صراحة انا مصدوم صدمة عنيفة جدا من مواقف الدكتور محمد الطالبي .... و أقر أني لم أتمكن من قراءة أي كتاب من كتبه بل بعض الحوارات في الصحافة لا غير ؟ و حتى القرآنيين الذين يزعم انتماءه الفكري اليهم لا أراهم في عمومهم يمتون له بأي صلة ؟
و للرد السريع على التفاهات التي استمعنا اليها أقول أن هناك خطأ شنيع ارتكب و يبدو شكليا للوهلة الأولى وهو أن الله عز وجل قد أكد على أن الأمة الاسلامية غير ملزمة أو محاسبة على ما كسبه الأسلاف في حياتهم بهدف تحرير المسلم في أي زمان و أي مكان من الموروث الذي قد يصبح عائقا أمام نهضة الأمة الاسلامية كما هو واقعها اليوم ؟
فقول الله في آيتين في سورة البقرة تؤكدان على أن : " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون " .
.فالمؤمن لا يضيره و لا ينفعه و لا يضره ما قام به اسلافه في تفاعلهم مع الوحي ... ؟
فله ما يكفي في كتاب الله من تجارب الأنبياء و الصالحين و من تجارب الأمم الفاسدة لكي يختار ما يلائمه و يلائم معتقداته و قناعاته لأنه ما أنزل لهذه الدنيا الا ليخوض تجربته الخاصة ليحاسب على ما كسبت يمناه ولن يحاسب على أي شخص آخر مطلقا لأنه كل نفس بما كسبت رهينة ؟ حتى أنه :«يوم يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه»
و لكل هذا.. من الخطأ الجسيم أن يعنى مفكرونا بتقييم تجارب السلف دون الاهتمام بما ينفعنا في حاضرنا ؟
فالله وحده القادر على تقييم حياتهم و مدى مطابقتها لدين الاسلام الذي بشر به كل الأنبياء عليهم السلام لأنه الوحيد الذي يعلم السر و أخفى ؟
كما أنه من الخطأ الجسيم أن ينظر للقرآن المجيد على كونه كتاب لغة كلغة البشر و الا لاستطاع الجن و الانس على الاتيان و لو بسورة واحدة كما تحدى الخالق ؟
و بالتالي لا بد أن ننظر للآيات كمخلوقات الاهية مهمتها توضيح الغامض و إنارة طريق المؤمن ليختار ما يناسب رضاء الله عنه كما جعل عز وجل الشمس ضياء لكل جنبات الكون .. و لا يهمنا مطلقا ما ارتآه السلف في قضايا عاشوها هم و هم ادرى الناس بما ناسبها من حلول ، فمسألة الخمر مثلا ينظر اليها في سياقها ... فلو وجد المؤمن نفسه معرضا للهلاك مثلا َّفي صحراء قاحلة من شدة العطش و توفر له في هذه الحالة الخمر او الدم أو شيئا محرما بنص القرآن فإنه يحل له في هذه الحالات بناء على قول الله تعالى : فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه ؟
و ما يهم المؤمن عامة أن يكون سلوكه غير آثم. أما في سائر أوقات الحياة الطبيعية و في ظل الحياة الاسلامية اليومية فإن المحرمات معلومة للجميع كالميتة و الدم و لحم الخنزير و الخمر ما دام قد اعتبره الله رجس من عمل الشيطان و كل عمل كان بدافع وسوسة الشيطان عدو الانسان فهو محرم و لا عبرة بغياب لفظ التحريم في آية الخمر فأن يؤمر المسلمون ب : عدم قرب رمز العبادات و هي الصلاة >و معلوم ان حياة المؤمن كلها عبادة >وهم في حالة سكر يكفي هذا النهي لجعله على بينة من تحريم الخمر فما بالك اذا قيل له انه :"رجس من عمل الشيطان "؟
إن القرآن قد تنزل متضمنا معايير أزلية و موازين واضحة تكفي المؤمن في كل الأوقات و مهما تعقدت الوضعية التي يحياها ليستبين طريق الغي من طريق الرشاد و ليس في حاجة مطلقا لمدارس فقهية قد لا تربطه و حياته و تخاريف هؤلاء الفقهاء المجتهدين اية صلة ؟ و لا أظن أن أحدا يكون في صحراء قاحلة و يمر بظروف صعبة قادر على استحضار تخريفات الشيوخ من أمثال الطالبي أو الشافعي أو مورو .. بل لا يجد في قلبه سوى بصائر القرآن و أنواره المتلألئة في قلبه لتضيء له الطريق الصحيح ؟
التعليقات (0)