الأخبار العلمية تنشر بصورة مشوهة فالخبر الذي نشر عن فوز عالمين روسيين بجائزة الفيزياء لاكتشافهما مادة ثنائية الأبعاد صحيح في فوزهما بالجائزة وأنهما استطاعا أن يجعلا الكربون الموجود فعلا في الطبيعة علي شكل رقيقة تشبه (الفويل) سمكها ذرة واحدة (قد يكون المقصود جزيء الكوبون وليس الذرة) وهذا إنجاز يستحقان عليه جائزة نوبل وأكثر. لكن ما يهمنا, أن نلفت النظر إلي استحالة وجود مادة ثنائية الأبعاد عقلا لأن المعني لهذه المادة أن تكون سطحا وليس هناك في الكون سطح بالمعني المادي أبدا. لأن كل ما نسميه سطحا ما هو إلا حجم سمكه صغير وننظر إليه من أحد الوجهين مثل الورقة التي تكتب عليها لها سطحان ولكن لها سمك أيضا. ولنشرح ما نقول: فمثلا يستطيع المصنع أن يرقق (الفويل) أكثر, لكن إلي حد لا يستطيع ترقيقها أكثر من ذلك.... والسؤال: ما هو المطلوب من هذا العرض السابق؟ والإجابة أن يفكر المتلقي لهذا الخبر العلمي في أن الإنسان الذي استطاع أن يصل إلي هذه الدرجة من رقة المادة (صغر سمكها الذي يبلع ذرة واحدة) قد يستطيع فيما بعد (أولا يستطيع) أن يصنع مادة سمكها (مكونات الذرة), هذا إذا تمكن من فرد أجزاء الذرة إلي برتونات وإلكترونات ونيوترونات متراصة جنبا إلي جنب في (سطح واحد) وهنا سيعترض علماء الفيزياء قائلين (وهم علي حق) أن ذلك سيؤدي إلي تخليق مواد غير التي نعرفها ليست مكونة من ذرات تتشابك في منظومة تساهمية (تشاركية) أو منظومة أيونية غير التي نعرفها. وهذا أيضا مستحيل لأن الجاذبية بين الإلكترونات والبروتونات تجعلها في صورة شبه كروية يدور بعضها حول بعضها في مدارات متعاقبة يزيد عددها كلما ثقلت ذرة المادة كما أن العناصر تتكون جزيئاتها من أكثر من ذرة تكون علي هيئة حجم ليس له شكل واحد لكل العناصر, أو لنقل لا بد أن تكون المادة علي هيئة حجم ذو ثلاث أبعاد ولها كتلة معينة. ونخلص من هذا إلي أن هناك حدودا للعقل كما أن هناك حدودا للقدرة, وأن الذي وصلنا إليه من ترقيق المادة له حدود عقلية ومنطقية وأن المادة التي استطعنا فردها وبسطها إلي هذه الدرجة المذهلة تتراكب وتتجمع فتشكل العناصر المعروفة تم تتحد العناصر لتشكل المركبات ثم تتجمع المركبات فتشكل المادة التي يخلقنا الله منها والمواد التي نأكلها ونمشي عليها ونزرعها ونصنعها ونركبها ونلبسها ونعيش فيها بكل صورها. ثم إن الكون كله الذي يخرج تماما.. تماما عن الإدراك يذهب في رحلة مستمرة بسرعة تخرج تماما...تماما عن الإدراك لتتجمع ثانية إلي ذرات تتخلي عن شكلها الكروي المفرغ الذي تتباعد فيه مكوناتها إلي مدارات للإلكترونات حول النواة وتصبح كتلة ثقيلة إلي حد يفوق تماما.. تماما الإدراك وتكون قادرة بعد تجمعها وانكماشها إلي ثقب أسود يبتلع كل ما يمر قريبا منه من الأفلاك والمجرات والكرات الأرضية والكونية والنجوم والكواكب ونسمع عن هذا الثقب الأسود ونري أثره وهو بعيد تماما..تماما..تماما..عن الإدراك
التعليقات (0)