في جولتي التصعيد الإسرائيلي الأخيرتين ضد قطاع غزة، دخلت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ميدان الرد مجدداً، الأمر الذي اعتُبر رسائل للداخل والخارج.
في الداخل الفلسطيني، تريد كتائب القسام، ومن خلفها حماس، إظهار أنها باقية على مقاومتها وعملها العسكري وأن صمتها السابق على جزء من العدوان لم يكن مهادنة، بل إن حسابات الميدان لديها تختلف عن الباقين.
أما الرسائل الخارجية، فكانت موجهة لإسرائيل، التي تحاول في الفترة الأخيرة فرض معادلات القوة والتدخل ميدانياً، بأن حماس لا يمكن أن تضحي بمشروع المقاومة وأنها جاهزة لتغيير قواعد اللعبة.
وقال القيادي في حركة حماس يحيى موسى إن إسرائيل تحاول في عملياتها العسكرية في القطاع أن تثبت قواعد اللعبة الأمنية في المنطقة على أساس أنها صاحبة الحق وفق ميزان القوة بفرض المعادلات وخطوط المواجهة.
تغيير المعادلة
وأضاف موسى في حديث للجزيرة نت أن حماس أرادت -بمشاركتها الأخيرة عسكرياً- أن تقول لإسرائيل إن النار بالنار، وإن هذه المعادلات لا يمكن أن تمر، وإن حماس وإن كانت في الحكم لكن جوهر مشروعها هو استمرار المقاومة.
وذكر القيادي في حماس أن حركته كانت تمتنع في بعض الأوقات عن التصعيد في ظل قيام فصيل مقاوم آخر بالرد، لأنها تقرأ جيداً معطيات الميدان.
وأشار إلى أن حماس لا يمكن أن تضحي بموضوع المقاومة مقابل أي شيء، "ربما فهم الإسرائيليون أن مشاريع الإعمار في غزة ستجعلنا حارساً لحدود الكيان، هذا لن يحدث، لا نزال في مرحلة تحرر وطني والإعمار والبناء لن يجعلنا نرمي أسلحتنا".
وبينّ موسى أن حماس ليست جزءاً من اللعبة الإقليمية وتعمل وفق مصالح شعبها، مؤكداً أن الحركة معنية بإبقاء حالة المقاومة ومع ذلك تقرأ موضوعياً الظروف المحيطة وماذا تحتمل الساحة وما لا تحتمل.
من جانبه قال أستاذ الإعلام والمحلل السياسي عدنان أبو عامر إن حماس أرادت بمشاركتها العسكرية في التصعيدين الأخيرين إرسال جملة من الرسائل السياسية والعسكرية للداخل والخارج.
التمسك بالسلاح
وأضاف أبو عامر في حديث للجزيرة نت أن حماس تريد أن تؤكد أنها ما زالت متمسكة بسلاح المقاومة وأن الدعم المالي العربي ومشاريع الإعمار وغيرها لا يمكن أن تجعلها تتخلى عن المقاومة المسلحة.
وأوضح أبو عامر أن القسام أرادت أيضاً كسر قواعد اللعبة مع إسرائيل، "أي أنها أوصلت لإسرائيل رسالة مفادها أن أي تصعيد وعدوان سيقابله رد"، معتقداً أن حماس تستغل وجود مرحلة انتخابية في إسرائيل لتغيير قواعد اللعبة.
وأشار المحلل السياسي إلى حالة من الارتباك في إسرائيل من هذه الرسائل خاصة أنها لا تريد توسيع خياراتها الحربية مع غزة، لكنها في الوقت ذاته تخشى أن تستفيق على عملية أسر جندي جديد أو مقتل إسرائيليين في حافلة أو ضرب صاروخ فلسطيني لمدرسة.
معادلة أخرى
بدوره قال مدير مركز أبحاث المستقبل في غزة إبراهيم المدهون إن التصعيد الإسرائيلي أصبح مستفزاً لحماس بدرجة كبيرة، ويهدف لفرض معادلة لو قبلت بها القسام سيؤدي ذلك لأضرار إستراتيجية على بنيتها التنظيمية وسمعتها المعنوية.
وأضاف المدهون في حديث للجزيرة نت أن تدخل القسام وبقوة في التصعيد الأخير وجه رسالة لجنوده وأظهر لهم أن النية القتالية ما زالت في مقدمة أولوياتها، وللاحتلال بأنها لا تقبل نظرية التهدئة مع الاحتفاظ بحق العدوان لإسرائيل.
وذكر المدهون أن رد القسام لم يخلو من رسالة للقوى الإقليمية بأن حماس مستعدة للذهاب لأبعد مدى في مواجهة الاحتلال، وأن إعمار غزة لن يكبلها ولن يوقف المقاومة، وللمقاومة رسالة أخرى بأن القسام لا تزال موجودةً.
ويعتقد المدهون أن إسرائيل فوجئت من جرأة القسام في الرد وطريقة الإعلان التي حملت أنواعاً من التحدي عبر التبني المباشر ونشر صور لصواريخ متطورة عن تلك التي أطلقها في أوقات سابقة.
التعليقات (0)