مواضيع اليوم

رجل مصر القادم

Hatem Dawoud

2010-03-18 06:06:00

0

اللواء عمر سليمان
رئيس المخابرات العامة المصرية

 رجل مصر القادم


- متواضع وهاديء له حضور ومتدين. هكذا يصف الأصدقاء والأعداء اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصري لكن الصفة الأقرب هي أنه اطفائي ممتاز للأزمات.
- ترجع جذور اللواء عمر سليمان إلى محافظة (قنا) في أقصى جنوب مصر.
- ولد عمر سليمان عام 1935، وتوجه للقاهرة عام 1954 ولم يكن عمره قد تجاوز 19 عاماً ليلتحق بالكلية الحربية وبعد تخرجه أوفده جمال عبد الناصر للحصول على تدريب مُتقدم في أكاديمية فرونز العسكرية بموسكو.
- في مُنتصف الثمانينيات أثبت تفوقه كخبير استراتيجي عسكري وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعتي عين شمس والقاهرة بعدها تولى ادارة المخابرات الحربية قبل أن يتولى لاحقاً رئاسة جهاز المخابرات العامة الذي يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة .
- على غير عادة السياسيين ورجال السلطة وعشقهم للظهور الإعلامي فإن المسؤول المصري قد يسوؤه ان تتركز عدسات التلفزيون والمصورين الصحافيين عليه بل يود أن ينجز المهمات الموكلة إليه بهدوء لأنه علي يقين أن السرية تعزز فرص النجاح.
- ليس غريباً على جهاز المخابرات المصري بأكمله أن يبتعد بنفسه عن العلنية فقد مرت سنوات طويلة كان الجهاز فيها مصنعاً للأبطال الحقيقيين الذين لايعرفهم أحد. لم يكن رفعت الجمال ابرزهم وإن حظي بالشهرة. وكان الهدف وقتها هو اثبات ان «الموساد» الاسرائيلي ليس اللاعب الاستخباراتي رقم 1 في المنطقة وأن ما يشاع عنه مجرد أساطير زائفة ليست بأفضل حال من أسطورة جيش اسرائيلي الذي لا يقهر.
- اذا كانت أسطورة «جيش الدفاع» قد انتهت بعبور القناة في حرب اكتوبر 1973، وجرى سحقها تماماً بالهروب من لبنان في مايو 2000 فإن اسطورة الموساد لقيت المصير نفسه بكشف جزء يسير من ملفات المخابرات المصرية.
- وبسبب مواصفات عمر سليمان الشخصية يحظى عمر سليمان بالتقدير والاعجاب والثقة من كل من يتعامل معهم. فمن النادر ان تجتمع لدى شخص واحد ثقة كاملة بالدرجة ذاتها من أطراف متعادية كما هي الحال مع «حماس» و«الجهاد» والسلطة الفلسطينية والأجهزة الأميركية والاسرائيلية في وقت واحد وهذا الأمر يجعله وسيطاً كاملاً.
- في عصر عبدالناصر كان جهاز المخابرات المصرية حضوره الطاغي على المستويين الداخلي والخارجي لكن هذا الأمر تبدل على يد السادات ابتداء من منتصف السبعينات ووصل البعض إلى حد وصف ماجرى اثناء تولي رئاسة كمال حسن علي بأنه «تكسير لجهاز المخابرات»، لكن عمر سليمان أعاد للجهاز بريقه وحضوره وبشكل أرقى مما كان في السابق فلم يعد هيئة سلطوية ضاغطة في الداخل على انفاس المعارضين أو المنتقدين.
- علي عكس ذلك فقد تدخل الجهاز كثيرا ليطفيء اللهب الداخلي. وبعدما تحول الصراع بين جماعات العنف في الصعيد وأجهزة وزارة الداخلية الى ثأر متبادل.
- أعاد جهاز المخابرات في تلك الفترة الأمور الى نصابها فقلل من تجاوزات وسطوة مباحث أمن الدولة.
