لم يكن اعتراض نزار النهري وأستفهاماته على حرق القرآن بمقالته المنشورة : ( لماذا يعترض المسلمون على حرق القرآن؟ ) في الحوار المتمدن - العدد: 3119 - 2010 / 9 / 8 - 19:49
التي استشهد ببدايتها بكلام القس الامريكي ( تيري جونز ) عندما استضافته قناة ( CNN ) الامريكية الذي اعتزم الاول ان يقوم بحرق القرآن الشريف على مرأى ومسمع من العالم الاسلامي ... بل ما أهمنا من الامر تناقض نزار النهري كلياً على حرق المصحف الشريف سواء ان احرق من قبل هذا القس أو من غيره بالرغم من قوله : ( اوليس الدستور يحمي حرية الفكر والتعبير ...) ولست هنا في مقام تبيين عقيدة هذا القس المسيحي او غيره من اليهود فهم ذوو توجه وموقف واحد مقابل باقي الاديان ، فالمسيحية واليهودية كلاً على حدة برؤاهم ( لايقولون بباقي الاديان ) وهو الامر الذي سبق وذكره القرآن الكريم : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ) البقرة113
فمن هنا يكون معروفاً لنا موقف اليهودية والمسيحية تجاه الاسلام .... ، ان ما اعترض عليه نزار النهري بمقالته ليس الحرق او اسلوب وطريقة الحرق رغم اقراره من جانب آخر عدم مبررية هذا الفعل طالما الدستور يحمي حرية التفكير والتعبير على حد قوله ... بل ما يراه النهري ان هز مشاعر المسلمين والاعتداء عليهم بحرق كتابهم ليس سبباً كافياً لمسوغية هذا الفعل ؟ اذاً لابد ان يكون هناك اسباب اخرى كان قد أجازها النهري في رده على افكار القس حسب قوله : ( كان عليه ان يقرأ القرآن بطريقة منهجية ويركز على الاشياء التي تتعارض مع الحقوق بدل الدعوة الى حرق القرآن باكمله وبهذا يكون قد وجه الاهانة لكثير من البشر ) رغم اعتراف الكاتب واقراره بأن هذا الفعل هو أهانة لكثير من البشر ... فهو من جانب آخر يظن او يعتقد أن في القرآن الكريم أشياء تتعارض مع الحقوق ولست أدر عن أي حقوق يتحدث الكاتب ؟؟ فالقرآن الكريم لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وقد تناولها بين طيات آياته الشريفة ، فهل يوجد هناك حقوق أخرى للانسان أو الحيوان لم يذكرها القرآن الكريم ؟؟ وأذا كان الكاتب أوغيره الكثيرون ممن حمل الاسلام الحنيف الآثار والمحسوبية لعمل الاشخاص المنحرف عن جادة الاسلام الاصيلة سواء أكانوا عبر التأريخ أو في العصر الراهن من رجالاته ... فهل يعني هذا ان الاسلام غير صحيح ؟؟
على العكس من هذا كله فالاسلام الحنيف برؤيته ومناهجه ومفاهيمه ومصاديقه وتطبيقاته الصحيحة الاصيلة قد كفل ومنذ صدوره حرية التوجهات والافكار والعمل طالما هي لا تظر بالمكون الاسلامي والبشري على حد سواء وهو بهذا يستوعب كل الافكار والايديولوجيات طالما هي تسعى بمبادئها لخدمة ورقي الانسانية جميعاً ... أما استشهاد الكاتب بالآية : ( "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" ) التوبة الآية 29 والتي عدها الكاتب تخبط في تفسيرها مع من حاورهم أو من سائلهم عن المعاني الحقيقية للآية الشريفة فهو ليس بمحله ... لوجود أعتبار مهم قد تغاضى عنه الكاتب وهو أنها وجهت لمقاتلة أهل الكتاب والمعروف والمشهور الى حد البديهة : أن اهل الكتاب هم كل أمة كان قد أنزل عليها الكتاب وبعث أليهم النبيين الذين تركوا كتبهم وما جاء بها من تعاليم لا يختلف عليها الاسلام معهم ممن لم يؤمن بالله ورسوله ولا باليوم الآخر الذين لا يحرمون ولا يحللون ، وقوله تعالى ( ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب ..... ) هم انفسهم الذين تركوا دينهم السابق الذي وصفه الباري تعالى بدين الحق ... وإلى فأن الدين الذي جاء به كل الانبياء ( عليهم السلام ) هو الاسلام لقوله تعالى : ( أن الدين عند الله الاسلام ...... ) آل عمران 19 وتأكيداً لكلامنا اعلاه في تفسيره الذي احرفه جناب الكاتب عن معناه الصحيح نكمل الآية الشريفة التي أيضاً خاطبت اهل الكتاب مؤكدةً على بغيهم بعد أن علموا أن كل الكتب السابقة تدع للاسلام الحنيف بقوله تعالى : ( ...... وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) الآية السابقة (1) أما اعتراض جناب الاستاذ النهري على تصرفية الرسول الاعظم محمد ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) حول قيام النبي بتكسير الاصنام والتي يعتبرها الكاتب على الاقل من وجهة نظره الخاصة ... ( وهذا التماساً منا له العذر ) انه هذا الفعل يعتبر أنتهاكاً صارخاً للحريات .... اقول : يبدو ان الكاتب قد تغافل عن أمر مهم وهو : أن اهل مكة كانوا يدينون بدين الاسلام على ملة نبي الله أبراهيم ( عليه السلام ) وهم بعبادة هذه الاصنام والاوثان التي كسرها الرسول الاعظم ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) قد خرجوا عن تعاليم الاسلام الحنيف التي جاء بها ابراهيم الخليل ( عليه السلام ) والتي ايضاً اكدها الاسلام : ( والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) البقرة آية 4
إننا لا نختلف برؤيانا مع كافة الافكار والتوجهات التي من شأنها ان تخدم وتفيد الانسانية سواء اكانت هذه التوجهات علمانية او ليبرالية او اي توجه آخر طالما هو يتناغم في اولوياته مع مشروع الاسلام الحنيف الذي كان هدفه ومنذ خلق البشرية الرقي والسمو والرفعة بالانسانية الى المستويات الكمالية الملائكية الالهية ... وأنني لأستغرب من بعض الكتاب الذين يحاولوا تصوير الاسلام على أنه دين الارهاب ، فهذا النبي ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) وهو يوصي خالد ابن الوليد في احدى الغزوات : ( لا تقتلن مولودا ولا امراة ولا شيخا كبيرا ، ولا تعقرن شجرة ولا تحرقن نخلا ولا تقطع كرما ولا تذبحن شاه ولا بقره ولا ما سوى ذلك من المواشي الا لاكل، وسوف تمرون على قوم ياتونكم بانية فيها الوان الطعام فان اكلتم منها شيئا فاذكرو اسم الله عليه )(2) هذا هو المصداق الحقيقي للاسلام يا استاذ نزار النهري .
(1) - تفسير الجلالين
(2) وصايا الرسول
التعليقات (0)