αθεοι | Atheoi | إلحاد
.
.
.
رسالةٌ في الذُّهان
(هوامشُ على متنِ الهاجسِ الدِّيني)
لماذا الدّين ؟
أمّا (الذُّهان) ؛ فاضطراب يُفقد العقلَ اتّصاله بالواقع . و أمّا كتابتي هذه ؛ فقبل عامين كنتُ قد أشرتُ في مقاليَ النقديِّ (تائهٌ أمْ ملحدٌ ؟) حول كتاب (حوار مع صديقي الملحد) لـ (مصطفى محمود) إلى أنّ الإلحاد صورة لنتائج سبقتها أسبابٌ و عواملُ أوصلت إليها .. و ليس غايةً في حدّ ذاته كما يحاول المترفون من ضيّقي الأفق تبيانه ؛ لأجل وجاهة فكريّة لا تصمد عادةً . و قلتُ ما نصّه :
(الإلحاد عمليّة عقليّة متقدّمة ، و نتيجة تترتّب على أسباب فكريّة و استيعابيّة ، و ليست نزهةً على شاطئ . و لم ألمس تلك الأسباب و لا نتائجَها في صديقه الملحد الذي اختلط عليه الأمر وظنّ أنّ الإلحادَ سهرةٌ و سكرةٌ) .
و اليوم أجدني أعود لكي أقفَ عند هذا المعطى ؛ و لكن ببعض التأنّي و التوضيح ، ساردًا و متأمّلاً تجارب الأسبقينَ في هذا المعترك .. و مركّزًا على سؤال : لماذا الإيمان و الإلحاد ؟
كما وأحبّ أن أشيرَ إلى أنّ البعض يتساءل - و له كلّ الحقّ - لماذا أنفقُ جهدًا في الكتابة غير الإبداعيّة ؟ أعني في الكتابة عن موضوع كـ (الدّين) لن يقوى جيش بمؤهّلاتي غير الخارقة على إحداث تغيير جادٍّ فيه أو في ذهنيّات معتنقيه ؟ و للأمانة هو سؤال جيّد من حيث الشّكل ، فاسدٌ من حيث المعنى ؛ إذ ليس من الرّصانة في شيء أن يصمت المرءُ حيال مقولاتٍ خشبيّة متوارثةٍ كحقائقَ ، في حين أنّها لن تصنع جيلاً جديرًا بالبقاء أو الاحترام . و ليس من الذّكاء في شيء أن يكتفي المرءُ بما قيل في نقد أو حتّى في تعضيد تلك المقولات الخشبيّة ؛ و اعتباره نصًّا دامغًا ، لأنّه سلوك ينتمي إلى مراتب الخمول . و لأنّه سلوك أشدّ انحطاطًا من سابقه ، حيث يُركَن في هذا الحالة إلى كسل البحث عن الحقيقة .. إلى خدر المعرفة .
و ثمّة سؤالٌ آخر أشدّ حماقةً من سالفه : لماذا أكتب عن أمرٍ لم يؤذني شخصيًّا كـ (الدّين) ؟ و لأنّني أحترم نفسي سأقول : أيّها السّائل ؛ اتركني أتحدّث عن أشياءَ من الممكن أن تجعلَ النّاسَ أقلّ سخافةً و أكثر شرفًا وفق تعبير (فولتير) .
ما الدّين ؟
لو شئتُ أن أعرّف الدّينَ ؛ فسأدمجُ اللُّغويّ بالاصطلاحيّ بالاجتماعيّ . سأقول بأنّه ظاهرة . ظاهرةٌ بدائيّة تقوم على مجموعة من القيم - الأخلاقيّات و التشريعات المنسوخة من تراث الشّعوب - و حزمة من الاعتقادات الخياليّة - الإله و الغيب مثالاً - مرفوعة جميعها على حامل وجدانيّ ، فيما يُستجلَبُ العقلُ إذا ما دعتِ الحاجةُ فقط . ظاهرةٌ تشمل كلّ ما يأخذ شكل التعبّد . كلّ ما يمكن التديّن به .
و لكن هل هذا التعريف وافٍ ؟ كلاّ ؛ ليس وافيًا ، لأنّ الدّينَ مستشرٍ في مفاصل الاقتصاد و السّياسة و الفلسفة و التّربية و سواها . و ما حصره في هذا التعريف السّريع إلاّ محاولة غير موفّقة - من قِبلي - لإيقاف النّزيف بالأصابع ؛ أو كما يعبّر (الماغوط) : (غدا كلّ شيءٍ مستحيلاً ؛ كوقف النّزيف بالأصابع) .
على أيّة حال ؛ لا ضيرَ من العودة إلى تعريفات أخرى تقول بأنّه : (انعكاس خياليّ لقوىً ما ورائيّة في خيال النّاس) كما يرى (إنجلز) . أو أنّه : (مجموعة تشريعات و شعائر وطقوس و قصص و أساطير و روايات عن البداية والنّهاية ؛ تُحيط كلّها بالإنسان .. إحاطةً شبه كاملة) كما يرى (صادق جلال العظم) . أو أنّه : (شعورٌ بالارتباط و التعلّق تجاه قوىً سحريّة) كما يرى (بو علي ياسين) . أو أنّه (ظاهرة غريبة تطوّرت و نمت بشكل عشوائيّ) كما يرى (داوكنز) . أو أنّه : (بمثابة الجذر في كلّ مجتمع) كما يرى (أركون) . أو أنّه : (جهد يُبذل في تصوّر ما لا يمكن تصوّره) كما يرى (موللر) . أو أنّه : (أحاسيسُ تقود إلى تصرّفات يشعر الفرد حين تأديتها بأنّه يقوم بها بينه و بين ما هو إلهيّ) كما يرى (جيمس) . أو أنّه : (شعورٌ باللاّ نهائيّة و اختبارها) كما يرى (شلايرماخر) . أو أنّه : (وسطٌ يتمّ التوسّل عبره لكائنات ما ورائيّة) كما يرى (فريزر) . أو أنّه : (الجواب الخاطئ عن السّؤال الصحيح) كما يرى (القصيميّ) . أو أنّه : (نظامٌ من المعتقدات والممارسات تجمع المؤمنين بها ضمن الجماعة المعنويّة الواحدة) كما يرى (دوركهايم) . أو أنّه : (ظاهرةٌ مترافقة وأصيلة في حياة الإنسان منذ استقلاله عن المملكة الحيوانيّة) كما يرى (فراس السوّاح) . أو أنّه : (آهة | روح | قلب .. و أفيون الشّعوب) كما يرى (ماركس) . أو أنّه : (نتاجُ حيرة الفكر . فطرةٌ بائسة و تشويهيّة ؛ إنّما يمكن استعماله لتثبيت الحكم ، و عبور العقبات حين يكون سلاحًا في يد المربّي أو المؤدّب . يمكن استعماله في التمييز بين رعاع النّاس وسادتهم الأحرار) كما يرى (نيتشه) . أو أنّه : (أعلى صور الوعي بالذات) كما يرى (هيغل) . أو أنّه : (توهّماتٌ ؛ و تحقيق لأقدم رغبات البشريّة و أشدّها إلحاحًا) كما يرى (فرويد) . أو أنّه : (شعور بالتّبعيّة ؛ يدركُ فيه الإنسانُ نفسَه . يُدركُ أنّه يعتمد على آخرَ مختلفٍ عنه .. على الطّبيعة) كما يرى (فيورباخ) . أو أنّه : (هدفُ كلّ شيءٍ و مركزه الذي بمعرفته يمكن تفسير كلّ الظواهر) كما يرى (باسكال) . أو أنّه (وسيلةُ الإنسان لأن يكون أقرب إلى الحقيقة) كما يرى (رينان) .. إلخ من الآراء التي لن تنتهي و التّعريفات التي لا يمكن حصرها .
من هنا نبدأ بالشّكّ في هذه الممارسة التي لا يكاد أن يتّفقَ عليها أو على أهميّتها أو قدسيّتها أو صوابها أو خطئها اثنان . إنّ هذا المكر ليس محلّ تقدير في القضايا الفكريّة بالطبع ، كونها مسائلَ تحتاج إلى حسم .. إلى إجابات مؤسّسة على راسخ .
اتّجاهات :
إذا كنتُ سأمرّ بعجالة على هذا الشّأن ؛ فهذا لأنّني أفترضُ بأنّ الكثير من تلك الأمور صار معروفًا و بديهيًّا للمهتمّ و الباحث .
إنّ الحديث عن الدّين يأخذنا بالضرورة إلى دارسيه و ناقديه ، إلى المحاولين فكّ طلاسمه بحِلمٍ و أناة . فعدّة مدارس فكريّة تناولتِ الدّين بالدّرس و النّقد و التّأمّل ، إنّما بتفاوتٍ مؤلمٍ . و أقول (مؤلم) لأنّ النتائج التي خلصوا إليها لم تكن مشرقةً على الدّوام ، و إنْ كانوا متسلّحين بالرّغبة و الجديّة .
بعضُ هؤلاء مُراءٍ و انتهازيّ في نتائجه و لم يقل شيئًا ذا قيمة ، رغم أنّه بدأ قويًّا مثيرًا وانتهى متهافتًا .. إذ أثبتَ [والإثبات تعبير خطر هنا] أفكار الله و الدّين و الوحي جميعًا (العقلانيّة عند ابن رشد و ديكارت | الوجوديّة المسيحيّة عند كيركجورد ثمّ مارسيل | المقامرة عند باسكال ؛ مثالاً) .
و ثمّة من اقتنعَ بنصف المغامرة و قال بفكرة الإله الدينيّ و إثباتها مع إنكاره للدّين أو تحييده له (الأخلاقيّة عند اسبينوزا | الإلوهيّة عند فولتير | التجريبيّون الإنجليز ؛ مثالاً) .
و آخرون سذّج - باستثناء (داروين) الذي لم تثبت لا أدريته - قالوا بأنّ مصداقيّة المسألة الدينيّة ومصدرها لا يمكن حسمهما في الحياة الطبيعيّة القصيرة للكائن البشريّ . لذا لا بأس من القول أنّنا (لا نعرف) رغم ما يُبذل من جهود مُضنية في سبيل الوصول إلى الحقيقة (اللاّ أدرية | الشّكوكيّة ؛ مثالاً) .
و هناك من قال بحتميّة بشريّة منشأ الأديان ، و بالتّالي عدم أهميّتها إلاّ في حدود كونها أفكارًا يؤخذ بها لصلاحها أو تُرد بسبب عدم صلاحيّتها - وهو السّائد - دون أن يكونَ لتأكيد فكرة وجود الإله قيمة عليا [و الإله هنا ليس قوّة دينيَّةً بل فيورباخيّة غالبًا] (اللاّ دينيّة | العلمانيّة الإنسانيّة | بواكير الإلحاد | جماعات التّفكير الحرّ ؛ مثالاً).
فيما تتمحور فلسفة الطّرف الأخير في إنكار وجود الإله بشكل قطعيٍّ و حاسم (الإلحاد الشّامل بكافة تفرّعاته ومدارسه كالنيتشويّة و ما تبعها | اللاّ إلهيّة ، اللاّ ربوبيّة | الدّهريّة ؛ مثالاً) .
وعلى ذكر الدّهريّة ؛ فالتّاريخ يذكر بأنّهم عُرفوا في شبه الجزيرة العربيّة قبل ظهور الدّين الإسلاميّ ، و شاعَ قولهم الشّهير : (أرحامٌ تدفع ، و ترابٌ يبلع ، و ما يهلكنا الاّ الدّهرُ) . و هو ما استنكره (محمّد) في (القرآن) بقوله : (وَ قَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَ نَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَ مَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) [الجاثية : 24] . الواضح من سياق الآية - ما قبلها و ما بعدها - أنّه اُكتُفيَ باتّهامهم بالظّنِّ دون دليل ظاهر يفنّد مقالتهم .. !!
هل الدّين مفيد .. هل الدّين عصريّ ؟
للوهلة الأولى سيبدو التساؤل وقحًا ؛ إنّما هو ليس كذلك . فبعد تبصّرٍ و تمحيصٍ مطلوبيْنِ ؛ سيجد القارئ نفسه متفكّرًا ، تمامًا كما نتفكّر في جدوى اقتناء أيّ شيءٍ في حيواتنا .. ملابسنا ومأكلنا و متعتنا و حتّى في اختيار أحبّائنا في حالاتٍ ما ، و في اختيار أنفسنا و ذواتنا (أنا أخلق الكونيّة باختياري لنفسي : سارتر) . فهل نعجز عن اختيار قناعاتنا الفكريّة دون الحاجة لحقنة تلقين ؟
هنا يكمنُ مغزى السّؤال . فأنا لا أناقش مصدر الأديان و فكرة الوحي و الأنبياء و الكتب ؛ و هو الأمر المحسوم عندي منذ زمن ، إذ لا مطمع لي في أن يكون القارئ لا دينيًّا أو ملحدًا . إنّما بي ولعٌ لا أنكره لأن يفهم (المؤمن) بالدّين لماذا هو مؤمن و ما فائدة هذا الإيمان .. و ما مضارّ عدم الإيمان ، دون أن يكذب أو ينافق . دون أن يخجل لو قال (لا أعرف لماذا أنا مؤمن) . و بالنسبة إليّ فأنا (أعرف لماذا لا أؤمن) بل و أكتب ما أعرفه دون أن أشعر لوهلةٍ بأنّني أمتلك شيئًا ذا قيمة قد يدخلني (الجنّة) أو يمنحني تميّزًا ما على الآخرين .
يحاول المتحذلقون و مستهلكو الكلام - رعاة التّبشير الدّيني أعني - أن يوهموا البسطاء و قليلي المعرفة بأفكار شاذّة فاقدة الجدوى ، أفكار تعبّر عن لا مسؤوليّتهم تجاه الحقيقة . أفكار من قبيل (الدّين حافظٌ للأخلاق | الدّين عاصمٌ للمجتمع من شرورٍ لا قبلَ له بها .. إلخ) . و أنا أستغرب أن يكون المرء سافرًا إلى الحدّ الذي يميل فيه مع هواه و نوازع نفسه دون رادع ، بل أنّ عظيمًا بحجم (فولتير) جنح إلى هكذا (لوثة) في مرحلة من حياته و قال بها .
فهل توجد أخلاقٌ عالية في المجتمعات التي تمارس الدّينيّة ؟ في منطقة الشرق الأوسط مثلاً ؛ حيث للشّعوب مهارات واضحة في حرق الأعلام و رمي الأحذيّة و المقاطعات الخرقاء ، بالإضافة إلى اتقانها شتم العلمانيّة و الليبراليّة و الشيوعيّة ظنًّا منها أنّها تعني زمرةً واحدةً ؟ الجواب : كلا ؛ لا توجد أخلاق عالية في هذه المنطقة بل و لا متوسّطة ، و أنا رجل عشتُ و مررتُ بسبع دولٍ منها . إنّ تعاطي المخدّرات و ممارسة الجنس غير القانوني و حالات التعرّي السريريّ أمام شبكة الانترنت و الخيانات الزوجيّة الفاحشة و الهبوط الأخلاقي في التّعامل و على كافّة الأصعدة .. كلّ هذا موجود بنسبٍ مرعبةٍ تفوق ما هي عليه في أوربّا . أوربّا ؛ تلك القارّة التي يتخيّلها السّاذجون على أنّها بيت مليء بالعذراوات الشّقراوات المحمومات ، العذراوات اللّواتي ينتظرنَ الفارس المشرقيّ كي يفتضّ بكاراتهنّ . هذا بالفعل ما يجري في منطقتنا و منها بلدي (العراق) . فيما كلّ محاولة للالتفاف على واقعنا الأخلاقيّ المريض ، و إنكار هكذا صورة نمطيّة راسخة في ذهنيّتنا عن الآخر ؛ لهو أمر ينطوي على غلوٍّ في عدم الحكمة .. و قصورٍ بيِّنٍ في النّزاهة المطلوبة لمناقشة هذه الأمور بجديّة .
سيقول قائل : (ما شأن الدّين بهذا التخلّف الذي تحياه [الأمّة] ؟ فالتّطبيق الصحيح للدّين - الإسلاميّ مثالاً - هو السّبيل لمجتمع حرٍّ و سعيد .. إلخ) . و سنقول : إنّ الدّين هو العقبة الوحيدة في طريق هذه [الأمّة] ، حتّى أنّ الديكتاتوريّات - التي لا يتفوّق عليها بالأذى سوى الهاجس الدينيّ - لن تجد لها مكانًا في مجتمعات لادينيّة عصريّة . آملاً ألاّ يتذاكى أحدٌ و يذكر أخطاء طغاة الحقبة السوفيتيّة .. لأنّ ثمّة إنجازات أيضًا .. وأعني هنا قفزات اجتماعيّة و اقتصاديّة و عسكريّة حقيقيّة ، و ليست مجرّد صور تلفزيونيّة كما جرى و يجري في دولنا . إنّ الدّين هو الوكيل الحصري لصكوك التأخّر - ودخول الجنّة بالطبع - في المنطقة ، فكلّما كان الدين ظاهرًا و قويًّا و مرعبًا في المجتمع ، بمخالبَ و أنيابٍ لا ترحم .. كلّما كان شعار المرحلة : التّخلّف .
و دعوني أسألْ : هل كان مجتمع (محمّد) في (يثربَ | المدينة) حرًّا أو سعيدًا ؟ أو حتّى سليمًا ؟ هل المجتمع هو مجموع المؤمنين بالدّين ؟ أم مجموع الموجودين من سكّانه وافدين و أصليّين ، ملحدين ومؤمنين ، و أتباع ديانات أُخَرَ ؟ هل كانت ثمّة حريّة دينيّة في (يثربَ | المدينة) بعيدًا عن (الوثيقة) التي نُقضت بعد أن أمكن ذلك ؟ هل ما فعله ورثة (محمّد) الأربعة (أبو بكر | عمر | عثمان | علي) يدلّ على استقامة فكريّة و سياسيّة أو حتّى على تأهيل أو موهبة قياديّة ؟ هل المجتمع عبارة عن امتيازات فوق طبيعيّة لعرب الجزيرة دون سواهم على حساب أهل المدن التي تمّ احتلالها بواسطة تشريع (الفتح) بكلّ محموله من العبوديّة و السّبي و السرقات ؟ هل ما فعله الخلفاء الأُمويّون ، و من بعدهم العبّاسيّون ، فالعثمانيّون و الصفويّون ؛ و المشهورون في غالبهم بالبذاءة و الدّناءة و الخيانة و المكائد و في قصصهم ما يفيض عن الحاجة ؛ أقول هل ما فعلوه يمتّ بصلته إلى مفاهيم (السّعادة) أو (العدالة) أو (الاستقرار) لعموم المجتمع ، أم للأوليغار و حسب ؟ هل العصر الذّهبي يعني - فيما يعنيه - أن تكون اليد الطّولى لقوّة العسكر الإسلامي و لرهبة الخلافة ؟ و هل في تأخّر أوربّا - أخلاقيًّا وحضاريًّا - عبر مراحل عدّة من تاريخها ؛ سببٌ يدعونا لتقليدها و القول بأنّنا لسنا وحدنا على هذا القدر من السوء ، إنّما هي سُنّة الأمم ؟ هل في مقدار الشروخ التي لحقت بمجتمعات كالعراق ومصر و الشّام و إفريقيّة و فيما بعد الأندلس ، و التي تمّ شحن نعرات الصحراويّين من شبه الجزيرة إليها - القيسيّون في الأندلس مثالاً فاضحًا - ثمّ في سوقها إلى محارق الحروب لتوسيع مساحة الدولة و الغنائم .. تلك الحروب التي لم تهدأ إلاّ بعد أن نخر الوهن و الفجور البيوتات الحاكمة المترفة بكلّ ما هو طبقيّ و جائر ؛ أقول هل في كلّ هذا ما يستحقّ التمجيد أم الخجل ؟ ألم تكن الدولة و على فترات طويلة أقرب إلى سلطة بوليسيّة مرعبة ؛ كما يصفها (هادي العلوي) بقوله : (كان التطوّر المبكّر لفن التعذيب يدل على السّرعة التي تقدّمت بها دولة الإسلام في طريق تكاملها كمؤسّسةٍ قمعيّةٍ) .
ولكنْ مهلاً ؛ فثمّة (علمانيّون و ليبراليّون و مغفّلون أيضًا) عرب يكتبون كثيرًا ، و بحقدٍ واضحٍ في نقد (الإسلام) تحديدًا دون أن يكونَ لهم صوت يُذكر مع باقي الأديان ولا حتّى بالهمسِ ، بعضهم حقّق شهرة تلفزيّونيّة ، و آخرون شهرة صحافيّة ، و جماعة أخيرة حقّقت شهرة (غوغائيّة) في السّراديب الثقافيّة المتوفّرة على طول المنطقة . و من هنا أودّ أن أسألهم أيضًا هل في تاريخ اليهوديّة - إن كانوا يعرفون عمّ أتحدّث بالضّبط - ما يمكن أن يكون نواةً لمجتمع سليم يحترم الإنسان ؟ و هل في إله (التوراة و العهد القديم) ما يمكن أن يكون غير مروّع للنفس السّويّة ، وغير منفّر للكائن الحسّاس و النّظيف ؟ هل في تاريخ المسيحيّة مُذ سيطرت بالدّهاء و الحظّ على مقاليد (روما) وحتى أُزيحت بقوّة النّور ؛ ما يمكن أن يكون مشرّفًا غيرَ ملوّثٍ بدم أو حجر أو صليب أو حريق ؟ هل في قصص و مغامرات (الإنجيل و العهد الجديد) مكان للعقل السّليم ؟ هل (القرآن) - ككتاب و تشريع - عادل و مقبول عقليًّا و حضاريًّا ؟ و أنا أحرص على اختيار مفرداتي بعناية فائقة .. !!
هل بالإمكان لأيّ متديّن أو منوّمٍ أو مؤمنٍ - مهما كانت ديانته - أن يسرد عليَّ عشرة إنجازاتٍ هامّةٍ للأديان ؟ لا لا ؛ خمسة إنجازاتٍ خدمت البشريّة ، بل إنجازًا واحدًا كان لها السّبق فيه أو في تكريسه ؟ و هل سيتجرّا أحدٌ - دون أن يخلط السّياسة القذرة بالمعارف و التطوّر العلميّ - و يسألنا (ما هي إنجازات الفريق المقابل ؟) . و لمن أصرّ على الخلط فيمكنه العودة إلى كتاب (وهم الإله) لـ (ريتشارد داوكنز) حيث قام الرّجل بتخصيص فقرة كاملة في (الفصل السّابع) للرّد على هكذا فرضيّات ساذجة من قبيل ستالين كان ملحدًا و هتلر كان كذا .. إلخ .
و الآن ؛ إذا لم يكن الدّين عصريًّا و مفيدًا ، فما أهميّته إذن ؟ و أعني هنا (تقديسه) وربطه بكلّ مفاصل الحياة ، و ليس مجرّد اعتناق لفكرة يحتاجها مأزومٌ فقد الطمأنينة هنا أو بسيطٌ يرجو حلمًا قديمًا مفاده أنّ الخلاصَ آتٍ و أنّ ما بعد الموت حياة أخرى و خالدة هناك .
ولا بأس أن أكرّر : لا يعنيني معتنقو الأفكار بقدر ما يرعبني سلوكهم . سلوكهم الذي لا يخلو - عادةً - من المظاهر (التبشيريّة) السّامّة ، و كلماتهم التي لا يخفى أزرقها و أصفرها .. خاصّةً و أنّها لا تبشّر بخير .
في مديح الدّين :
كثيرونَ - من رعاة التّبشير الدّينيّ أيضًا - هيّنٌ أمرُهم ؛ حيث لا شأنَ لهم فيما نريده من هذه التّدوينة ، و هم من النّوعيّة التي تجيبُ عن سؤال الإيمان و الإلحاد - الأزليّ - بتلاوة : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذّاريات : 56] فتُحسم المسألةُ بالنّسبة إليهم . فيما يحاول آخرون و هم قليلونَ ؛ انتهاج مبادئ الجدليّة (البدائيّة) الأقرب إلى المثاليّة لإثبات فشل الجدليّة و أهلها ، دون أن يؤسّسوا لصراعٍ أو يصلوا إلى نتائج سليمة على أقلّ تقدير . فنجد (محمّد باقر الصدْر) يسطّح المسألة إلى درجة القول : (أمام العالم سبيلان لدفع الخطر ؛ إمّا أن يبدّل الإنسان بغير الإنسان كما تريد الشيوعيّة و هو أمر غير ممكن . أو أن يُنتهج الإسلام الذي أوجد أصحّ القواعد الفكريّة في الحياة) . و أنا و إن كنتُ أحترم الطريقة التي بُحث بها الأمر في كتاب (فلسفتنا) ، و هي طريقة لا ينتهجها رجال الدّين إلاّ نادرًا ؛ أقول أنا لستُ في وارد تقدير عمليّة حصر الخياراتِ في مدرستيْن أو حتّى ثلاثة - إذا اعتبرنا أنّ تناوله للرأسماليّة خيارًا - على طريقة الحتميّات الهيغليّة ، ناهيك عن النتائج التي خلص إليها ، والتي يمكن وصفها بالمبالغات البسيطة حين ننظرُ إلى الواقع بتجرّد . فيما يقول (مصطفى محمود) الذي توفّي قبل أيّام .. في كتابه (رحلتي من الشّكّ إلى الإيمان) واصفًا ما يقوله بأنّه (كتابة على درب اليقين) ومؤنِّبًا غير المقتنعين بأدلّتهِ العجائبيّةِ : (إنّ الذي فقد سلامة الفطرة و بَكارة القلب ، و لم يبقَ له إلاّ الجدلَ و تلافيف المنطقِ وعلوم الكلام ؛ فقدْ فقدَ كلّ شيءٍ و لن يصل أبدًا) . و أنا أتساءلُ هنا و بعيدًا عن سقطته الشّنيعة في مفصل (سلامة الفطرة) ؛ هل هذا اسلوب دعويّ مقنع ؟ إنّه يذكّرني بـ (عبد الصبور شاهين) في كتابه (أبي آدم) الذي و بعد أن سرد خلاله تاريخيّة (نظريّة التطوّر) بنتف عرجاء السّنَد من هنا وهناك هتفَ بالقرّاء : (لقد سقطت نظرية التطوّر [...] و أنّنا نقرّر في خضمّ هذه التقديرات التي تتراوح بين 7000 سنة و ملايين السّنين ؛ أنّ اللهَ خلق هذا الكون الهائل بأنْ قال له "كُن" فكان) . ما هذا يا سيّد شاهين ؟ هل ثمّة إمكانيّة لأيّ عقلٍ ناضجٍ لقبول كلّ هذا الهراء متوالي الهطول ؟
و بالطّبع لن ننسى (نديم الجسر) الذي حقّق و ترجم كتاب (قصّة الإيمان) ؛ و الذي يمكن اعتباره سجلاًّ في البلاهة ، حيث اعتمد طريقة الحوار بين شيخ و طالب ساذج كلاهما من (سمرقند) . أمّا الشيخ فله علم ربّانيّ كما يبدو و يُدعى (أبو النّور الموزون) ، و أمّا الطالب السّاذج فيُدعى (حيران بن الأضعف البنجابيّ) و قد كان هذا الأخير يسألُ أسئلةً غبيّةً كالتي يسألها ملحد (مصطفى محمود) في كتابه (حوار مع صديقي الملحد) . ثمّ يكتفي هذا الحيران بالردّ على أجوبة الشيخ (المفحمة) بكلمات من نوع (سبحانه) و ( أعوذ بالله) و (زدني يا مولاي زدني) . و النتيجة التي خرجتُ بها - أنا شخصيًّا - من هذا الكتاب هو أنّ الإيمان بالله أمرٌ مفروغ منه لأسباب عدّة ، منها وجود الجبال التي ينحدر من أعالي قممها الثلج . و بسبب المطر الذي يروي المزروعات و العشب الذي تتغذّى عليه البهائم و البشر ، و بسبب صيوان و شكل الأذن البشريّة و تعقيدها .. إلخ . و لا يفوت الشيخ (الموزون) أن يدخل في تأويل مالم يقل به الإغريق ، و أيضًا في حسم موضوع (آينشتاين) و إيمانه الواضح الذي لولاه ما استطاع الوصول إلى نظريّة (النّسبيّة) . و لـ (نديم الجسر) هذا كلامٌ لطيفٌ و قديم و قيّمٌ ؛ يورده (صادق جلال العظم) في كتابه (نقد الفكر الدّينيّ) بالنّصِّ : (اليومَ و بعد اكتشاف الأمواج الضّوئيّة و أنواعها المنظورة و غير المنظورة ؛ صار من التعنّت والمراء أن نقف من الملائكة والجن موقف الإنكار) . وهو أمر كفانا (صادق جلال العظم) مناقشته بتوجيهه السّؤال الأهم : (ما العلاقة التي بينهما أصلاً ؟) .
أمّا (سفر الحوالي) و في حمّى ردوده النّاريّة ضمن كتابه (العلمانيّة) يعبّر عن أمرٍ غاية في الخطورة و الوضوح أيضًا ؛ يعبّر عن فكرٍ فظٍّ قائلاً : (هل تحمّل الرّسول و أصحابه العنت و المشقّة و الحرب و الجهاد ثلاثًا و عشرين سنة متوالية ، و هل نزل القرآن موجِّهًا وآمرًا وناهيًا طوال هذه السّنين من أجل أن يقولَ الجاهليّون باللّسان فقط : لا إله إلاّ الله و يقيموا الشّعائر التي يمنّ دُعاة العلمانيّة على الله أنهم يسمحونَ بها ؟) . هذا كلام يختصر الكثير مما يودّ المرء إيضاحه ، فالقوم يرون بأنّ لهم (الاستحقاق السّماويّ الدّامغ) في إدارة البلاد و شؤون العباد .. و هكذا فكر - في رأيي - من الصّعب مقارعته بالفكر . إنّه فكرٌ استحواذيٌّ يدّعي مشروعيّة لا وجود لها . و لكن ثمّة من يدّعون أكثر من هذا ؛ فشخصيّة متوازنة كـ (عبد الوهّاب المسيري) لم تنجُ من التقريريّة القائمة على (بديهيّات) عربيّة لا تودّ عبور عتبة التاريخ إلى فضاء المعاصرة ، حيث يردّ ضمن منجزه الهامّ (موسوعة اليهود و اليهوديّة و الصّهيونيّة) في فصل (إشكاليّة تعريف العلمانيّة) على العلمانيّين العرب المؤمنين بـ (حضارة العقل الأوربيّة) قائلاً : (كان الأجدى أن ينظروا إلى تاريخ أوربّا الاستعماريّ من نهب و سرق و تدمير لبلادنا و لبلاد غيرنا . و لعلّهم لو فعلوا لعرفوا أنّ العقل لم يحكم حضارة العقل كثيرًا ، و لو نظروا إلى تاريخ أوربّا المعاصر ، و رأوا هتلرَ و ستالينَ و مسرح العبث وسياساتِ النّظام العالميّ الجديد و العنصريّة القديمة و النّازيّة القديمة و الجديدة و مادونا و أفلام العنف ، لأدركوا أن المقدِّمات العقليّة للعلمانية لم تؤدِّ دائمًا إلى ازدهار العقل و المرشد) . و في مكان آخر من كتاب (فكر حركة الاستنارة) يقول : (لقد حرّرتِ العلمانيّة الأخلاق من هيمنة رجال الدّين ، و لكنّها في نفس الوقت أخضعتها لعلماء النّفس والاجتماع وشركات الإعلان و أخبار النّجوم و فضائحهم و صناعة الإباحة و اللّذّة) . و هذا الكلام - في واقع الأمر - مؤسف و بسيط في آنٍ ، فالمنهج الذي يتّبعه (المسيريّ) في كتابته و تعريفه و مناقشته لـ (الإشكال) هو من صميم هذه (الحضارة) التي لها أخطاء فاحشة و مُنكرة و لكنّها تتجاوزها و تعترف بها من حينٍ لآخرَ ، فيما لا نذكر موقفًا مشابهًا لأمم أخرى أجرمتْ أيضًا . بل أنّنا نجدُ كميّةً من الاستعداد لمصادرة أيّ شيءٍ وفي أيّ وقتٍ و مهما كان بعيدَ الشّأو ؛ نجدُ استعدادًا لاستلاب نجاحات الآخرين عوضًا عن مشاركتهم بها .. أو كما يعبّر (يوسُف القرضاويّ) في معرض حديثه عن (نظريّة التطوّر) لقناة (الجزيرة) القَطريّة : (ليس هناك قضيّة واحدة تتناقضُ مع نصوص القرآن أو النّصوص القطعيّة في السُّنَّة النّبويّة . ليس هناك ، حتّى لو ثبتتْ قضية ، نظريّة داروين . عندنا من الآيات ما يمكن أن يدخل فيها) . و أنا أقول له صدقت شيخنا ؛ فبوسع اللّغة (القرآنيّة) إثبات أنّ مكتشف مضادّ (البنسلين) هو الصّحابيّ (عبد الله بن رواحة) .. فيما (فليمينغ) كان من الموالي . و بوسعها أيضًا - و هنا تكمن المفاجأة - أن تُشرعِنَ كلّ شيءٍ ؛ كما سايرت البعثيّة و النّاصريّة و كما حاربت الشيوعيّة لرغبات أميركيّة | بتروليّة . نعم ؛ لا أستبعدُ أن يخرج علينا (القرضاوي) أو أحد خلفائه بعد زمنٍ - حين يتغيّر الرّاهن - ليخبرنا بخشوع : إنّ (الإلحاد) سنّة الله في خلقه ، وقد ورد في الصحيحيْن .. إلخ .
عمومًا ؛ هذه التسلية التي تُمارس (دينيًّا) بحقّ الزّمن واستحقاقاته ؛ مورست من قبلُ في المسيحيّة و غيرها من الديانات التي لها تاريخ مسلٍّ بالفعل في مجال محاربة العلوم ، ولكنّها بدتْ في نصف القرن الأخير أقلّ حدّة مما يبدو عليه (الإسلام) اليوم .
إنّ المماثل للوعي الإسلاميّ المعاصر اليوم - في رأيي - هو ماكان سائدًا في أوربّا للفترة من 1500 - 1900 للميلاد ، أي حقبة عصور النّهضة و التنوير و العقل و الحداثة . العصور التي كانت تفتّت السّلطة الدينيّة شيئًا فشيئًا و بالتدريج المملّ أحيانًا . إنّ الوعي السّائد اليوم ؛ هو ذات الوعي الذي سمح لحماقات (مونتاني) و منافقات (باسكال) أن تبدو منطقيّة ؛ أعني أن تكون المقامرة و المراهنة الروحيّة خُلُقًا ، و ممارسة العبادة اعتيادًا يؤدي إلى الإيمان كي لا يخسر المرءُ سعادته الأبديّة (الجنّة) .. و أن تكون المسيحيّة هي الديانة التي يجب - لاحظوا كلمة يجب - اعتناقها . إنّه ذات الوعي الذي سمح لحفنة جهلة بمحاكمة (غاليليو) و إجباره على ترديد كلمات مهينة في حقّ نفسه و براعته و كرامته ، بل و على قراءة خرافات غابرة من قبيل (مزامير التوبة السّبعة) لمدّة 3 سنوات . هو ذات الوعي الذي سمح للطُّغيان الفرنسيّ بنفي (فولتير) بعد التشديد عليه . هو ذات الوعي الذي أنتجَ الجهل الكامل أو (جون ويزلي) الذي ابتدعَ (لاهوت الزلازل) بالتّزامن مع كنيسته (المنهجيّة) على ما يبدو ؛ حيث كان يعزو سبب الزلازل إلى الخطايا كقوله : (إنّ الخطيئةَ هي السبب المعنويّ للزلازل مهما كان سببها الطبيعيّ . إنّ الزلازل هي نتيجة اللّعنة التي صبتها على الأرض خطيئة آدم وحواء الأولى) . إنّه ذات الوعي الذي ما زال موجودًا لدى (الفاتيكان) إنّما بصمت و ترقّب ، وما زال موجودًا لدى (جماعة العلم المسيحيّ) . و كذا هم (الليبراليّون المسيحيّون) النّاهلون من غبار و أفكار القرن السادس عشر . و (الإنجيليّون) الغارقون في الهيستريا و الفوران العاطفيّ كأهل الصّوفيّة الحادّة في الإسلام . إنّه نفس الوعي الذي يجعل (البابا شنودة الثّالث) يقول و بمنتهى الثّقة عن برهان وجود الله : (إنّ مجرّد وجود البلازما في الدمّ يثبت وجود الله إذ لا تفسير له غير ذلك [...] أمّا المعجزات فهي ليست ضد العقل و لكن فوق مستوى العقل) . لذا لنشكر أبانا على هذه الإيضاحات الهامّة فعلاً ، و لنأسف لأنّنا لا نملك رموز النّهضة و التّنوير الأوربيّينَ كي نتأمّلَ خيرًا في قابل القرون .
ضدّ الدّين :
سأقوم هنا - رَغم أنّ الاختصار لا يُحمد في هكذا مقام - برصد سريع جدًّا لبعض المقالات و الهواجس :
ابن الرّاوندي :
(إنّ الرّسول أتى بما كان منافيًا للعقول من سعي و طواف و صلاة و رمي حجارة) .
(إنّ الرّسول شهد للعقل برفعته ؛ فلمَ يأتي بما ينافره ؟) .
(العقل كافٍّ لمعرفة الخير و الشّرِّ فلا داعي للأنبياء و الرّسل) .
(إذا كانت فصاحة القرآن قد طالتِ العرب ؛ فما حكمه على العجم الذين لا يعرفون اللّسان و ما حجّته عليهم ؟) .
(الآية : لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ [الفتح : 27] قيلت رجمًا بغيب لا قطعًا بنبوءة) .
(إنّ الملائكة الذين قاتلوا في يوم بدر كانوا مفلولي الشّوكة و قليلي البطش ؛ لم يقتلوا إلاّ سبعينَ رجلاً . ثمّ أين كانوا في يوم أُحد حيث توارى النّبيّ ما بين القتلى فزعًا ؟) .
(إنّ النّاس هم من وضع الأرصاد على النّجوم و عرفوا مطالعها ومغاربها ، و لا حاجة للأنبياء في ذلك) .
(إنّ قول النّبيّ لعمّار [تقتلكَ الفئةُ الباغيّة] قولُ منجِّمٍ) .
(إنّنا نجدُ في كلام أكثم بن صيفي [من حكماء و بلغاء العرب] ما هو أحسن من بعض سِور القرآن) .
أبو بكر الرّازي :
(لمّا كان - و يريد العقل - هذا مقداره محلّه و جلاله ؛ فحقيق علينا ألاّ نحطّه عن رتبته - يريد النبوّة - و لا ننزله عن درجته) .
(من أين أوجبتم أنّ الله اختصّ قومًا بالنُّبوّة دون قوم [....] و يؤكّد بين النّاس العداواتِ و يكثر المحارباتِ ؟) .
(زعم عيسى أنّه ابن الله ، وزعم موسى أن لا ابن له ، وزعم محمّد أنّه مخلوق كسائر النّاس ، و ماني و زارادشت خالفا الثّلاثة في القديم و الكون و الخير و الشر ، فيما خالف ماني زارادشت في عالميْ النّور و الظلام ، و زعم محمّد أنّ عيسى لم يُقتل ، و تقول اليهود و النصارى أنّه قُتل و صُلب) .
(إنّ أهل الشّرائع أخذوا الدّين عن رؤسائهم بالتّقليد ، و دفعوا النّظر و البحث في الأصول ، و هدروا دم من يطالبهم بذلك ، و حرّضوا على قتل مخالفيهم) .
(إنّما غرّهم - أي المؤمنين - طول لحى التيوس و بياض ثياب المجتمعينَ حولهم من ضعفاء الرّجال والنّساء والصّبيان ، و طول المدّة حتّى صار طبعًا و عادةً) .
(إن أردتم أن نأتي بمثله - يعني القرآن - في الوجوه التي يتفاضل فيها الكلام فعلينا أن نأتيكم ألف مثله من كلام البلغاء و الفصحاء و الشّعراء ، و هو ما أطلق منه ألفاظًا ، و أشدّ اختصارًا في المعاني ، و أبلغ أداءً و عبارةً ، و أشكل سجعًا . إنْ لم ترضوا بذلك فإنّا نطالبكم بالمثل الذي تطالبونا به) .
(أخبرونا - يريد المسلمين - أين ما دلّت عليه أئمّتكم في التفريق بين السّموم و التغذيّة و أفعال العقاقير ؟ أرونا منه ورقة واحدة كما نُقل عن بقراط و جالينوس ، أرونا من علوم حركات الفلك و علله ، أو شيئًا من الطّبائع اللّطيفة الطّريفة نحو الهندسة . إنّا لنعرف ما تدعون أنّه من أئمّتكم و هو الضعيف الوتح [التافه و الخسيس] الذي شاع ذكره في عوام النّاس و خواصّهم) .
أبو العلاء المعرّي :
يقول في إنكار الإله و تمجيد العقل :
قلتم لنا خالقٌ حكيمٌ قلنا صدقتم كذا نقولُ
زعمتموه بلا مكانٍ ولا زمانٍ ألاَ فقولوا
هذا كلامٌ له خبيءٌ معناه ليستْ لنا عقولُ
و يقول في منشأ الأديان :
أفيقو أفيقوا يا غواة فإنّما دياناتكم مكرٌ من القدماءِ
و يقول في أقدميّة الأفلاك و إنكار خلقها :
و مولد هذي الشّمس أعياكَ حدّه و خبّر لبٌّ أنّه متقادمُ
و يقول في لا تناهي الكون :
لو طار جبريلٌ بقيّة عمرهِ عن الدّهر ما اسطاع الخروجَ من الدّهرِ
و يقول في العلاقة بين التّفكير و الإلحاد :
و قد أُمرنا بفكرٍ في بدائعهِ و إنْ تفكّر فيه معشرٌ لحدوا
و يردُّ على القرآن [النّساء:82] قائلاً :
أخبرتني بأحاديث مناقضةٍ فرابني منكَ قولٌ غير متّفقِ
و ينتقد السّبي و الغزوات :
و هل أُبيحت نساءُ القومِ من عُرُضٍ للعربِ إلاّ بأحكام النبوّاتِ ؟
أبيقور :
(هل يريد الله أن يمنع الشّرّ , لكنّه لا يقدر ؟ حينئذٍ هو ليس كليّ القدرة . هل يقدر و لكنّه لا يريد ؟ حينئذٍ هو شرّير . هل يقدر و يريد ؟ فمن أين يأتي الشّرُّ إذن ؟ هل هو لا يقدر و لا يريد ؟ فلماذا نطلق عليه الله إذن ؟) .
(لماذا أخاف من الموت ؟ فطالما أنا موجود , فإنّ الموت لا وجود له . و عندما يكون الموت , فإنّي لستُ موجودًا ، فلماذا أخاف من ذلك الذي لا وجود له عندما أكون موجودًا ؟) .
(لو أنّ الآلهة تنصت لصلاة البشر لهلكوا سريعًا أجمعين ، لأنّهم لا يتوقّفون عن الصّلاة التي يدعون فيها أن يصيبَ الشّرُّ بعضهم بعضًا) .
(لمْ أبالِ أبدًا بالعوام ؛ لأنّ ما أعرفه لا يوافقونني عليه ، و ما يتّفقون عليه لا أعرفه) .
(الآلهة كائناتٌ خياليّةٌ) .
عمر الخيّام :
يقول في فكرة الجنّة :
يقولون حورٌ في الغداة و جنّة و ثمّة أنهارٌ من الشّهد و الخمرِ
إذا اخترتُ حوراءَ هنا و مدامةً فما البأسُ في ذا و هْو عاقبة الأمرِ ؟
و يقول في مسألة العقاب الإلهيّ :
إلهي قلْ لي من خلا من خطيئةٍ و كيف ترى عاش البريء من الذّنبِ ؟
إذا كنت تجزي الذنب منّي بمثلهِ فما الفرق بيني و بينك يا ربّي ؟
الزّهاوي :
له بيتان أعتبرهما - كما يفعل كثرٌ غيري - آية في الفكر الماديّ :
لمّا جهلتَ من الطّبيعة أمرها و أقمتَ نفسكَ في مقام معلّلِ
أثبتّ ربًّا تبتغي حلاًّ به للمشكلات فكان أعظم مشكلِ
الرّصافي :
في الشكّ بالأحداث التاريخيّة و ما جاءت به الكتبُ :
و ما كتبُ التاريخ في كلّ ما روتْ لقرّائها إلاّ حديثٌ ملفقُ
نظرنا بأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدّقُ ؟
و يقول في إنكار وجود الإله و عدالته :
إذا كنتَ عن ربّ البريّة سائلاً فلا هو موجودٌ و لا هو عادلُ
نيتشه :
(لمْ أعرفِ الإلحاد إطلاقًا كنتيجةٍ ؛ إنّه لديّ أمرٌ بديهيّ من قبيل الغريزة . فأنا فضوليّ جدًّا و شكّاكٌ جدًّا و مستخفٌّ جدًّا كيما أقبل بجواب بهيأة قبضة اليد . و [الله] جوابٌ بهيأة قبضة اليد) .
(لقد نُقض [الله] نقضًا جذريًّا ؛ و كذلك أُبطلت إرادته الحرّة . إنّه لا يسمع ؛ و لو سمع لما عرف أن يساعد) .
(طالما ظلّ الكاهن الواشي المسمِّم المحترف للحياة معتبرًا كنمط أعلى للإنسان ؛ فسيبقى سؤال "ما الحقّ ؟" بلا إجابة) .
(مفهوم الخطيئة و العقوبة أكاذيب تامّة خالية من الواقعيّة ، إنّه الشّكل الامتيازيّ لتحقير الإنسان) .
(إنّ الإيمان لا يحرّك الجبال ؛ إنّما يقيم جبالاً حيث لا تُوجد جبال) .
(الهوس الدّينيّ يظهر عادةً في شكل جنون دوريّ بحالتين متناقضتين : الانكماش المنحطّ و الاندفاع) .
(كلّ مشاركةٍ في خدمة إلهيّة هو تعدٍّ على الأخلاق العامّة) .
(قدرة الإله على البقاء ستكون محدودة بدون وجود الخُرق) .
(لو شاء الله أن يكون محبوبًا لوجب عليه أن يترك دور القاضي ؛ فالقاضي غير محبوب و إن كان عادلاً) .
(إله لا يحبّ النّاس إلاّ إذا آمنوا به ؟ ويلقي نظرات التهديد المرعبة والوعيد ضدّ الذي لا يؤمن به ؟ أيكون حبٌّ مشروطٌ شعورَ إلهٍ على كلّ شيءٍ قدير ؟ حبٌّ لا يعرف كيف يتغلّب على الإحساس بالشّرف .. على الرّغبة بالانتقام ؟) .
فولتير :
(إذا كان الله قد خلق الإنسان ؛ فإنّ الإنسان قد ردّ له الجميل) .
(لنبشّر بإلهٍ عادلٍ ؛ فذروة السّخف أن نبشّر بإلهٍ بربريّ منح رحمته للمقرّبين ، فيما أصدر حكم الذّبح على سائر الآخرين) .
(هل تريدون دولة قويّة و مسالمة ؟ أخضعوا دينكم لقانونها ) .
(التعصّب هو مرض دينيّ كئيب و فظّ .. إنّه معدٍ كالجُدري تمامًا) .
(نعم ؛ نريد دينًا ؛ إنّما نريده حكيمًا و جليلاً و لبقًا) .
(إنّ الإنسان الذي يقول لي آمن كما أؤمن و إلاّ فإنّ الله سيعاقبك ، سيقول لي الآن : آمن كما أؤمن و إلاّ سأغتالك) .
(إنّ أول كاهنٍ كان هو أوّل محتال يقابل أوّل أحمق) .
اسبينوزا :
(إنّ الأنبياء لم يتلقوا وحيًا إلهيًّا إلاّ بالاستعانة بالخيال . لا جدوى على الإطلاق من أن نلتمس لديهم المعرفة الروحيّة أو الطّبيعيّة) .
(إنّ لكلّ إنسان الحقّ المطلق و السلطة المطلقة في الحكم على الدّين ، و بالتالي شرحه و تفسيره) .
(العامّة يظنون أنّ أوضح مظاهر وجود الله هو في الخروج على الطّبيعة ؛ في الأفعال الخارقة والمعجزات التي يجهلونها تمام الجهل ، و يعجبون بها أشدّ الإعجاب) .
(الكثير من طبائع الله إنسانية [بشريّة] فهو القائد و المشرّع و الملك) .
ماركس :
(يتحرّر الإنسان سياسيًّا من الدّين بإِقصائه من الحقّ العام إلى الحقّ الخاص) .
(لم تنجح بعدُ الدولة التي لا تزال لاهوتيّة) .
(إنّ الدولة الديمقراطية ؛ الدولة الحقيقية لا تحتاج إلى الدّين من أجل اكتمالها) .
إنجلز :
(تكمن أصول الأديان في النّظريّات الجاهلة الكامنة في حالة الهمجيّة) .
(الإيمان ستار دينيّ للمصالح و النفعيّة الطبقيّة) .
(تطوّرت المسيحيّة من ديانة عبيد إلى إقطاعيّة إلى آيدلوجيا برجوزايّة فظّة) .
(مثّلتِ الأديان مرحلة من مراحل التطوّر التاريخي ، و الآن أصبحت بلا أهميّة و وجب إلغاؤها) .
فيورباخ :
(التّأكيد بأنّ الدين فطريٌّ لدى الإنسان هو تأكيدٌ زائف) .
(الدين هو احتياج الإنسان للشعور بالتبعيّة نحو مختلف .. كالطّبيعة) .
(الله هو الطبيعة المجرّدة بالمعنى الحقيقيّ لا المجازيّ) .
(كلّ البواعث التي تنتجها الطّبيعة على الإنسان يمكن اعتبارها بواعث " دينيّة ") .
(المسيحيّ كالوثنيّ ؛ إنّما هو يرسل نذور شكره إلى "الآب" في السّماء) .
(الكائن المقدّس الموحى به بالطّبيعة ؛ ليس سوى الطّبيعة) .
(وجود الطّبيعة ليس مبنيًّا على وجود الله كما يظنّ [التأليهيّون] إنّما وجود الله - أو الاعتقاد بوجوده - يعتمد على الطّبيعة) .
(الله كائن غامض لا يمكن إدراكه حسيًّا لأنّ الطّبيعة بالنسبة للإنسان المتديّن غامضة) .
(الافتراضات المسبقة للدّين هي التناقضات) .
(إنّ الإعجاب الدينيّ بالحكمة الإلهيّة فيما يخصّ الطّبيعة مجرّد حماس طارئ ؛ يزول و يتحوّل إلى إعجاب و تأمّل في الطّبيعة) .
(الصّلاة و العبادات مجرّد وسائل يستعينُ بها الإنسان على الغموض المحيط به ؛ و كي تمدّه بالأمل أيضًا) .
(إنّ القوى التي ينحني الإنسان أمامها خاضعًا متذلّلاً ما هي إلاّ مخلوقات عقله) .
(أنا أنكر أوهام اللاّهوت و الدّين ؛ كي أتمكّن من إثبات الإنسان .. جوهر الإنسان) .
داوكنز :
(في قصّة نوح ؛ نظر الله إلى البشريّة نظرة ظلماء و قرر إغراقهم جميعًا و من بينهم أطفال .. باستثناء عائلة واحدة . بل حتّى الحيوانات أبادها) .
(هل يعرف هؤلاء الذين يرشّحون الكتاب المقدّس كمُلهم للأخلاق ما المكتوب فيه ؟) .
(المسيحيّة كالإسلام تمامًا ؛ تُعلّم الأطفال بأنّ عدم التساؤل في أمور الإيمان هو أمر قيّم ، فلا يجب عليك أن تتحقّق مما تؤمن به) .
(إنّ التّلقين عن حياة البرزخ يكشف عن لا معقوليّة العقل لدى رجال الدّين) .
(لماذا - على أيّة حال - علينا أن نقتنع بأنّ الشّيء الوحيد الذي يمكن أن نفعله لإرضاء [الله] هو الإيمان به ؟) .
(الشّيء الوحيد الذي أصاب به المؤمنون هو أنّ آينشتاين ليس واحدًا منهم) .
(خلال القرن العشرين أصبح العثور على علماء متديّنين أمرًا صعبًا) .
القصيمي :
(إنّ الأفكار و المذاهب و الآلهة تعيش طويلاً لأنّها ميّتة) .
(إنّ المؤمنين لم يسأموا من إيمانهم و بصبر يتحدّى بلادة الطّبيعة مضوا يألفون براهين الألوهيّة) .
(الدليل على إعجاز القرآن أنّه جاء إلى العرب متحدّيًّا [...] و التحدّي موقف سخيف لا يعني ذكاءً أو تفوّقًا و ليست له دلالة محترمة) .
(كيف استهوى الإنسان الإله ؛ حتّى وجد فيه لعبته الكبرى و عشقه المذلّ ؟) .
(الله لن يكره من أنكر وجوده بقدر ما يكره من آمن بوجوده و نسب إليه كلّ هذا العبث) .
(الأنبياء و القادة و المعلّمون هم العارضون لسلعة الإيمان الشّرّيرة) .
(إنّ الله و الجنّة هما العذابان و العقابان المدخران للبشر تحت شعار الإثابة [...] رثائي الصّادق الحزين لمن سوف يحكم عليهم بالجنّة) .