- لعب الجهاز بفضل اللواء عمر سليمان دور أساسي ً في اطلاق كثيرين من السجناء على ذمة جماعات العنف واوجد حالة من التراضي العام أو التصالح بين المواطن والسلطة في المناطق المشتعلة، خاصة في صعيد مصر.
- بسبب الغموض الذي يلف اللواء عمر سليمان فإن اكثرية المصريين لا تعرف أبسط المعلومات الشخصية عنه أو أين خدم في صمت قبل ان يعرف البسطاء في الشارع اسمه او يشاهدوا صورته عبر الصحف وهو الذى لم تبدأ صلتة بعالم الاستخبارات إلا في منتصف الثمانينات حينما عين قائدا للمخابرات العسكرية عام 1983 وفي عام 1993تسلم رئاسة جهاز المخابرات العامة ليصبح أول رئيس مخابرات يعرف اسمه وتنشر صورته على الملأ .
- حتى العام 2003 لم يكن رئيس المخابرات العامة المصرية عمر سليمان معروفاً سوى في أوساط المخابرات المختلفة ولحفنة من كبار المسؤولين في المنطقة فالرجل الذي يدير أقوى وأهم جهاز استخبارات في العالم العربي منذ سنوات حافظ على الصورة المعروفة لرجل المخابرات التي تتسم بالغموض والابتعاد عن الأضواء.
- طوال السنوات الأخيرة ظل يتم النظر لسليمان في مصر باعتباره الرجل القوي بعد الرئيس حسني مبارك وهو الرجل الثقة والساعد الأيمن له، ويميل بعض المراقبين إلى اعتباره نائبا لمبارك عمليا حتى وإن لم يتم تعيينه في المنصب رسميا ويرى البعض أنه رجل الظل الذي يمسك بالكثير من أطراف خيوط اللعبة السياسية الداخلية والخارجية في مصر فى حين يرى البعض انه أهمّ رجل في مصر او الحاكم السرّي .
- تم التأكيد أكثر من مرة من خبراء علي علم بما يدور في قصر الرئاسة أن عمر سليمان وخمسة من رجاله المختارين يشكلون مجلس الحكم الذي يدير البلاد ويتّخذ القرارات المهمة والمصيرية وهو أول من يقابلهم الرئيس حسني مبارك وآخر من يتشاور معهم قبل النوم.
- لم يعد عمر سليمان مجرد مدير مخابرات مقرب من مبارك بل أصبح الرجل القوى أو «رجل الظل» أو «الرجل الثاني». كلها مسميات دارت حول الشخصية التي تعاملت معها الصحافة المصرية بمنطق الكتمان المبالغ فيه رغم ان الصحافة الغربية والاسرائيلية كانت مهتمة به الى حد كبير.
- لم تجرؤ صحيفة مصرية على نشر صورة عمر سليمان الا نقلاً عن الصحافة الاسرائيلية هذا قبل ان يخرج من الكواليس ويؤدي أدواراً علنية سواء في رحلات مكوكية بين القاهرة وغزة أو بعد ذلك في دارفور واليمن أو على مستوى العلاقة المتذبذبة بين نظام مبارك والولايات المتحدة.
- أما في الواقع الامني والسياسي الحاليين فإن عمر سليمان هو المسؤول عن ملف إدارة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من جانب مصر. فهو المسؤول الأول عن تقديم المشورة للفلسطينيين سواء في التقديرات السياسية أو بشأن تنفيذ الاصلاحات الأمنية وكانت فكرة توحيد أجهزة الامن الجيش والمخابرات الفلسطينية في ثلاثة أو اربعة أطر فقط هي فكرة مصرية وتحديداً فكرة سليمان شخصياً هذا بالاضافة الى تولية لملف العلاقات مع السودان خلال فترة التوتر منتصف التسعينات والتى كانت بمثابة اولى ملفاته الخارجية بعد تولية منصب رئيس جهاز المخابرات.
