رسائل قصيرة من مدينة مفخـّخة

رسـائلُ قصيرة ٌمن مدينةٍ مُفخـّخـة

                                                 ريم قيس كبة

1
كأنـّا قــُرادٌ يموتْ
ففي آخرِ النشرةِ الدمويةِ
نلمحُ بغدادَ:
أشلاءَ سيارةٍ
كانَ فيها قـُبيلَ ثوان ٍ
أبٌ ..
او بيوتْ

2
بكفٍ وحيدة ْ
ستلطمُ خـدَّ الذهولْ
..
بكفٍ وحيدةْ
ستحملُ نعشَ أخيكَ
..
بكفٍ وحيدةْ
ستكتبُ اُختكَ
– او من تبـّقى
بشارعِ هذا الخرابْ –
حروفاً من النعي ِ
فوقَ الترابْ

3
لم تـعُدْ في المدينةِ مقبرةٌ
..
كلّ ارض السلامِ
غدَتْ رقـعةً من رخامٍ
لقـبرِ البلـَدْ

4
لهذي الجنازاتِ معنى
تخطـّى حدودَ الألـمْ
فقد هشـّمَ الحاجزَ الفصلَ
بينَ الوجودِ
وبينَ العـدمْ

5
كلّ فجرٍ
تسيرُ على نهرِ دجلةْ
قواربُ من بعضِ أجسادنا
..
كلّ يومٍ
تزيدُ المدافنُ خمسينَ حلماً
..
وفي كلّ ليلٍ
سيـُطفأ بيتٌ جديدْ

6
كلما سجـّلَ الموتُ رقماً
تصاعدَ في البيتِ ثــأرٌ
سـيحصدُ منـّا المزيدْ

7
عشـرُ شوارعَ مزهوّةً بالبيوتْ
سـتـُذبـَحُ في العيدِ
تـُشـوى بنارِ الطوائفِ
أشلاءُ هذي البلادْ
ليأكلَها ماردٌ
طاعنٌ بالحروبْ

8
لا .. لا مناصْ
أينما ولـّيتَ حـُلمكَ
كنتَ في مرمى الرصاصْ

9
- ياولدي :
لا تخرجْ للشارع ِ
إلعبْ في البيت ْ
- لكن ياأبتي :
أينَ هو البيتْ ؟

10
بغدادُ يابلـَدَ الرشيدْ
قصفوا المنارةَ
واستباحوا حـُلمكِ الآتي
ومجداً قد يعودْ

11
بلدُ الجنائز ياعراقْ
من اول التاريخِ حتى آخر العبواتِ
تنزفُ يا عراقْ

12
بلى دثِّروهْ
فقد مسـّهُ وجعٌ واغترابْ
وكل الذي كان غابْ
وما عاد يجديهِ غير انتظارٍ لعمرٍ جديدٍ
فربّتما
كان عمراً بغيرِ خرابْ

13
عمرنا
قد أحبَّ
فعفَّ
فمن ليلتهِ ماتَ منتحراً
ماتَ شهيدَ الهوى
عمرُنا

14
ملابسُنا
كفنٌ للبلادِ
يخاطُ بأعمارنا

15
أجسادُ أفراحنا
تتكدّسُ في المشرحةْ
وأحجارُ أحزاننا
تتطايرُ مثل الشظايا
لتبني الملاجئَ مزدانةً
بحطامِ النفوسْ

16
بلادي عروسْ
تـُزفّ بأحلى الطقوسْ
الى المقبرةْ

17
هو الموتُ اوّلُ اسمائنا
والحياةْ
تقارعهُ بحياءْ

18
هو الموتُ منهمكٌ
بالحصادْ
وربّ ُ البلادْ
منهمكٌ
بالخطابةِ والاقنعةْ

19
لمـَن وضدّ مـَنْ ؟
نسـجّلُ البلاغَ عن
حروبـِنا
وعن دمٍ يـُراقْ ؟
..
هل ضدَ مجهولٍ ؟
ام ضدّ مسـؤولٍ ؟
ام ضدّ مخـبولٍ ؟
..
ام ضدَّنا ؟
لأننـا عـراقْ ؟

كـُتِبَت هذه المقاطع في القاهرة من 12-2006 الى 6- 2007
وهي منشورة في ديوان: "بيتـُنا" الصادر من دار مركز المحروسة للنشر، القاهرة 2009