رحيل يبدو انه لابد منه..يا سيدي الرئيس..

 عناد كبير يبديه النظام المصري في قراءته للاحداث التي تتزوبع ثقالاً على ارض مصر المعطاء..واندساس راعش في رمال الغفلة هو تلك النظرات الذاهلة التي يحاول ان يشيحها عن ايام الغضب الاحمر الذي اضحت تزيل المساحيق وتمعن في تخديد الغضون العميقة في وجه النظام..غضب يبدو انه ليس الى زوال قريب وسيستمر في تكرار الايام التي يقرع بها شعب مصر العظيم اسماع السلطة بصوت هادر مزلزل ان لا صبر عليكم بعد الآن..

ممارسات النظام لحد الآن تدل على انه ليس هناك من امل فيه ان يتفهم مدى صعوبة الزاوية التي حشر فيها الشعب..وعزل مصر في شرنقة من الصمت وقطع خطوط الاتصال..وتحشيد فقهاء السوء الرسميون لرفع حناجرهم في ممارسات اقرب الى الفواصل الفكاهية التي لم تعد تطرب من في الحي ,والاسراف في التحذير من الفتن العظام والدعوة الى التوحد-واي توحد اكثر من هذا فضيلتكم- والتذكير بان الخروج على السلطان واولي الامر وشق عصا الطاعة ليس الا بطاقة ذات وجهة واحدة الى جهنم وبئس المصير..لا تدل الا على مضي النظام في طريقه الذاهل المأفون المشعث الرؤية نحو مزيد من المكابرة والعناد ..وتدل على ان النظام لن يتجاوز الردود التكتيكية المعتادة من خلال التضحية ببعض رموز الفساد البعيدين عن العائلة الحاكمة..وانتحال صفة الرئيس الطيب القلب الذي استغفله المحيطين به..

لم يعد كافيا ان ينضم الرئيس المصري حسني مبارك الى قائمة المخدوعين المضللين المغرر بهم من قبل المحيط المقربين الاولى بالانصات..ولم تعد حجة عدم المعرفة بكل ما يدور في البلد تجد رواجا بعد ان لم تستطع ان تعصم الزين من غضب الشعب التونسي الشقيق ..ولن تجد مثل هذه الترهات من يصدقها في وسط الشعب الذي لم يعرف ولعقود غير الرئيس رباً معبوداً..عسير عليك يا سيدي ان تنتحل هذه الحجة وانت من انت..او لست من كنت تلقي في اذهان الشعب لثلاثون من الجمر بانك انت من يضع الهواء في انفاسهم وتسفح المياه التي تجري بامرك في الانهار وتعلق الثمار على اغصان الشجر..وانت من من يأتي بالصحو والمطر ..وانت من تلقي الاطفال في الارحام..وانت الوحيد الذي تعلم باي ارض يجب ان نموت..

حرج كبير يقع فيه النظام في وصفه الفتية الذين آمنوا بارضهم ووطنهم والقوة الكامنة في شعبهم بانهم ثلة من المشاغبين والمخربين..فلقد فعلها اخ له من قبل..ووصم الافواه الجائعة المطالبة بالخبز الحاف الممزوج بالكرامة الوطنية بانهم حفنة من اللصوص..ولم ينجح في ذلك ايضا..فمن الجلي ان نوعية الاحتجاجات العفوية وسيطرة الوعي الجمعي بالظلم عليها ومدى الانضباط والالتزام والطهارة الثورية التي تكلل هامات جيل الانتفاضة المصرية المباركة..قد اسقط من يد النظام التثقيف التراكمي الطويل للشعب بان الثورة لا يقوم بها الا الرعاع اوالغوغاء او"الحرافيش" الذين لا دية لهم ولا نواعي تندبهم والمطلوقة يد النظام في البطش بهم وسحقهم بعقبه الحديدية القاسية..وحشر الحكم وقواه الامنية في خانة الطرف المنفلت المفرط المرتبك المرتعش المدان..

رحيل يبدو انه لا بد منه ونتمنى ان يكون من خلال  قراءة سليمة متزنة منصفة للواقع المصري والدولي وعدم الاتكاء على شرعية ملتبسة لا تتجاوز افتتاحيات الصحف الرسمية المداهنة..ولا على البيانات البروتوكولية المقتضبة المنافقة للدول الاوربية المتوسطية..ولا التصريحات الامريكية المنفرة المخجلة المتواطئة التي تتحدث عن رسوخ واهمية ومتانة وثبات نظام يخرج الشباب العزل المفعمين بالانتماء الوطني فيه الى الشوارع بصدور عارية ومستقبل مجهول منادين بسقوط النظام ومسلحين بقوة اليأس والاحباط والافتقار الى ما يمكن ان يخسروه في تحولهم من ظاهر الارض الى باطنها..