طالبان ارتكبت مجازر بحق الهزارة. إذن كيف لمؤمن بتفوق البشتون ويضع هذا الإيمان موضع التطبيق لسنوات أن يأتي الآن ويزعم أن جميع الأفغان سيشاركون ويكونوا مسؤولين؟ كيف يمكن الوثوق بمجموعة لا تؤمن بالتقدم ، فتقتل المدرسين وتمنع المدارس( للفتيات على الأخص) وتبذل الجهد والوقت وتضحي بالناس من أجل تهديم ما يتم بناؤه ، ثم يدعي أن لكل أفغاني الحق وعليه مسؤولية البناء وحماية البلاد؟ هل نلمس تغييرا ونوعا من الإيمان بالديمقراطية ، أم مجرد كلمات سنسمعها من جديد في عيد الأضحى أو عيد الفطر القادمين؟
عام 2010 قال : الإمارة الإسلامية لديها سياسة شاملة من أجل حكومة أفغانية مستقبلية فعالة؛ حول أمن حقيقي ، وعدالة إسلامية والتعليم والتقدم الاقتصادي والوحدة الوطنية وسياسة خارجية قائمة على قواعد حماية نفسها من أذى الآخرين وإقناع العالم بأن أفغانستان القامة لن تقوم بالاعتداء عليهم."
وبعد 10 أشهر ( الآن) يقول أن طالبان لن تسمح بتدمير الدولة ونهب المال العام كما حدث على أثر هزيمة النظام الشيوعي. وقدم تعهدا بأن طالبان " بعد الانتصار" " سوف تتخذ إجراءات فعالة لحماية الدولة والمال العام ومنجزات القطاع الخاص".
ولكن ممارسات منظمة الملا عمر لا تنبئ بسلوك مماثل كاحترام المال العام والقطاعات الخاصة إلخ.. اليسوا رجاله من يقومون بمهاجمة الفنادق والمصارف والممتلكات العامة على الأخص ويفرضون الضرائب والخوات على فقراء الفلاحين وليس على الإغنياء فقط؟ هل يعتقد أن الأفغان الذين عاشوا في ظل حكم طالبان يصدقون هذه الوعود؟
المرة الماضية دعا أتباعه إلى " الحرص على حياة وأملاك المدنيين كي لا سمح الله أن تؤدي عملياتكم الجهادية إلى تدمير الأملاك وقتل الشعب".
واليوم يدعو قائد طالبان أتباعه مجددا للتعامل مع الشعب باحترام كلي . يدعوهم إلى " احترام جميع الناس بمن فيهم الكهول والشباب والأطفال والنساء" وينصحهم باعتبارهم " كآبائكم وإخوتكم وأقاربكم ".
هل ينصاع أتباعه لتوجيهاته أم أن طالبان عبارة عن مجموعات تخالف قائدها وتقتل الأفغان وتواصل نفس التكتيكات التي تتبعها منذ سنوات؟
هل إن الهجوم الذي أدى إلى قتل قائد الشرطة في إقليم أنجيل وخمس مدنيين وجرح دستة أخرين بمن فيهم نساء وأطفال مثال على الاحترام الذي يدعو إليه؟ أم يمكننا أن نسميه بحق: عملا لاإنسانيا يعبر عن وحشية واستخفاف بالحياة الإنسانية؟
والعام الماضي هذا ما وعد به: " إن زمن انهزام الغزاة قد اقترب الآن بفضل الانتصار والتضحيات المخلصة للمجاهدين . لقد انهزم العدو في أرض المعركة. وسوف تصاغ برامجنا العسكرية القادمة على قاعدة مناخ البلد والمواقع الجغرافية بحسب الخطط الموجودة بتصرف المجاهدين."
وبعد عشرة أشهر ها هو يتكلم مجددا عن الانتصار الوشيك ، معددا المعطيات كالآتي: حصولهم على " تجهيزات جديدة قادرة على إنزال خسائر كبيرة ؛ توسيع الحرب إلى مناطق البلاد البعيدة ؛ حكم طالبان الصالح ؛ انسحاب قوات التحالف ؛ أزمة الولايات المتحدة الاقتصادية ؛ والامتعاض الإقليمي من السياسة الأمريكية التي تستخدم القوة."
لسنوات كان الملا عمر يعد بالانتصار الوشيك ، فيما على الأرض نرى كوادره ومقاتليه يهاجمون ويصفون يوميا ، ونرى الأفغان متعبين من الحرب وتواقين إلى السلام وسيادة القانون حيث لا وجود للتطرف والفساد وعدم الأمان.
إن الحكومة الأفغانية الإسلامية هي الجسم الحاكم الشرعي الحقيقي للبلاد، المعترف به ليس من قبل قوات التحالف وحسب ، بل ومن الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى مثل منظمة الدول الإسلامية مثلا وغيرها من المؤسسات الدولية. ألم يحن الوقت لكي يدرك طالبان أن لا يمكن اكتساب الشرعية بالعنف؟ وأقل أيضا عبر وعود موسمية غير قابلة للتحقيق؟
القيادة المركزية الأمريكية
التعليقات (0)