مواضيع اليوم

رجل يصنع التاريخ .. وتاريخ يصنع رجل !

تركي الأكلبي

2011-05-07 12:49:02

0

 

 


يراه مؤيدوه مجاهدا نذر نفسه وماله لنصرة الإسلام والمسلمين ، ومنهم من يرى فيه المعتصم ، وخالد بن الوليد ، وصلاح الدين ، وموسى بن نصير .. أبطال عصر السيف والرمح والفرس .
ويراه آخرون رجلا أضر بالإسلام والمسلمين ، ليس لأنه أراد ذلك بل لأنه سلك الطريق الخطأ في الزمن الخطأ وفي المكان الخطأ .
ويراه البعض مجرما ، ويرى البعض الآخر أنه كان يقتل بغير ذنب الأبرياء من المدنيين العزل .. أطفالا ونساء ورجالا ، واستطاع أن يقنع الشباب من صغار السن لقتل أنفسهم وقتل الآخرين في سبيل الله ولم يقل الله هذا سبيلي !
ولكن التفجير المخطط له في سرية تامة هو الوسيلة الوحيدة التي يستطيع رجل واحد كأسامة بن لادن وعدد قليل من المجندين "الجهاديين" معه القيام بها لمواجهة العالم بأسره ، وربما كان مضطرا لهذه الوسيلة القتالية لا مفضلا لها على غيرها ، فليس بإمكانه حمل السيف .. نعم : السيف
وقتال العدو في الميدان ! وتلك هي أزمة العقل العربي الذي لم يعي ولم يستوعب العصر الذي يعيش فيه بعد . فالقادة المسلمين الأوائل الذين يعتقد مؤيدو بن لادن أنه أعاد أمجادهم وسار على درب انتصاراتهم لو عاشوا هذا العصر لربما كانوا أكثر ذكاء من أعدائهم ولفكروا بطريقة أخرى !!

ترى لو فكر أسامة بن لادن بطريقة أخرى غير تلك التي جعلت الآخر يصنع منه أداة لتحيق

مصالحه ، هل سيكون له مؤيدين ومناصرين كما هو الحال الآن .. ؟ وهل سيكون هناك من يعتبره بطلا مغوارا ؟
الجواب : كلا ! فالعقل العربي ما يزال متخلفا ومتأزما ! فما تزال البطولة في الوعي العربي تمنح لمن يستخدم يده ولسانه وليس عقله !!
أنها الأمة الوحيدة المصابة بحساسية محرجة ضد العقل ولا ترى مخرجا لها إلا في الخطب وهامة الجسد ..!!
ومع ذلك ، فلو فكر بن لادن بمنطق العقل المعاصر لحقق لأمته شيئا مهما ، وأن لم يكن هو السباق في مثله إلا أن مجرد الإيمان به يعد خروجا على الاستسلام لازمة العقل الذي لم ينفك يفكر بأدوات المعتصم القتالية ! و(قلبه) معلق بصورة ذلك الفارس الذي يمتطي فرسا جموحا ويهوي بالسيف المهند على رقاب الأعداء !!

لقد خرج بن لادن من السعودية "للجهاد" ومعه أكثر من 200 مليون دولار ، كما نشر . تُرى ماذا سيحدث لو أنه استبدل طريقة إنفاقها على تفجير الأجساد البريئة بنوع آخر من التفجير ... تفجير العقول ؟!

تخيل أن الرجل أنشأ أكاديمية علمية ، واستبدل جمع التبرعات في المساجد "بسرية" لدعم "المجاهدين" برصد التبرعات في العلن من شتى بقاع العالم الإسلامي على مستوى الدول والمؤسسات والأفراد لمن استطاع إلى ذلك سبيلا . ثم عمل على استعادة العقول العربية المهاجرة في الدول الصناعية الكبرى ووفر لها كل الإمكانيات المادية والمعنوية .
ثم جعل أكاديميته مفتوحة لاستقبال الطلاب المتفوقين من جميع الدول العربية والإسلامية وهيأ لهم كل وسائل التفوق . ثم جعل أبسط أهداف أكاديميته تخريج العقول المنتجة وتفجير طاقاتها لا تفجير أجسادها الغضة ! ثم أنشأ وبمساعدة الدول الطموحة كماليزيا على إنشاء المصانع الحديثة لإنتاج كل ما يتطلب العصر للتقدم والتطور في كل المجالات .
عندئذ سيخرج ولو بدولة واحدة من الدول العربية أو الإسلامية تستطيع الوقوف في مصاف الدول المتقدمة من العالم الأول فتتحاور وتتفاوض مع القوى العظمى المهيمنة على العالم من مصدر قوة ويحقق بذلك معنى الآية الكريمة " وأعدو لهم ما استطعتم من قوة " . ولو فعل مثله آخرون
لبلغنا مكانة القوة العظمى في العالم بما نمتلك من عقول مهدرة ومحبطة تتقاذفها أقدام المتصارعين على السلطة .. أي سلطة .. المهم أن تكون له سلطة ولو على القليل من الأتباع فهو عربي ويعشق السلطة ، وما أسامة بن لادن إلا نتاجا لهذا الدافع الاجتماعي العربي المتأصل ولمدرسة الفكر الجهادي السلفي المتطرف .

تلك هي القوة التي تخضع القوى العظمى لإرادتنا وليس العكس .
تلك هي القوة التي تحقق النصر للإسلام والمسلمين وليس التفكير بسرية كيف نفجر جسد شاب في كومة من اللحم البشري في مبنى سكني أو تجاري .
تلك هي القوة وليس النياح والنحيب والبكاء على الأطلال ، وتلك هي وسائلها المعاصرة ، ولن تتأتى هذه القوة بالدروس والمواعظ التي يلقيها على المسامع كل يوم رواد الفضائيات والانترنت من دعاة الصحوة التي نسميها إسلامية .. والإسلام لا يدعو للتخلف !!


تركي سليم الأكلبي

Turki2a@yahoo.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !