قد لا تكون لامست ثوب المبالغة إذا قلت أن هناك – الآن - من يعرفك على امتداد أطراف وقلب العالم العربي بل والعالم أجمع بأكثر مما يعرفك الجار القابع في نهاية شارعك أو قرب مسكنك ..
وقد لا تكون جاوزت سقف الحقيقة إذا قلت أن صوتك (المقروء) يسمعه بوضوح في ذات التو واللحظة آلاف من البشر بينهم وبينك محيطات وبحار وأنهار ووديان وسهول وجبال ..
بينما صوتك (المسموع ) مهما علا صراخك فربما لا يكاد يتجاوز أركان الحجرة التي أطلقته منها إن كان قد وفق في تجاوز حنجرتك ..
وقد لا تكون تعديت غلاف الأحلام أذا أكدت لنفسك أنك بضغطة زر تستطيع أن تقلب الدنيا رأساً على عقب بنشر مقال تشعل به الأفكار وتشغل به العقول وتنشب به المعارك وتطفئ به حرائق الخيال .. وتروي به حدائق الجمال ..
وقد لا تكون خالفت الحقيقة إذا اعترفت أن هذا الموقع كان هو النافذة التي أتاحت لك كل هذا .. حينما فتح لك ذراعيه .. ونشر لك جناحيه.. واستقبلك مغموراً وكان لك "مدرجاً" ينطلق منه قلمك ويحلق منه فكرك لينتشر في مساحة شاسعة من عالمنا ومحيطنا ..
إنها ثورة تكنولوجية فارقة بين مرحلة كان فيها المذياع وقناتين تليفزيونين وبعض صحف رسمية التوجه لا ترى ولا تقرأ ولا تسمع إلا ما أريد لك أن تقرأه وتشاهده وتسمعه .. أما غير ذلك .. فلا .. أوالضياع ..
كانت نافذة إيلاف إحدى آلاف وعشرات آلاف النوافذ السيارة والدوارة كالأنجم في فلك الإنترنيت الذي غزا العقول واخترق الحجب وهتك الأستار وسبر الأغوار ..
من هذه النافذة أطللنا .. و من ذلك "المدرج" انطلقنا وحلقنا .. و كتبنا .. ودبجنا المقالات ..
ونقدنا وانتقدنا .. ومدحنا وقدحنا . . وهاجمنا وهوجمنا .. وتوعدنا وواعدنا.. وصالحنا وخاصمنا .. وحلقنا وحططنا.. وقلنا كل في قلوبنا ..وما أرهفت به أحاسيسنا .. وما أرهصت به أفكارنا ..
وتألقت إيلاف بذلك الشلال الهادر من فيض كتابات مدونين فرقتهم البلاد والحدود والقيود ..وجمعتهم اللغة والثقافات والأفكار ..وقبل ذلك ألفهم الإحساس بمسئولية (الكلمة) في أعناقهم ..ومسئولية (المبدأ) في رقابهم .. ومسئوليتهم نحو بلادهم على كواهلهم ..ومسئوليتهم أمام ضمائرهم على عواتقهم ...
وصاروا جميعاً وقد اندمجوا في موقعهم .. وامتزجوا مع نافذتهم .. وأنفقوا الساعات و الليالي الطوال في التعبير عن أنفسهم وآرائهم ومبادئهم وأفكارهم ونوازعهم وأحلامهم ومشاكلهم وقضاياهم وهمومهم ..
كل ذلك دون انتظار أدنى مقابل مادي سوى المودة في القربى وفي الفكر وفي التواصل "خاصة" مع من تجمعنا معهم عقيدة وأحلام ووطن وآمال ومصير مشترك ..
ولقد كتبنا في ذلك رؤيتنا وانطباعنا في مقال (مدونات إيلاف نزعت ورقة التوت الأخيرة) أشدنا فيها بالحراك الحادث هنا .. وبالحرية الحية هنا .. وبالديمقراطية الناشئة هنا .. وهو مقال احتفت به إيلاف الجريدة وجعلته ضمن المقالات الرائجة لديها ..
ولقد تصورنا بامتزاجنا هذا .. أننا قد تخطينا مرحلة المبالغة في تبادل عبارات المجاملة إلى تبادل مواقع المسئولية .. باعتبار أن هذا الموقع صار يعيش فينا كما نعيش نحن فيه .. امتزاج يأبى الفراق ..وشعور من المدونين بمسئوليتهم عن إبقاء نافذة التدوين مفتوحة على مدى وسعها بل ومضاعفة مدى اتساعها وتألقها وتأنقها ... ويقابل ذلك شعور من الإدارة بمسئوليتها عن حماية مدونيها والحفاظ عليهم ومد البساط لأفكارهم وكتاباتهم لتنساب لأقصى مدى لها في الانسياب .. وإشعار المدونين أنهم في قرار مكين .. وأن القرار بغلق نافذة مدون يساوي حكم الإعدام عند القضاء .. لا يلجأ إليه في فورة غضب .. ولا يتخذ إلا عندما يكون (بتر) (العضو) هو الحل الوحيد لإبقاء باقي الجسد على وجه الحياة .. ولأن في وجوده تلف حتماً لباقي الأعضاء ..
ومن منطلق تلك المسئولية التي علينا فقد صدقنا على حق الإدارة – وهو حقها فعلا بلا منازع- في كل ما يتعلق بإدارة وتنظيم وتدوير الموقع ونشر المقالات دون أدنى تدخل منا أو سؤال أو شكوى أو مشاكسة أومشاغبة منذ بداية وجودنا حتى الآن اللهم إلا شكوى واحدة على ما أذكر في بداية عهدي ضد موضوع لأحد المدونين رأيته مسيئاً ثم لم أكررها بعدها على الإطلاق ..
و كنت – وكما قلت في رد على تعليق للزميل محمد مغوتي - قد كتبت مقالاً بعنوان ( هل أتاك حديث المحرقة) تناولت فيها تساؤل الإسرائيليين عن إحجام (العرب) عن الاعتراف بالمحرقة النازية حيث سخرت فيه بسبب طلبهم هذا في ظل إنكارهم للمحارق والمشانق التي يقيمونها ليل نهار للعرب .واختفى المقال فجأة بكامل تعليقاته ..ولم أتهم أحداً ...
ثم بعد فترة كتبت مقالاً آخر بعنوان ( قم للإسرائيلي وفه التبجيلا.. مات الرافعي وجاء عاموس بديلا) وفيه كنت أتناول شروع وزارة الثقافة في التطبيع الثقافي مع إسرائيل طمعاً في منصب اليونسكو..واختفى المقال فجأة بكامل تعليقاته ..ولم أتهم أحداً...
ثم بعد فترة كتبت مقالاً آخر بعنوان ( فصل الخطاب) وفيه أرد على تعليق على هيئة سؤال من الزميل سعود الرويلي عن سبب عدم (التطبيع) والتحاور مع مدونة أبناء الصهاينة أسوة بمقالنا عن نزار النهري ..وقد رددنا رداً شاملاً بمقال (فصل الخطاب) نعبر فيه عن رؤيتنا ومبدأنا وثوابتنا في هذا الشأن .. واختفى هذا المقال أيضاً فجأة ..ولم نتهم أحداً ..
ثم أخيراً كتبنا مقالاً بعنوان ( حرائق.. أولاد .. الإنسانية) اختفى فجأة بعد بضع ساعات ..ولم نتهم أحداً ..
أربعة مقالات . لاحظ أنها كلها تتناول شأناً واحداً ..وجميعها لها علاقة بالإسرائيليين !!..
ونحن ونظراً للجهد الجهيد الذي بذلناه لإنزال الصور في المقال خاصة ونحن لسنا بارعين في سرعة إنزال الصور .. فقد صممنا على نشر المقال ولكن في صورة تعليق عند زملائنا المدونين .. وذلك لأسباب منها .أولاً. عدم ضياع جهدنا سدى .. ثانياً .. إيماننا الكامل بكل حرف كتبناه.. ثالثاً .. أننا لم نخالف أبداً قواعد النشر حيث عبرنا عن رأينا بكل صراحة ووضوح..
ولقد تفاعل زملاء لنا معنا وقاموا بإعادة نشر التعليق عندهم في صورة موضوع كامل مصحوب بتساؤل عن سبب اختفاء الموضوع أو (حذفه)
ونحن هنا نعترف بعدم وجود أي ذنب لأي من الأخوة المدونين الذين تفاعلوا مع مقالنا ذاك .. ونحن نتحمل المسئولية كاملة بهذا الشأن ..وذلك لعدم دقتنا وعدم التوفيق في كتابة كلمة (المقال المحذوف) وكانت الدقة تقتضي أن نكتب عبارة (المقال المختفي) لأن كلمة المحذوف أذهبت ظن المدونين تجاه الإدارة وحملتها المسئولية عن ذلك ...
وأنا لم أتهم الإدارة بشيء أبداً لا قبل ذلك في المقالات (المختفية) السابقة ولا في هذا المقال .. وذلك لأنني وجدت مقالات زين الكعبي وربيع العاملي وفاطمة الزهراء كما هي لم تمس ..
مما يعني أن الإدارة من الصعب أن تتقصدنا وهي التي اختارت مدونتنا كمدونة الشهر وشهدت لنا في كثير من المواقف وكثيراً ما تعلي مقالاتنا على المختارات دون أدنى حساسية أو مجاملة
ولكن تبقى الحقيقة بلا شك في اختفاء أربعة مقالات كاملات لنا يربطها رابط واحد واتجاه واحد وذلك دون أي تدخل منا في حذفها أو الخطأ في ضغط على زرار الحذف أو المحو أو المسح ..
أثار الموضوع صخباً أصدرت معه الإدارة بياناً على هيئة رسالة بأن الإدارة لا علاقة لها باختفاء المقال وأنه لم تتدخل بشأنه من قريب أو بعيد وأنني يمكنني أن أعيد نشره ..
وقد أعدتُ نشره بالفعل مع توجيه الإدارة لنا بحذف ثلاثة من أربعة صور لضحايا المجازر الاسرئيلية من الفلسطينيين لمخالفتها قوانين النشر .. مع تعليق من الإدارة تخاطبني فيه بضرورة إنزال مقال توضيحي يرفع عنها أدران ما وجه إليها من اتهام بالحذف وهو تعليق نصه:
"المدون الكريم ما اذكره جيدا انه حذفنا لك مقالا واحدا في بداية عهدك بالتدوين ولا اذكر العنوان لكن ما اذكره كان فيه كلام يحاسب عليه القانون عن الرئيس الفلسطيني... وعدلنا لك كلمة أو جملة في مقال آخر نتيجة إبلاغات. أما المقالات الاخري فلا علم لنا باختفائها.. عليك أن تحصن كلمة السر جيدا وفي حال تكرر الأمر الرجاء ثم الرجاء مراسلتنا ولان ليس لديك إيميل حسب ما كتبت يمكنك أن ترسل عبر الرسائل الخاصة في المدونات أو كتابة تعليق تحت موضوع دليلك إلى مدونات إيلاف... أو كلاهما وشكرا لتعاونك والأمر حقا غريب ولم تطلعنا عليه من قبل"
ولقد أوعدت الإدارة بكتابة مقال توضيحي يرفع ذلك الالتباس وينهي الصخب الذي ثار..
ومن هذا المنطلق فإنني أقرر ..
أنني لم يحدث أن شكوت أو تساءلت أو احتججت أو اتهمت أحداً فضلاً عن الإدارة المحترمة بمسئولية عن اختفاء أي من المقالات الأربعة وقت اختفائها أو بعده ..
أنني حين رأيت المقال الأخير قد لحق بسابقيه بعد ما أنفقت فيه من عناء فقد حرصت على عدم ضياع الجهد سدى وجعلته في صورة تعليق لدى زملائنا دون أدنى تصريح مباشر تجاه أحد فضلاً عن الإدارة المحترمة بالمسئولية عن اختفاء المقال ..
أنني في يقيني وفي اعتقادي ودون أي رغبة أو رهبة فإنني لم أوجه أي مسئولية تجاه الإدارة وذلك لوجود مقالات للزملاء زين الكعبي وفاطمة الزهراء وربيع العاملي في ذات الموضوع بل وفي بعضها لغة ربما فاقت ما كتبت قوة ووضوحاً .. بل وأعليت ضمن المختارات مما ينفي شبهة مسئولية الإدارة عن اختفاء مقالنا ..
أن كلمة (مقالنا المحذوف) التي وضعتها قرين التعليق لنا لدى زملائنا بالفعل ربما هي ما أذهبت الظنون نحو الإدارة ..وهذه مسئوليتي وحدي ولا علاقة للزملاء بها ولا ذنب لهم فيها ..
أنني أعتذر اعتذاراً تاماً وكاملاً لجميع السادة الزملاء المحترمين الذين ربما تضرروا بسبب هذا الموضوع وبالأخص الزملاء محمد القطان وسامي عسكر وليلى عامر وفاطمة الزهراء ويوسف رشيد ونجم الدين ظافر وعبد الله العمري وربيع العاملي وغيرهم من الزملاء الذين تفاعلوا مع هذا الموضوع..
كما أعتذر بذات الإعتذار إلى السادة القراء المحترمين الذين تفاعلوا معنا وتضايقوا بسبب هذا الموضوع ..
إنني وإزاء تصريح إدارة المدونات المحترمة بعدم مسئوليتها وعدم معرفتها بالأساس عن موضوع اختفاء مقالنا بعد نشره بعدة ساعات ولا مقالاتنا الثلاث االلائي سبقنه بالاختفاء .. فإننا وأمام ما قد نال الإدارة المحترمة من سهام التساؤلات والتحامل عليها .. نقدم اعتذارنا الكامل والتام والمصحوب بكل معاني الاحترام والتقدير للإدارة عن أي سوء فهم خلقه اختفاء مقالنا بعد نشره ..
ونحن من منطلق الوشائج العميقة والرابطة الوثيقة التي تربطنا جميعاً موقعاً و إدارة ومدونين وقراء أقدم للجميع أسمى آيات الاحترام والتقدير ... وشكرا لكم جميعاً ..
محمد شحاتة ..
التعليقات (0)