- ليس من المبالغ فيه الإشارة إلى أن هناك ما يشبه الاتفاق الضمني غير المعلن بين شتى الفرقاء والاتجاهات السياسية في مصر على اعتبار أن سليمان رجل وطني قبل كل شيء يؤمن تماماً بأن مصر ينبغي أن تلعب الدور الأساسي في الشرق الاوسط لهذا يعتبر "الإرهابَ" علي اختلاف منابعه تهديداً رئيسياً ليس لاستقرار الشرق الأوسط فحسب بل ولاستقرار النظام المصري ذاته .
- تذهب بعض التحليلات الغربية لتوجهاته أبعد من ذلك بوصف ميوله بانها اميل إلى جمهورية عسكرية على الطريقة التركية الجيش فيها حامي النظام ومصر فيها زعيمة للمنطقة .
- في القاهرة فإنه على الرغم من أن الناس يتحسبون كثيراً في مناشة أي شأن يخص المخابرات العامة باعتبارها الكيان الامني الاكثر غموض وحساسية لكن اللواء عمر سليمان يكاد يكون المسؤول الوحيد في مصر الذي لا تهاجمه الصحف المعارضة،ولا تمتدحه نظائرها الحكومية ولم تكن تشير إليه من قريب ولا من بعيد قبل أن تضطره مهامه في الوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل الي الظهور من خلف اسوار الظل الحديدية التي يصنعها رؤساء الجهاز الامني المصري او ضباطه حول انفسهم عادة.
- تختلف المخابرات العامة المصرية عن مثيلاتها من أجهزة الاستخبارات الغربية كونها ليست قوية خارج مصر فحسب ولكنها أيضاً تحظي بمهابة شديدة يكتنفها الاحترام داخل حدودها بصفة خاصة.
- مع ذلك فإنه خلافا لرؤساء جهاز المخابرات السابقين وكبار ضباطه الذين كانت شخصياتهم مجهولة إلى حد كبير لعامة المصريين ولم يعرفوا سوي البعض منهم إلا بعد رحيلهم عن مناصبهم او عن الحياة بأكملها، فإن شخصية عمر سليمان أصبحت معروفة لحد كبير لأغلب المصريين بعد أن قرر الرئيس مبارك أن يعهد إليه بمهام الوساطة في تسهيل المفاوضات والاتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين .
- في عام 1995 كانت الحرب بين الدولة والجماعات الإسلامية على أشدها ولأن الأجهزة تمكنت من محاصرة العنف في مصر بدأ مطاردون مصريون في الخارج يخططون لعمليات مثل مهاجمة السفارات وبحاسته الأمنية إضافة إلى المعلومات التي توافرت لديه عن اتجاه عدد من الأفغان المصريين إلى منطقة القرن الافريقي طلب من الرئيس مبارك ان يستخدم سيارة مصفحة خلال زيارته لأديس أبابا لحضور قمة أفريقية .
- رغم تهوين عدد من مستشاري الرئيس من الخطر الذي يدعو مبارك لاستخدام مصفحة إلا أن عمر سليمان أصر على وجهة نظره ورغم اعتراضات البروتوكول الدبلوماسي الا ان خطة سليمان نفذت وكان هو بنفسه في جوار الرئيس في المصفحة التي لم يخترقها وابل النيران.
- اتضح ان حدس رئيس جهاز المخابرات الذي لم يكن قد أكمل عامين في منصبه كان صحيحاً فقد حدثت محاولة اغتيال نجا منها الرئيس بفضل نصيحة عمر سليمان ولو كان الرئيس وسليمان نفسه الذي ركب إلى جواره يستقلان سيارة عادية لربما كان قد تغير الأمر.
- في تحقيق لصحيفة "هيرالد تريبيون تم رسم بورتريه كامل عن عمر سليمان تضمن أنه من مواليد 1935، وعين رئيسا لجهاز المخابرات العامة في العام 1993، وقد لمع نجمه في العام 1995 بعد أن أشار على الرئيس مبارك أن يصحب معه سيارته الليموزين المصفحة ضد الرصاص والقنابل وهو في طريقه لزيارة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحضور مؤتمر القمة الإفريقي .
