رسالة إلى ابن المقرب

رسالة إلى ابن المقرب
شعر: خليل الفزيع

سـليلَ المجدِ أذعَـنـَتِ القـوافي
ومـا سِـرُّ القريضِ عليكَ خـافِ
وشِـعْرُكَ بالبطـولَـةِ لا يُجـارى
بـِهِ تـَزْهُـو الحواضِـرُ والفــيافي
إذا شَــغَلَ الجمـالُ سِواكَ يَوماً
فحظـُّـكَ من جمالِ النفسِ وافِ
وما هَــدَرَتْ لـيالـيكَ الغـَواني
وغـيرُكَ للغـَوانيَ فـي انْجـِرافِ
ولا الصـهبا تـُعـاقِـرُها لتلهـو
عـن المجـدِ المــتوَّجِ بالعفـــافِ
وكنتَ على سَــنامِ المجْدِ نَجْماً
ونـُورُكَ مـن محـاسِـنِكَ اللطــافِ
زلالُ المـــاءِ تشْــرَبُهُ هَـنــيــئاً
فمـا لكَ والـصَّـرا بعـد اغــترافِ
فقـلْ لي: ما الذي عانـَيْتَ لما
سَـقاكَ الدَّهْرُ مِنْ كَـدِرِ وصـافِ؟
وجافاكَ الـزَّمـانُ مع الـندَامى
وأنـْكَــرَكَ العَشــيرُ ولــم يُـوافِ
وأبناءُ العُمـُـومَةِ حـين ضــاقوا
بنـُصْحِكَ ما دَروا مَعنى التصافي
وتـَنْصَحُهُمْ فلـم يُصْغُـوا لِنـُصْحٍ
تـَمـادوا في التـباعُـدِ والتجــافي
وكـانوا والتخاصـمُ فـي وفــاقٍ
وكنتَ مـع التخاصُـمِ في خِـلافِ
وها قد خـَانـَك الأدنـَوْنَ لمــا
رَمَــوا ظُـلْمـاً بثالــثةِ الأثــافـي
ونالَكَ مـن أذاهُـمْ كــلُّ لَـوْنٍ
يَقـُـودُكَ للــرحيلِ إلـى المــنافي
ولَجْـتَ الاغـترابَ لَعَـلَّ نـُوراً
يُضيءُ دُجـى لَـياليكَ العجـافِ
إذا جارَ القَريبُ فليس بـِدْعـاً
إذا أبْـدَي الغـريبُ من الخوافي
صـنوفاً من دَسـائِسِهِ وكُرْهـاً
وألْــواناً مـن المِحَـنِ الرِّعــافِ
لَكَ الـرأيُ السّديدُ إذا ادْلَهَمَّتْ
خـُطـوبٌ ليس يَرْدَعُهـا الـتلافي
بل العَـزْمُ الشـديدُ وإن تمـادى
غَـريبٌ قـادَ قومَــكَ لانحــرافِ
ليطْمسَ في جوانِحِهِمْ طمُـوحـاً
ويُـودي بالحــياةِ إلى الجَفــافِ
وعَصْـرُكَ يا عليُّ شَبيهُ عَصْري
وقَومي مِـثـْلُ قَوْمِكَ في اختلافِ
إذا رامَتْ شُعُوبُ الأرضِ عِزّاً
فما عـَزَّ الشعوبَ سوى ائتلافِ