ردا على أقاويل محمود احمدي نجاد وعبد الوهاب المسيري وأشياعهم ومن سار على هديهم ولف لفهم وكل من يردد اقاويل من قبيل ان اسرائيل ما هي الا دولة وظيفية قامت تحت حراب وحماية الصهيونية المسيحية.. اليكم جميعا كلمة رئيس الدولة الاسرائيلي شمعون بيرس التي ألقاها خلال مراسم افتتاح وقائع ذكرى المحرقة النازية او كما تسمى اسرائيليا بذكرى الكارثة والبطولة، في مؤسسة "ياد فاشيم" المقدسية، حيث يحيي الشعب اليهودي في اسرائيل والعالم هذه الايام ذكرى المحرقة اليهودية، اليكم كلمة السيد بيرس :
إخواني وأخواتي في إسرائيل والمهجر ..
تطول الأيام.. فهي الايام الاخيرة من شهر نيسان العبري.. ويحل الليل على الشعب اليهودي.. على بيوت سوق محانيه يهودا، وكريات يوفيل وكريات موشيه وتلبيوت وراموت وغيلو، وعلى ناطحات السحاب في تل أبيب وعلى سطوح حيفا وعلى سهول بئر السبع وموشاف موليدت وكيبوتس غروفيت وكريات شمونا. وتودع أشعة الشمس بلدات تل حاي ودغانيا ومتسادا..
وقد حل هذا الليل قبل وقت قصير على أنتوبول وعلى جورومين، وعلى رودنيك وعلى ميخالوفا، وهي بلدات كان ثلاثة أرباع سكانها من اليهود، ولم يبق فيها أحد منهم. حل الليل على قرية توستانوفيتسا التي قتل فيها 2803 يهودي، وعلى بلدة ليباو في ليتوانيا التي قتل فيها 7101 من اليهود، وعلى خيلم المجاورة للوبلين التي تم ترحيل 15 ألفا من يهودها إلى حتفهم.. وبدأ الظلام يرخي سدوله على داخاو وأوشفيتس وبيركناو، كما لف فيشنيفا مسقط رأسي وزرتها بصفتي وزيرا إسرائيليا، حيث لم يبق فيها من بيوت اليهود وكنسهم خشبة واحدة..
لقد زرت بئرا كان في ساحة بيتنا، والماء لا تحرقه النيران، فتناولت من مائه لأتذوق مياه طفولتي، فكان ماؤها لاهب المذاق، وهو مذاق النيران التي التهمت أبناء البلدة وأبناء أسرتي الذين بقوا فيها..
هذا الليل جاثم كسقف بيت العزاء على آلاف الطوائف اليهودية التي بات كيانها شاهدا حجريا وأصبحت ثقافتها ذكرى وأناسُها رمادا..
غربت الشمس على الكنس والمعاهد الخربة وعلى المسارح والمؤسسات الثقافية التي هدمت وعلى الكتب التي أضرمت فيها النيران وعلى المدارس التي غدت رمادا..
لقد مُحِقَ كل شيء – الحياة والبيوت والثقافة، ونهشت الدنيا ألسنةُ اللهب..
سيبقى هذا اللهب يشتعل فينا كفراق مستحيل للملايين الستة من إخوتنا الرجال والنساء والشيوخ، وأطفالنا المليون ونصف المليون، وتلك الطاقة الهائلة من الحياة والمواهب التي طمست لا يعوضها شيء..
كل من يمر اليوم ببلدة زبوروف الأوكرانية لا يعلم أن ألفا من يهودها تم إعدامهم رميا بالرصاص ذات يوم صيف من عام 1941 ثم دفنوا في حفرتين..
من يمر هناك اليوم لا يسمع صرخة التاسع من أبريل نيسان 1943، الذي أجبر فيه 2300 من اليهود على حفر قبورهم بأيديهم بجوار قاعة سوكولينايا الرياضية، ثم قتلوا وأُلقوا في المقابر التي حفروها لأنفسهم..
جاء في سفر مراثي ارميا: " بماذا أنذرك بماذا أحذرك. بماذا أشبهك يا ابنة أورشليم. بماذا أقايسك فأعزيك أيتها العذراء بنت صهيون؟" وهذا ما يتساءل عنه الناجون من أرصفة القطارات في تربلينكا وأوشفيتس وبيركناو، كما يتساءل عنه الذين وصلوا إلى إسرائيل وانبروا من فورهم للدفاع عن الشعب في حربه من أجل الاستقلال..
يشهد الله على أن الدولة التي أسسها طلائعيون ولاجئون وناجون تحمل صرخة المحرقة كما تحمل ضجيج آلات البناء والعمران.
لن تنسى إسرائيل إلى الأبد وصيتين صادرتين عن المحرقة، أولاهما الوصية الملحة ببقاء دولة يهودية مستقلة تذود عن أمنها بأيدي أبناءها، يعمّ السلام ربوعها، كيف لا وهي دولتنا التي لا دولة لنا سواها..
واما الوصية الثانية فتتمثل بحمل التهديدات بإبادتنا على محمل الجد، وحمل دعوات إنكار الهولوكوست ودعوات التحريض على محمل الجد ايضا ..
إنه من حقنا، بل من واجبنا مطالبة شعوب العالم بعدم تكرار مظاهر اللامبالاة التي كانت سببا في إزهاق أرواح الملايين من الضحايا البشرية، بمن فيهم ضحايا المحرقة النازية..
حري بالأمم المتحدة أن تكون آذانها صاغية لتهديدات الابادة التي تصدر عن دولة هي عضو في الأمم المتحدة، ضد دولة أخرى هي عضو بالامم المتحدة أيضا، فإن لم تفعل عند هذا تكون الامم المتحدة قد قوضت بايديها أركان ميثاق الأمم المتحدة..
كما هو مطلوب ان نطمح إلى سماء نقية في الشرق الأوسط وان تتوقف التهديدات بالإبادة أولا وقبل كل شيء.. فأسلحة الدمار الشامل حين تكون في أيدي قادرة على تنفيذ اعمال إبادة جماعية ويطلق أصحابها أصواتا تشجع مثل هذه الإبادة، حين ذاك تكون هذه الاسلحة اكبر خطر يهدد السلام العالمي، وتحول العالم الى مكان فاقد للسيطرة ..
ثمة قطاع من الشعب الإيراني ذاته يشعر بالخجل والخزي جراء ما لحق به من استبداد.. والدول العربية مدركة بأن تحريض أحمدي نجاد ضد إسرائيل يستهدف إخفاء هدفه الحقيقي الذي يتمثل في إخضاع المنطقة بأسرها للهيمنة الإيرانية..
لقد نشبت الحرب العالمية ذات يوم على خلفية التحريض النازي الشيطاني والزعم القائل إن الألمان عنصر متفوق وإن "ألمانيا فوق الجميع"..
حذاري من العودة إلى ذلك المفهوم الشيطاني القائل بأن ثمة إنسان متفوق أو سلطة متفوقة أو عنصر متفوق مباح له ان يفعل ما يشاء..
اما المانيا فقد أدركت هذه الحقيقة في وقت متأخر، فكان استخلاص العبر من قبل القيادة الألمانية الحالية..
لقد قمت بتلاوة صلاة "الكاديش" (صلاة تتلى على أرواح الموتى) في البرلمان الألماني، واعتقادي انه حتى أولاءك الذين لا ينطقون باللغة العبرية قد سمعوا ووعوا تلك الواقعة التأريخية التي وصمت التأريخ الألماني بالعار وحكمت على ملايين الأبرياء بالموت..
ان موتانا لن يبعثون من جديد، لكن ذكراهم ستعيش في قلوبنا. ولن تشفى جروحنا لكن قوانا لن تخور..
إننا هنا الآن ومعنا الناجون من المحرقة وأنصار الشعب اليهودي، أولاءك الذين أنقذوا يهودا خلال فترة الحرب معرضين حياتهم وحياة عائلاتهم لخطر الموت..
وسيوقد الناجون من المحرقة هذا المساء المشاعل تمجيدا لإسرائيل وتثبيتا لأقدامها ولرفع تحية لكم جميعا من غياهب التاريخ اليهودي..
إنه الإيمان الذي مكننا من إعادة بناء دولتنا التي تمثل أكبر تجمع لليهود عرفه التأريخ.. هذه الدولة صاحبة القدرات العلمية الكبرى والاقتصاد المزدهر والأمن المتين والثقافة المفعمة بالحيوية والنشاط ، والنظام الديمقراطي الذي يكفل الحرية لجميع مواطني الدولة لا يفرق بينهم دين أو قومية أو جنس..
لقد ثار شعبنا يوما على العبودية ورفض الهيمنة وحطم الأصنام ونبذ التمييز، وعلى هذا الدرب نحن سائرون مستقبلا أيضا..
ستبقى عيوننا ساهرة لن تغفل الأخطار في أي وقت، وستبقى أيدينا ممدودة للسلام على الدوام..
لم يعرف التاريخ شعبا نُكل به كما نُكل بنا.. ولم يعرف التاريخ شعبا عمل على اعادة بناء ذاته كما فعلنا.. وسنبقى شعبا يحمل الذكرى والإيمان والعزيمة.. ومع بزوغ الفجر سنمضي مجددا الى العمل والبناء والإبداع..
ستظل نبضات المحرقة خفاقة في قلوبنا.. كما ستظل خفقات النهضة نابضة في أفعالنا ...
التعليقات (0)