ردا على نوفل سلامة في هجومه على الدكتور المفكر محمد الطالبي ؟
أنت و الإخوان في الظلمات ؟
بقلم :محمد بن عمر – تونس الخضراء
أخطر معوقات الثورات العربية هو الفكر السلفي المؤله للبشر و للأنبياء ؟
التوحيد هو غاية البشرية عبر تاريخها الطويل ؟
أعتقد أن الثورة التونسية صارت مهددة بقوة من السلفيين على اختلاف تياراتهم الظلامية المغرقة في الرجعية و إحياء حيوات السلف الصالح الذين أنتجوا ما لاءمهم و حضارتهم ... من نظم حياتية و معيشية كانت تتناسب مع عصرهم الغابر ، و يأتي الإخوان بعد انطلاق ثورة شعبنا التونسي الأبي ليركبوها و ليخنقوا توقه للحرية و إبداع ما يلائمه من نظم حياتية واجتماعية واقتصادية و حضارية ... تتماشى و طموحاته في الانخراط في عصره و المساهمة الفاعلة في حركية التاريخ البشري، بدعوى التمسك بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. ؟
و المعلوم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء و المرسلين عليهم سلام الله ، قد بعثوا جميعا برسالة واحدة و شريعة أزلية واحدة : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ[الشورى:13]
و أزلية شريعة الله تعني أن الله عز وجل قد سن قوانين أزلية يتحكم بمقتضاها في الكون و الإنسان و الحياة... وهي قوانين يلاحظها المتأمل في الكون ... كقانون اختلاف الليل و النهار و قانون بزوغ الشمس و مرور السحاب و البرق.. و قوانين الإنبات و خلق الإنسان في رحم أمه و خلق المني و قانون إنزال المطر... هذه القوانين المعلومة.. و المجهولة ... للإنسان عبر مختلف أحقاب التاريخ البشري هي ما ذكر بها الأنبياء أقوامهم كل ما مرت فترة من الزمن ... على أمل الخضوع لخالقها و مدبر الأمر و توحيده دون الخضوع لشركاء مزيفين لا يملكون من الأمر شيء في الأرض و لا في السماء و لا لأنفسهم ذاتها ؟ و كانت بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ... خاتمة لكل هذه الرسالات السماوية السابقة و قد ضمنت كل هذه القوانين الأزلية التي يتحكم الله بها في جميع مخلوقاته بين دفتي كتاب معجز لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه جعله الله حجة على جميع الأمم و الشعوب بدءا من بعثته عليه السلام لكي يهتدي بنورها من شاء من خلق الله و أمم الأرض أجمعين ...؟
و قد خاض كل الأنبياء عليهم السلام كل تجربته المميزة عن غيرها من التجارب البشرية خضوعا إراديا ، و أنتجت كل أمة ثقافتها النسبية و ما لاءمها في حياتها في إطار قوانين الله الأزلية فأنتج نوح و قومه ما ناسب حضارتهم في العقيدة و المجتمع و الحضارة ... ؟
و فعلت مثلهم أمة إبراهيم و أمة موسى و أمة عيسى و أمة محمد- صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - في أزمانهم ما لاءم حياتهم و حضارتهم للخضوع إراديا والاستجابة و التماهي و تبني شريعة الله الأزلية أو العصيان الإرادي لهذه الشريعة المفصلة معالمها في القرآن تفصيلا ...كما فصلت من قبل في كل الكتب السماوية المنزلة على السابقين من الأنبياء و المرسلين ؟
لا يشك إنسان في كون النبي محمد صلى الله منذ أن أعلن الله اصطفاءه ليكون رحمة للعالمين بداية من نزول الوحي عليه أول مرة ، و أمره له ب"إقرأ باسم ربك الذي خلق ...؟
قد أنتج عليه السلام ردات فعل سلوكية و قولية ... هو و كل من آمن بدعوته أو أعرض عنها استجابة للوحي أو إعراضا عنه و تكذيبه ... وهي تجربة إنسانية محدودة زمانا و مكانا لأن التفاعل الإنساني مع كلام الله المعجز لا يكون إلا نسبيا بالتفاعل مع معطيات الواقع المعيش للإنسان ؟
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا.
[الكهف:110]
فردة الفعل النبوية على ما كان يتنزل عليه من وحي إلهي معجز لا يمكن إلا أن تكون ردة فعل بشرية نسبية قد تخطئ و قد تصيب .....؟
هذا ما كان يتوجب أن تفهمه أمة الإسلام في كل ردح معين من الزمن، فتأخذ على عاتقها و عاتق أبنائها من العلماء إنتاج فكر حضاري واجتماعي واقتصادي و فلسفي و صناعي و فلاحي و بحري و جوي ... و طبي و رياضي و تشريعي و قانوني جديد و محدث ... في إطار التفاعل مع بصائر القرآن و أنواره الأزلية ...؟
لكن غباء الإخوان المستسلمين للجهل و و ظلامية الموروث _ التراث _ و شركهم بالله و جهلهم الذي ورثوه جاهل عن جاهل ... قد حول النسبي – تجربة النبي محمد صلى الله عليه و سلم و صحابته قبل 14 قرن – إلى أزلي مطلق مقدس – و المطلق الأزلي الصالح لكل زمان و مكان ، القرآن المجيد - إلى نسبي يمكن الاستفادة منه أو تركه بحسب أهوائهم و أهواء قادتهم الذين يضلونهم بغير علم ، و هذا ما انتبه إليه الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم في حياته استفادة من حياة الرسل قبله و قصصهم في القرآن المجيد .... فجاء قول الله على لسان الرسول الكريم : وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ( 30 ) وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا ( 31 سورة الفرقان .
فترك الأصل و هجر، واتبع ما يقال أنه أقوال للرسول صلى الله عليه وسلم اعترف جامعها انه انتخب 6000 حديث من جملة 600.000 حديث بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بما يقرب من 280 سنة ؟
و مهما يكن من أمر صحة هذه الأحاديث من كذبها فهي لا تخرج عن كونها كانت وليدة تعاطي الرسول صلى الله عليه وسلم مع عصره و أمته و أناس يعرفهم و يعرفونه ؟ و بالتالي قد نستفيد منها بعض الشيء و لكن مطلقا لا يمكن اعتمادها للتشريع أو إبصار الواقع المعيش كما هو الشأن بالنسبة لبصائر القرآن و أنواره التي تتفرد بالقدرة على إضاءة الحقائق الكونية و تمكين المؤمن بها من التفاعل الخلاق مع مجتمعه و حضارته ... لأنها مخلوقة لله عز وجل و ليست من إنتاج أحد من العالمين جنا كان أو إنسا و لهذا كان التحدي و لا يزال قائما منذ نزول القرآن المجيد : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23)
إن إسلامي العصر الحديث على اختلاف شيعهم و أربابهم من الفقهاء ....؟ لا يؤمنون _ في الحقيقة _ لا بقانون و لا شريعة ولا عدالة ... لذلك فشلوا فشلا ذريعا في إقامة أين من مشاريعهم المعلنة منذ عشرينات القرن الماضي و سقوط الخلافة العثمانية ؟
و أتساءل : كيف يؤمن قومي على مستقبل بلادهم أنجاس يسوون بين كلام الله المعجز و كلام البشر من الأنبياء و الحكماء و العلماء ...؟
بل لعلهم في حقيقة الأمر يفضلون كلام البشر على كلام الله و معاييره الأزلية العادلة ... ؟ و هذا ما يتمظهر في سلوكهم اليومي و حركياتهم السياسية في كل بلاد الدنيا ...؟
إنهم : يؤمنون بالنسبي الناقص الذي كان وليد عصره و معطيات حضارية مغايرة تماما لمعطياتنا الحضارية الراهنة و يهجرون كلمات الله المعجزة التي أضاءت كل عصور البشرية و هدتها إلى سواء السبيل ؟ بينما يصر هؤلاء الأنجاس على أن نعيش بعقول بشر ميتين منذ قرون ؟
إن الحركات الإسلامية في تونس تسعى إلى قتلنا جميعا بعدما تراءت في آفاقنا التونسية نخبة شبابية حية مستعدة للتضحية بأرواحها في سبيل عزة الأمة و رفاهيتها و تستلهم الحق من فطرتها التي فطرها الله عليها و لم تتنجس بوثنية الإخوان و ظلاميتهم ؟
إني أرى خطرهم يحدق بنا من كل مكان ؟ و إذا لم ينتبه شباب الثورة لخطر هؤلاء الأصوليين على مستقبل مجتمعاتنا الاسلامية ... فلن تقوم لنا قائمة بعد أن يكونوا قد التفوا على كل منجزات الثورة ؟
و بدأوا في تنفيذ مخططات الوهابيين و الأصوليين و السلفيين ... في دفعنا للعيش في ظلمات الكهوف أو الحروب الأهلية القاتلة كما في العراق أو أفغانستان أو السودان الذي فتتها حسن البشير بفضل حسن الترابي و جماعته من الظلاميين .... ؟
قد تتوحد أمتنا التونسية حول الحق الذي تضيئه بصائر القرآن المجيد و أنواره المتلألئة في كل آن و حين ؟ و لكن يستحيل أن تتوحد حول الشعوذة التي يبشر بها السلفيون ؟ حتى أنك لا تجد سلفيان اثنان يتفقان حول أي مسألة حياتية أو دينية مطلقا (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ.)
[الحشر:14] ) ؟
هاهي النهضة تجتمع بحزب التحرير و السلفيين الجهاديين بسوسة ... لتوحيد مواقفهم ؟(جريدة حقائق ليوم الجمعة 24جوان 2011؟
و لكن مطلقا لن يصلوا إلى أي توافق لتعدد أربابهم و مرجعياتهم الفكرية ......؟
و كيف يتوحد هؤلاء و النهضة نفسها لا تجد فيها اثنين متفقان؟
إني أدعو الموحدين من الإسلاميين أن يحرروا أنفسهم من أرباب هذه الحركات السلفية و يدوسوا على رقبة الغنوشي و مورو ... و الشيخ الإدريسي و أبو أيوب ... و رضا بالحاج... و يفتتوا معنويا هذه الأرباب من نفوسهم و يزكونها بتوحيد الله وإتباع ما تكشفه لهم بصائر القرآن من حقائق ...؟ و ينتخبوا من بينهم قادة موحدين مؤمنين بالله و ملائكته و كتبه و جميع رسله عليهم السلام... قادرين على المساهمة في قيادة الثورة التونسية إلى بر الأمان و التحرر من كل تجارب الآباء ...؟
ف(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).؟
إن القرآن المجيد قد تنزل على أمة الاسلام ليبصر ببصائره و يبين لها حقائق الحياة المتجددة و تنفذ أوامره طبقا للحقائق التي أبصرها المؤمن في حينه و في زمانه و مكانه المعين ... ؟
فقد يترائى للمسلم حرمة أكل لحم الخنزير اليوم وهو بين أهله و ذويه .... و قد يحل له غدا أكل لحم الخنزير عندما يكون في صحراء قاحلة و تتعرض حياته للخطر... ؟
و هكذا هي كل آيات القرآن المجيد هي فقط تضيء درب المسلم في كل آن و حين و في كل زمان و في كل مكان في تفاعل خلاق بين حقائق الواقع و فطرة الانسان المسلم التي فطره الله عليها .... ؟
أنه ثالوث الوحدة التي تجعل المسلم مبدعا في حياته و مثمرا أينما حل وارتحل ...؟
و تجعله قادرا على الحسم و أخذ القرار الصائب في كل مجالات الحياة المتغيرة في كل آن و حين .... ؟
و حتى تعدد الزوجات فهو مسألة اجتماعية توافقية، فإن رأت السلطة التشريعية المنتخبة من قبل المسلمين أن المجتمع لا يحتاج للتعدد فيمنع بالقانون التعدد و لا يخالف ذلك أمر الله....؟
و إن رأت السلطة التشريعية المنتخبة أن التعدد أو التثنية أو التثليث أو التربيع قد يحل مشكلة ما يحتاجها المجتمع الاسلامي في زمن ما و مكان ما ... فله أن يحدد هذا الأمر بقانون ، يخضع له المجتمع بكامله ...؟
فلا وجود في الاسلام و لا في القرآن لناسخ و منسوخ - كما يزعم الإخوان المجرمون عبر مختلف تاريخهم المظلم – بل هناك تكيف مع وقائع الحياة المتغيرة في كل آن و حين ، وهي صفة أعطيها الحيوان فما بالك بمن جعله الله خليفته في الأرض لإقامة العدل ؟
إن السنة مصدرها بشر: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
[الكهف:110]
و لا قدرة للبشر على انتاج كلام صالح لكل زمان و مكان كما هو الشأن بالنسبة لبصائر القرآن المجيد ... ؟
و أتحدى كل السلفيين- على اختلاف تياراتهم - أن يأتوني بحديث واحد صحيح يصلح للناس في كل زمان و مكان ؟
و اذا عجز السلفيون بكل تياراتهم المظلمة على رد التحدي فلأمرنهم بالخرس الأبدي و أن لا يتكلموا باسم دين التوحيد مرة أخرى في تونسنا الحبيبة ؟.
تم المقال بحمد الله.
التعليقات (0)