خاتمة :
طالما حلمت لو أنّ التحوّل [الإيجابيّ] الذي يصيب واحدًا يستشري بالعدوى إلى الآخرين ، فيصبح العبور - حينها - ناجزًا و بالجُملة لا القطعة . و لكنّني - في أجواء الإثارة تلك - أتذكّر بأنّنا [نحن] بلا مؤهّلات حقيقيّة كي نعبر أو نحلم بجديّة . و بالفعل ؛ لماذا نعبر و لم تخض حوافر خيولنا الأنيقة بالوحول بعدُ ؟ لماذا نعبر و لم ينخر الشكّ كل محابس الطمأنينة المكينة ؟ لماذا نعبر و نحن ما زلنا ننظر إلى (المسألة الدينيّة) من موقع الدونيّة و الصّغر و عدم الجرأة و التجاسر على طرحها إلى مستوى الدحض الكامل و النقض المؤزّر ؟ لماذا نعبر و العبور للقادرين من ممتلكي الزّمام أصحاب النفوس العالية لا الأرواح المتواضعة . لذا يمكنني أن أقتبس من (تروتسكي) و أقول : هل من جديٍّ أو هامٍّ نستطيع أن نتكلّمَ عنه بصوت مرتفع دون أن يعترينا الخجل ؟
والإجابة : كلاّ .
مراجع المقال :
(1) محمّد الماغوط ، الآثار الكاملة ، ديوان : الفرح ليس مهنتي ، قصيدة : رسالة إلى القرية ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار العودة ، 1973 .
(2) فرّاس السوّاح ، دين الإنسان ، الطبعة الرّابعة ، دمشق ، منشورات علاء الدّين ، 2002 .
(3) محمّد باقر الصدْر ، فلسفتنا ، الطبعة الثّانية عشر ، بيروت ، دار التّعارف ، 1982 .
(4) ول ديورانت ، قصّة الفلسفة ، ترجمة : د. فتح الله محمّد المشعشع ، الطبعة الرّابعة ، بيروت ، دار المعارف ، 1982 .
(5) آندريه كريسون ، باسكال : حياته و فلسفته ، ترجمة : نهاد رضا ، الطبعة الثالثة ، بيروت | باريس ، منشورات عويدات ، 1982 .
(6) آندريه كريسون ، فولتير : حياته و فلسفته ، ترجمة : صباح محي الدّين ، الطبعة الثانية ، بيروت | باريس ، منشورات عويدات ، 1984 .
(7) مصطفى محمود ، رحلتي من الشّك إلى الإيمان ، القاهرة ، دار المعارف ، 1976 .
(8) عبد الصّبور شاهين ، أبي آدم ، الطبعة الثانية ، القاهرة ، دار أخبار اليوم ، 2001 .
(9) اسبينوزا ، رسالة في اللاّهوت و السّياسة ، ترجمة | تقديم : حسن حنفي | فؤاد زكريّا ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار التنوير ، 2005 .
(10) عبد الرّحمن بدوي ، دراسات في الفلسفة الوجوديّة ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسّسة العربية للدراسات والنشر ، 1980 .
(11) عبد الرّحمن بدوي ، من تاريخ الإلحاد في الإسلام ، الطبعة الثانية ، القاهرة ، سينا للنشر ، 1993 .
(12) هادي العلوي ، من تاريخ التعذيب في الإسلام ، الطبعة الرّابعة ، دمشق ، دار المدى ، 2004 .
(13) هادي العلوي ، المنتخب من اللّزوميّات ، الطبعة الأولى ، دمشق ، مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكيّة ، 1990 .
(14) عبد الأمير الأعسم ، تاريخ ابن الراوندي الملحد ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الآفاق الجديدة ، 1975 .
(15) بو علي ياسين ، الثّالوث المحرّم ، الطبعة الثّانية ، بيروت ، دار الطّليعة ، 1978 .
(16) محمّد أركون ، العلمنة و الدّين ، الطبعة الثّالثة ، بيروت ، دار السّاقي ، 1996 .
(17) نيتشه ، هذا هو الإنسان ، ترجمة : علي مصباح ، الطبعة الأولى ، كولون | ألمانيا ، منشورات الجمل ، 2003 .
(18) نيتشه ، عدوّ المسيح ، ترجمة : جورج ميخائيل ديب ، الطبعة الثّانية ، اللاّذقيّة ، دار الحوار ، 2005 .
(19) نيتشه ، ما وراء الخير والشّر ، ترجمة | تحقيق : جيزيلا حجّار | موسى وهبة ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الفارابي ، 2003 .
(20) نيتشه ، العلم المرح ، ترجمة | تقديم : حسّان بورقيّة | محمّد الناجي ، الطبعة الأولى ، الدّار البيضاء ، إفريقيا الشرق ، 1993 .
(21) نيتشه ، أفول الأصنام ، ترجمة : حسّان بورقيّة | محمّد الناجي ، الطبعة الأولى ، الدّار البيضاء ، إفريقيا الشرق ، 1996 .
(22) نديم الجسر ، قصّة الإيمان ، طبعة طرابلس | لبنان ، دون معلومات إضافيّة .
(23) البابا شنودة الثّالث ، أسئلة لاهوتيّة و عقائديّة "أ" ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 2001 .
(24) فيورباخ ، أصل الدّين ، دراسة و ترجمة : أحمد عبد الحليم عطيّة ، الطبعة الأولى ، بيروت ، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر ، 1991 .
(25) إنجلز ، مبادئ الشيوعيّة ، الطبعة الثّالثة ، بيروت ، دار الفاربي ، 2007 .
(26) جورج بوليتزر ، أصول الفلسفة الماركسيّة ، الجزء الثّاني ، ترجمة : شعبان بركات ، بيروت ، المكتبة العصريّة ، الدّرس التّاسع | مبحث : الماركسيّة و الدّين .
(27) ريتشارد داوكنز ، وهم الإله ، نسخة إلكترونيّة مترجمة عن السّويديّة .
(28) صادق جلال العظم ، نقد الفكر الدينيّ ، الطبعة الثّانية ، بيروت ، دار الطّليعة ، 1970 .
(29) عمر الخيّام ، الرّباعيّات ، ترجمة : أحمد الصّافي النّجفي ، الطبعة الأولى ، دمشق ، 1931 .
(30) سارتر ، الوجوديّة مذهب إنساني ، تقديم : كمال الحاج ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار مكتبة الحياة ، 1983 .
(31) عبد الله القصيمي ، هذا الكون ما ضميره ؟ ، الطبعة الثّانية ، بيروت ، دار الانتشار العربي ، 2001 .
(32) عبد الوّهاب المسيري ، فكر حركة الاستنارة و تناقضاته ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، دار نهضة مصر ، 1998 .
(33) عبد الوهّاب المسيري ، موسوعة اليهود و اليهوديّة و الصهيونيّة ، مبحث : تعريف مفهوم العلمانيّة عند المفكّرين العرب [هنا] .
(34) ول ديورانت ، قصّة الحضارة ، ترجمة : زكي نجيب محمود ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار الجيل ، 1990 ، الفصول : (بداية عصر العقل) و (عصر فولتير) [هنا] .
(35) سفر الحوالي ، العلمانيّة : نشأتها وتطوّرها ، الفصل الثّاني : حكم العلمانيّة في الإسلام [هنا] .
(36) ماركس ، في المسألة اليهوديّة ، ترجمة : نائلة الصالحي ، أرشيف الماركسيّين ، النصّ [هنا] .
(37) مقال : سعد الياسري ، تائه أم ملحد ، النصّ [هنا] .
(38) مقال : مايكل لوفي ، الماركسيّة و الدّين ، ترجمة : بشير السّباعي ، موقع لام ألف نت ، النصّ [هنا] .
(39) مقال : من أقوال أبيقور المأثورة ، شكبة اللاّدينيّين العرب ، النصّ [هنا] .
(40) برنامج : الشّريعة و الحياة ، يوسف القرضاوي ، قناة (الجزيرة) القَطريّة ، تاريخ البث : 22 / 02 / 2009 ، النصّ [هنا] .
تنبيه :
لا يجوز نقل أو إعادة نشر هذه المادّة دون الإشارة إلى (جدار) كمصدر .
سَعْد اليَاسِري
السّويد
تشرين الثّاني | 2009
الموقع الشّخصيّ
التعليقات (0)