- ولأنه كتوم وله ميزات نادرة فقد أصبح عمر سليمان موضع ثقة مطلقة لمبارك وهذا مكنه من أن يتكلم عن كل ما يعتقده بشكل صريح من دون مواربة وهذه الميزة جنبت مصر الاقدام على تغييرات كان يمكن ان تجلب سخطاً شعبياً.
- رغم ان المعارضة المصرية كثيراً ما تصب غضبها على رجال السلطة، إلا أن عمر سليمان استثناء من هذا، فهم يكنون له الاحترام ويرون أنه بسبب ماضيه العسكري يمثل صمام أمان .
- شغل المذكور منصب قائد لواء ثم قائد فِرقة فرئيس لفرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة ورئيس أركان منطقة ثم مدير للمخابرات العسكرية و شارك فى حرب اليمن وحرب 1967 وحرب اكتوبر 1973 وان لم يتم الافصاح عن تفاصيل اعماله في اي من تلك الحروب كذلك لم يتم كشف النقاب عن الدور الذى قام به فى حرب الخليج 1991 وان كان له فيها دور كبير وهو الوحيد من بين رؤساء المخابرات المصرية الذى يحمل لقب وزير .
- لا يقتصر عمل سليمان على الشرق الأوسط وحده. فهو يقيم علاقات وثيقة مع أجهزة استخبارات غربية أخرى مثل "السي آي أيه" .
- سبق و تم توجيه تحذير شديد من عمر سليمان الي وكالة الإستخبارات الأمريكية بأن بن لادن ينوي توجيه ضربة لم يسبق لها مثيل داخل الأراضي الأميركية قبل 8 أيام من احداث سبتمبر وهذا ما اكده الرئيس مبارك فى زيارة له للولايات المتحدة بعد الاحداث .
- لم يكن تحذير سليمان للسي أي أيه غريب لأن الجناح العسكري لبن لادن يتألف من عناصر تنتمي بالأساس لتنظيمات مصرية كانت تسعى للإطاحة بالنظام في مصر وقد نجح سليمان وجهاز المخابرات العامة في اختراق تلك المنظمات خارج حدود مصر مراراً .
- في ظل الصراع المتوقع علي منصب رئيس الجمهورية مع الإنتخابات الرئاسية العام القادم 2011 وعدم رضي قطاع كبير من الشعب المصري علي تولي جمال مبارك الرئاسة ومع الشكوك حول ترشح مبارك بسبب حالته الصحية وقلة خبرة البرادعي يمكن النظر الي اللواء عمر سليمان علي انه الشخصية التي يمكن أن تحظي بموافقة شعبية في مصر من جانب الحكومة والمعارضة في نفس الوقت وعليه إجماع من كافة قوي الشعب.
- وبالتالي أحد السيناريوهات المتوقعة والتي قد تدور في عقل الرئيس الرئيس مبارك هي أن اللواء عمر سليمان أفضل شخصية تصلح لقيادة مصر الفترة القادمة لخلافته خاصة بعد عودته المتوقعة من رحلة العلاج بعد إجراءة لجراحة في ألمانيا .
- قد يتم تنفيذ هذا التخطيط في شكل أحد السيناريوهات التالية :
1- تعيين اللواء عمر سليمان في منصب نائب لرئيس الجمهورية.
2- تولي عمر سليمان منصب قيادي في الحزب الوطني خلال الشهور القادمة إستعداد لشغل منصب رئيس الحزب.
- من المحتمل أن تحاول بعض القوي المحيطة بجمال مبارك إعاقة مثل هذا السيناريو لانهم المستفيدين الأكثر من السيد جمال مبارك وخشيتهم من نزاهة عمر سليمان وما يعرف عنه من الإلتزام ومحاربة الفساد.
- قد تشهد الفترة القادمة صراع في كواليس السياسيين ورجال السلطة المصرية حول الإلتفاف حول جمال مبارك أو عمر سليمان.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !