هـوامــش حـرة
محمود حافظ
بقلم: فاروق جويدة
رحل د.محمود حافظ رئيس المجمعين مجمع اللغة العربية والمجمع العلمي المصري والوحيد الذي جمع بينهما بعد عميد الأدب العربي د.طه حسين..
كان آخر لقاء بيننا في العام الماضي عندما دعاني المجمع العلمي للحديث عن مستقبل الثقافة في مصر.. شاهدت يومها أعظم نخبة من علماء مصر الكبار وشرفني المجلس يومها بعضوية المجمع العريق.. كان د.حافظ حاضر البديهة برغم أنه كان يؤكد أنه أكمل المائة عام من عمره حسب التقويم الهجري... كان محبا لأصغر الكائنات في الكون حين تخصص في علم الحشرات وكان أول مصري يحصل علي درجة الدكتوراه في هذا العلم في عام1940 وأكمل أبحاثه ودراساته في جامعة لندن ثم جامعة كمبردج وقدم أكثر من 116 بحثا في علم الحشرات..
لم يكن عالما فقط بل كان عاشقا للأدب والشعر واللغة العربية بجواهرها وتراثها وقد تمتع بذاكرة ذهبية في حفظ التراث العربي والحديث عنه وكان عالما متصوفا بالفطرة.. ربما كان الراحل الكبير آخر شجرة في حديقة الشموخ المصري وأحد رموز هذا الجيل العبقري الذي شيد صرح الريادة المصرية في الفكر والثقافة ومنحها كل ما حظيت به من العرفان والتقدير في عالمنا العربي.. كان يحفظ وهو علي مشارف المائة أسماء أساتذته في مدرسة السعيدية وزملائه في أيام الدراسة وكم حكي عن قصة إحدي الأميرات التي جاءت تشكو مدرسا طرد ابنها من الفصل لأنه أخطأ وأصر علي موقفه بل أعطي الأميرة درسا في السلوك وتربية الأبناء قبل أن يقدم استقالته إلي ناظر المدرسة وكان يقول هكذا كان الحكام وهكذا كان الشعب وهكذا كان المدرس المصري..
لم يعشق د.محمود حافظ الأضواء من قريب أو بعيد وربما كان ذلك سببا في إنه لم يحصل علي حقه من التكريم حتي أن الجوائز التي حصل عليها جاءته في آخر سنوات عمره وكان يتمني ـ كما قالت زوجته ورفيقة مشواره ـ أن يحصل علي قلادة النيل وقد كان جديرا بها ولكنه العبث بأقدار الرجال..
التعليقات (0)